احتجاجات في الخُمس الليبية على ضم ميناء إلى قاعدة بحرية تسيطر عليها تركيا

صالح يعدّ القرار «باطلاً»... ومواطنون يطالبون بـ«طرد» القوات الأجنبية

جانب من العمل في ميناء الخُمس البحري بغرب ليبيا (إدارة الإعلام بالميناء)
جانب من العمل في ميناء الخُمس البحري بغرب ليبيا (إدارة الإعلام بالميناء)
TT

احتجاجات في الخُمس الليبية على ضم ميناء إلى قاعدة بحرية تسيطر عليها تركيا

جانب من العمل في ميناء الخُمس البحري بغرب ليبيا (إدارة الإعلام بالميناء)
جانب من العمل في ميناء الخُمس البحري بغرب ليبيا (إدارة الإعلام بالميناء)

احتج مواطنون بغرب ليبيا، على قرار المدعي العام العسكري لحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، بضم ميناء الخُمس البحري إلى القاعدة البحرية، التي تسيطر عليها القوات التركية، بمدينة الخُمس، في حين عدّ عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، القرار «باطلاً، وغير قانوني».

وأمضى سكان بمدينة الخُمس (135 كيلومتراً شرق طرابلس) ليلتهم أمام الميناء في أجواء سيطر عليها الغضب، أضرموا خلالها النار في المطاط، وأغلقوا الطريق الساحلية، كما طالبوا عبد الحميد الدبيبة، رئيس الحكومة، بالعدول عن القرار.

تصاعد أعمدة الدخان جراء إشعال المحتجين النار في المطاط (صورة متداولة على حسابات موثوقة)

وطوّقت عناصر «جهاز الدعم والاستقرار» المنطقة، لوقف تدفق المواطنين، ومنعهم من اقتحام الميناء، الذي أمر الدبيبة، بإخلائه من جميع المعدات تمهيداً لضمه إلى القاعدة.

ودخل رئيس مجلس النواب الليبي، على خط الأزمة، داعياً، في جلسة لمجلسه اليوم (الاثنين) نقلتها قناة «ليبيا المستقبل»، المجلس الرئاسي، إلى «تحمّل مسؤولياته، وتكليف المدعي العسكري إلغاء القرار». وانضم عدد من نواب البرلمان إلى رئيسهم، وطالبوا أيضاً بوقف قرار ضم الميناء إلى القاعدة.

ووسط تجمع واسع من الأطياف الليبية المختلفة بالخمس، طالب المواطنون هناك رئيس الحكومة بـ«التراجع عن القرار».

وتلا أحد وجهاء الخُمس بياناً، باسم أهالي حكماء وشباب المدنية، طالب فيه رئيس الحكومة بوقف ما أسماه «القرار التعسفي» الخاص بضم الميناء إلى القاعدة، كما دعا وسط تكبيرات المواطنين إلى إخراج التشكيلات المسلحة القادمة إليهم من المدينة، وقال: إن السكان «ضاقوا بها ذرعاً».

مواطنون من الخُمس يتوافدون على الميناء البحري في مدينتهم وسط تصاعد أعمدة الدخان (صورة متداولة على حسابات موثوقة)

وعدّ عبد المنعم الحر، رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان في ليبيا، أن «وجود القوات الأجنبية في ليبيا عبر وكلاء محليين، يشكّل جريمة وعدواناً بموجب القانون الدولي»، ورأى أنه «لا يمكن إضفاء أي مشروعية عليه من قِبل حكومة (الوحدة)».

وأبدى الحر، في تصريحات صحافية اليوم (الاثنين) «تضامنه مع أهالي الخُمس»، مؤكداً على «حقهم في التظاهر لإخراج القوات الأجنبية المتمركزة بالقاعدة البحرية بالمدينة».

ونوّه إلى أن «إخراج القوات الأجنبية من ليبيا، هي قرارات ملزمة وواجب تنفيذها بناءً على مخرجات لجنة (6+6)، وقرارات مجلس الأمن المعنية بانسحاب المرتزقة من ليبيا».

ونوّه إلى أن المنظمة العربية تؤكد على أنه «من حق كل مواطن المقاومة المشروعة ضد ما أسمته بـ(الاحتلال التركي) لليبيا».

وقال: إن حكومة الدبيبة، «غير المنتخبة، هي حكومة (مؤقتة) انبثقت عن (اتفاق جنيف الدولي)، ولم تحظَ بالثقة من مجلس النواب الليبي (الجهة المنتخبة والشرعية بالبلاد)، وبالتالي فليس لها أي مشروعية وفقاً لذلك»، متابعاً: «لذا؛ فإن الاتفاقات الموقّعة مع تركيا باطلة بصورة لا شك فيها».

وأكدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان، أن «مختلف مظاهر الوجود العسكري الأجنبي على الأراضي الليبية عامة، بما في ذلك قوات الجيش التركي النظامية المتمركزة في القاعدة البحرية بمدينة الخُمس هي قوات محتلة؛ ومن حق كل مواطن أن يمارس المقاومة المشروعة ضدها».

ودعا الحر، رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، عبد الله باتيلي، إلى تكثيف جهوده مع مجلس الأمن الدولي للارتقاء بمسؤولياتهما لضمان احترام قواعد القانون الدولي وتفعيل القرارات الصادرة بموجب الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة عبر إجراءات قسرية وتدابير عقابية ضد كل تلك القوات المحتلة في ليبيا».

ويعدّ سكان مدينة الخُمس، الميناء البحري بمدينتهم، مصدر دخل لهم ولأولادهم الذين يعملون به منذ سنوات، مؤكدين أن قرار ضمه إلى القاعدة البحرية «سيحرمهم من مصدر رزقهم، كما أنه سيزيد تمدد القوات التركية في البلاد».

وخلال اليومين الماضيين، طالَب حرس السواحل بنقطة الخُمس، في خطاب موجه لمدير ميناء الخمس، جميع مُلاك الجرافات البحرية بالميناء، بسرعة إخلائه، بناءً على القرار الحكومي.



مدينة ليبية تنتفض ضد «المرتزقة»... وحكومة الدبيبة

الدبيبة في افتتاح أعمال المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا (حكومة الوحدة)
الدبيبة في افتتاح أعمال المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا (حكومة الوحدة)
TT

مدينة ليبية تنتفض ضد «المرتزقة»... وحكومة الدبيبة

الدبيبة في افتتاح أعمال المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا (حكومة الوحدة)
الدبيبة في افتتاح أعمال المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا (حكومة الوحدة)

عمّت حالة من التوتر بني وليد (شمال غربي ليبيا) إثر منع الأجهزة الأمنية فعالية سياسية تدعو لطرد «المرتزقة» والقوات والقواعد الأجنبية من البلاد، وأعقب ذلك القبض على قيادات قبائلية ونشطاء، ما أدى إلى تسخين الأجواء بالمدينة التي أمضت ليلتها في حالة انتفاضة.

وكان مقرراً أن تستضيف بني وليد، التي لا تزال تدين بالولاء لنظام الرئيس الراحل معمر القذافي، المشاركين في حراك «لا للتدخل الأجنبي» مساء السبت، قبل أن تدهم قوات الأمن الاجتماع المخصص لذلك، وتقتاد بعض قياداته إلى مقار أمنية، ما تسبب في تصعيد حالة الغضب.

ومع الساعات الأولى من ليل السبت، احتشد مئات المتظاهرين، وخاصة أهالي قبيلة ورفلة، وبعضهم موالٍ أيضاً لسيف الإسلام نجل القذافي، أمام ديوان مديرية أمن بني وليد، في ما يشبه انتفاضة، منددين باعتقال بعض قيادات الحراك، ومرددين الهتاف الشهير: «الله ومعمر وليبيا وبس»، لكنهم أيضاً هتفوا ضد عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة.

ونجح المتظاهرون في الضغط على السلطات في بني وليد لاستعادة المحتجزين، لكنهم ظلوا يصعّدون هتافاتهم ضد الدبيبة وحكومته.

وعبّرت «المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان» بليبيا عن «قلقها البالغ» لعملية «الاحتجاز التعسفي لعدد من المواطنين المجتمعين في مدينة بني وليد، المطالبين بإخراج القوات والقواعد الأجنبية الموجودة على الأراضي الليبية»، مشيرة إلى أن مواطنين طاعنين في السنّ كانوا من بين المعتقلين.

وقالت المؤسسة، في بيان، الأحد، إن «أفراد الأمن التابعين للمديرية التابعة لوزارة الداخلية بحكومة (الوحدة) أطلقوا الرصاص الحي لتفريق المتظاهرين من أمام مقر المديرية».

وأضرم غاضبون من شباب بني وليد النار في الكاوتشوك اعتراضاً على اعتقال 4 مشايخ من قبيلة ورفلة بالمدينة، كما أغلقوا بعض الطرقات، بعد مظاهرة حاشدة في ميدان الجزائر بالمدينة.

ودافعت مديرية أمن بني وليد عن نفسها، وقالت إنها تشدد على منتسبيها «الالتزام بتنفيذ التعليمات واللوائح التي تمنعهم من التدخل في أي عمل سياسي، وتلزمهم بحماية أي تعبير سلمي للمواطنين»، لكنها «لا تتحمل مسؤولية تأمين أنشطة اجتماعية أو سياسية لا تملك بخصوصها أي بيانات أو موافقات رسمية تسمح بها».

وأبدت مديرية الأمن تخوفها من «اختراق أي تجمع لسكان المدينة، عبر أي مشبوهين، لغرض توريط بني وليد في الفوضى خدمة لمصالح شخصية»، وانتهت إلى «التذكير بأن الثوابت الوطنية المرتبطة بوحدة ليبيا، وحماية سيادتها ومواطنيها، هي مسؤولية دائمة بالنسبة لها، وليست موضع تشكيك أو تخوين».

وتصعّد قبائل موالية لنظام القذافي منذ أشهر عدّة ضد وجود «المرتزقة» والقوات والقواعد الأجنبية في البلاد، مطالبة بإخراجهم، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية «في أسرع وقت».

وسبق للعميد العجمي العتيري، آمر كتيبة «أبو بكر الصديق»، التي اعتقلت سيف الإسلام القذافي، أن أعلن أن الاجتماع التحضيري للقبائل، الذي عملت عليه قبيلة المشاشية تحت عنوان «ملتقى لمّ الشمل»، اتفق على اختيار اللجنة التنسيقية للملتقى العام، مجدداً المطالبة بإخراج القواعد الأجنبية من ليبيا وطرد «المرتزقة».

ورأت «المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان» أن التظاهر السلمي بالعديد من المدن والمناطق الليبية يُعد «تعبيراً طبيعياً عن التذمّر والاستياء من الوجود الأجنبي للقوات والقواعد الأجنبية والمرتزقة في عموم ليبيا»، محملة وزير الداخلية بحكومة «الوحدة» ومدير أمن بني وليد «المسؤولية القانونية الكاملة حيال ما قام به أفراد الأمن بالمديرية من قمع للمواطنين المتظاهرين السلميين، واعتقال عدد منهم».

وتحذر المؤسسة من «استمرار محاولة المساس بحياة المتظاهرين وتعريضهم للترويع والإرهاب المسلح وحجز الحرية بالمخالفة للقانون»، وانتهت إلى أنه «في جميع الأحوال لا يجب استخدام الأسلحة النارية، بشكلٍ عشوائي، لتفريق المعتصمين السلميين».

وتستعين جبهتا شرق ليبيا وغربها بآلاف من عناصر «المرتزقة السوريين» المواليين لتركيا، وآخرين مدعومين من روسيا، وذلك منذ وقف الحرب على العاصمة طرابلس في يونيو (حزيران) 2020، إلى جانب 10 قواعد عسكرية أجنبية، بحسب «معهد الولايات المتحدة للسلام».

وسبق أن هتف مواطنون للقذافي، وذلك إثر خروج جمهور كرة القدم الليبية من «استاد طرابلس الدولي» بعد هزيمة المنتخب أمام نظيره البنيني في تصفيات التأهل لـ«أمم أفريقيا».