أثار توقيف مصريين في المكسيك تساؤلات كثيرة حول مدى وجود مسارات جديدة لـ«الهجرة غير المشروعة».
وأفادت تقارير إعلامية مكسيكية بـ«القبض على 137 مهاجراً، بينهم 129 مصرياً، كانوا يحاولون دخول الولايات المتحدة الأميركية بطريقة غير مشروعة». ورغم عدم «وضوح ملابسات عملية التوقيف»؛ إلا أنها أعادت الحديث مجدداً عن ظاهرة الهجرة غير المشروعة، في وقت تشدد فيه دول البحر المتوسط من إجراءاتها للتصدي لعمليات الهجرة إلى أراضيها، بينما تفرض السلطات المصرية إجراءات أمنية مشددة، حالت دون انطلاق رحلات هجرة غير مشروعة من أراضيها على مدى السنوات السبع الماضية.
وكانت تقارير إعلامية قد نقلت عن السلطات المكسيكية أن المعهد الوطني للهجرة في المكسيك تمكن من العثور على 129 مهاجراً من مصر، و8 من موريتانيا، جرى التخلي عنهم في حافلة في ولاية فيراكروز (شرق) على ساحل خليج المكسيك، وهي منطقة تشتهر بكونها مركزاً لتهريب البشر والمخدرات.
وكشف المعهد المكسيكي في بيان له أن وكلاء الهجرة الفيدراليين تلقوا مكالمة حول موقع حافلة ركاب تقل مهاجرين أجانب، معظمهم من مصر، وأنه جرى اتخاذ الإجراءات القانونية. ووفق البيان فقد كان كل راكب يرتدي سواراً باسمه، وهو ما تعده السلطات المكسيكية «خاصية مميزة تستخدمها عصابات الاتجار بالبشر».
ويتسلل آلاف المهاجرين سنوياً إلى الولايات المتحدة الأميركية على طول الحدود مع المكسيك، التي يبلغ طولها 3100 كيلومتر، ووفقاً لأرقام المنظمة الدولية للهجرة، فقد توفي 7661 مهاجراً، أو فُقد أثرهم في طريقهم إلى الولايات المتحدة منذ عام 2014 حتى نهاية العام الماضي. وفي الأشهر الأخيرة، اكتشفت سلطات الهجرة في المكسيك نمواً لافتاً في عدد المهاجرين غير النظاميين من 80 دولة في أفريقيا وآسيا، وحتى من دول أوروبية.
وقالت السفيرة نائلة جبر، رئيس اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع «الهجرة غير المشروعة» في مصر، إن «عصابات الاتجار بالبشر» و«الهجرة غير المشروعة»، «لا تكف عن محاولة البحث عن مسارات جديدة لخداع الراغبين في الهجرة بطرق غير قانونية»، لافتة إلى أن تشديد الإجراءات الأمنية في مصر، وعدد من دول منطقة البحر المتوسط «ربما كان ضمن أسباب لجوء تلك العصابات للبحث عن مسارات بعيدة».
وأوضحت جبر في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» أن نجاح الاستراتيجية المصرية في مكافحة «الهجرة غير المشروعة» في منع خروج رحلات لمهاجرين من شواطئها منذ عام 2016، وكذلك تطبيق عقوبات، وصفتها بـ«الرادعة» ضد عصابات الجريمة المنظمة العاملة في مجال الهجرة، أسهما في إنهاء اعتبار مصر كدولة مرور للمهاجرين، ومن ثم بدأت عصابات الهجرة البحث عن وسائل بديلة لممارسة نشاطها.
وتطبق مصر منذ عام 2016، قانوناً للحد من جريمة «الهجرة غير المشروعة»، يعاقب بـ«السجن المشدد، وبغرامة لا تقل عن 200 ألف جنيه، ولا تزيد على خمسمائة ألف جنيه (الدولار يساوي 30.8 جنيه) أو بغرامة مساوية لقيمة ما عاد عليه من نفع أيهما أكبر، كل من ارتكب جريمة تهريب المهاجرين أو الشروع فيها أو توسط في ذلك».
وأوضحت رئيس اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع «الهجرة غير المشروعة» في مصر، وهي لجنة تأسست عام 2017، وتتبع رئيس مجلس الوزراء المصري، وتختص بالتنسيق على المستويين الوطني والدولي بين السياسات والخطط والبرامج الموضوعة لمكافحة ومنع «الهجرة غير المشروعة» و«الاتجار بالبشر»، أن «اللجنة ترصد بالتنسيق مع الجهات المعنية في دول المنطقة العديد من المسارات، التي بدأت تظهر خلال الآونة الأخيرة لتهريب المهاجرين بطرق غير قانونية»، لافتة إلى أن «التهريب عبر المكسيك ضمن تلك المسارات».
وأضافت المسؤولة المصرية أن هناك مسارات حديثة جرى رصدها أخيراً، مثل «التهريب براً إلى دول أوروبية عبر تركيا ودول البلقان، إضافة إلى أساليب للتحايل من خلال رحلات للعلاج، أو الدراسة أو سفر الفرق الرياضية». مشيرة إلى أن «بعض دول أميركا اللاتينية تقدم تسهيلات حالياً لجذب السائحين، وهو ما تستخدمه عصابات الهجرة في تنفيذ عملياتها الإجرامية».
وشددت نائلة جبر على أهمية التنسيق الدولي من أجل مواجهة نشاط عصابات «الاتجار بالبشر»، وهي منظمات «عبر وطنية»، وتتحرك في قارات عدة، الأمر الذي يتطلب عملاً دولياً منسقاً، لافتة إلى ما تقوم بها اللجنة التي ترأسها من تنسيق مع منظمات ومؤسسات معنية في دول عدة، ومن بينها مؤتمر إقليمي تستضيفه مصر نهاية الشهر الحالي، بمشاركة مؤسسات معنية بمكافحة «الهجرة غير المشروعة»، من أفريقيا والولايات المتحدة، بالإضافة إلى مؤسسات دولية.
وكان رئيس مجلس الوزراء المصري، الدكتور مصطفى مدبولي، قد أكد خلال مشاركته الشهر الماضي في فعاليات المؤتمر الدولي للهجرة والتنمية بالعاصمة الإيطالية روما، «ضرورة تكثيف التنسيق الدولي في مجالات ضبط الحدود ومكافحة تهريب المهاجرين، من خلال دعم القدرات العملياتية وتوفير المعدات، وتعزيز التعاون الدولي لسد الثغرات، التي تستغلها شبكات تهريب المهاجرين».