أثار إعلان مصرف أبوظبي الإسلامي في مصر، مؤخراً، عن تعيين وزيرة التعاون الدولي المصرية رانيا المشاط «عضواً مستقلاً غير تنفيذي» بمجلس إدارته ضجة سياسية وإعلامية واسعة في مصر، حيث انتقد برلمانيون وكتاب تقلد الوزيرة المنصب الجديد، تحت دعوى «تعارض المصالح». وفي المقابل، دافع آخرون عن الجمع بين الحقيبة الوزارية والمنصب المصرفي.
وفي عام 2013، أصدر رئيس الجمهورية المؤقت، حينذاك، المستشار عدلي منصور، القانون رقم 106 لسنة 2013، بشأن «حظر تعارض مصالح المسؤولين في الدولة»، وهو ما يحتج به الرافضون لتعيين الوزيرة في الوظيفة المصرفية.
وتقول المادة السادسة من القانون المنشور بالجريدة الرسمية، بتاريخ 13 نوفمبر (تشرين الثاني) 2013: «يعد الجمع بين عمل المسؤول الحكومي وبين عضوية مجالس إدارة الشركات، أو المشروعات التجارية الخاصة، أو العمل فيها تعارضاً مطلقاً». وتحظر المادة الحادية عشرة من القانون نفسه على المسؤول الحكومي «تقديم الخدمات الاستشارية، سواء مدفوعة الأجر، أو غير مدفوعة».
وقدّم أمين لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، عبد المنعم إمام، سؤالاً برلمانياً إلى رئيس الوزراء حول الواقعة، كما تقدم النائب محمد سعد الصمودي بسؤال مماثل حول «مدى ملائمة قرار تعيين الوزيرة رانيا المشاط في مجلس إدارة أحد البنوك الخليجية لأحكام الدستور والقانون».
يقول إمام لـ«الشرق الأوسط»: «هذه واقعة متعارضة مع قانون (تعارض المصالح)، ورغم أن اللائحة التنفيذية لهذا القانون لم تصدر بعد، فإن هذا لا يمنع تطبيقه على الوزيرة، فالأمر ينطوي على تعارض واضح جداً». ويصف البرلماني المصري الأمر بأنه «خطأ جسيم»، قائلاً: «لو أن مجلس النواب في حالة انعقاد لكنا قدمنا استجواباً بهذا الخصوص».
وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، عزا الكاتب الصحافي، سليمان جودة، الضجة المثارة حول تعيين الوزيرة إلى «التعارض المنطقي والقانوني بين وجودها في الحكومة ووجودها في البنك»، وذلك بعدما نشر مقالاً جاء فيه: «لا شأن لي بموضوع تعارض المصالح في القضية أو عدم تعارضها. أنا فقط أتطلع إلى الأمر من زاوية أخرى تماماً، وهي زاوية تتعلق بعدالة المنافسة بين بنك تكون الوزيرة عضواً في مجلس إدارته، وبنك آخر لا يضم مجلس إدارته وزراء أو مسؤولين».
في المقابل، قال عضو مجلس النواب مصطفى بكري لـ«الشرق الأوسط»: «لقد سألت السيدة الوزيرة، فنفت أنها تتقاضى أي مكافآت بالدولار، ولا تتقاضى راتباً شهرياً كما يقولون، كما أنها قالت لي إن البنك شركة مصرية مساهمة، وأرقامها في البورصة ويمكن الرجوع إليها».
وأكد بكري أن «اختيار الوزيرة لعضوية مجلس إدارة البنك جاء بموافقة رئيس الوزراء والبنك المركزي، والأجهزة الرقابية، أما عن تعارض المصالح فأعتقد أن الأمر عُرض على المستشار القانوني لمجلس الوزراء، الذي أكد عدم وجود تعارض في المصالح بين عملها الوزاري، وعضويتها في مجلس إدارة البنك».
وبينما يتفرع الجدل إلى زوايا عدة، يبيّن الباحث المتخصص في شؤون القضاء، محمد بصل، أن المسألة مرتبطة بـ«تعارض المصالح من حيث المبدأ، بغضّ النظر عن أي تفاصيل ثانوية».
وحول ارتباط سريان قانون «تعارض المصالح» الصادر عام 2013 بصدور لائحته التنفيذية، قال بصل لـ«الشرق الأوسط»: «المواد التي تمنع تولي الوزراء أي مناصب في الشركات المساهمة أو البنوك، سارية بذاتها ولا تحتاج إلى صدور أي قرارات، أو إصدار اللائحة التنفيذية؛ وإن كان المعنيون بهذه المسألة يطالبون بإصدار قرارات تساعد في تفعيل أكثر للقانون، مثل تشكيل (لجنة الوقاية من الفساد) التي نصّ عليها».
وشدّد بصل، الذي يشير إلى أن المصرف المسجل شركة مساهمة مصرية، مملوك لمصرف أبوظبي الإسلامي في الإمارات، على أن جوهر المسألة مرتبط بـ«حظر القانون تعيين الوزراء في أي شركات مساهمة، كمبدأ مجرد يسري على جميع شاغلي المنصب الرفيع بشكل عام».
كما يشير بصل إلى أن الدستور المصري «يحظر» في المادة 166 على أعضاء الحكومة، طوال مدة توليهم المنصب، بالذات أو بالواسطة، «مزاولة مهنة حرة، أو عملاً تجارياً أو مالياً أو صناعياً».