تونس وألمانيا تبحثان تحديات الهجرة في «المتوسط»

اللقاء جاء بعد ساعات من غرق 41 مهاجراً قرب جزيرة لامبدوزا الإيطالية

مهاجرون غير نظاميين تم إنقاذهم من طرف خفر السواحل التونسي (أ.ف.ب)
مهاجرون غير نظاميين تم إنقاذهم من طرف خفر السواحل التونسي (أ.ف.ب)
TT

تونس وألمانيا تبحثان تحديات الهجرة في «المتوسط»

مهاجرون غير نظاميين تم إنقاذهم من طرف خفر السواحل التونسي (أ.ف.ب)
مهاجرون غير نظاميين تم إنقاذهم من طرف خفر السواحل التونسي (أ.ف.ب)

استقبل منير بن رجيبة، وزير الدّولة التونسية للشؤون الخارجية، كاتجا كول مساعدة وزيرة الشؤون الخارجيّة الألمانية، على هامش الزيارة التي تقوم بها إلى تونس حاليا، وتناول اللقاء خاصة ملف الهجرة، والتحديات التي تطرحها في البحر المتوسط، حيث شددت كول على أهمية توافق البلدين لمواجهة التدفقات المكثفة للمهاجرين.

وقال جمال العرفاوي، المحلل السياسي التونسي، لـ«الشرق الأوسط» إن الحلول التي قدمت إلى حد الآن لتجاوز معضلة الهجرة «ما زالت محدودة، وتعتمد في أغلبها على الحلول الأمنية، مثل تشديد المراقبة على الحدود، والحد من الدخول غير الشرعي للمهاجرين لعدد من بلدان المغرب العربي. فيما تم تجاهل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، علاوة على المشكلات السياسية، التي تمثل جوهر ملف الهجرة، وفي غياب تنمية فعلية في البلدان التي تصدر المهاجرين، فإن أزمة الهجرة غير الشرعية ستتواصل أكثر، وربما تكون أكثر ضراوة في ظل التعثر الاقتصادي في الدول الفقيرة»، على حد تقديره.

وكانت منظمة الأمم المتحدة قد طالبت عددا من الدول، خاصة الغنية منها، بزيادة الموارد المالية، والوفاء بمسؤولياتها بهدف تعزيز جهود البحث وإنقاذ الغرقى وسط البحر الأبيض المتوسط، خاصة بعد غرق 41 مهاجرا في مضيق صقلية، في أحدث مأساة يشهدها البحر المتوسط. ورجحت معظم المنظمات الإنسانية أن يكون القارب الذي أقلهم قد انطلق من سواحل صفاقس التونسية، بعد أن تحولت إلى منصة رئيسية لانطلاق المهاجرين من تونس، ودول أفريقيا جنوب الصحراء.

ونجا من القارب أربعة مهاجرين، بينهم صبي يبلغ من العمر 13 سنة وامرأة ورجلان، أنقذتهم سفينة تجارية، وجرى نقلهم من طرف خفر السواحل الإيطالي إلى جزيرة لامبدوزا، ووفق شهادات الناجين، فإن القارب كان يقل 45 مهاجرا.

في سياق متصل، أعلنت النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية في مدينة صفاقس، عن فتح تحقيق ضد كل من يشارك في مساعدة المهاجرين غير النظاميين في عمليات اجتياز الحدود البحرية خلسة، والتي ينجم عنها الموت، والاتجار بالبشر المؤدي للموت، وذلك إثر إعلان وكالة الأنباء الإيطالية (أنسا) أمس الأربعاء أن 41 مهاجرا لقوا حتفهم في حادث غرق قارب قبالة جزيرة لامبدوزا الإيطالية، مؤكدة أن المركب الذي كان يقلهم انطلق من مدينة صفاقس.

وكان الرئيس التونسي قيس سعيد قد أكد مؤخرا خلال لقائه بأحمد الحشاني، رئيس الحكومة التونسية الجديد، أن تونس تعامل المهاجرين غير النظاميين «معاملة إنسانية لا يلقاها هؤلاء في عديد الدول الأخرى، في ظل الصمت المريب لعديد المنظمات الدولية والجمعيات، التي تدعي في الظاهر حمايتهم. لكن هذه الحماية المزعومة لا تتجاوز البيانات الكاذبة، التي لا علاقة لها بالواقع إطلاقا»، على حد قوله.


مقالات ذات صلة

مهاجرون باكستانيون عالقون على الحدود بين مالي وموريتانيا

شمال افريقيا قوات بحرية إسبانية تعترض قارب مهاجرين غير نظاميين انطلق من سواحل موريتانيا (أ.ف.ب)

مهاجرون باكستانيون عالقون على الحدود بين مالي وموريتانيا

«رغم المسافة الكبيرة التي تفصل موريتانيا عن باكستان، والتي تقدر بنحو 7700 كيلومتر، فإنها أصبحت وجهة للمهاجرين الآسيويين».

الشيخ محمد (نواكشوط)
شمال افريقيا مشاركون في ندوة جامعة أسيوط عن «الهجرة غير المشروعة» تحدثوا عن «البدائل الآمنة» (المحافظة)

مصر لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» عبر جولات في المحافظات

تشير الحكومة المصرية بشكل متكرر إلى «استمرار جهود مواجهة الهجرة غير المشروعة، وذلك بهدف توفير حياة آمنة للمواطنين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الولايات المتحدة​ تعيينات دونالد ترمب في إدارته الجديدة تثير قلق تركيا (رويترز)

ترمب يؤكد عزمه على استخدام الجيش لتطبيق خطة ترحيل جماعي للمهاجرين

أكد الرئيس المنتخب دونالد ترمب أنه يعتزم إعلان حالة طوارئ وطنية بشأن أمن الحدود واستخدام الجيش الأميركي لتنفيذ عمليات ترحيل جماعية للمهاجرين غير الشرعيين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا مهاجرون عبر الصحراء الكبرى باتجاه أوروبا عبر ليبيا وتونس (رويترز)

السلطات التونسية توقف ناشطاً بارزاً في دعم المهاجرين

إحالة القضية إلى قطب مكافحة الإرهاب «مؤشر خطير لأنها المرة الأولى التي تعْرض فيها السلطات على هذا القطب القضائي جمعيات متخصصة في قضية الهجرة».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا من عملية ضبط مهاجرين في صبراتة قبل تهريبهم إلى أوروبا (مديرية أمن صبراتة)

السلطات الليبية تعتقل 90 مهاجراً قبل تهريبهم إلى أوروبا

عثرت السلطات الأمنية في مدينة صبراتة الليبية على «وكر» يضم 90 مهاجراً غير نظامي، تديره إحدى عصابات الاتجار بالبشر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

اجتماعات «المائدة المستديرة» بين الفرقاء السودانيين في جنيف لوقف الحرب

جانب من لقاء سابق لتنسيقية «تقدم» مع مسؤولي الآلية الأفريقية في أديس أبابا (صفحة «تقدم» على فيسبوك)
جانب من لقاء سابق لتنسيقية «تقدم» مع مسؤولي الآلية الأفريقية في أديس أبابا (صفحة «تقدم» على فيسبوك)
TT

اجتماعات «المائدة المستديرة» بين الفرقاء السودانيين في جنيف لوقف الحرب

جانب من لقاء سابق لتنسيقية «تقدم» مع مسؤولي الآلية الأفريقية في أديس أبابا (صفحة «تقدم» على فيسبوك)
جانب من لقاء سابق لتنسيقية «تقدم» مع مسؤولي الآلية الأفريقية في أديس أبابا (صفحة «تقدم» على فيسبوك)

للمرة الثالثة تستضيف مدينة جنيف السويسرية ما عرفت باجتماعات «المائدة المستديرة» بين القوى السياسية والمدنية السودانية، وتهدف لتقريب وجهات النظر بين أطراف الأزمة السودانية، مواصلة للاجتماعين السابقين اللذين نسقتهما منظمة «بروميديشن» الفرنسية، في القاهرة وجنيف، وتهدف الاجتماعات لتحقيق توافق على وقف الحرب عبر التفاوض وإيصال المساعدات الإنسانية للمدنيين.

وتشارك في الاجتماعات، التي بدأت يوم الاثنين وتستمر ليومين، كل من تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم»، وتحالف «الكتلة الديمقراطية» الموالية للجيش، وحركات مسلحة تابعة للكتلة، مع إعلان بعض الأطراف مقاطعة هذه الاجتماعات.

وانشقت «الكتلة الديمقراطية» قبل سنوات عن تحالف «قوى الحرية والتغيير» الذي قاد الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بحكومة الرئيس عمر البشير.

وتتكون «الكتلة الديمقراطية» أساساً من حركات مسلحة وقوى سياسية أيدت انقلاب 25 أكتوبر 2021 الذي ناهضه التحالف الرئيس «الحرية والتغيير» الذي تطور بعد الحرب إلى تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم».

وصدرت مواقف متضاربة بين أعضاء تحالف «الكتلة الديمقراطية» تراوحت بين الرفض والقبول للمشاركة في اجتماعات جنيف. وأعلن المتحدث باسم الكتلة، محمد زكريا، الذي ينتمي لـ«حركة العدل والمساواة»، اعتذار كتلته عن المشاركة، بينما

استنكر القيادي في الحزب «الاتحادي الديمقراطي» عمر خلف الله، وهو أيضاً ناطق رسمي باسم «الكتلة الديمقراطية» تصريح زكريا، قائلاً إن الموضوع لم يناقش في قيادة الكتلة، وأكد مشاركتهم في اجتماعات جنيف «من أجل رؤية تعزز المشروع الوطني».

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

تباين مواقف «الكتلة الديمقراطية»

وإزاء مواقف «الكتلة الديمقراطية»، قال قيادي في الكتلة لـ«الشرق الأوسط» إن المشاركة في اجتماعات جنيف كشفت تباينات حادة داخل الكتلة، وأن «حركة العدل والمساواة» بقيادة وزير المالية الحالي جبريل إبراهيم سنت لنفسها خطاً منفرداً يمكن وصفه بـ«الانشقاق» داخل الكتلة، مضيفاً أن «رفض المشاركة يعبر عن موقف الحركة وليس موقف الكتلة».

وقال القيادي في «تقدم» والأمين السياسي لحزب «المؤتمر السوداني» شريف محمد عثمان لـ«الشرق الأوسط» إن مدينة جنيف السويسرية شهدت صباح يوم الاثنين الاجتماع الرابع لسلسلة الاجتماعات التي تنسقها «بروميديشن»، وينتهي يوم الثلاثاء، ويهدف إلى تقريب المسافات بين القوى المناهضة للحرب وتلك التي انحازت لأحد طرفي القتال، في إشارة إلى الجيش.

ووفقاً للقيادي في «تقدم»، فإن الاجتماعات تعمل على تحقيق توافق على إنهاء الحرب عبر الحلول السلمية التفاوضية، والتي تبدأ بالوصول إلى وقف العدائيات بغرض إيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين، وفتح مسارات آمنة، باعتبارها خطوات تمهيدية لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب سلمياً.

اجتماع سابق للهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية السودانية «تقدم» (فيسبوك)

مشاركة واسعة

وأوضح عثمان أن طيفاً واسعاً من المدنيين يشارك في الاجتماع وعلى رأسهم قيادات تحالف القوى الديمقراطية المدنية الأكبر في البلاد «تقدم»، ويمثلها كل من رئيس حزب «المؤتمر السوداني» عمر الدقير، ورئيس حزب «التجمع الاتحادي» بابكر فيصل، ورئيس «حركة تحرير السودان – المجلس الانتقالي» الهادي إدريس. كما يشارك في الاجتماعات «حزب الأمة القومي»، و«الحزب الاتحادي الأصل» بقيادة جعفر الميرغني، و«التحالف الديمقراطي للعدالة» بقيادة مبارك أردول، و«حركة تحرير السودان - جناح مناوي»، ويمثلها علي ترايو، إضافة لممثلين عن حزب «المؤتمر الشعبي» الإسلامي المنشق عن حزب الرئيس المعزول عمر البشير، و«حزب الأمة – جناح مبارك الفاضل».

وتوقع عثمان توصل المجتمعين لبيان ختامي متوافق عليه بشأن قضيتي إنهاء الحرب سلمياً، ووقف عدائيات إنساني يسهل وصول المساعدات الإنسانية.

وكانت العاصمة المصرية القاهرة قد شهدت في أكتوبر (تشرين الأول) اجتماعاً مماثلاً، توصل إلى بيان ختامي وقعته القوى المشاركة، باستثناء حركة تحرير السودان – مناوي، وحركة العدل والمساواة – جبريل إبراهيم اللتين رفضتا توقيع بيان القاهرة رغم مشاركتهما في الاجتماعات.

و«بروميديشن» منظمة فرنسية مدعومة من الخارجية الفرنسية والخارجية السويسرية، ظلت تلعب أدواراً مستمرة في الشأن السوداني، وعقدت عدداً من اجتماعات المائدة المستديرة بين الفرقاء السودانيين، بدأتها منذ يونيو (حزيران) 2022 بمفاوضات بين حركات مسلحة دارفورية، ثم طورت اجتماعاتها لتشمل القوى السياسية والمدنية السودانية بعد الحرب.