المعارضة الإسرائيلية: كشف لقاء كوهين - المنقوش تصرف صبياني

وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين (أرشيفية - أ.ب)
وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين (أرشيفية - أ.ب)
TT

المعارضة الإسرائيلية: كشف لقاء كوهين - المنقوش تصرف صبياني

وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين (أرشيفية - أ.ب)
وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين (أرشيفية - أ.ب)

وجّه قادة المعارضة الإسرائيلية انتقادات حادة، الاثنين، لوزير الخارجية، إيلي كوهين، لكشفه أخبار اجتماعه الأخير مع نظيرته الليبية، نجلاء المنقوش، من دون تنسيق معها، وعدّتها بمثابة «تفجير عبوة ناسفة ضخمة للدبلوماسية الإسرائيلية».

وفي حين رأى البعض هذه المشكلة «دليلاً على قلة خبرة عند كوهين»، قال آخرون إن حكومة بنيامين نتنياهو كلها تتحمل المسؤولية؛ فهي تفتش بسراج وفتيل عن إنجاز ما تسجله لصالحها، إزاء إخفاقاتها في كل مجالات عملها الداخلية والخارجية، زادت على هذه الإخفاقات ضربة دبلوماسية تتعدى حدود العلاقات مع ليبيا. وأساءت الآن إلى إيطاليا التي استضافت اللقاء، وإلى الولايات المتحدة التي تسعى لمساعدة إسرائيل لتحسين وضعها الإقليمي.

وقال رئيس المعارضة، يائير لبيد، في بيان إن «الدول تنظر إلى التسريب غير المسؤول هذا الصباح بشأن لقاء وزيري خارجية إسرائيل وليبيا وتسأل نفسها: «هل هذه دولة يمكن إدارة العلاقات الخارجية معها؟ هل هذه دولة يمكن الوثوق بها؟».

أضاف لبيد أن ما يحدث عندما يتم تعيين إيلي كوهين، رجل ليست له أي خلفية في هذا المجال، وزيراً للخارجية، تأتي النتيجة عكسية؛ فالحادث مع وزيرة الخارجية الليبية كان غير محترف وغير مسؤول وفشلاً فادحاً في التقدير.

وقال رئيس حزب «المعسكر الرسمي»، بيني غانتس: «عندما يجري كل شيء من أجل العلاقات العامة والعناوين الرئيسية من دون أي مسؤولية أو تفكير مسبق، فهذا ما يحدث».

ونقلت وسائل إعلام عبرية عن مسؤولين حكوميين كبار قولهم إن كوهين سبب أضراراً جسيمة لعلاقات إسرائيل الخارجية. وقدموا مثلاً على ذلك في قرار إندونيسيا وقف الاتصالات مع إسرائيل بسبب تسريبات كوهين وكذلك النيجر، قبل الانقلاب العسكري.

وذكرت وسائل الإعلام أن وزارة الخارجية الإسرائيلية باتت تغلي كالمرجل بسبب تصرف وزيرها. وحتى رجال الوزير ينتقدونه ويقولون إن تصرفه كان متسرعاً وغير مسؤول، وتحدثوا عن ضرر يحتاج إصلاحه إلى سنوات.

المعروف أن حكومة نتنياهو التي تعد أول حكومة يمين صرف في تاريخ إسرائيل، تواجه انتقادات شديدة؛ لأنها لم تحرز مكاسب في أي مجال من مجالات عملها، وأحدثت شروخاً في السياسة الخارجية حتى مع الإدارة الأميركية. وهي تتحدث منذ شهور عن مكاسب دبلوماسية كثيرة سيعلَن عنها لاحقاً. ويشيرون إلى أن العلاقات مع ليبيا هي واحدة منها.

والوزير كوهين، الذي عُين وزيراً للخارجية لمدة سنة واحدة فقط، ستنتهي في نهاية السنة الحالية ليحل محله وزير الطاقة، يسرائيل كاتس، يمضي غالبية وقته في الخارج كي يثبت أنه ناجح. وهو يدخل في تنافس شرس مع وزراء عدة يتقاسمون معه الشؤون الخارجية. فهناك وزير الشؤون الاستراتيجية، رون دريمر، أمين سر نتنياهو، يهتم بالعلاقات مع الولايات المتحدة. وهناك وزير لشؤون يهود العالم؛ ولذلك يسابق الزمن حتى يثبت نجاعة أدائه؛ لذلك تصرف كما يتصرف الولد المراهق، الذي يسارع في إبلاغ زملائه بقصة غرامه الجديدة.

تجدر الإشارة إلى أن الاتصالات بين إسرائيل وليبيا بدأت قبل نحو 20 سنة، عن طريق اتحاد المهاجرين اليهود في إسرائيل القادمين من ليبيا. وفي سنة 2010 قام وفد منهم بزيارة طرابلس، وقد بحثوا هناك في الحصول على جواز سفر ليبي واستعادة ممتلكاتهم. وتجددت الاتصالات في السنة الماضية. وترددت أنباء عن اتصالات بين نجل القذافي، سيف الإسلام، ومسؤولين إسرائيليين. وفي عام 2021، أفادت تقارير بأن نجل اللواء الليبي خليفة حفتر زار إسرائيل لعقد اجتماع سري مع مسؤولين إسرائيليين عرض فيه إقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين مقابل الدعم الإسرائيلي. والاتصالات الأخيرة لم تبدأ بوزيرة الخارجية الحالية، بل سبقها مبعوثون آخرون من الحكومة.



«افتعال الأزمات للبقاء بالسلطة» اتهام يحاصر قادة ليبيا

الدبيبة خلال إطلاق «الاستراتيجية الوطنية للأمن المائي» الشهر الحالي (حكومة الوحدة)
الدبيبة خلال إطلاق «الاستراتيجية الوطنية للأمن المائي» الشهر الحالي (حكومة الوحدة)
TT

«افتعال الأزمات للبقاء بالسلطة» اتهام يحاصر قادة ليبيا

الدبيبة خلال إطلاق «الاستراتيجية الوطنية للأمن المائي» الشهر الحالي (حكومة الوحدة)
الدبيبة خلال إطلاق «الاستراتيجية الوطنية للأمن المائي» الشهر الحالي (حكومة الوحدة)

تصاعدت حدة التراشق وتبادل الاتهامات في ليبيا بين رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، ومجلس النواب، وتحميل أحد الطرفين مسؤولية تواصل الجمود السياسي بالبلاد، وسط اتهامات لبعض ساسة البلاد بـ«افتعال الأزمات لإطالة بقائهم في السلطة».

ولفت مراقبون إلى التصريحات التي أطلقها الدبيبة، خلال مشاركته في احتفالية «ملتقى أسرى ثورة 17 فبراير»، التي وجه فيها انتقادات حادة لأطراف عدة، واتهمها بعرقلة الانتخابات العامة، بداية من البرلمان، مروراً بالقيادة العامة لـ«الجيش الوطني»، وتنظيم الإخوان، وانتهاءً بتيار الملكية.

من جلسة سابقة للمجلس الأعلى للدولة (المجلس)

ويحذر هؤلاء المراقبون من أن استمرار وتفاقم الخلافات بين أفرقاء الأزمة، أو كشف بعضهم عن نفقات خصومهم، أو مدى تورطهم في ملفات فساد، «لن تؤدي لتعزيز موقعهم بالمشهد السياسي كما يتوقعون، بل إلى زيادة الغضب والرغبة الشعبية في إزاحتهم جميعاً من مناصبهم».

في هذا السياق، يرى عضو الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور، ضو المنصوري، أن الليبيين «باتوا ينظرون للأجسام المتصارعة على السلطة بكونها منتهية الولاية؛ وهذا يشمل البرلمان وحكومته، التي يرأسها أسامة حمّاد، والتي لا يعترف بها المجتمع الدولي، وأيضاً حكومة الوحدة الوطنية».

واتهم المنصوري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» الأجسام المتصدرة للسلطة بـ«افتعال واصطناع الخلافات فيما بينها بهدف تعميق الأزمة السياسية، وعرقلة إجراء الانتخابات، وبالتبعية إطالة مدد بقائهم بمواقعهم، وإلهاء الشعب بتلك الخلافات عن متابعة أوضاع البلاد، ومطالب أبنائها بتحسين أحوالهم».

وأضاف المنصوري موضحاً أن هذه الأجسام «جاءت لهدف محدد وهو تهيئة ليبيا لإجراء الانتخابات، وانتقالها لمرحلة الاستقرار وحكم ديمقراطي مؤسس على قواعد الدستور؛ إلا أنها ترفض الذهاب للاستفتاء على مشروع الدستور الذي أعُد عام 2017 من قبل هيئة منتخبة من الشعب».

رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي في لقاء سابق مع المشير خليفة حفتر (الوحدة)

وفي تصريحاته الأخيرة خلال فعاليات «ملتقى أسرى ثوار فبراير» في مسقط رأسه بمدينة مصراتة، وجه الدبيبة انتقادات حادة للبرلمان قائلاً: «المجلس يعمل منذ 13 سنة، لكنه يريد البقاء 13 سنة أخرى. وهو يرفع شعار تغيير الحكومة، وإذا تغيرت الحكومة فماذا سيكون بعد؟ هم يريدون تغيير الحكومة للبقاء سنوات أخرى». وحمل مسؤولية إعاقة العملية السياسية لكل من البرلمان والمنظومة العسكرية والإخوان، وتيار الملكية.

بدوره، عدّ الناشط السياسي، أحمد التواتي، أن محاولة أي طرف من أفرقاء الأزمة التأثير على شعبية خصومه السياسيين، عبر الكشف عن نفقاتهم أو ثرواتهم، أو تورطهم بشبهات فساد باتت «غير مجدية».

عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي (المجلس)

وقال التواتي لـ«الشرق الأوسط» إن نشطاء ومتابعين في غرب ليبيا وشرقها «باتوا يكشفون عن حقائق وأرقام أضخم مما يعلنه أي أحد من أفرقاء الأزمة، خلال تصريحاتهم الإعلامية بمواجهة بعضهم بعضاً». ورأى أن الليبيين «سئموا من الاتهامات المتبادلة بين قيادات الأجسام والسلطات الراهنة، وتحولت لقوة دفع لاستمرار تطلعهم لإجراء الانتخابات بهدف التخلص من تلك الوجوه»، مشدداً على أن «معرفة قيادات تلك الأجسام المتصارعة بتلك الحقيقة هي ما ندفعهم لعرقلة إجراء الاستحقاق الانتخابي، وتعطيل أي سعي أممي لتحقيقه».

وكان الدبيبة قد ذكر قبل أسبوع بأن «الإنفاق الموازي، غير الخاضع للرقابة، بلغ أكثر من 40 مليار دينار عام 2024»، في إشارة لما أنفقته السلطات في شرق البلاد، وتحديداً الحكومة الموازية له، التي يترأسها حماد. (الدولار يساوي 4.89 دينار).

واستعرض التواتي وضعية الخلافات في المشهد الليبي مؤخراً، وكيف انتقلت من خلاف مستمر بين البرلمان والمجلس الأعلى للدولة حول القوانين الانتخابية، إلى خلاف بين البرلمان وحكومته، مع حكومة الدبيبة والمجلس الرئاسي.

بهذا الخصوص يعتقد الناشط السياسي الليبي، حسام القماطي، أنه على الرغم من غضب الشارع الليبي من خلافات القوى المحلية فإن «خياراته تظل محدودة في التعاطي مع هذا الواقع». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «ليس أمام الليبيين سوى التنفيس عن غضبهم عبر منصات التواصل الاجتماعي، وربما بأسماء وهمية، حتى لا يتم اعتقالهم من طرف السلطات المختلفة في ليبيا»، لافتاً إلى أنهم عندما خرجوا في مظاهرات قبل سنوات قليلة، احتجاجاً على تدهور الأوضاع، تمت مواجهتهم من قبل مجموعات مسلحة، وأطلق عليهم الرصاص، واعتقل وخطف بعضهم.

وأرجع القماطي اتهامات الدبيبة الأخيرة لبعض القوى في ليبيا إلى أن رئيس الوحدة «فزع من عزم بعض الدول الغربية على التفكير في إزاحة حكومته عن المشهد، فوزع الاتهامات على الجميع».