تفاصيل توقيف «داعشي» تورط في 3 عمليات إرهابية بالعاصمة الليبية

اعترف بقتال «الجيش الوطني» في بنغازي... وكشف اسم «أميره» بالتنظيم

أبو عيسى القيادي بتنظيم «داعش» في ليبيا (قوة الردع لمكافحة الإرهاب)
أبو عيسى القيادي بتنظيم «داعش» في ليبيا (قوة الردع لمكافحة الإرهاب)
TT

تفاصيل توقيف «داعشي» تورط في 3 عمليات إرهابية بالعاصمة الليبية

أبو عيسى القيادي بتنظيم «داعش» في ليبيا (قوة الردع لمكافحة الإرهاب)
أبو عيسى القيادي بتنظيم «داعش» في ليبيا (قوة الردع لمكافحة الإرهاب)

وجهت السلطات الأمنية في العاصمة الليبية ضربة جديدة لتنظيم داعش الإرهابي، وذلك بإعلانها توقيف أحد قياداته في طرابلس، بتهمة الاعتداء على 3 مقار سيادية، ومحاولة تفجيرها خلال عام 2018.

واستغل عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، الإطاحة بقيادي «داعش» للتأكيد على «مكافحة الإرهاب بكل أشكاله»، وقال في خطاب «متلفز» مساء الخميس، إن الأجهزة الأمنية بالعاصمة قبضت على القيادي في تنظيم «داعش»، عصر الثلاثاء، لتورطه في التخطيط، وقيادة عمليات إرهابية انتحارية، استهدفت المؤسسات الليبية وموظفيها قبل نحو 5 أعوام.

ونشر جهاز «الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة»، صباح الجمعة، اعترافات المتهم، الذي قال إن اسمه طارق أنور عبد الله، ويلقب بـ«أبو عيسى»، وهو من مواليد عام 1987، وكان أحد الذين قاتلوا «الجيش الوطني» بمحاور بنغازي، قبل فراره منتصف يناير (كانون الثاني) 2017 إلى الصحراء، والاختباء بوادي العوينات، ثم الانتقال منه إلى مدينة سبها (جنوب) بتكليف من «أبو يعلي السوداني»، الأمير الشرعي لتنظيم «داعش» في ليبيا.

وكشف أبو عيسى عن اسم أميره بالتنظيم، وقال إنه بايع «داعش» عام 2015 على يد محمود البرعصي، المكنى بـ«أبو مصعب الفاروق»، أمير إمارة بنغازي.

بطاقة باسم البرعي من فيديو بثه جهاز الردع بطرابلس

وقال جهاز «الردع» إن عملية القبض على المتهم جاءت بعد «جهود جبارة مُحكمة استمرت 5 سنوات متواصلة»، بعد أن تأكد ضلوعه في «تخطيط وتنفيذ سلسلة من العمليات الإرهابية، التي استهدفت عدداً من مؤسسات الدولة السيادية بالعاصمة طرابلس عام 2018».

والمقار السيادية هي المفوضية الوطنية العليا للانتخابات بطرابلس، التي استهدفها التنظيم في الثاني من مايو (أيار) عام 2018 بهجوم «انتحاري»، أسفر عن 14 قتيلاً، تبناه التنظيم فيما بعد.

وفي العاشر من سبتمبر (أيلول) عام 2018، أسفر هجوم «انتحاري» شنه تنظيم «داعش» على مقر المؤسسة الوطنية للنفط الليبية في وسط العاصمة عن مقتل شخصين وجرح 10 آخرين. وقبل أن ينتهي عام 2018، هاجم تنظيم «داعش» ديوان وزارة الخارجية بالعاصمة، تحديداً في 25 ديسمبر (كانون الأول)، مخلفاً وراءه 3 قتلى، بينهم دبلوماسي ليبي، في عملية تبناها التنظيم، إضافة للتخطيط لتنفيذ عملية إرهابية كانت تستهدف مقر بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.

واستفاد تنظيم «داعش» من حالة الانفلات الأمني، التي ضربت ليبيا عقب سقوط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011، حيث أقام معاقل عدة له في درنة (شرق) وسرت (شمال وسط البلاد)، قبل أن يُطرد منهما على أيدي قوات «الجيش الوطني» الليبي، و«البنيان المرصوص» التي كانت تتبع حكومة «الوفاق الوطني» السابقة، برئاسة فايز السراج.

الدبيبة أكد أن حكومته ستحارب الإرهاب بكل أشكاله (الوحدة)

وقال الدبيبة: «الإرهابي اعتقل في عملية مشتركة بين جهاز (الردع لمكافحة الإرهاب)، وكتيبة (رحبة الدروع) بتاجوراء (شرق طرابلس)»، متابعاً: «أؤكد للجميع داخل ليبيا وخارجها أننا سنحارب الإرهاب بكل أشكاله، وسنستمر في هذا المسار بكل شجاعة، وبخط متوازٍ مع مشوارنا في تعزيز الاستقرار والتنمية وعودة الحياة لكل ربوع ليبيا».

والتنظيم الذي سبق أن بسط سيطرته على مدن ليبية، وأقام دعائم دولته المزعومة، وقطع رؤوس مئات المواطنين، ظلت فلوله تلوذ بالصحراء بقصد الانقضاض ثانية، وتنفيذ «هجمات إرهابية خاطفة»، لكن السلطات الأمنية في عموم البلاد ظلت تتصدى لفلوله، خصوصاً بجنوب ليبيا.

وسيطر «داعش» على مدينة سرت منذ يونيو (حزيران) 2015؛ لتصبح معقله الرئيسي في شمال أفريقيا، كما سعى إلى التوسع في ليبيا عندما تقدّم في البداية نحو الموانئ النفطية، وحاول التمدد بعدها إلى باقي المدن الغربية، لكن تم طرده منها في 17 ديسمبر 2016، كما سدد «الجيش الوطني» ضربات كثيرة ضد تنظيم «داعش».

وسبق أن أعلن اللواء خالد محجوب، مدير إدارة التوجيه المعنوي بالجيش، في سبتمبر 2022 أن قوة من العمليات الخاصة للواء طارق بن زياد، والسرية الخامسة التابعة لقوة عمليات الجنوب، تمكنتا من القضاء على «الداعشي الإرهابي» مهدي دنقو في الجنوب الليبي.

مهدي دنقو أحد قيادات "داعش" سبق وأعلن "الجيش الوطني" مقتله (مدير إدارة التوجيه المعنوي بالجيش)

وعُدّ المحجوب دنقو من أخطر العناصر الإرهابية، ووُصف حينها بأنه العقل المدبر والمخطط لعمليات وجرائم كثيرة، من بينها مذبحة الأقباط المصريين في مدينة سرت 2015.

وانتهى الدبيبة إلى أن «جرائم الإرهاب التي شهدتها ليبيا راح ضحيتها أبرياء بين قتلى وجرحى من أبناء وطننا الآمنين في أعمالهم، قبل أن تمتد إليهم أيادي الظلاميين من الإرهابيين والمجرمين».



إيران ترسل إشارات جديدة لتعزيز مسار «استكشاف» العلاقات مع مصر

وزير الخارجية الإيراني يزور مساجد «آل البيت» في القاهرة (حساب وزير الخارجية الإيراني على «إكس»)
وزير الخارجية الإيراني يزور مساجد «آل البيت» في القاهرة (حساب وزير الخارجية الإيراني على «إكس»)
TT

إيران ترسل إشارات جديدة لتعزيز مسار «استكشاف» العلاقات مع مصر

وزير الخارجية الإيراني يزور مساجد «آل البيت» في القاهرة (حساب وزير الخارجية الإيراني على «إكس»)
وزير الخارجية الإيراني يزور مساجد «آل البيت» في القاهرة (حساب وزير الخارجية الإيراني على «إكس»)

أرسلت إيران إشارات جديدة تستهدف تعزيز مسار «العلاقات الاستكشافية» مع مصر، بعدما أجرى وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، جولة داخل مساجد «آل البيت»، وبعض المناطق التاريخية والأثرية في القاهرة، عادّاً أن «ما يجمع طهران والقاهرة هوية وثقافة مشتركة».

جاءت إشارات عراقجي الجديدة على هامش زيارته الثانية للقاهرة، ومشاركته مع الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، في القمة الحادية عشرة لمجموعة «الثماني النامية» للتعاون الاقتصادي، التي استضافتها مصر، الخميس.

وقطع البلدان علاقاتهما الدبلوماسية عام 1979، قبل أن تُستأنف من جديد بعد ذلك بـ11 عاماً، لكن على مستوى القائم بالأعمال ومكاتب المصالح، وشهدت الأشهر الماضية لقاءات بين وزراء مصريين وإيرانيين في مناسبات عدة، لبحث إمكانية تطوير العلاقات بين البلدين، وذلك عقب توجيه رئاسي إيراني لوزارة الخارجية في طهران، في مايو (أيار) من العام الماضي، باتخاذ الإجراءات اللازمة لـ«تعزيز العلاقات مع مصر».

والتقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي نظيره الإيراني، الخميس، على هامش قمة «الثماني النامية»، وبحث الجانبان «الجهود المشتركة لاستكشاف آفاق تطوير العلاقات الثنائية، بما يحقق مصلحة الشعبين، ويسهم في دعم استقرار المنطقة»، حسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية».

ووصل بزشكيان، مساء الأربعاء الماضي، إلى القاهرة في أول زيارة لرئيس إيراني منذ 11 عاماً، وسبق أن التقى الرئيس السيسي على هامش قمة تجمع «بريكس»، التي استضافتها مدينة قازان الروسية، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

عراقجي خلال زيارته لمسجد "السيدة نفسية" بالقاهرة (حساب وزير الخارجية الإيراني على "إكس")

وزار عراقجي بعض مساجد «آل البيت» في القاهرة، منها «الحسين»، و«السيدة زينب»، و«السيدة نفيسة»، إلى جانب بعض المناطق التاريخية، منها جامع محمد علي باشا، وأشار عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس»، مساء الجمعة، إلى أن «ما يجمع بلاده ومصر، حكومة وشعباً، هوية وثقافة مشتركة تضرب بجذورها في أعماق التاريخ».

وهذه ثاني زيارة لوزير الخارجية الإيراني للقاهرة، بعد زيارته الأولى التي كانت ضمن جولة إقليمية.

وبعث عراقجي برسائل جديدة لتعزيز مسار العلاقات الإيرانية-المصرية، وقال إن «ما فرقته المسافات، جمعه حب آل البيت»، الذي «وحّد البلدين اللذين ترسخ بداخلهما حب آل البيت»، مؤكداً أن «الكلام مع الشعب المصري حفر ذكرى أعترف بها بصدق».

وسبق أن تجول وزير الخارجية الإيراني خلال زيارته الأولى للقاهرة، وسط العاصمة المصرية، وحرص على تناول «الكشري»، أحد أشهر الأطباق المصرية الشعبية.

ووفق تقدير أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور طارق فهمي، فإن «هناك سعياً إيرانياً للانفتاح في العلاقات مع مصر»، مشيراً إلى أن «المساعي الإيرانية ترجمتها زيارات كبار المسؤولين في طهران إلى القاهرة أخيراً، وخصوصاً زيارة الرئيس الإيراني نهاية الأسبوع الماضي لمصر»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «مضمون الخطاب السياسي والإعلامي الإيراني يصب في مصلحة تطوير العلاقات مع مصر».

ويرى فهمي أن مسار تطور العلاقات المصرية-الإيرانية «مرتبط بتحفظات مصرية تتعلق بتباين الموقف تجاه القضايا العربية»، مشيراً إلى أن «القاهرة تتجاوب مع التحركات الإيرانية لتعزيز العلاقات»، لكنه عدَّ هذا التجاوب «مرتبطاً برؤية مصر تجاه عدد من القضايا العربية، وخصوصاً التطورات في سوريا ولبنان واليمن والعراق».

وتبادل السيسي وبزشكيان، خلال لقائهما، الخميس، وجهات النظر حول التطورات الإقليمية، وسبل استعادة السلام بالمنطقة، وأيضاً الأوضاع في الأراضي الفلسطينية ولبنان وسوريا.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء نظيره الإيراني في القاهرة الخميس الماضي (الرئاسة المصرية)

ولا يرجح طارق فهمي «تطور العلاقات بين القاهرة وطهران إلى مستوى إعادة فتح السفارات، وتبادل السفراء، في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «مرحلة العلاقات الاستكشافية سوف تتواصل بما يخدم مصالح المنطقة».

في سياق ذلك، يرى الخبير في الشؤون الإيرانية، الدكتور محمد عباس ناجي، أن «هناك تطلعاً إيرانياً لرفع مستوى العلاقات مع مصر إلى مستوى السفراء، بدلاً من مكتب رعاية المصالح»، مشيراً إلى أن «رسائل الإعلام الإيراني أخيراً تدعم هذا الاتجاه».

وقال عباس لـ«الشرق الأوسط» إن زيارة عراقجي لمساجد «آل البيت» والمناطق التاريخية بالقاهرة، «رسالة من طهران بوجود قواسم مشتركة بين البلدين، يمكن البناء عليها لتحسين مستوى العلاقات»، إلى جانب التأكيد على أنه «لا توجد إشكالية في البعد المذهبي على مسار العلاقات».

ويعتقد عباس أن «طهران مهتمة بتعزيز علاقاتها مع القاهرة، وقد زادت تلك الأهمية في الفترة الأخيرة، في ضوء الضغوط التي تتعرض لها إيران على خلفية تطورات الأوضاع في المنطقة، خصوصاً في غزة ولبنان وسوريا».

ويرتبط تطور العلاقات المصرية-الإيرانية بمجموعة من الأبعاد السياسية والأمنية والاستراتيجية، وفق خبير الشؤون الإيرانية، الذي أشار إلى أن القاهرة «ما زالت تقف عند مرحلة استكشاف العلاقات لوضع النقاط فوق الحروف تجاه بعض القضايا»، موضحاً أن «هناك ملفات محل نقاش بين الجانبين، ومصر ما زالت معنية باستيضاح مواقف إيران في بعض الملفات، مثل ما يحدث في البحر الأحمر، والوضع في اليمن».