عُرفت نجلاء المنقوش، فور اندلاع «ثورة 17 فبراير (شباط)» عام 2011 عندما انخرطت في العمل الإعلامي، عبر نشاطها وآخرين من جنسها بتغطية الأحداث الساخنة التي وقعت في مدينة بنغازي آنذاك. ويومذاك كانت تتواصل مع الصحافة الأجنبية لنقل الأحداث الجارية في بلادها.
لم تكن المنقوش، المحامية وأستاذة القانون الجنائي بجامعة قاريونس (بنغازي)، وقتها صحافية محترفة بالمعنى المتعارف عليه، لكنها اهتمت بنقل وقائع «الثورة»، وإيصال صوت ليبيا إلى العالم الخارجي بطرق عدة، خصوصاً بعد قطع شبكة «الإنترنت» عن المدينة.
الآن، تواجه المنقوش التي تُعد أول امرأة تتولى منصب وزيرة للخارجية في ليبيا، تهمة «الخيانة» بعد لقائها نظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين، في إيطاليا، الأسبوع الماضي.
المحامية المولودة في بنغازي (53 عاماً) لأسرة مهتمة بالعلم، تجسّدت في والدها الدكتور محمد عبد الله المنقوش طبيب القلب وأمراض الدم، باتت واقعة تحت طائلة القانون الليبي، الصادر في عام 1957 بشأن «مقاطعة إسرائيل»، ويقضي بـ«الحبس لمدة لا تقل عن 3 سنوات ولا تزيد على 10 سنوات وبغرامة لا تتجاوز 5 آلاف دينار كعقاب لكل من يعقد اتفاقاً مع أي نوع من هيئات أو أشخاص مقيمين في إسرائيل أو منتمين إليها بجنسيتهم أو يعملون لحسابها».
يقول ليبيون إن المنقوش لاذت بالفرار إلى تركيا، على متن طائرة خاصة تابعة لحكومة «الوحدة الوطنية»، وعلى الرغم من ذلك، لم ينتظر الدبيبة قرار اللجنة التي شكلها للتحقيق معها، وأقالها الاثنين، خلال زيارته إلى مقر السفارة الفلسطينية بطرابلس، لإبداء موقفه «المساند للقضية».
في بنغازي، بعد التخرّج في كلية الحقوق بجامعتها، تدرجت المنقوش، التي تعود أصول عائلتها إلى مدينة مصراتة بغرب ليبيا، في مراحل التعليم المختلفة، قبل أن تحصل على الماجستير في تحويل النزاعات بمركز «العدالة وبناء السلام» بجامعة «إيسترن مينونايت» بالولايات المتحدة، ومن ثم تحصل على الدكتوراه في جامعة «جورج مايسون» ضواحي العاصمة الأميركية واشنطن.
وسط إشادة بخطوة تعيين سيدة في هذا المنصب للمرة الأولى، تولت المنقوش منصب وزيرة الخارجية في حكومة الدبيبة في منتصف مارس (آذار) عام 2021.
غير أنه لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يتم وقفها عن العمل، فسبق وأمر المجلس الرئاسي بوقفها «احتياطياً»، وأحالها للتحقيق على خلفية تصريحات منسوبة لها، بشأن استعداد حكومتها لتسليم المتهم في قضية «لوكربي» أبو عجيلة المريمي، إلى واشنطن. اللافت أن الأخير تم تسليمه بالفعل إلى الولايات المتحدة، ولم يُعرف على وجه اليقين ماذا تم معها في هذه القضية.
يرى جُل المتابعين لنشاط المنقوش منذ توليها حقيبة الخارجية، أنها سجلت خطوات إيجابية منذ توليها حقيبة الخارجية، وباتت تربطها علاقات قوية مع دول عدة من بينها أميركا ودول غربية، لكنهم يعتقدون أنها «ليست إلا منفذاً لسياسة الدبيبة الخارجية فقط».
وفي مارس (آذار) عام 2022 منحت وزارة الخارجية الأميركية، المنقوش، الجائزة الدولية للمرأة الشجاعة، التي تقدمها سنويّاً لسيدات حول العالم. وأشارت الخارجية إلى أن المنقوش هي أول امرأة تصل لمنصب وزيرة خارجية في ليبيا والخامسة كامرأة تشغل هذا المنصب في أفريقيا.
طويت «مؤقتاً» صفحة المنقوش، التي كانت حينما تجلس أو تسير تحرص على عنقها مشرئباً، على عادة الرئيس الراحل معمر القذافي، فلم تجد ملاذاً أمناً إلا تركيا لتحط رحالها هناك، إلى أن تتضح الصورة وينجلي تراب «موقعة التطبيع» التي زلزلت ليبيا، وحرص جميع الساسة على التبرؤ من لعنتها.