«رئاسية مصر»: «الضمانات السياسية» تثير جدلاً قبل أشهر من الانتخابات

يمامة تحدث عن الحاجة إلى «تغيير رجال وسياسات»

رئيس حزب «الوفد» عبد السند يمامة في اجتماع مع مؤيدي ترشحه للرئاسة (الصفحة الرسمية لحزب الوفد – فيسبوك)
رئيس حزب «الوفد» عبد السند يمامة في اجتماع مع مؤيدي ترشحه للرئاسة (الصفحة الرسمية لحزب الوفد – فيسبوك)
TT

«رئاسية مصر»: «الضمانات السياسية» تثير جدلاً قبل أشهر من الانتخابات

رئيس حزب «الوفد» عبد السند يمامة في اجتماع مع مؤيدي ترشحه للرئاسة (الصفحة الرسمية لحزب الوفد – فيسبوك)
رئيس حزب «الوفد» عبد السند يمامة في اجتماع مع مؤيدي ترشحه للرئاسة (الصفحة الرسمية لحزب الوفد – فيسبوك)

قبل أشهر من إجراء الانتخابات الرئاسية في مصر، تطالب أحزاب معارضة بـ«ضمانات سياسية» لـلعملية الانتخابية، بينما ترى أحزاب أخرى، ومنها «الوفد»، أن «وجود الإشراف القضائي ضمانة كافية»، لخوض الاستحقاق الرئاسي، «دون الحاجة إلى مزيد من الإجراءات».

ويترقب المصريون أن تعلن الهيئة الوطنية للانتخابات عن مواقيت إجراءات الترشح والانتخاب خلال الفترة المقبلة، وسط تقدير رسمي لعدد من يحق لهم التصويت بـ60 مليوناً. وأعلنت أحزاب عدة عن دعم ترشح الرئيس الحالي، عبد الفتاح السيسي، لفترة رئاسية جديدة، ومن أبرز الداعمين، حزب «مستقبل وطن»، صاحب الأغلبية في مجلس النواب.

وفي لقاء متلفز، مساء السبت، وجّه رئيس حزب «الوفد»، والمرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، الدكتور عبد السند يمامة، «انتقادات نادرة» لإدارة الاقتصاد المصري، والسياسات القائمة. وقال في معرض حديثه عن الأزمة الاقتصادية التي تشهدها مصر: «لو كان هناك حُسن إدارة ما كنا في الأزمة الحالية (...) لا بد أن نكون صادقين؛ الوضع الآن يحتاج إلى تغيير سياسات ورجال». ورغم إشادته بـ«الدور والمكانة التاريخيين للرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي»، فقد قال إن المرحلة الحالية «تحتاج إلى رئيس جديد، وسياسة جديدة، ومجموعة جديدة لمن يحب هذا البلد».

وتطرق يمامة، في اللقاء نفسه، إلى الضمانات التي تطالب بها قوى معارضة للعملية الانتخابية، ورأى أنها «أمر لا يجوز»، مشيراً إلى أن إدارة الهيئة الوطنية للانتخابات الاستحقاق الرئاسي «ضمانة كافية». بينما أشار في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى نص المادة 210 من الدستور المصري، والتي تنص على اختصاص «المحكمة الإدارية العليا بالفصل في الطعون على قرارات الهيئة المتعلقة بالاستفتاءات والانتخابات الرئاسية، والنيابية ونتائجها»، مشدداً على أن «هذه الآليات تعزز من نزاهة الانتخابات».

ورد رئيس حزب «الوفد» على مطالب تعدها المعارضة «ضمانات أساسية»، مثل «إغلاق ملف سجناء الرأي»، بالقول إنها «مسائل منفصلة». وأمام مطلب «ضمان الظهور المتكافئ لكل مرشح في الإعلام»، قال إن مسألة الظهور الإعلامي للمرشحين «ستنظمها قواعد إدارة العملية الانتخابية، والتي يجب أن يحترمها الجميع».

اجتماع سابق لـ«الحركة المدنية» في مصر (الحركة المدنية الديمقراطية – فيسبوك).

وفي المقابل، يؤكد قادة «الحركة المدنية»، وهي تجمع معارض يضم 12 حزباً وشخصيات عامة، على «ضرورة الوفاء بالضمانات» التي سبق أن أعلنوها «شرطاً لإعلان موقف محدد من الاستحقاق الرئاسي، بطرح مرشح للحركة، أو دعم أحد المرشحين».

ووفق القيادي بـ«الحركة المدنية»، ورئيس حزب «العدل»، النائب عبد المنعم إمام، فإن مسألة «الإشراف القضائي» أمر محل ترحيب، نادت به الحركة من قبل، لكنه يشير إلى «جوانب أخرى ترتبط بها تلك الضمانات، تخص البيئة الانتخابية، وعدالة المنافسة، مثل حرية الظهور الإعلامي، ومنع الممارسات الدعائية المحظورة أمام مقار الاقتراع، وضمان حرية الحركة في الشارع لكل المرشحين، وأحقيتهم في التفاعل الحر مع الجمهور عبر أشكال الدعاية المختلفة».

وبينما يصف إمام تصريح يمامة بشأن الضمانات الانتخابية بأنه «في غير محله»، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «الضمانات مسألة مهمة في الانتخابات، وسبق أن طالب بها حزب (الوفد) في استحقاقات تاريخية سابقة».

وأصدرت «الحركة المدنية»، في وقت سابق، بياناً دعا إلى كفالة أن يكون «الإعلام، ومؤسسات الدولة، على مسافة واحدة من جميع المرشحين، والسماح بمتابعة المنظمات المحلية والدولية المشهود لها بالنزاهة والموضوعية للعملية الانتخابية»، كـ«ضمانات أساسية». وأواخر أغسطس (آب)، عقد حزب المحافظين، اجتماعاً أكد فيه رغبة الأعضاء في ترشيح رئيس الحزب، أكمل قرطام، في الانتخابات المقبلة «في حال توافر ضمانات انتخابية تؤكد على نزاهة، وعدالة العملية الانتخابية».


مقالات ذات صلة

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

المشرق العربي الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة الجديدة للبرلمان الأردني (رويترز)

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

مع بدء الدورة العشرين لمجلس النواب الأردني، الذي انتخب في العاشر من سبتمبر (أيلول) الماضي، بدأ الشحن الداخلي في معادلة الصراع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

محمد خير الرواشدة (عمّان)
شمال افريقيا ممثلو دول أوروبية داخل مركز العدّ والإحصاء التابع لمفوضية الانتخابات الليبية (المفوضية)

ليبيا: إجراء الانتخابات المحلية ينعش الآمال بعقد «الرئاسية» المؤجلة

قال محمد المنفي رئيس «المجلس الرئاسي» إن إجراء الانتخابات المحلية «مؤشر على قدرة الشعب على الوصول لدولة مستقرة عبر الاستفتاءات والانتخابات العامة».

جمال جوهر (القاهرة)
الولايات المتحدة​ الملياردير إيلون ماسك (رويترز)

هل يمكن أن يصبح إيلون ماسك رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل؟

مع دخوله عالم السياسة، تساءل كثيرون عن طموح الملياردير إيلون ماسك وما إذا كان باستطاعته أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا وزير الداخلية جيرالد دارمانان (اليمين) متحدثاً إلى الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي (رويترز)

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي، إلا أن البديل جاهز بشخص رئيس «حزب التجمع الوطني» جوردان بارديلا.

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا جلسة برلمانية في «البوندستاغ»... (إ.ب.أ)

أكثر من 100 برلماني يتقدمون باقتراح لحظر حزب «البديل من أجل ألمانيا»

تقدم أكثر من 100 نائب ألماني باقتراح لرئيسة البرلمان لمناقشة حظر حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف.

راغدة بهنام (برلين)

دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
TT

دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)

وجدت دعوات تحجيب النساء «جبراً»، التي تنتصر لها السلطة في العاصمة الليبية، عدداً من المؤيدين، لكنها خلقت أيضاً تياراً واسعاً من الرافضين لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات.

فبعد إعلان السلطة، ممثلة في عماد الطرابلسي، وزير الداخلية بحكومة «الوحدة» المؤقتة، عن إجراءات واسعة ضد النساء، من بينها «فرض الحجاب الإلزامي»، بدت الأوضاع في ليبيا متجهة إلى التصعيد ضد «المتبرجات»، في ظل صراع مجتمعي محتدم.

بين الرفض والقبول

تفاعل الشارع الليبي بشكل متباين مع تصريحات الطرابلسي، بين من رفضها جملة وتفصيلاً، ومن قال إنه «ينفذ شرع الله ويسعى لنشر الفضيلة»، في وقت شرعت فيه أجهزة أمنية في إغلاق صالات رياضية ونوادٍ نسائية، بينما لم تعلّق سلطات البلاد، ممثلة في المجلس الرئاسي أو «الوحدة»، على هذا الأمر، وهو ما عده مقربون منهما «رضاً وقبولاً» بما تعهد به الطرابلسي.

الدبيبة والمنفي لم يعلّقا على تصريحات الطرابلسي (المجلس الرئاسي الليبي)

وبين هذا التيار وذاك، ظهرت شكاوى من التضييق والتحريض ضد «متبرجات»، أعقبتها دعوات للنائب العام بضرورة التدخل لحمايتهن وتفعيل القانون. وأمام تصاعد هذا الاتجاه الذي حذرت منه منظمات دولية، عدّت زهراء لنقي، عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي، أن الهدف منه «إشغال الناس عن القضايا الجوهرية، مثل الفساد المالي والإداري وتهريب الأموال».

وقالت الزهراء لـ«الشرق الأوسط» إن هذا التوجه «يأتي ضمن سلسلة من الإجراءات التي تفعلها حكومة (الوحدة) بين الحين والآخر، في إطار توجّه منهجي لعودة المنظومة الأمنية القمعية، وكبت الحريات العامة، وملاحقة المجتمع المدني عبر توظيف خطاب متشدد».

منظمة «العفو الدولية» قالت إن تصريحات الطرابلسي من شأنها «ترسيخ التمييز ضد النساء» (وزارة الداخلية)

وسبق لمنظمة «العفو الدولية» القول إن تصريحات الطرابلسي من شأنها «ترسيخ التمييز ضد النساء والفتيات، والانتقاص من حقوقهن في حرية التعبير والدين، والمعتقد والخصوصية الجسدية، بما في ذلك خطط لإنشاء شرطة الأخلاق لفرض الحجاب الإلزامي».

من جهته، عدّ جمال الفلاح، رئيس «المنظمة الليبية للتنمية السياسية»، أن هذه الإجراءات «قسّمت المجتمع بين جماعة مؤيدة، وأخرى تعد هذا التوّعد إهانة للمرأة الليبية، التي ترفض فرض الحجاب عليها بالقوة».

وقال الفلاح الذي يرى أن المرأة الليبية «قيادية ورائدة في مجالات عدة»، لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كنا نتحدث عن الأخلاق والفضيلة، فليبيا اليوم تعج بالربا وفساد السلطة والمسؤولين، بالإضافة إلى الرشى في أوساط من هم في السلطة؛ ولذلك كان من الأولى التركيز على قضايا الرشوة والابتزاز والقتل خارج القانون».

جمال الفلاح رئيس المنظمة الليبية للتنمية السياسية (الشرق الأوسط)

وكان الطرابلسي قد قال في مؤتمر صحافي في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، باللهجة الليبية: «نلقى واحد مقعمز (جالس) هو وبنت برقدهم في الحبس، والبنت بترقد هي وأهلها في الحبس. والنساء اللي تسوق من غير ستر شعرها بنستلم منها السيارة... لا نعرف زميل لا صديق لا شريك لا موظف».

وسيلة للإلهاء

أمينة الحاسية، رئيس مجلس إدارة ملتقى التغيير لتنمية وتمكين المرأة، ربطت بين توجه سلطات طرابلس لتفعيل الحجاب «جبراً»، والأزمة السياسية في البلاد، وهو ما ذهبت إليه أيضاً لنقي.

تقول الحاسية لـ«الشرق الأوسط»: «عادة ما يضع المسؤولون في ليبيا المرأة في مكان بين السياسة والدين؛ ولو تريد الدولة حقاً المحاسبة فعليها أن تبدأ أولاً بمواجهة الفساد، وتدع المرأة وشأنها»، مضيفة: «هم الآن في وضع سياسي سيئ».

زهراء لنقي عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي (الشرق الأوسط)

وعدت لنقي التركيز على المرأة وزيها وشعرها «زوبعة يستهدفون الإلهاء من ورائها»، معتقدة أن حكومة طرابلس «تسعى لأن تكون سلطة دينية وهي ليست كذلك... و 90 في المائة؜ من الليبيات تقريباً يرتدين الزي نفسه داخل ليبيا. هذه في رأيي زوبعة للإلهاء عن القضايا الجوهرية لا أقل ولا أكثر».

حماية الآداب العامة

غير أن صمت السلطة حيال ما ذهب إليه الطرابلسي توقف بعد قرار أصدره الدبيبة، وتم تداوله على نطاق واسع، وهو القرار الذي قضى باستحداث إدارة بالهيكل التنظيمي لوزارة الداخلية، تسمى «الإدارة العامة لحماية الآداب العامة».

وحدد القرار، الذي لم تنفه حكومة الدبيبة، مهام إدارة «حماية الآداب العامة»، من بينها ضبط الجرائم التي ترتكب في الأماكن العامة، والمقاهي والمطاعم ودور العرض والفنادق، وغيرها من الأماكن العامة أو المخصصة للارتياد العام بالمخالفة للتشريعات الخاصة بحماية الآداب العامة، ومكافحة الأفعال التي تتنافى مع توجهات المجتمع، وتسيء إلى قيمه وأخلاقه ومبادئه، وتطبيق التشريعات النافذة، بالإضافة إلى القيام بأعمال البحث والتحري، وجمع الاستدلال في الجرائم المتعلقة بالآداب العامة.

وتوجه مقربون من الإعلامية الليبية، زينب تربح، ببلاغ إلى النائب العام، بعد شكايتها في مقطع فيديو من مضايقات وهي تقود سيارتها من طرف مجهولين لكونها حاسرة الرأس، وقالت إيناس أحمدي، إحدى المقربات من الإعلامية، إن تربح «تتعرض لحملة شرسة من العنف والتعدي»، مشيرة إلى أن الحملة «ما زالت في بدايتها، وما زالت تأخذ أشكالاً أكثر تعنيفاً دون أي رادع».

وانتشر على تطبيق «تيك توك» تأييد واسع لرغبة سلطة طرابلس في تفعيل الحجاب، كما أسبغ بعض المعجبين على الطرابلسي أوصافاً عديدة، تعود لشخصيات تاريخية، وعدّوه «حامياً للإسلام والأخلاق». وهنا تلفت الحاسية إلى «تغول التيار الديني في غرب ليبيا، وتأثيره على من هم في السلطة، لما يملكه من مال وسلاح وميليشيات»، وقالت بهذا الخصوص: «أصبحت هناك حالات تعد على صالات الرياضة والنوادي النسائية بالقوة، وقد حاولوا أن يغلقوها بحجج كثيرة، من بينها الدين والحجاب. وربما نقول إن الطرابلسي له علاقة بهذه التشكيلات المسلحة وهذا التوجه الديني».

أمينة الحاسية في لقاء سابق مع سيتفاني ويليامز (الشرق الأوسط)

ووسط تباين مجتمعي، يراه كثيرون أنه سيتفاعل في قادم الأيام كلما تعددت حالات التضييق على «المتبرجات»، قالت المحامية الليبية ثريا الطويبي، إن ما ذهب إليه الطرابلسي، «جاء مخالفاً للإعلان الدستوري، الذي نص على حماية الحقوق وصيانة الحريات». مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يعد لباس المرأة من الحقوق والحريات الشخصية، ما لم يكن فاضحاً أو خادشاً للحياء العام، وليس من اختصاص وزير الداخلية وضع القيود على لباس المرأة، أو تنقلها وسفرها للخارج».

المحامية الليبية ثريا الطويبي (الشرق الأوسط)

واتساقاً مع ذلك، تعتقد الحاسية أن ليبيا تعيش راهناً في فوضى، ومواجهة من تيار ديني يريد الهيمنة على زمام الأمور والقوانين ودسترة هذه المشكلات، لكنها قالت جازمة: «الليبيون والليبيات سيرفضون هذا الإلزام، إلا لو فرض عليهم بقوة السلاح».