الاغتيالات في ليبيا... سلاح تستدعيه «الخلافات السياسية»

مقتل عنصر بكتيبة مسلحة يُعيد التوتر إلى طرابلس

سالم بن صلاح أحد عناصر «الكتيبة 166» (صورة متداولة على حسابات ليبية موثوق بها)
سالم بن صلاح أحد عناصر «الكتيبة 166» (صورة متداولة على حسابات ليبية موثوق بها)
TT

الاغتيالات في ليبيا... سلاح تستدعيه «الخلافات السياسية»

سالم بن صلاح أحد عناصر «الكتيبة 166» (صورة متداولة على حسابات ليبية موثوق بها)
سالم بن صلاح أحد عناصر «الكتيبة 166» (صورة متداولة على حسابات ليبية موثوق بها)

لاحت بوادر توتر في بعض مناطق غرب ليبيا، على خلفية تصفية سالم بن صلاح، أحد عناصر «الكتيبة 166» بمدينة مصراتة، وسط أوضاع أمنية وصفها شهود عيان بـ«المحتقنة للغاية».

وأعادت عملية مقتل بن صلاح، بإحدى مناطق طرابلس العاصمة، التذكير بعمليات الاغتيالات التي شهدتها ليبيا على مدار السنوات الماضية، ووقع غالبيتها أمام المارة وفي وضح النار، في ظل تنديد أممي واسع.

وروى شهود عيان، ينتمون إلى مدينة طرابلس، أن مسلحين مجهولين فتحوا النار على سيارة كان يقودها بن صلاح، مساء (السبت) أمام مسجد أسامة بن زيد، بمنطقة قرجي بالعاصمة طرابلس، وأردوه قتيلاً.

ويتخوف مواطنون ليبيون من عودة الاشتباكات المسلحة إلى العاصمة ثانية، على خلفية هذا الحادث، علماً بأن طرابلس، تشهد حالة من الهدوء بين التشكيلات المسلحة منذ شهور عدة.

وقال إحميد المرابط الزيداني، رئيس اللجنة القانونية لمنظمة «ضحايا» لحقوق الإنسان، في حديث إلى «الشرق الأوسط» إن ليبيا شهدت عقب رحيل نظام الرئيس معمر القذافي، موجة من الاغتيالات السياسية، تعرضت لها شخصيات مؤثرة سواء عسكرية، وسياسية، وأمنية، بجانب معارضين ورجال دين، لافتاً إلى أن «الأعوام الأولى التي تلت رحيل النظام، كانت هي الأصعب والأشد على ليبيا في ارتكاب هذه الجرائم».

ورأى الزيداني أن «الخصوم بكل تصنيفاتهم كانوا يستخدمون هذه الوسيلة لتصفية الحسابات، وإزاحة معارضيهم من المشهد العام»، لكنه قال إنه في «السنوات الأخيرة حدث نوع من التحسن الأمني، في ظل تغيّر التحالفات السياسية والعسكرية بشكل مستمر»، وبالتالي فإن «هذا التقارب، وإن كان مؤقتاً فقد خفف من حدة التوتر، وهذا انعكس على أن بعض هؤلاء الخصوم ابتعدوا عن سياسة الاغتيالات السياسية كوسيلة لتصفية خصومهم».

وعرفت ليبيا «الاغتيالات السياسية والعسكرية» منذ اندلاع «الثورة» التي أطاحت الرئيس الراحل معمر القذافي، عام 2011، لكنها تطل برأسها من وقت إلى آخر، لأسباب يرجعها بعض المتابعين إلى الانفلات الأمني الذي تشهده البلاد، بالإضافة إلى اعتبارها سلاحاً تستدعيه «الخلافات السياسية».

وأفلت كثير من السياسيين وقادة التشكيلات المسلحة من الاغتيال، على مدار السنوات الماضية، لكن هناك من جرت تصفيتهم أو تعرضوا للإخفاء القسري.

وتبحث السلطات الأمنية بمصراتة منذ نهاية الأسبوع الماضي، في ملابسات العثور على شابين بأحد شوارع المدينة أحدهما فارق الحياة، بينما نُقل الثاني إلى المستشفى في حالة حرجة، وتواصل السلطات الأمنية التحقيق لمعرفة أسباب الاعتداء عليهما.

وفي بداية ترؤسه للحكومة، أعلن عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، أنه نجا من محاولة اغتيال، أثناء عودته إلى منزله، بعدما أطلق مجهولون النار على سيارته، قبل أن يلوذ الجناة بالهرب، وفق المكتب الإعلامي للحكومة.

وقبل هذه الواقعة، أعلن مكتب وزير العدالة بالحكومة، حليمة عبد الرحمن، أنها تعرضت لمحاولة اغتيال على طريق السواني بالقرب من العزيزية، بعد أن اعترضت سيارة مصفحة الوزيرة وأوقفتها وترجل منها شخص مسلح أطلق النار على السيارة لكن الأعيرة النارية لم تصبها.

كما نجا فتحي باشاغا، عندما كان وزيراً للداخلية بحكومة «الوفاق الوطني» السابقة من محاولة اغتيال في فبراير (شباط) عام الماضي 2021، وذلك على الطريق السريع قرب العاصمة طرابلس، أثناء عودته من زيارة روتينية لمقر وحدة أمنية جديدة تابعة لوزارته.

ورأى الزيداني، أن «ما تشهده ليبيا مؤخراً قد يندرج تحت بند الجرائم الجنائية» وهذا يرجعه إلى «التحسن الأمني الذي تشهده البلاد»، وزاد: «أسلوب الاغتيالات معروف لدى عديد الدول»، لكنه لفت إلى أن «التقلبات في التحالفات السياسية والعسكرية جعلت الحدة في الخصومة تنحصر وتقل، وهذا تسبب في تراجع عمليات الاغتيالات السياسية بشكل كبير».

وسبق أن أعربت بعثة الأمم المتحدة المستقلة لتقصي الحقائق في ليبيا عن قلقها العميق إزاء تدهور حالة حقوق الإنسان في البلاد في آخر تقريرها، وخَلصَتْ إلى «وجود أسباب معقولة للاعتقاد بارتكاب الدولة والقوات الأمنية والميليشيات المسلحة مجموعةً واسعةً من الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب».

وقالت البعثة في تقريرها إنها «وثقت العديد من حالات الاعتقال التعسفي والقتل والاغتصاب والاسترقاق والقتل خارج نطاق القضاء والاختفاء القسري»، وذكرت البعثة «امتناع جميع الناجين الذين قابلتهم تقريباً عن تقديم شكاوى رسمية خوفاً من الانتقام والاعتقال والابتزاز، ونظراً لانعدام الثقة في نظام العدالة».

سهام سرقيوة (البعثة الأممية)

ولا تزال الأوساط الليبية تدعو لكشف مصير النائبة البرلمانية سهام سرقيوة، التي خُطفت من منزلها بمدينة بنغازي (شرق البلاد) على يد مسلحين ملثمين، واعتُدي على زوجها بالرصاص، وترى سياسيات وناشطات حقوقيات أن هذه الحادثة الأليمة التي حلت ذكراها الرابعة الشهر الماضي، ستظل «علامة مظلمة» في تاريخ المشاركة السياسية للمرأة الليبية.



الحكومة المصرية تراهن على اللحوم والدواجن البرازيلية لمواجهة الغلاء

وزير الزراعة المصري خلال لقاء السفير البرازيلي بالقاهرة (وزارة الزراعة المصرية)
وزير الزراعة المصري خلال لقاء السفير البرازيلي بالقاهرة (وزارة الزراعة المصرية)
TT

الحكومة المصرية تراهن على اللحوم والدواجن البرازيلية لمواجهة الغلاء

وزير الزراعة المصري خلال لقاء السفير البرازيلي بالقاهرة (وزارة الزراعة المصرية)
وزير الزراعة المصري خلال لقاء السفير البرازيلي بالقاهرة (وزارة الزراعة المصرية)

تراهن الحكومة المصرية على اللحوم والدواجن البرازيلية، بهدف توفير كميات كافية للاستهلاك المحلي بأسعار مناسبة لمواجهة غلاء الأسواق. ويرى خبراء أن اللحوم البرازيلية «خيار مناسب للحكومة المصرية لمواجهة العجز في تحقيق الاكتفاء الذاتي من اللحوم».

وتشهد أسعار اللحوم ارتفاعاً ملحوظاً في الأسواق بمصر، وحسب «بوابة أسعار السلع المحلية والعالمية» التابعة لمركز معلومات مجلس الوزراء المصري، وصل سعر كيلو اللحوم، الخميس، إلى 385.87 جنيه مصري، في حين وصل سعر كيلو الدواجن إلى 98.75 جنيه (الدولار الأميركي يساوي 48.9 جنيه في البنوك المصرية).

وسعياً لزيادة الواردات من اللحوم البرازيلية، أكد وزير الزراعة المصري، علاء فاروق، خلال لقاء السفير البرازيلي في القاهرة، باوليني فرانكو دي كارفلو، الجمعة، «أهمية العمل على زيادة التبادل التجاري من السلع الزراعية في ضوء اتفاقية التجارة الحرة مع دول تجمع (الميركسور) الذي يضم البرازيل والأرجنتين وأوروغواي وباراغواي»، مشيراً إلى أهمية «الاعتماد الإلكتروني للشهادات البيطرية للواردات البرازيلية من اللحوم ومنتجاتها»، حسب إفادة لـ«الزراعة المصرية».

أسعار الدواجن في مصر شهدت ارتفاعات متتالية خلال الأشهر الماضية (وزارة الزراعة المصرية)

وتناول لقاء وزير الزراعة المصري مع السفير البرازيلي «إزالة أي عوائق فنية قد تؤثر على انسياب السلع الزراعية والحيوانية بين الجانبين».

ووفق «الزراعة المصرية»، فإن «مصر تستورد كميات كبيرة من اللحوم والدواجن والأبقار الحية والأغذية من البرازيل، كما تقوم البرازيل باستيراد كميات كبيرة من الأسمدة من مصر والمنتجات الزراعية، حيث تم فتح السوق البرازيلية أمام البطاطس المصرية».

وكانت اللحوم البرازيلية قد واجهت أزمة في تصديرها من البرازيل خلال وقت سابق، بسبب «التشكيك في سلامتها إثر اكتشاف الشرطة البرازيلية في 2017 كميات ضخمة من اللحوم الفاسدة لدى عدد من المصدرين»، بحسب تقارير إعلامية سابقة. وتصدّر البرازيل اللحوم إلى 150 دولة، وتبلغ قيمة الصادرات البرازيلية من لحوم الأبقار والدجاج 10 مليارات دولار سنوياً.

وقال المتحدث باسم وزارة الزراعة المصرية، محمد القرش، إن «الشراكة مع البرازيل لا تقتصر على استيراد اللحوم والدواجن»، مشيراً إلى «التعاون في مجال توفير الأعلاف، وإنتاج أفضل الخامات منها، في عملية الإنتاج الحيواني والداجنة». وأوضح القرش لـ«الشرق الأوسط» أنه «يتم استيراد اللحوم البرازيلية ضمن إجراءات توفير السلع في الأسواق بأسعار مناسبة»، في المقابل هناك «تصدير لمنتجات زراعية مصرية للسوق البرازيلية من الفواكه والخضراوات».

وتعد مصر ثاني أكبر شريك تجاري للبرازيل في أفريقيا؛ إذ بلغ «حجم التبادل التجاري 2.8 مليار دولار في عام 2023»، حسب وزارة الخارجية المصرية.

مصريون أمام منفذ لوزارة الزراعة لشراء اللحوم بأسعار مخفضة (محافظة القليوبية على «فيسبوك»)

واعتبر رئيس «جمعية مواطنون ضد الغلاء» بمصر (منظمة مدنية)، محمود العسقلاني، أن توسع الحكومة المصرية في استيراد الدواجن واللحوم من دول المنشأ مثل البرازيل، «يعمل على سد العجز في إنتاج الثروة الحيوانية بمصر، وإتاحة اللحوم اللازمة للاستهلاك داخل الأسواق بكميات كافية». وعدّ أن ذلك «يساهم في خفض أسعار اللحوم بالأسواق».

ولا يرى العسقلاني مشاكل تتعلق بسلامة استخدام اللحوم البرازيلية. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك إجراءات استباقية مشددة على اللحوم المستوردة من البرازيل، من جهات حكومية عديدة، منها وزارات الصحة والتموين والزراعة وهيئة سلامة الغذاء»، مشيراً إلى أن من بين الإجراءات «التأكد من سلامة اللحوم الحية في الحجر الزراعي قبل ذبحها في المجازر المصرية».

في حين أرجع أستاذ الاقتصاد بـ«مركز البحوث الزراعية» بمصر، مدحت عنيبر، توسع الحكومة المصرية في استيراد اللحوم والدواجن من الخارج، إلى «العجز في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الإنتاج الحيواني، وصعوبة توفير الأعلاف اللازمة للتوسع في الإنتاج»، مشيراً إلى أن سياسة الحكومة قائمة على «تنويع مصادر استيراد اللحوم من دول في أفريقيا أيضاً لضمان إتاحتها والعمل على خفض أسعارها بالأسواق».

وشهدت مصر ارتفاعات متتالية في أسعار السلع منذ بداية العام الحالي، خاصة المواد الغذائية، واللحوم والدواجن. كما أجرت الحكومة «رفعاً تاريخياً» لسعر «الخبز المدعم»، بأربعة أمثال سعره، نهاية مايو (أيار) الماضي.

ويرى عنيبر أن من مميزات اللحوم البرازيلية «انخفاض وثبات أسعارها، وارتفاع جودتها»، مشيراً إلى أن «اللحوم التي يتم استيرادها تخضع لرقابة صحية دقيقة، ومن الصعب طرحها من دون التأكد من سلامتها». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن «عدم توافر الأعلاف تسبب في عدم التوسع بالإنتاج الحيواني»، مشيراً إلى أنه «حتى تحقق مصر اكتفاء ذاتياً من اللحوم، يجب زراعة نحو 5 ملايين فدان ذرة»، إلا أنه عدّ ذلك «أمراً صعباً تحقيقه لتزامن موسم زراعة الذرة مع سلعة استراتيجية مثل الأرز».