«إفتاء مصر» تنتقد إهانة المقدسات الدينية بزعم «الحرية»

علام حذّر خلال مؤتمر دولي بالمغرب من «تزييف» وعي الشباب

مشاركة مفتي مصر في مؤتمر «تأطير الحريات وفق القيم الإسلامية والقانون الدولي» بالمغرب (دار الإفتاء المصرية)
مشاركة مفتي مصر في مؤتمر «تأطير الحريات وفق القيم الإسلامية والقانون الدولي» بالمغرب (دار الإفتاء المصرية)
TT

«إفتاء مصر» تنتقد إهانة المقدسات الدينية بزعم «الحرية»

مشاركة مفتي مصر في مؤتمر «تأطير الحريات وفق القيم الإسلامية والقانون الدولي» بالمغرب (دار الإفتاء المصرية)
مشاركة مفتي مصر في مؤتمر «تأطير الحريات وفق القيم الإسلامية والقانون الدولي» بالمغرب (دار الإفتاء المصرية)

انتقدت دار الإفتاء المصرية «إهانة المقدسات الدينية بزعم (الحرية)». في حين حذّر مفتي مصر، الدكتور شوقي علام، (الخميس) من «(تزييف) وعي الشباب». وقال: «أصبحنا أمام تحدٍ كبير، خاصة بعد الثورة التكنولوجية الحديثة وما واكبها من تطورات في مجال الاتصالات والمعلومات وانتشار أدوات التواصل الاجتماعي»، مضيفاً: «هذا التطور (الهائل) قد صاحبه خير كبير في مجالات كثيرة؛ لكنه حمل معه أيضاً كثيراً من الأفكار (المُلتبسة) و(المفاهيم المغلوطة) و(الرؤى المتضاربة) التي أحدثت (تشويشاً ولغطاً) عند البعض». جاء حديث مفتي مصر خلال فعاليات مؤتمر «تأطير الحريات وفق القيم الإسلامية والقانون الدولي» في مدينة الرباط بالمغرب.

ووفق إفادة لدار الإفتاء المصرية (الخميس)، فقد أوضح علام أنه «على رأس (المفاهيم المغلوطة) مفهوم ممارسة الحريات وما يتعلق بها من قضايا (شائكة)، خاصة إذا وجدنا أن البعض يرى أن من حقه، ومن ضمن إطار ممارسة حريته (إهانة الأديان الإلهية والكتب السماوية والرسل والأنبياء والمقدسات الدينية) بدعوى ممارسة الحرية، ولا يرى حرجاً في جرح شعور ملايين المسلمين؛ بل وغير المسلمين، حينما يعتدي على دينهم ومقدساتهم بدعوى ممارسة الحرية».

ونددت «الإفتاء المصرية» في وقت سابق بـ«تمزيق وحرق المصحف الشريف في هولندا والسويد والدنمارك». وحذّرت حينها من أن «تمزيق وحرق المصحف الشريف يُغذي مشاعر (الكراهية والتمييز)». وطالبت المجتمع الدولي والمنظمات الدولية كافة بـ«العمل على وضع (تشريع قانوني) لمواجهة الممارسات العنصرية ومكافحتها، وردع كافة أشكال (التعصب) وأنواع (التطرف الديني)».

الدكتور علام أشار (الخميس) إلى أننا «لا نرفض الحرية مُطلقاً، ولا نُصادر على الحريات أبداً؛ لأن الله تعالى قد كفل الحرية للإنسان؛ لكننا في حاجة إلى أن نوضح معنى (حق الحرية)، ونزيل كثيراً من (اللغط واللبس) حول هذا المفهوم، فإذا قررنا أن الحرية حق مكفول مضمون بموجب الشرع والقانون، فلا بد أن نقرر أيضاً أنه ما من حق إلا ويقابله واجب؛ فجميع الحقوق مُقيدة كلها بالواجبات، وهذا المعنى الذي يريد البعض (طمسه) و(تجاهله)، هو المعنى الذي قرّرته القوانين الدولية والأديان السماوية؛ بل والقيم الإنسانية»، مضيفاً أن «القرآن الكريم ناقش قضية حرية الاعتقاد وإبداء الرأي والتحاور حول كل الثوابت الدينية بالحكمة والموعظة الحسنة، وأمرنا أن نستمع إلى غيرنا مهما كان الاختلاف كبيراً».

كما أكد علام أن «القرآن الكريم قد تناول قضية الحرية في أرفع مجالات الحياة وأغلاها على الإنسان، وهو مجال الإيمان والعقيدة، وتناول أيضاً تقرير الواجب المقابل لحرية الاعتقاد والرأي، وهو احترام الآخر وعدم الاعتداء عليه بالقول أو بالفعل وعدم استفزازه؛ حتى لا يخرج من إطار (الحوار العقلاني المنهجي) إلى عكس ذلك، وعلينا أيضاً ألا نرضى من الآخرين إلا بذلك، أي باحترام عقائدنا ومقدساتنا».

وهنا أشار مفتي مصر إلى أن «ممارسة الحريات وفق الضوابط الشرعية والقانونية، تضمن للمجتمعات أمنها وسلامتها، وتحافظ كذلك على الأمن والسلام النفسي للأفراد، وتضع حدوداً وقيوداً لهؤلاء الذي تصوروا الحرية على غير وجهها، فنشروا بسبب ذلك (القلاقل والفتن)». ولفت إلى أن «الحديث عن المعاني التي تتعلق بالحرية وضوابطها، ينبغي أن نهتم بغرسه في الشباب، قبل أن يصلوا إلى مرحلة التأثر بتلك (المفاهيم المغلوطة)، ومن ثم فإن قضية التربية وصناعة (الوعي الصحيح) لدى الأجيال الناشئة والاهتمام بتعميق الثوابت الدينية والأخلاقية، لهو من أهم الوسائل المعينة على تنشئة تلك الأجيال على مفاهيم صحيحة واضحة (غير ملتبسة) بـ(المفاهيم المغلوطة)، وبخاصة فيما يتعلق بإشكالية الحريات في حياتنا المعاصرة».


مقالات ذات صلة

خبراء لـ«الشرق الأوسط»: اتفاق وقف إطلاق النار لا يمنع عودة «حزب الله» إلى ما كان عليه

تحليل إخباري سيارة إسعاف بموقع استهدفته غارة إسرائيلية في بيروت (رويترز)

خبراء لـ«الشرق الأوسط»: اتفاق وقف إطلاق النار لا يمنع عودة «حزب الله» إلى ما كان عليه

هل الاتفاق، الذي يبدو أنه جُزّئ بين «حزب الله» و«إسرائيل»، يعني أن يدَ «الحزب» العسكرية ستبقى طليقة في لبنان.

إيلي يوسف (واشنطن)
شمال افريقيا الوزير الأول خلال استقبال زعيم المعارضة في مكتبه بنواكشوط (الوزارة الأولى)

زعيم المعارضة الموريتانية يبحث مع الوزير الأول تحضير «الحوار السياسي»

ناقش الوزير الأول الموريتاني، المختار ولد اجاي، ملف «الحوار السياسي» مع زعيم المعارضة الموريتانية، حمادي ولد سيدي المختار، خلال أول لقاء بينهما.

الشيخ محمد (نواكشوط)
خاص الأمير سعود ووزير الصناعة خلال حفل الهيئة (إمارة منطقة مكة المكرمة)

خاص وزير الصناعة السعودي: هيئة المساحة ستلعب دوراً محورياً في السنوات الـ25 المقبلة في التعدين

تلعب هيئة المساحة الجيولوجية في السعودية دوراً حيوياً في الكشف عن مخزونات الأرض من الفلزات، التي تشمل الذهب والزنك والنحاس.

سعيد الأبيض (جدة)
المشرق العربي جانب من الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية في بيروت (رويترز)

العراق لمجلس الأمن: إسرائيل تخلق مزاعم وذرائع لتوسيع رقعة الصراع

قالت وزارة الخارجية العراقية إن بغداد وجهت رسائل لمجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة والجامعة العربية و«التعاون الإسلامي» بشأن «التهديدات» الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
الاقتصاد جانب من جلسات غرفة جدة حول ريادة الأعمال (الشرق الأوسط)

القطاعات الاقتصادية واللوجيستيات تدفع جدة السعودية لمنافسة المدن العالمية

تشهد مدينة جدة، غرب السعودية، حراكاً كبيراً في القطاعات الاقتصادية والسياحية كافة، فيما يدفع قطاع اللوجيستيات المدينة للوصول لمستويات عالية في تقديم هذه الخدمة.

سعيد الأبيض (جدة)

باريس تمنح «حمايتها» للكاتب صنصال المعتقل في الجزائر

الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
TT

باريس تمنح «حمايتها» للكاتب صنصال المعتقل في الجزائر

الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)

بينما أعلنت الحكومة الفرنسية، رسمياً، أنها ستقدم «حمايتها» للكاتب الشهير بوعلام صنصال الذي يحتجزه الأمن الجزائري منذ الـ16 من الشهر الحالي، سيبحث البرلمان الأوروبي غداً لائحة فرنسية المنشأ، تتعلق بإطلاق سراحه.

وصرّح وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، الثلاثاء، لدى نزوله ضيفاً على إذاعة «فرانس إنفو»، بأن الرئيس إيمانويل ماكرون «مهتم بالأمر، إنه كاتب عظيم، وهو أيضاً فرنسي. لقد تم منحه الجنسية الفرنسية، ومن واجب فرنسا حمايته بالطبع. أنا أثق برئيس الجمهورية في بذل كل الجهود الممكنة من أجل إطلاق سراحه». في إشارة، ضمناً، إلى أن ماكرون قد يتدخل لدى السلطات الجزائرية لطلب إطلاق سراح الروائي السبعيني، الذي يحمل الجنسيتين.

قضية صلصال زادت حدة التباعد بين الرئيسين الجزائري والفرنسي (الرئاسة الجزائرية)

ورفض الوزير روتايو الإدلاء بمزيد من التفاصيل حول هذه القضية، التي تثير جدلاً حاداً حالياً في البلدين، موضحاً أن «الفاعلية تقتضي التحفظ». وعندما سئل إن كان «هذا التحفظ» هو سبب «صمت» الحكومة الفرنسية على توقيفه في الأيام الأخيرة، أجاب موضحاً: «بالطبع، بما في ذلك صمتي أنا. ما هو مهم ليس الصياح، بل تحقيق النتائج». مؤكداً أنه يعرف الكاتب شخصياً، وأنه عزيز عليه، «وقد تبادلت الحديث معه قبل بضعة أيام من اعتقاله».

واعتقل الأمن الجزائري صاحب الرواية الشهيرة «قرية الألماني»، في محيط مطار الجزائر العاصمة، بينما كان عائداً من باريس. ولم يعرف خبر توقيفه إلا بعد مرور أسبوع تقريباً، حينما أثار سياسيون وأدباء في فرنسا القضية.

وزير الداخلية الفرنسية برونو روتايو (رويترز)

ووفق محامين جزائريين اهتموا بـ«أزمة الكاتب صنصال»، فإن تصريحات مصورة عُدَّت «خطيرة ومستفزة»، أدلى بها لمنصة «فرونتيير» (حدود) الفرنسية ذات التوجه اليميني، قبل أيام قليلة من اعتقاله، هي ما جلبت له المشاكل. وفي نظر صنصال، قد «أحدث قادة فرنسا مشكلة عندما ألحقوا كل الجزء الشرقي من المغرب بالجزائر»، عند احتلالهم الجزائر عام 1830، وأشار إلى أن محافظات وهران وتلمسان ومعسكر، التي تقع في غرب الجزائر، «كانت تابعة للمغرب».

بل أكثر من هذا، قال الكاتب إن نظام الجزائر «نظام عسكري اخترع (بوليساريو) لضرب استقرار المغرب». وفي تقديره «لم تمارس فرنسا استعماراً استيطانياً في المغرب لأنه دولة كبيرة... سهل جداً استعمار أشياء صغيرة لا تاريخ لها»، وفُهم من كلامه أنه يقصد الجزائر، الأمر الذي أثار سخطاً كبيراً محلياً، خصوصاً في ظل الحساسية الحادة التي تمر بها العلاقات بين الجزائر وفرنسا، زيادة على التوتر الكبير مع الرباط على خلفية نزاع الصحراء.

البرلمانية الأوروبية سارة خنافو (متداولة)

وفي حين لم يصدر أي رد فعل رسمي من السلطات، هاجمت «وكالة الأنباء الجزائرية» بحدة الكاتب، وقالت عن اعتقاله إنه «أيقظ محترفي الاحتجاج؛ إذ تحركت جميع الشخصيات المناهضة للجزائر، والتي تدعم بشكل غير مباشر الصهيونية في باريس، كجسد واحد»، وذكرت منهم رمز اليمين المتطرف مارين لوبان، وإيريك زمور، رئيس حزب «الاسترداد» المعروف بمواقفه ضد المهاجرين في فرنسا عموماً، والجزائريين خصوصاً.

يشار إلى أنه لم يُعلن رسمياً عن إحالة صنصال إلى النيابة، بينما يمنح القانون الجهاز الأمني صلاحية تجديد وضعه في الحجز تحت النظر 4 مرات لتصل المدة إلى 12 يوماً. كما يُشار إلى أن المهاجرين السريين في فرنسا باتوا هدفاً لروتايو منذ توليه وزارة الداخلية ضمن الحكومة الجديدة في سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويرجّح متتبعون لهذه القضية أن تشهد مزيداً من التعقيد والتوتر، بعد أن وصلت إلى البرلمان الأوروبي؛ حيث سيصوت، مساء الأربعاء، على لائحة تقدمت بها النائبة الفرنسية عن حزب زمور، سارة كنافو. علماً بأن لهذه السياسية «سوابق» مع الجزائر؛ إذ شنت مطلع الشهر الماضي حملة كبيرة لإلغاء مساعدات فرنسية للجزائر، قُدرت بـ800 مليون يورو حسبها، وهو ما نفته الحكومة الجزائرية بشدة، وأودعت ضدها شكوى في القضاء الفرنسي الذي رفض تسلمها.