نجحت محادثات ليبية - تونسية، أمس (الأربعاء)، في وضع حد لأزمة مئات المهاجرين غير النظاميين العالقين على حدود البلدين منذ قرابة شهر، التي كانت قد أحدثت ردود فعل محلية ودولية واسعة، وغضباً واسعاً وسط الهيئات والمنظمات الحقوقية طوال الأيام الماضية، خصوصاً بعد وفاة 11 شخصاً منهم.
وأعلنت وزارة الداخلية، التابعة لحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، أن وزيرها المكلف عماد الطرابلسي، ونظيره التونسي كمال الفقي، نجحا في الوصول إلى «حل توافقي» لإنهاء مشكلة وجود المهاجرين غير النظاميين في المنطقة الحدودية بين البلدين.
ولم تكشف الداخلية الليبية عن طبيعة هذا الحل، لكنها قالت اليوم (الخميس) إن الاتفاق تضمّن «إخلاء الحدود بين البلدين من أي مهاجر غير نظامي بالتنسيق بين البلدين».
وبينما أعلنت الوزارة «عدم وجود أي مهاجر غير نظامي في المنطقة الحدودية بعد تفعيل نتائج لقاء الوزيرين»، قالت إن الدوريات المكلفة تأمين الشريط الحدودي بين البلدين تجري عملياتها وسط تنسيق مشترك.
من جهته، قال مصدر بجهاز مكافحة الهجرة غير النظامية في ليبيا لـ«الشرق الأوسط» إن الاتفاق يتضمّن «تكفّل البلدين إيواء هؤلاء المهاجرين العالقين، إلى حين ترحيلهم إلى بلدانهم».
ووفقاً للمتحدث باسم وزارة الداخلية التونسية، فاكر بوزغاية، لـ«وكالة الأنباء الفرنسية» فإن الاتفاق يتضمن أيضاً تكفل تونس بـ76 رجلاً و42 امرأة و8 أطفال. أما الجانب الليبي فسينقل مجموعة تتألف من نحو 150 مهاجراً. علماً بأن السلطات الأمنية في طرابلس سبق أن أنقذت عشرات المهاجرين من الموت، وأدخلتهم البلاد.
وأوضحت وزارة الداخلية التونسية أن الطرابلسي، الذي يجري زيارة عمل رسمية إلى تونس، على رأس وفد رفيع، اتفق مع الفقي على «تسريع العمل في المنفذ الحدودي المشترك (رأس اجدير)، وتسهيل إجراءات دخول المواطنين، وحلحلة مشكلة تشابه أسماء المواطنين الليبيين لدى السلطات التونسية».
وكانت منظمات محلية ودولية قد اتهمت تونس بـ«طرد» نحو ألفي مهاجر ينتمون إلى دول أفريقية عدة إلى جنوب الصحراء، على خلفية مقتل تونسي في الثالث من يوليو (تموز) الماضي في محافظة صفاقس (الوسط الشرقي) أثناء اشتباكات مع مهاجرين، ومن ذلك التاريخ تُركوا عند الحدود الجزائرية -الليبية دون طعام أو مياه، في ظل ارتفاع شديد في درجات الحرارة، ما تسبب في وفاة 11 شخصاً على الأقل.
وقال جهاز الإسعاف والطوارئ بمكتب (رأس اجدير) إنه قدّم بعض المواد الإغاثية مساء أمس (الأربعاء) لـ150 مهاجراً غير نظامي، كانوا عالقين على الحدود الليبية - التونسية، بالإضافة إلى تقديم الكشف الطبي الكامل لهم، وإعداد تقرير مفصل عن وضعهم الصحي.
وأظهرت نتائج الفحص الطبي عن وجود امرأة حامل في الشهر الخامس تعاني من جفاف، وطفلة تعاني من إكزيما طفح جلدي من الدرجة الثانية، وشاب يعاني من أزمة ضيق تنفس بسبب عدم توفر بخاخ للحساسية، بجانب حالات عدة مصابة بحروق خفيفة نتيجة الشمس الحارقة، وارتفاع درجة الحرارة.
وتجمّع ما لا يقل عن 450 مهاجراً في منطقة عسكرية عازلة بين تونس وليبيا، بالقرب من منطقة رأس اجدير، بحسب منظمة «المرصد التونسي لحقوق الإنسان». وكان عدد من المهاجرين الذين ينتمون إلى دول أفريقية عدة، قد أدلوا بشهاداتهم في «فيديو»، بثته وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة الوطنية»، أكدوا فيها أنهم «تعرضوا للضرب من قبل أفراد تابعين للأمن التونسي، قبل دفعهم بالقوة إلى الصحراء على الحدود الليبية»، لكن تونس نفت ذلك، وشككت في هذه الروايات.
وقالت المنظمة الدولية للهجرة في ليبيا إن شركاءها «قدموا مساعدات إنسانية طارئة للمهاجرين الذين تم إنقاذهم على الحدود مع تونس»، مضيفة: «لقد تم تزويد 191 مهاجراً بمجموعات النظافة والملابس والمراتب، وفحصهم للحصول على المساعدة الطبية والحماية والنفسية الاجتماعية».
وبخصوص ازدياد تدفق المهاجرين على ليبيا، قال جهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة في ليبيا، اليوم (الخميس) إنه يواصل عملية ترحيل المهاجرين إلى دولهم، مبرزاً أنه رحّل أمس (الأربعاء) عدداً من المهاجرين المصريين عبر منفذ امساعد البري، لافتاً إلى أنه كان قد قُبض عليهم بالتمركز الأمني «عين الغزالة صليول».
وتحدث الحقوقي الليبي طارق لملوم، رئيس منظمة «بلادي» لحقوق الإنسان، عن اختفاء مهاجر سوري أخرس يسمى سوار الأحمر، لكنه يجيد لغة الإشارة، مشيراً إلى أنه دخل ليبيا عن طريق مطار بنينا ببنغازي في شهر يوليو الماضي، وتم إرجاعه من البحر وأودع سجن طرابلس.
وقال لملوم، في تصريح صحافي، إن الشاب السوري «لا يُعرف مكان احتجازه»، مناشداً جهاز مكافحة الهجرة في طرابلس الإفصاح عن أسماء المحتجزين لديه، و«السماح لهم بالتواصل مع ذويهم؛ لأن هذا حقهم القانوني»، داعياً حكومة «الوحدة» إلى «حسم ملف السوريين، خصوصاً الأطفال والنساء الذين يصلون بشكل قانوني عبر بنغازي، ويجب التوقف عن احتجازهم ومعالجة قضية محاولة خروجهم عبر البحر بطريقة غير الاحتجاز والإخفاء».