نيالا تحت القصف... تصاعد أعداد الفارين والمستشفيات خارج الخدمة

مسيرات الجيش السوداني تقصف «الدعم السريع» قرب «القيادة العامة»

 مخزن طبي مدمَّر في نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور بسبب القتال (أ.ف.ب)
مخزن طبي مدمَّر في نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور بسبب القتال (أ.ف.ب)
TT

نيالا تحت القصف... تصاعد أعداد الفارين والمستشفيات خارج الخدمة

 مخزن طبي مدمَّر في نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور بسبب القتال (أ.ف.ب)
مخزن طبي مدمَّر في نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور بسبب القتال (أ.ف.ب)

تصاعدت حدة القتال، السبت، بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع»، في مدينة نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور، لليوم العاشر على التوالي، بالتوازي مع استمرار الاشتباكات في مناطق متفرقة من مدن العاصمة الثلاث (الخرطوم، بحري وأمدرمان)، فيما عاد الهدوء إلى مدينة الفولة في ولاية غرب كردفان، بعد يومين من الاضطراب الأمني، وعمليات نهبٍ وتدمير للمرافق الحكومية في مواجهة بين الطرفين.

وأفاد شهود عيان في نيالا بأن القصف المدفعي المتبادل بين الجيش و«الدعم السريع» في الأحياء السكنية، أسفر عن وقوع قتلى وكثير من الإصابات وسط المدنيين، جار حصرها.

ووفقاً لغرفة الطوارئ في المدينة، تجددت المعارك بين الطرفين منذ صباح السبت في مناطق متفرقة من ولاية جنوب دارفور، وتتزايد وتيرتها بشكل أكبر في محيط قيادة الفرقة 16 التابعة للجيش.

وقالت الغرفة في إفادة على موقع «فيسبوك» إن القذائف المتبادلة تتساقط عشوائياً داخل المنازل السكنية في العديد من الأحياء وسط المدينية، التي تشهد تضاعفاً في أعداد الفارين والعالقين وسط الاشتباكات.

وذكرت غرفة الطوارئ أن جميع المستشفيات العامة خرجت كلياً عن الخدمة، عدا مستشفى واحد يتكدس فيه المصابون بأعداد كبيرة، كما توفي عدد من الجرحى.

وقالت مصادر محلية استطاعت مغادرة المدينة في اليومين الماضيين لـ«الشرق الأوسط»، إن الأوضاع سيئة للغاية، وكل أحياء وضواحي المدينة أصبحت ساحة معركة، مضيفة أن خطر الموت يهدد المواطنين داخل مساكنهم.

سودانيون فرّوا من الصراع في دارفور عند عبور الحدود بين السودان وتشاد في أدري (رويترز)

وأشارت المصادر، التي فضلت حجب هويتها، إلى أن أعداداً كبيرة من الأسر هجرت منازلها ونزحت باتجاه المناطق الآمنة في شمال الإقليم، فيما تنتظر أسر أخرى هدوء الأوضاع للفرار من نيالا.

وقالت غرفة طوارئ مدينة نيالا إن القصف المدفعي والاشتباكات بين الجيش وقوات «الدعم السريع» تسببت بإلحاق أضرار كبيرة في أبراج شبكات الاتصالات، ما أدى إلى تردي خدمات الاتصالات الهاتفية والإنترنت بشكل كبير.

وأعلن الجيش، أمس، تصديه لعدة محاولات من قوات «الدعم السريع» للهجوم على الحامية «16 مشاة» في مدينة نيالا، وكبدت القوات المهاجمة خسائر كبيرة في الأفراد والعتاد.

نهب بنك السودان بنيالا

بدروها، قالت قوات «الدعم السريع» في بيان، السبت، إن قوات الجيش في نيالا مارست أبشع الجرائم من خلال القصف العشوائي على المناطق المأهولة بالسكان، ما أدى إلى مقتل مئات المدنيين وتشريد الآلاف من الأسر.

وأضاف البيان أن قوات «الفرقة 16 - مشاة» في المدينة قامت بنهب «بنك السودان» في المدينة، وكافة أفرع البنوك منذ بدء الحرب، وسطت على أموال المودعين وأسواق الذهب.

وتعثرت المفاوضات بين طرفي القتال، والتي تستضيفها مدينة جدة بوساطة سعودية أميركية، في التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار والأعمال العدائية طويل الأمد، بسبب الاشتراطات التي يضعها الطرفان.

فتيات سودانيات فررن من الصراع في الجنينة بمنطقة دارفور يصطففن عند نقطة مياه في أدري بتشاد (رويترز)

وفي منتصف أبريل (نيسان) الماضي، اندلعت الحرب بين الجيش وقوات «الدعم السريع» في العاصمة الخرطوم، وسرعان من انتقلت إلى ولايات دارفور وكردفان، وسقط خلال الاشتباكات التي أسفرت حتى الآن عن سقوط أكثر من ألفي قتيل وإصابة 120 ألف بجروح، وتشريد نحو 4 ملايين شخص داخل وخارج البلاد.

ودعت الولايات المتحدة، في بيان، الجمعة، طرفي القتال لوقف المعارك في نيالا في جنوب دارفور وغيرها من المناطق المأهولة بالسكان.

وعبر البيان عن القلق إزاء تقارير تحدثت عن قصف عشوائي نفذه الجيش السوداني، وأسفر عن خسائر في صفوف المدنيين الذين يدفعون ثمن القتال بين الأطراف المتحاربة، وحث الجانبين على الالتزام بالقانون الدولي الإنساني المتعلق بحماية المدنيين.

قصف بالمسيرات في الخرطوم

في موازاة ذلك، قال سكان في ضاحية بري، شرق الخرطوم، إن الجيش نفذ هجمات بطائرات مسيرة، داخل الحي السكني الذي تسيطر عليه قوات «الدعم السريع»، ويقع على بعد كيلومترات قليلة من المقر الرئيسي لقيادة الجيش وسط العاصمة.

وقال منير عبد الله، المقيم في ضاحية بري، إن المسيرات استهدفت أفراداً من «الدعم السريع» يتحصنون في منازل المواطنين. وقال: «سمعنا دوي الضربات تهز المنازل المجاورة»، مضيفاً أن قوات «الدعم السريع» لا تزال تنتشر بكثافة في غالبية أحياء شرق الخرطوم، وعلى طول المناطق في شارع الستين، منذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل الماضي.

آثار الدمار الذي لحق بمنزل أصيب بقذيفة مدفعية في حي الأزهري جنوب الخرطوم (أ.ف.ب)

ووفقاً لمصادر أخرى، شن الجيش غارات بالمسيرات على أحياء في منطقة سوبا، شرق النيل، وشوهدت أعمدة الدخان تتصاعد من داخل المنطقة.

من جهة ثانية، قال شهود عيان إن معارك ضارية دارت بين الجيش و«الدعم السريع» في ضاحية الفتيحاب في مدينة أمدرمان، ثاني أكبر مدن البلاد والعاصمة الخرطوم، وتحدثوا عن تعرض المنطقة لاستباحة ونهب من المجموعات المسلحة.

وقال الجيش السوداني في صفحته على موقع «فيسبوك»، إن قوات العمل الخاص في سلاح المهندسين، أجرت عمليات تمشيط لمنطقة الفتيحاب، وكبدت قوات «الدعم السريع» خسائر فادحة في العتاد والأرواح، وسط حفاوة وحماس المواطنين.


مقالات ذات صلة

الخريجي يؤكد للبرهان: السعودية حريصة على استقرار السودان

شمال افريقيا البرهان لدى استقباله نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي السبت (مجلس السيادة السوداني/إكس)

الخريجي يؤكد للبرهان: السعودية حريصة على استقرار السودان

تشهد مدينة بورتسودان حراكاً دبلوماسياً مطرداً لإنهاء الاقتتال بوصل المبعوث الأممي، رمطان لعمامرة، ومباحثات خاطفة أجراها نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا من داخل أحد الصفوف بمدرسة «الوحدة» في بورتسودان (أ.ف.ب)

الحرب تحرم آلاف الطلاب السودانيين من امتحانات «الثانوية»

أعلنت الحكومة السودانية في بورتسودان عن عزمها عقد امتحانات الشهادة الثانوية، السبت المقبل، في مناطق سيطرة الجيش وفي مصر، لأول مرة منذ اندلاع الحرب.

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا لقاء حاكم اقليم دارفور و نائب وزير الخارجية الروسي في موسكو (فيسبوك)

مناوي: أجندتنا المحافظة على السودان وليس الانتصار في الحرب

قال حاكم إقليم دارفور ورئيس حركة «جيش تحرير السودان»، مني أركو مناوي، إن أجندة الحركة «تتمثل في كيفية المحافظة على السودان، وليس الانتصار في الحرب».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا «مجموعة أ 3 بلس» تُعبر عن «صدمتها» من الانتهاكات ضد نساء السودان

«مجموعة أ 3 بلس» تُعبر عن «صدمتها» من الانتهاكات ضد نساء السودان

استنكرت الجزائر باسم «مجموعة أ 3 بلس» بمجلس الأمن الدولي، التقارير الحديثة عن عمليات القتل الجماعي والاختطاف والاغتصاب في السودان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يلقي كلمة أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن السودان الخميس 19 ديسمبر 2024 (أ.ب)

واشنطن تعلن تقديم 200 مليون دولار مساعدات إنسانية للسودان

أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، اليوم (الخميس)، تقديم نحو 200 مليون دولار إضافية من المساعدات الغذائية والمأوى والرعاية الصحية للسودان.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

ماكرون يدعو إلى «إلقاء السلاح ووقف إطلاق النار» في السودان

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أديس أبابا (رويترز)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أديس أبابا (رويترز)
TT

ماكرون يدعو إلى «إلقاء السلاح ووقف إطلاق النار» في السودان

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أديس أبابا (رويترز)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أديس أبابا (رويترز)

دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، السبت، طرفي النزاع في السودان إلى «إلقاء السلاح» بعد عام ونصف العام من الحرب التي تعصف بالبلاد، عادّاً أن المسار الوحيد الممكن هو «وقف إطلاق النار والتفاوض».

وقال ماكرون خلال جولة في القرن الأفريقي، عقب اجتماع مع رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد: «ندعو طرفي النزاع إلى إلقاء السلاح، وكل الجهات الفاعلة الإقليمية التي يمكنها أن تلعب دوراً إلى القيام بذلك بطريقة إيجابية، لصالح الشعب الذي عانى كثيراً».

وأضاف وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «العملية الوحيدة الممكنة في السودان هي وقف إطلاق النار والتفاوض، وأن يستعيد المجتمع المدني الذي كان مثيراً للإعجاب خلال الثورة، مكانته» في إشارة إلى التحرك الشعبي الذي أطاح بالرئيس السابق عمر البشير عام 2019، وأثار تفاؤلاً كبيراً.

ومنذ أبريل (نيسان) 2023 اندلعت حرب بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو؛ وأدى القتال إلى مقتل عشرات الآلاف، ونزوح أكثر من 11 مليون شخص.

ويواجه نحو 26 مليون شخص انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، وفقاً للأمم المتحدة التي دقت ناقوس الخطر مجدداً، الخميس، بشأن الوضع في البلاد التي قد تواجه أخطر أزمة غذائية في التاريخ المعاصر.

وهناك حاجة إلى مساعدات بقيمة 4.2 مليار دولار لتلبية حاجات السودانيين عام 2025، بحسب إيديم ووسورنو، رئيسة مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.