الأمم المتحدة: وضع السودان يخرج عن السيطرة

مع دخول الحرب شهرها الخامس

سودانيات فررن من الصراع في الجنينة بمنطقة دارفور السودانية يصطففن عند نقطة مياه في أدري بتشاد (رويترز)
سودانيات فررن من الصراع في الجنينة بمنطقة دارفور السودانية يصطففن عند نقطة مياه في أدري بتشاد (رويترز)
TT

الأمم المتحدة: وضع السودان يخرج عن السيطرة

سودانيات فررن من الصراع في الجنينة بمنطقة دارفور السودانية يصطففن عند نقطة مياه في أدري بتشاد (رويترز)
سودانيات فررن من الصراع في الجنينة بمنطقة دارفور السودانية يصطففن عند نقطة مياه في أدري بتشاد (رويترز)

حذّرت وكالات الأمم المتحدة في بيان مشترك، يوم (الثلاثاء)، من أن «الوقت ينفد أمام المزارعين لزراعة المحاصيل التي ستطعمهم وتطعم جيرانهم، كما أن الإمدادات الطبية شحيحة، فالوضع يخرج عن السيطرة». وأوضحت المنظمة الأممية أن الملايين في السودان يعانون من نفاد الغذاء، وأن بعضهم يموت بسبب غياب الرعاية الصحية، مع دخول الحرب بين الجيش وقوات «الدعم السريع» شهرها الخامس. وأضافت الأمم المتحدة أن الحرب دمرت العاصمة الخرطوم، وقادت إلى هجمات بدوافع عرقية في إقليم دارفور.

ودفع النزاع بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» البلاد إلى أتون العنف ودق أجراس الإنذار من خطر الاضطرابات وزعزعة الاستقرار بالمنطقة. وبدأ الصراع في 15 أبريل (نيسان) بسبب التوتر المرتبط بالتحول المزمع للحكم المدني. وتسببت الحرب في تشريد أكثر من 4 ملايين، منهم قرابة المليون فروا إلى بلدان مجاورة. وقُتل مدنيون في المناطق التي امتدت إليها الهجمات.

الدخان يتصاعد فوق الخرطوم مع استمرار الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» (أ.ب)

جمع الجثث

وقالت إليزابيث ثروسل، المتحدثة باسم مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، في إفادة في جنيف «كثير من القتلى لم يتم جمع رفاتهم أو التعرف عليهم أو دفنهم». وقالت ليلى بكر، المسؤولة في صندوق الأمم المتحدة للسكان، إن التقارير حول الانتهاكات الجنسية زادت بمعدل 50 في المائة. ويواجه الملايين الذين ظلوا في الخرطوم ومدن بمنطقتي دارفور وكردفان عمليات نهب على نطاق واسع، وانقطاعات طويلة الأمد للكهرباء والاتصالات والمياه.

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، إن الحرب «الكارثية التي لا معنى لها» في السودان، أدت إلى مقتل الآلاف، والنزوح الجماعي، والعنف الجنسي، وتدمير منازل العائلات والمدارس والمستشفيات والخدمات الأساسية، وهي أعمال ترقى إلى «جرائم حرب». وأضاف في تصريحات صحافية بجنيف (يوم الثلاثاء): «لدينا اعتقاد بأن القوات المسلحة السودانية وقوات (الدعم السريع) ارتكبت انتهاكات جسيمة للقانون الدولي أثناء النزاع الحالي، وتجب محاسبة الجناة». ودعا تورك طرفَي الصراع لوقف القتال على الفور واستئناف المحادثات السياسية، والامتثال للقانون الدولي الإنساني، والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية دون انقطاع.

امرأة تتلقى رعاية طبية داخل خيمة الهلال الأحمر السوداني (رويترز)

الضغط السياسي والاقتصادي

وحث المفوض السامي، المجتمع الدولي على زيادة الضغط السياسي والاقتصادي على طرفَي النزاع لوقف القتال فوراً، وزيادة الدعم المالي للوكالات الإنسانية التي تستجيب للأزمة الإنسانية الناجمة عن الصراع، بما في ذلك أزمات النزوح واللاجئين. وأعرب تورك عن قلقه البالغ من أن يسمح الوضع الفوضوي بالإفلات من العقاب، وقد تستغله الجهات المسلحة والميليشيات في تصعيد العنف. وأضاف: «تشير الإحصائيات الأولية إلى أن أكثر من 4 ألف قُتلوا حتى الآن، من بينهم مئات المدنيين، منهم 435 طفلاً و28 عاملاً في مجال العون الإنساني والصحي، لكن العدد الفعلي للضحايا أعلى من ذلك بكثير». وذكر تورك أن مكتب حقوق الإنسان بالسودان تلقى تقارير موثوقة عن 32 حادث عنف جنسي ضد 73 ضحية مطلع أغسطس (آب) الحالي، وما لا يقل عن 28 حالة اغتصاب. وقال إن طرفَي النزاع اعتقلا مئات من الأفراد، بمَن فيهم نشطاء سياسيون ومدافعون عن حقوق الإنسان، كما تم الإبلاغ في العاصمة الخرطوم عن ما لا يقل عن 500 شخص مفقود، بينهم 24 امرأة، وتعرض عديد من المعتقلين لسوء المعاملة، وبعض حالات التعذيب.

طفلة سودانية أمام أحد مستشفيات «أطباء بلا حدود» في السودان (رويترز)

إجلاء الجرحى

وأضاف تورك أن مكتبه استمع لشهود اتهموا الطرفين بحرمان المدنيين من المرور الآمن للفرار من القتال أو إجلاء الجرحى في مناطق جنوب الخرطوم وشرق النيل وأمدرمان، وفي مدينة الجنينة بإقليم دارفور.

وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن الأمطار الموسمية، التي تزيد من مخاطر الإصابة بالأمراض المنقولة عن طريق المياه، دمرت منازل ما يصل إلى 13500 شخص، أو ألحقت أضراراً بها.

واتهم قائد الجيش، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، في كلمة ألقاها (الاثنين) قوات «الدعم السريع» بالسعي إلى «إعادة البلاد لعصر ما قبل الدولة الحديثة وارتكاب كل جريمة يمكن تخيلها»، بينما اتهمت قوات «الدعم السريع» الجيش «بمحاولة الاستيلاء على السلطة بالكامل، بتوجيه من الموالين للرئيس المعزول عمر البشير الذي أطاحت به انتفاضة شعبية في عام 2019».

وتوقفت الجهود بقيادة السعودية والولايات المتحدة للتفاوض على وقف لإطلاق النار في الصراع الحالي، بينما تجد الوكالات الإنسانية صعوبات في تقديم الإغاثة؛ بسبب انعدام الأمن، والنهب، والعقبات البيروقراطية. من جانبها، قالت الهيئة القومية للكهرباء، في بيان، إن مساحات شاسعة في البلاد تعاني من انقطاع التيار منذ يوم الأحد، ترافق معه أيضاً توقف شبكات الهاتف المحمول عن العمل.


مقالات ذات صلة

الحرب تحرم 157 ألف طالب سوداني من امتحانات الشهادة السودانية

شمال افريقيا طالبات خلال الامتحانات في بورتسودان السبت (أ.ف.ب)

الحرب تحرم 157 ألف طالب سوداني من امتحانات الشهادة السودانية

دخل التعليم على خط القتال في السودان، بعدما أقرّت الحكومة، التي تتخذ من بورتسودان مقرّاً لها، إجراء الامتحانات في المناطق الآمنة، الخاضعة لسيطرة الجيش.

محمد أمين ياسين (نيروبي) وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا امرأة نازحة داخلياً من كادوقلي تعرض فاكهة برية لجأت إلى تناولها للبقاء على قيد الحياة (رويترز)

أول قافلة مساعدات تصل إلى جنوب الخرطوم منذ بدء النزاع

أفاد متطوعون محليون بأن المدنيين في منطقة محاصرة جنوب العاصمة السودانية تلقوا أول شحنة مساعدات هذا الأسبوع، منذ بدء النزاع قبل عشرين شهراً.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
خاص محمد حمدان دقلو «حميدتي» (الشرق الأوسط)

خاص مستشار حميدتي لـ«الشرق الأوسط»: ندعم حكومة «موازية» عاصمتها الخرطوم

أكد مستشار قائد «قوات الدعم السريع»، إبراهيم مخير، أنهم سيدعمون الأطراف السياسية والمدنية في سعيها لتشكيل حكومة «موازية» في السودان، عاصمتها الخرطوم.

وجدان طلحة (بورتسودان)
خاص فارون من المعارك ينقلون بشاحنات من مدينة رينك الحدودية في جنوب السودان إلى رصيف لمواصلة رحلتهم إلى وجهتهم التالية (د.ب.أ)

خاص السودان في 25 عاماً... حرب تلد حروباً

رغم أن الحرب الحالية في السودان هي حرب بين جيشين «نظاميين»، لكن جذورها تتصل «بمتلازمة التهميش وعدم الاعتراف بالتنوع».

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا السودان التزم بتقديم جميع التسهيلات المعنية «بانسياب تدفق المساعدات الإنسانية» (وسائل إعلام سودانية)

وصول أولى المساعدات الإنسانية إلى الخرطوم

وصلت شاحنات محملة بالمساعدات الإنسانية إلى جنوب العاصمة السودانية الخرطوم، للمرة الأولى بعد 21 شهراً من اندلاع الحرب في البلاد بين الجيش و«قوات الدعم السريع».

محمد أمين ياسين (نيروبي)

ليبيا: استمرار جهود احتواء تداعيات السيول في توكرة وأجدابيا

استمرار عمليات كسح مياه الأمطار (وكالة الأنباء الليبية)
استمرار عمليات كسح مياه الأمطار (وكالة الأنباء الليبية)
TT

ليبيا: استمرار جهود احتواء تداعيات السيول في توكرة وأجدابيا

استمرار عمليات كسح مياه الأمطار (وكالة الأنباء الليبية)
استمرار عمليات كسح مياه الأمطار (وكالة الأنباء الليبية)

وسط اتهامات لحكومة الوحدة «المؤقتة» في ليبيا، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، بعدم اتخاذ إجراءات استباقية للتعامل مع أزمة سوء الأحوال الجوية، تحدثت وسائل إعلام محلية عن «احتجاجات» بمنطقة الكابوط في صبراتة للمطالبة بحل أزمة شبكة الصرف الصحي، التي ارتدت على المنازل بعد الأمطار، وتسببت في إغراق الشوارع ودخلت منازل المواطنين.

وطبقاً لشهود عيان، فقد أشعل الأهالي، مساء الجمعة، النار في الإطارات، وأغلقوا الطريق للمطالبة بوضع حل سريع للأزمة، وهددوا بإسقاط المجلس البلدي.

وأعلنت بلدية أجدابيا استمرار عمل لجنتها للطوارئ، عبر جولة ميدانية، شملت عدة أحياء في المدينة، فيما مددت مراقبة التربية والتعليم بالمدينة عطلة الدراسة، يومي الأحد والاثنين، بسبب تقلبات الطقس.

وقال الهلال الأحمر الليبي، ببلدية توكرة، إن المنطقة تحت السيطرة بفضل انخفاض منسوب المياه، وبعد فتح المسارات وعملية الشفط وفتح الطريق الساحلي، مشيراً إلى تضرر نحو 30 منزلاً، جراء السيول التي تعرضت لها منطقة بوجرار بالبلدية، دون أن يتم تسجيل أي إصابات.

من جهتها، أكدت الشركة العامة للمياه والصرف الصحي، استمرار أعمال فك مختنقات مياه الأمطار، وتنظيف خطوط الصرف الصحي في عدد من المدن والمناطق، لكن ارتفاع منسوب المياه أدى إلى إغلاق كامل لمفترق طريق البيفي في تاجوراء، الذي يربط بين شرق العاصمة طرابلس وغربها. وفي هذا السياق، ذكر مركز بنغازي الطبي أنه استقبل أكثر من ألف حالة طارئة خلال أسبوع في قسم الطوارئ، موزعة بين وحدتي الباطنة والجراحة، منذ إعلان حالة الطوارئ نتيجة المنخفض الجوي.

وتوقعت هيئة الأرصاد الجوية استمرار الأمطار على مناطق الغرب والشرق، وانخفاض فاعليتها، غداً الأحد، لتصبح متفرقة وغير قوية.

الأمطار الغزيرة تسببت في إقفال بعض الشوارع الرئيسية بعدد من البلدات والمدن الليبية (أ.ف.ب)

بدورها، قررت بلدية سرت تعليق الدراسة بجميع المدارس، وتأجيل الامتحانات إلى موعد لاحق، نظراً للأمطار الغزيرة التي تسببت في إقفال بعض الشوارع الرئيسية. كما طالبت مديرية أمن سبها سائقي المركبات على الطريق الساحلي بتوخي الحذر، خاصة في المناطق الواقعة غرب بوابة الدافنية، بسبب التجمعات المائية لمياه الأمطار وجريان بعض الأودية التي تشكل مستنقعات مائية على الطريق.

من جهة أخرى، اعتبر الدبيبة، خلال حفل ذكرى تأسيس جامعة مصراتة، أن التعليم العالي يعد أهم ركيزة لبناء الدولة، ضمن خطة عودة الحياة الحكومية، لافتاً إلى دخول 8 جامعات ليبية في التصنيف العالمي، لأول مرة منذ 50 عاماً.

وكان الدبيبة قد أكد لدى حضوره، مساء الجمعة، حفل اختتام المؤتمر الثالث للجمعية الليبية لجراحة السمنة وأمراضها بمصراتة، أهمية هذه المؤتمرات العلمية المتخصصة في تطوير القطاع الصحي، مشدداً على التزام الحكومة بدعم الجمعية الليبية لجراحة السمنة وأمراضها، وتقديم ما يلزم من خدمات طبية بالتنسيق مع جهاز دعم وتطوير الخدمات العلاجية.

اجتماع القائم بأعمال السفارة الأميركية مع وزير الاقتصاد بحكومة الوحدة (السفارة الأميركية)

إلى ذلك، أعلن القائم بأعمال السفارة الأميركية، جيريمي برنت، أنه ناقش، مساء الجمعة، في تونس مع وزير الاقتصاد والتجارة بحكومة الوحدة المؤقتة، محمد الحويج، سبل تعزيز التعاون الاقتصادي بين الولايات المتحدة وليبيا، وأهمية الشفافية لتحسين مناخ الأعمال في ليبيا بالإضافة إلى تعزيز الروابط التجارية والاستثمارية.

في شأن آخر، أعلنت حكومة الدبيبة اجتماع وفد يمثلها، اليوم السبت، في سوريا، برئاسة وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية، وليد اللافي، مع القائد العام للإدارة الجديدة، أحمد الشرع، مشيرة إلى أن الوفد ضم وزير العمل والتأهيل، علي العابد، ومدير إدارة الاستخبارات العسكرية، محمود حمزة.

لقاء حكومة الوحدة مع أحمد الشرع في سوريا (أ.ب)

وحسب بيان حكومي فقد نقل اللافي للشرع تحيات الدبيبة إلى القيادة والشعب السوري، مؤكداً دعم حكومة الوحدة للشعب السوري، وموقفها الداعم لحقوقه وحريته، مشيراً إلى أن الاجتماع ناقش تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وبحث آفاق التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية، والمخاطر التي تشهدها المنطقة، إلى جانب القضايا ذات الاهتمام المشترك، التي تسهم في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي، لافتاً إلى تشديد الطرفين على أهمية تطوير آليات العمل المشترك وتعزيز الحوار، بما يخدم المصالح المشتركة للشعبين.