مدنيو السودان يتفقون على «رؤية شاملة لإنهاء الحرب»

«قوى الإطاري» تدين انتهاكات طرفي القتال

جانب من مناقشات سابقة لتحالف «الحرية والتغيير» في القاهرة (صفحة التحالف على فيسبوك)
جانب من مناقشات سابقة لتحالف «الحرية والتغيير» في القاهرة (صفحة التحالف على فيسبوك)
TT

مدنيو السودان يتفقون على «رؤية شاملة لإنهاء الحرب»

جانب من مناقشات سابقة لتحالف «الحرية والتغيير» في القاهرة (صفحة التحالف على فيسبوك)
جانب من مناقشات سابقة لتحالف «الحرية والتغيير» في القاهرة (صفحة التحالف على فيسبوك)

أعلنت القوى الموقعة على «الاتفاق الإطاري» في السودان، يوم الثلاثاء، أنها اتفقت على رؤية شاملة لإنهاء الحرب، وإعادة تأسيس الدولة السودانية. وقال البيان الختامي لاجتماع القوى المدنية الموقعة على «الاتفاق الإطاري»، إنها اتفقت على «بناء جيش واحد قوي يعكس تنوع السودان، ويخضع للسلطة المدنية، والتأسيس لنظام حكم مدني ديمقراطي حقيقي على جميع المستويات».

ودعا البيان القوى السودانية خلال المؤتمر «لضرورة إنشاء مرصد مستقل يرصد الانتهاكات التي حدثت في الحرب».

وأشار البيان إلى أن الحرب يجب أن تنتهي «عبر حل سياسي سلمي قائم على المواطنة المتساوية، والديمقراطية والسلام والمحاسبة والشفافية».

سودانيون وأجانب يغادرون الخرطوم بسبب المعارك المحتدمة (أ.ف.ب)

الوضع الاقتصادي

وفيما يتعلق بالوضع الاقتصادي، قررت القوى الموقعة على «الاتفاق الإطاري»: «إعداد خطة إسعافية لما بعد الحرب، لبناء القطاعات الإنتاجية، وإصلاح النظم والمؤسسات المالية... وحشد الموارد وتوفير الآليات لكل مكونات المجتمع السوداني المتضررة من الحرب». كما تم الاتفاق على مشروع شامل لإعادة الإعمار في كل ربوع السودان، والتخطيط لإعادة النازحين واللاجئين لأماكنهم، وإنشاء صندوق لتعويض ضحايا الحروب، يمول من الدولة السودانية.

وقالت القوى المدنية السودانية الموقعة على «الاتفاق الإطاري»، إن القتال بين الجيش وقوات «الدعم السريع» أسفر عن أكثر من ألفي قتيل، من بينهم 400 طفل، وإصابة ما يزيد على 12 ألفاً من المدنيين، منذ منتصف أبريل (نيسان) الماضي.

وعقدت القوى المدنية اجتماعات مغلقة بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، لبحث تكوين أكبر جبهة مدنية للعمل على وقف إطلاق النار والأعمال العدائية، ومعالجة الأوضاع الإنسانية للعالقين في مناطق الصراع المسلح في أنحاء البلاد كافة.

فرع محروق لأحد البنوك في جنوب الخرطوم (أ.ف.ب)

الأوضاع الإنسانية

وابتدرت الجلسة الأولى في الاجتماعات بتقديم ورقة عن الأوضاع الإنسانية والانتهاكات التي تعرض لها الشعب السوداني، بسبب القتال في البلاد الذي دخل شهره الخامس. وجددت «قوى الإطاري» إدانتها للانتهاكات التي ارتكبتها قوات «الدعم السريع» والميليشيات الموالية لها في العاصمة الخرطوم ودارفور، وعلى وجه الخصوص القتل خارج القانون واغتصاب النساء والسرقات والنهب المسلح، واحتلال منازل المواطنين والمستشفيات، والاعتقالات والإخفاء القسري. وأدانت بالمثل انتهاكات الجيش السوداني بقصف المدنيين بالمدفعية الثقيلة والطيران، والنهب المسلح واغتصاب النساء والقتل خارج القانون، واعتقال الناشطين في العمل الإنساني والسياسيين. وطالبت القوى المدنية السودانية بتحقيق مستقل وشفاف يفضي إلى تحديد المنتهكين وتقديمهم للمحاسبة، وجبر الضرر الذي لحق بالمواطنين، ويُعد عنصراً أساسياً في هذه العملية. وأفادت الورقة بأن الحرب دفعت الملايين من المواطنين في 8 ولايات لمغادرة منازلهم، وفقدان وظائفهم، للنجاة بأرواحهم، ليستقروا في كثير من الولايات التي لم تصلها الحرب بعد.

أحد المنازل في حي الأزهري جنوب الخرطوم أصيب بقذيفة مدفعية (أ.ف.ب)

الدعم العاجل

وأضافت أن هؤلاء النازحين يحتاجون إلى الدعم العاجل لمجابهة متطلبات الحياة، في ظل هذه الظروف. ومن غير المتوقع أن يجدوا فرص عمل حتى بعد انتهاء الحرب. وذكرت القوى المدنية أن نحو 80 في المائة من المستشفيات في مناطق القتال خرجت كلياً عن الخدمة، وبلغ عدد الهجمات على المرافق الصحية 53 هجمة، تسببت في مقتل 11 من الكوادر الطبية، وأصيب أكثر من 50 شخصاً جراء هذه الهجمات. وحذرت من نذر كارثة صحية تلوح في الأفق، تتسبب في تفشي الأمراض جراء تردي البيئة في الولايات التي تستضيف أعداداً كبيرة من النازحين.

ويواجه نحو 20 مليون مواطن (نحو 42 في المائة من إجمالي السكان) مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، ويوجدون في الخرطوم وولايات دارفور وكردفان، وفقاً للورقة التي أعدتها القوى المدنية.

وبناءً على تقييم الأمم المتحدة في مايو (أيار) الماضي، فإن حاجة السودان للمساعدات الإنسانية تفوق 3 مليارات دولار، بهدف تغطية المساعدات الإنسانية الضرورية والنقدية المباشرة للمتأثرين بالحرب، بالإضافة إلى المساعدات الغذائية وتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية.

وتضم القوى المدنية الموقعة على «الاتفاق السياسي الإطاري»: تحالف «قوى الحرية والتغيير»، ونقابات مهنية، ومنظمات المجتمع المدني، وأحزاباً سياسية داعمة لعملية الانتقال. ووقَّعت تلك القوى في ديسمبر (كانون الأول) الماضي اتفاقاً مبدئياً مع قادة الجيش وقوات «الدعم السريع» يقضي بخروجهما من العمل السياسي، تمهيداً لتشكيل حكومة بقيادة مدنية.


مقالات ذات صلة

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

شمال افريقيا أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أعلن الجيش السوداني اليوم (السبت) «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

حددت المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي 11 ديسمبر المقبل لبدء المرافعات الختامية في قضية السوداني علي كوشيب، المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية بدارفور.

أحمد يونس (كمبالا)
الولايات المتحدة​ مسعفون من جمعية «الهلال الأحمر الفلسطيني» ومتطوعون في الفريق الوطني للاستجابة للكوارث (أ.ب)

الأمم المتحدة: عمال الإغاثة الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر

أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن عدد عمال الإغاثة والرعاية الصحية الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر، بحسب «أسوشييتد برس».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شمال افريقيا سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة، فيما تعتزم الحكومة الألمانية دعم مشروع لدمج وتوطين اللاجئين السودانيين في تشاد.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)

السودان: توغل «الدعم السريع» في النيل الأزرق والجيش يستعيد بلدة

تشير أنباء متداولة إلى أن الجيش أحرز تقدماً كبيراً نحو مدينة سنجة التي سيطرت عليها «قوات الدعم السريع»، يونيو (حزيران) الماضي.

محمد أمين ياسين (نيروبي)

تخفيف سجن معارضة تونسية بعد تردي صحتها

عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعتقلة في السجن (الشرق الأوسط)
عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعتقلة في السجن (الشرق الأوسط)
TT

تخفيف سجن معارضة تونسية بعد تردي صحتها

عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعتقلة في السجن (الشرق الأوسط)
عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعتقلة في السجن (الشرق الأوسط)

قضت محكمة تونسية، مساء أمس (الجمعة)، بتخفيف حكم قضائي استئنافي في حق المعارضة عبير موسي، رئيسة «الحزب الدستوري الحر»، من السجن سنتين إلى سنة و4 أشهر في قضية تتعلق بانتقادها لهيئة الانتخابات، بحسب ما أكد محاميها نافع العريبي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ومطلع أغسطس (آب) الماضي، أصدرت محكمة ابتدائية حكماً بالسجن لمدّة عامين بحقّ موسي لانتقادها أداء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مطلع عام 2023.

وأصدرت المحكمة حُكمها بموجب «المرسوم 54»، الذي أصدره الرئيس قيس سعيّد عام 2022 لمكافحة «الأخبار الكاذبة»، والذي يواجه انتقادات شديدة من المعارضة ونقابة الصحافيين. وأوقفت موسي، النائبة السابقة البالغة 49 عاماً، في 3 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 أمام القصر الرئاسي في قرطاج. وأعلنت بعد ذلك ترشحها للانتخابات الرئاسية، لكن هيئة الانتخابات رفضت ملفها لعدم استكمال الوثائق وجمع تواقيع التزكيات اللازمة. وتواجه موسي تهماً خطيرة في قضايا أخرى، من بينها «الاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة».

وجاء هذا القرار، بعد أن قال علي البجاوي، المحامي ورئيس هيئة الدفاع عن رئيسة «الحزب الدستوري الحر»، لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، إن وضعها الصحي في السجن «متدهور ولا يبشر بخير»، وذلك بعد أن قام بزيارتها في السجن الخميس، مشيراً إلى أنها «تعاني من ضعف وحالة إنهاك شديد».

مظاهرة نظمها مؤيدون لعبير موسي ضد المرسوم 54 الذي أصدره الرئيس سعيد (أ.ف.ب)

وتابع البجاوي موضحاً: «وزنها يتراجع بسبب النقص في التغذية، كما تعاني من أوجاع في الكتف والرقبة»، مبرزاً أن رئيسة «الحزب الدستوري الحر» أجرت تحاليل وخضعت لكشوفات طبية لم يتم الاطلاع على نتائجها بعد. وتواجه موسي، وهي من بين المعارضين الرئيسيين للرئيس الحالي قيس سعيد، تهمة «الاعتداء القصد منه تبديل هيئة الدولة»، التي تصل عقوبتها إلى الإعدام.

وتعود هذه التهمة إلى قضية «مكتب الضبط» للقصر الرئاسي، حين توجهت موسى إليه لإيداع تظلم ضد مراسيم أصدرها الرئيس قيس سعيد، وأصرت على إيداعه لدى المكتب، قبل أن يتم إيقافها من قبل الأمن وإيداعها لاحقاً السجن.

وعلى أثر ذلك، تقدمت هيئة الدفاع بطعن ضد قرار قضاة التحقيق. وقال المحامي البجاوي إنه «لا توجد جريمة، ورئيسة الحزب قدمت تظلمها وفق الإجراءات القانونية». وعلاوة على ذلك، تلاحق موسي أيضاً في قضايا أخرى، من بينها قضية قامت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتحريكها ضدها بتهمة نشر «معلومات مضللة» عن الانتخابات التشريعية لعام 2022، بعد إطاحة الرئيس سعيد بالنظام السياسي السابق في 2021، وصدر حكم ضدها بالسجن لسنتين في هذه القضية، لكن هيئة الدفاع تقدمت بطعن ضده.

راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة (إ.ب.أ)

وخلف القضبان تقبع شخصيات معارضة أخرى، مثل زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، وعصام الشابي وغازي الشواشي، المتهمين بالتآمر على أمن الدولة، واللذين سبقا أن أعلنا نيتهما الترشح للرئاسة قبل أن يتراجعا عن ذلك. وتنتقد المعارضة ومدافعون عن حقوق الإنسان ومنظمات دولية وتونسية الرئيس التونسي، الذي فاز بالانتخابات الرئاسية في أكتوبر الماضي بأكثر من 90 في المائة من الأصوات، وتتهمه بـ«التضييق على الحريات».