الحكومة المصرية ترصد ارتفاعاً في منسوب «الإشاعات الإخوانية»

مسؤولون بالنيابة الإدارية في مصر لدى معاينتهم موقع حريق وزارة الأوقاف (النيابة الإدارية على «فيسبوك»)
مسؤولون بالنيابة الإدارية في مصر لدى معاينتهم موقع حريق وزارة الأوقاف (النيابة الإدارية على «فيسبوك»)
TT

الحكومة المصرية ترصد ارتفاعاً في منسوب «الإشاعات الإخوانية»

مسؤولون بالنيابة الإدارية في مصر لدى معاينتهم موقع حريق وزارة الأوقاف (النيابة الإدارية على «فيسبوك»)
مسؤولون بالنيابة الإدارية في مصر لدى معاينتهم موقع حريق وزارة الأوقاف (النيابة الإدارية على «فيسبوك»)

لا يكاد يمر يوم من دون أن تصدر الحكومة المصرية نفياً لمعلومات يتم تداولها على بعض مواقع التواصل الاجتماعي بشأن أوضاع صحية أو اجتماعية أو معيشية أو اقتصادية في البلاد. وتدعو الحكومة بشكل يومي إلى ضرورة «تحري الدقة في نشر أي أخبار أو معلومات على مواقع التواصل لا تستند إلى حقائق رسمية». وأخيراً تحدثت مصادر مطلعة عن أن «الحكومة رصدت ارتفاعاً في منسوب (الإشاعات) التي يطلقها (الإخوان)». وتصنف السلطات المصرية «الإخوان»: «تنظيماً إرهابياً».

وفي حين قال مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية في مصر، العميد خالد عكاشة، لـ«الشرق الأوسط»: «نلاحظ مؤخراً تصعيداً لـ(الإشاعات الإخوانية) عبر منصات التنظيم على مواقع التواصل الاجتماعي، في محاولة لتصوير المشهد المصري بأن به (أزمات)».

قالت وزارة الداخلية المصرية (مساء الاثنين) إن «مخططات (الإخوان) القائمة على ترويج الإشاعات والأكاذيب و(تزييف الحقائق)، تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك فقدان التنظيم مصداقيته لدى الرأي العام المصري». ورفضت «الداخلية المصرية»، مزاعم (إخوانية) بشأن وفاة أحد الأشخاص داخل قسم شرطة بالقاهرة. وقال بيان رسمي لوزارة الداخلية (مساء الاثنين) إنه «سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال مروجي تلك الإشاعات الإخوانية».

وسبق أن اتهمت السلطات الأمنية في مصر أكثر من مرة: «تنظيم (الإخوان) بنشر (أكاذيب) تتعلق بالسجون، والسجناء، والأوضاع في البلاد».

العميد عكاشة يرى أن هذه الإشاعات «تستهدف الإجراءات الحكومية وفي مقدمتها ما يتعلق بالعمل الأمني». وأرجع هذا السلوك من قبل عناصر التنظيم إلى أنه «يأتي في إطار مرور عشر سنوات على عزل محمد مرسي عن السلطة»، لافتاً إلى أنه «لم يبق للتنظيم من أذرع، إلا النسق الإعلامي، عبر الكتب الإلكترونية، والقنوات التي تبث من الخارج، والتي تعمل بشكل ممنهج، وفي دائرة متكاملة بين النشر الإلكتروني، والتناول عبر الشاشات ليلاً، وبالتالي نسبة كبيرة من المتابعين قد تقع في (فخ) هذه العملية».

عكاشة أضاف أن «الضخ المتتابع لهذه الإشاعات، يستهدف خلق حالة (إحباط) لدى الرأي العام المصري، وعلى مستوى المتابعين من الخارج»، موضحاً «آخر ما رصدناه هو الإشاعة الخاصة بضياع مستندات مهمة في حريق مبنى وزارة الأوقاف القديم بوسط القاهرة، بينما المعلوم للرأي العام المصري، أنه منذ خمسة أعوام، وفي إطار التحول الرقمي، تم نقل جميع الوثائق المصرية المهمة إلى منظومة رقمية محكمة، ولم تتضرر وثيقة واحدة من هذا الحريق».

أيضاً أصدرت النيابة العامة المصرية، بياناً، بشأن حريق مبنى «الأوقاف المصرية». أكدت فيه أن «الحريق تسبب في تلف بعض المستندات القديمة الخاصة بشؤون العاملين بالوزارة، التي تبين مسحها إلكترونياً في وقت سابق».

آثار حريق مبنى لوزارة الأوقاف في مصر (النيابة الإدارية على «فيسبوك»)

وكان المتحدث الرسمي باسم وزارة الأوقاف، عبد الله حسن، قد نفى صحة ما تم تداوله من إشاعات بشأن «بيع الحكومة المصرية أصول وممتلكات للوزارة، وكذا (تلف وثائق مهمة وحجج تخص البنايات التاريخية) في حريق مبنى (الأوقاف)». واتهم مصدر مطلع في وزارة الأوقاف «منصات (الإخوان) بالترويج للإشاعات التي طالت وزارة الأوقاف». وهنا راهن متحدث «الأوقاف المصرية» على «وعي الشعب المصري، وحرصه على الحصول على المعلومات من مصادرها»، لافتاً إلى أن «أهل الشر (في إشارة إلى تنظيم «الإخوان») يستغلون أي حدث للعب على مشاعر المصريين».

وبحسب الهيئة المصرية العامة للاستعلامات في مصر، فإن لمجلس الوزراء المصري آلية لرصد ودحض الإشاعات منذ عام 2014، ويُصدر تقريراً سنوياً بذلك، بالإضافة إلى إجراء «عملية تحليل وقياس لهذه الإشاعات من أجل وضع التصورات اللازمة لتطوير آليات العمل وطرق المواجهة».

مقر وزارة الداخلية في مصر (وزارة الداخلية على «فيسبوك»)

عودة إلى خالد عكاشة الذي أشار إلى آليات ترويج هذه الإشاعات. بقوله: «تقوم على اختلاق وقائع، وتحريف الحقائق، ووضع سردية مصنوعة بواسطة الكتائب الإلكترونية، والإلحاح عليها من خلال منصات اجتماعية، ووسائل نشر تابعة للتنظيم، تنشر خبراً كل 30 ثانية، ما يضطر الجهات المعنية إلى النفي المتكرر من رئاسة الوزراء في مصر، أو من الوزارات المعنية».


مقالات ذات صلة

مصر تُكثف دعمها للسودان في إعادة الإعمار وتقليل تأثيرات الحرب

شمال افريقيا حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)

مصر تُكثف دعمها للسودان في إعادة الإعمار وتقليل تأثيرات الحرب

تكثف مصر دعمها للسودان في إعادة الإعمار... وناقش ملتقى اقتصادي في القاهرة الاستثمارات المشتركة بين البلدين، والتعاون الاقتصادي، لتقليل تأثيرات وخسائر الحرب.

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا من جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (الحكومة المصرية)

«النواب» المصري على خط أزمة أسعار خدمات الاتصالات

دخل مجلس النواب المصري (البرلمان) على خط أزمة أسعار خدمات الاتصالات في البلاد.

أحمد عدلي (القاهرة )
شمال افريقيا وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)

مصر تدعو إلى «حلول سلمية» للنزاعات في القارة السمراء

دعت مصر إلى ضرورة التوصل لحلول سلمية ومستدامة بشأن الأزمات والنزاعات القائمة في قارة أفريقيا. وأكدت تعاونها مع الاتحاد الأفريقي بشأن إعادة الإعمار والتنمية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الحكومة المصرية لإعداد مساكن بديلة لأهالي «رأس الحكمة»

الحكومة المصرية لإعداد مساكن بديلة لأهالي «رأس الحكمة»

تشرع الحكومة المصرية في إعداد مساكن بديلة لأهالي مدينة «رأس الحكمة» الواقعة في محافظة مرسى مطروح (شمال البلاد).

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج بجنوب مصر.

محمد الكفراوي (القاهرة )

«الجنائية الدولية» تعيد سيف الإسلام القذافي إلى واجهة الأحداث في ليبيا

سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)
سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)
TT

«الجنائية الدولية» تعيد سيف الإسلام القذافي إلى واجهة الأحداث في ليبيا

سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)
سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)

بعد تأكيدات المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، الأسبوع الماضي، باستمرار سريان مذكرة التوقيف التي صدرت بحق سيف الإسلام، نجل الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي عام 2011، عاد اسم سيف الإسلام ليتصدر واجهة الأحداث بالساحة السياسية في ليبيا.

وتتهم المحكمة الجنائية سيف الإسلام بالمسؤولية عن عمليات «قتل واضطهاد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية» بحق مدنيين، خلال أحداث «ثورة 17 فبراير»، التي خرجت للشارع ضد نظام والده، الذي حكم ليبيا لأكثر من 40 عاماً.

* تنديد بقرار «الجنائية»

بهذا الخصوص، أبرز عضو مجلس النواب الليبي، علي التكبالي، أن القوى الفاعلة في شرق البلاد وغربها «لا تكترث بشكل كبير بنجل القذافي، كونه لا يشكل خطراً عليها، من حيث تهديد نفوذها السياسي في مناطق سيطرتها الجغرافية». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رغم قلة ظهور سيف منذ إطلاق سراحه من السجن 2017، فإن تحديد موقعه واعتقاله لن يكون عائقاً، إذا ما وضعت القوى المسلحة في ليبيا هذا الأمر هدفاً لها».

صورة التُقطت لسيف الإسلام القذافي في الزنتان (متداولة)

وفي منتصف عام 2015 صدر حكم بإعدام سيف الإسلام لاتهامه بـ«ارتكاب جرائم حرب»، وقتل مواطنين خلال «ثورة فبراير»، إلا أن الحكم لم يُنفَّذ، وتم إطلاق سراحه من قبل «كتيبة أبو بكر الصديق»، التي كانت تحتجزه في الزنتان. وبعد إطلاق سراحه، لم تظهر أي معلومات تفصيلية تتعلق بحياة سيف الإسلام، أو تؤكد محل إقامته أو تحركاته، أو مَن يموله أو يوفر له الحماية، حتى ظهر في مقر «المفوضية الوطنية» في مدينة سبها بالجنوب الليبي لتقديم ملف ترشحه للانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021.

وأضاف التكبالي أن رفض البعض وتنديده بقرار «الجنائية الدولية»، التي تطالب بتسليم سيف القذافي «ليس لقناعتهم ببراءته، بقدر ما يعود ذلك لاعتقادهم بوجوب محاكمة شخصيات ليبية أخرى مارست أيضاً انتهاكات بحقهم خلال السنوات الماضية».

* وجوده لا يشكِّل خطراً

المحلل السياسي الليبي، محمد محفوظ، انضم للرأي السابق بأن سيف الإسلام «لا يمثل خطراً على القوى الرئيسية بالبلاد حتى تسارع لإزاحته من المشهد عبر تسليمه للمحكمة الدولية»، مشيراً إلى إدراك هذه القوى «صعوبة تحركاته وتنقلاته». كما لفت إلى وجود «فيتو روسي» يكمن وراء عدم اعتقال سيف القذافي حتى الآن، معتقداً بأنه يتنقل في مواقع نفوذ أنصار والده في الجنوب الليبي.

بعض مؤيدي حقبة القذافي في استعراض بمدينة الزنتان (متداولة)

وتتنافس على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى وهي حكومة «الوحدة» المؤقتة، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، وتتخذ من طرابلس مقراً لها، والثانية مكلفة من البرلمان برئاسة أسامة حماد، وهي مدعومة من قائد «الجيش الوطني»، المشير خليفة حفتر، الذي تتمركز قواته بشرق وجنوب البلاد.

بالمقابل، يرى المحلل السياسي الليبي، حسين السويعدي، الذي يعدّ من مؤيدي حقبة القذافي، أن الولاء الذي يتمتع به سيف الإسلام من قبل أنصاره وحاضنته الاجتماعية «يصعّب مهمة أي قوى تُقدم على اعتقاله وتسليمه للمحكمة الجنائية الدولية»، متوقعاً، إذا حدث ذلك، «رد فعل قوياً جداً من قبل أنصاره، قد يمثل شرارة انتفاضة تجتاح المدن الليبية».

ورغم إقراره في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بأن «كل القوى الرئيسية بالشرق والغرب الليبيَّين تنظر لسيف الإسلام بوصفه خصماً سياسياً»، فإنه أكد أن نجل القذافي «لا يقع تحت سيطرة ونفوذ أي منهما، كونه دائم التنقل، فضلاً عن افتقاد البلاد حكومة موحدة تسيطر على كامل أراضيها».

ورفض المحلل السياسي ما يتردد عن وجود دعم روسي يحظى به سيف الإسلام، يحُول دون تسليمه للمحكمة الجنائية، قائلاً: «رئيس روسيا ذاته مطلوب للمحكمة ذاتها، والدول الكبرى تحكمها المصالح».

* تكلفة تسليم سيف

من جهته، يرى الباحث بمعهد الخدمات الملكية المتحدة، جلال حرشاوي، أن الوضع المتعلق بـ(الدكتور) سيف الإسلام مرتبط بشكل وثيق بالوضع في الزنتان. وقال إن الأخيرة «تمثل رهانات كبيرة تتجاوز قضيته»، مبرزاً أن «غالبية الزنتان تدعم اللواء أسامة الجويلي، لكنه انخرط منذ عام 2022 بعمق في تحالف مع المشير حفتر، ونحن نعلم أن الأخير يعدّ سيف الإسلام خطراً، ويرغب في اعتقاله، لكنهما لا يرغبان معاً في زعزعة استقرار الزنتان، التي تعدّ ذات أهمية استراتيجية كبيرة».

أبو عجيلة المريمي (متداولة)

ويعتقد حرشاوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الدبيبة يتبع أيضاً سياسة تميل إلى «عدم معارضة القذافي». ففي ديسمبر (كانون الأول) 2022، سلم المشتبه به في قضية لوكربي، أبو عجيلة المريمي، إلى السلطات الأميركية، مما ترتبت عليه «تكلفة سياسية»، «ونتيجة لذلك، لا يرغب الدبيبة حالياً في إزعاج أنصار القذافي. فالدبيبة مشغول بمشكلات أخرى في الوقت الراهن».