نائب رئيس «الوحدة» الليبية: خلاف «النواب» و«الأعلى» للدولة سبب فشل الانتخابات

أبو جناح أكد أن انقسام المؤسسة الأمنية أثر بشكل مباشر على الساحة السياسية

رمضان أبو جناح (الشرق الأوسط)
رمضان أبو جناح (الشرق الأوسط)
TT

نائب رئيس «الوحدة» الليبية: خلاف «النواب» و«الأعلى» للدولة سبب فشل الانتخابات

رمضان أبو جناح (الشرق الأوسط)
رمضان أبو جناح (الشرق الأوسط)

أنحى نائب رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، رمضان أبو جناح، باللائمة على مجلسي النواب والأعلى للدولة في استمرار الأزمة السياسية في البلاد، وقال إنهما «السبب الرئيسي وراء فشل إجراء الانتخابات في البلاد».

وردا على الاتهامات الموجهة لحكومة عبد الحميد الدبيبة بتعطيل المسار الانتخابي، قال أبو جناح في مقابلة مع وكالة أنباء العالم العربي (AWP) إن «حكومته تستطيع إيصال الليبيين إلى صناديق الاقتراع في غضون ستة أشهر، حال تم التوصل لحل ليبي داخلي مشترك».

وكان من المقرر إجراء انتخابات رئاسية في ليبيا في 24 من ديسمبر (كانون الأول) 2021، غير أنه تم تأجيلها بسبب غياب التوافق بين الأطراف السياسية المتناحرة بشأن الأسس القانونية للاقتراع، وما وصفت ببعض الثغرات في البعثة الأممية السابقة، التي انتهت باستقالة مبعوث الأمم المتحدة السابق إلى البلاد يان كوبيتش.

جانب من اجتماعات المجلس الأعلى للدولة (المجلس)

واتهم أبو جناح المجلس الأعلى للدولة والبرلمان بالسعي لتحقيق مصالح شخصية، بدل تحقيق «مصلحة ليبيا». وقال إن المواطن الليبي هو الذي يدفع الثمن الأكبر للصراعات المستمرة في بلاده منذ عام 2011. مضيفا أنه «على الرغم من تقديم حكومة الوحدة الوطنية الخدمات اللازمة لليبيين، فإن التنافس على السلطة في البلاد لا يزال يلقي بظلاله على المواطنين بشكل سلبي».

ويرى نائب الدبيبة أن الحل الوحيد للخروج من الأزمة التي مزقت بلاده على مدى أكثر من 12 عاما هو «إجراء انتخابات حرة ونزيهة يختار فيها المواطن من يشاء بحرية».

وحول تغير المشهد السياسي في ليبيا، أوضح أبو جناح «أن فشل إجراء الانتخابات يرتبط بصورة مباشرة بالخلاف بين بعض الدول الأجنبية ومصالح هذه الدول». وقال بهذا الخصوص إن «الرؤى المختلفة لكل من الولايات المتحدة وروسيا، على سبيل المثال، تؤثر بشكل واضح على ليبيا، بل وتحدث إرباكا ملحوظا على مجريات الأمور في الحلبة السياسية». عادّا أنه من الصعب تحديد موعد للانتخابات في بلاده لأن «عالم السياسة مثل الرمال المتحركة» حسب تعبيره.

وبالنسبة لجهود المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي، أثنى أبو جناح على الدور الذي يلعبه المسؤول الأممي السنغالي في الأزمة الليبية، قائلا إن العمل الذي يقوم به باتيلي «لم يقم به أي مبعوث أممي سابق في تاريخ ليبيا، فهو يضع يده على الجرح، ويعلم خفايا الأمور وما وراء الكواليس» على حد تعبيره.

وفي هذا السياق توقع نائب رئيس حكومة الوحدة الوطنية أن يعلن باتيلي في الفترة المقبلة عن دمج الحكومتين المتنافستين في إطار حكومة واحدة، توصل الليبيين إلى مراكز الاقتراع. كما توقع أيضا أن يعلن المبعوث الأممي بشكل مفاجئ عن إجراء انتخابات، بعد تشكيل لجنة من القضاة الليبيين تشرف على عملية الاقتراع.

وقال بهذا الخصوص إن اللقاءات التي أجراها المبعوث الأممي في الفترة الأخيرة بين الكتائب الأمنية المتناحرة في شرق وغرب ليبيا: «قد تمهد الطريق أمام توحيد المؤسسة العسكرية». مشيرا إلى أن «الانقسام في المؤسسة الأمنية يؤثر بشكل مباشر على الساحة السياسية، وكل الأمور ستظل صعبة في ليبيا إلى أن تتوحد المؤسسة العسكرية».

مجلس النواب الليبي (المجلس)

وأول من أمس، الخميس، أكد باتيلي بعد لقائه رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، التزام الأمم المتحدة بالتوسط من أجل التوصل إلى تسوية سياسية فيما يخص الانتخابات والقضايا الخلافية. بينما يشن أعضاء مجلسي النواب والأعلى للدولة الليبيين هجوما حادا على البعثة الأممية في ليبيا مؤخرا، متهمين باتيلي بدعم حكومة الوحدة الوطنية.

وردا على سؤال حول خريطة المسار التنفيذي المنبثقة عن لجنة (6+6)، التي اعتمدها رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح «بأغلبية مطلقة» ورفضها باتيلي، بعد أن عدها «غير كافية»، قال أبو جناح إن «جميع الليبيين يعرفون أن الهدف الرئيسي من لجنة (6+6) هو إطالة أمد البرلمان الليبي والمجلس الأعلى للدولة». مبرزا أن حل الأزمة في ليبيا «لا يستلزم لجنة (6+6) أو لجنة (5+5)، بل يحتاج الأمر إلى لقاء ليبي - ليبي يجمع شمل مجلسي النواب والأعلى للدولة، للوصول إلى حل بدلا من التغريد منفردين».

وبخصوص الانقسام في المؤسسة القضائية في ليبيا، توقع أبو جناح أن يصل القضاة الليبيون في المجلس الأعلى للقضاء «قريبا إلى حل بعيدا عن السياسيين».

وتصدعت المؤسسة القضائية في ليبيا بعد أن صار المجلس الأعلى يترأسه شخصان، هما مفتاح القوي، المعين في 26 يوليو (تموز) الماضي من قبل مجلس النواب عقب تعديلات قانونية، والعبد الله أبو رزيزة، الذي قضت المحكمة العليا بتثبيته وعدم دستورية التعديلات البرلمانية بعد الطعن فيها. وتعقيبا على هذا الانقسام، قال أبو جناح إن لديه ثقة كبيرة في القضاء الليبي. مشيرا إلى أن حوارا يجري في الوقت الحالي في أروقة المؤسسة القضائية، بغية التوصل إلى حل سريع يعيد إلى القضاء الليبي وحدته، التي لا يمكن إجراء انتخابات من دونها.


مقالات ذات صلة

ليبيا: «الرئاسي» يصعّد ضد «النواب» بشأن «المصالحة الوطنية»

شمال افريقيا المجلس الرئاسي الليبي في لقاء سابق (المجلس الرئاسي)

ليبيا: «الرئاسي» يصعّد ضد «النواب» بشأن «المصالحة الوطنية»

طالب المجلس الرئاسي الليبي البرلمان بتجنب «القرارات الأحادية» التي قال إنها «تقوض الشراكة الوطنية وتؤثر سلباً على أمن واستقرار البلاد».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع الدبيبة مع سفير تركيا وملحقها العسكري (حكومة الوحدة)

ليبيا: مطالب بالتحقيق مع الدبيبة والمنقوش بسبب «لقاء كوهين»

وصول آليات عسكرية مفاجئة إلى طرابلس وقوات «الوحدة» تعزز مواقعها في الزاوية

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا جل الليبيين عبّروا عن مخاوفهم من عودة الاقتتال إلى البلد (أ.ف.ب)

ليبيون يتخوفون من احتمال انهيار «اتفاق وقف النار» بين الحكومتين المتنازعتين

عوامل عديدة دفعت الليبيين خلال الأيام القليلة الماضية للقلق والخوف من احتمالية من عودة الاقتتال بين السلطتين المتنازعتين على السلطة في شرق البلاد وغربها.

جاكلين زاهر (القاهرة )
تحليل إخباري وصول نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف إلى مطار بنينا العام الماضي (الجيش الوطني)

تحليل إخباري بعد سقوط الأسد... روسيا تركّز على ليبيا لتحقيق طموحاتها الأفريقية

أدى سقوط بشار الأسد في سوريا إلى عرقلة مشاريع روسيا في أفريقيا، وأرغمها على البحث عن نقطة إسناد بديلة بحوض البحر الأبيض المتوسط، متطلعة في هذا السياق إلى ليبيا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شمال افريقيا من عملية إنقاذ سابقة لمهاجرين غير نظاميين بغرب ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)

تعذيب «مهاجرين» طلباً للفدية يذكّر مجدداً بـ«تجارة الرقيق» في ليبيا

يتداول حقوقيون ليبيون صوراً ومقاطع فيديو تظهر أشخاصاً من ذوي البشرة السمراء يتعرضون للضرب بخراطيم وأعواد خشبية وآخرين على أجسادهم آثار تعذيب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

تونس تسرّع وثيرة إقفال ملفات «الفساد والتآمر» على أمن البلاد

الرئيس التونسي عند استقباله وزيرة العدل لحثها على اختصار آجال البت في القضايا المحالة على المحاكم (الرئاسة)
الرئيس التونسي عند استقباله وزيرة العدل لحثها على اختصار آجال البت في القضايا المحالة على المحاكم (الرئاسة)
TT

تونس تسرّع وثيرة إقفال ملفات «الفساد والتآمر» على أمن البلاد

الرئيس التونسي عند استقباله وزيرة العدل لحثها على اختصار آجال البت في القضايا المحالة على المحاكم (الرئاسة)
الرئيس التونسي عند استقباله وزيرة العدل لحثها على اختصار آجال البت في القضايا المحالة على المحاكم (الرئاسة)

كثفت السلطات الأمنية والقضائية التونسية تحركاتها لإسدال الستار على الملفات المتراكمة المتعلقة بالأمن، وفي مقدمها «تفكيك مئات الألغام» الموروثة عن العقود والأعوام الماضية، والقضايا المرفوعة منذ مدة طويلة ضد عشرات المتهمين في قضايا ذات صبغة سياسية - أمنية، بينها «الضلوع في الإرهاب»، و«التآمر على أمن الدولة»، و«الفساد الإداري والمالي».

واجتمع الرئيس التونسي قيس سعيد مؤخراً مع رئيس الحكومة كمال المدوري، ووزيرة العدل ليلى جفال، ووزيري الدفاع والداخلية خالد السهيلي وخالد النوري، وطالب بتبسيط إجراءات التقاضي، وإقفال الملفات الأمنية والعدلية في «أقرب الآجال».

وحدة من قوات مكافحة الإرهاب التونسية (الشرق الأوسط)

كما أعلنت صفحات رئاسة الجمهورية والحكومة عن إصدار أوامر للحكومة «للتحرك بسرعة ونجاعة»، وتجنب «طول الإجراءات والتسويف»، وضمان «نجاعة المسؤولين». وشملت القرارات إدارات الأمن الداخلي والخارجي، وملفات محاربة الإرهاب والمخدرات، والتهريب والجريمة المنظمة.

تأجيل يليه تأجيل

حسب بلاغ نشرته صفحة رئاسة الجمهورية، فقد أمر الرئيس التونسي خلال جلسة عمل مع وزيرة العدل بـ«احترام الزمن القضائي في حسم القضايا المعروضة أمام المحاكم... حتى يأخذ كل ذي حق حقه، وفق القانون الذي يتساوى أمامه جميع المتقاضين»، منتقداً «التأجيل الذي يتلوه تأجيل في بعض القضايا المعروضة منذ أكثر من عشرة أعوام»، بما يوحي بقدر من «تمييع دور العدالة والقضاء».

عبير موسي المعتقلة بتهمة التآمر على أمن البلاد (موقع الحزب)

يُذكر أن دوائر الاتهام وقضاة التحقيق أنهوا مؤخراً الإجراءات التمهيدية لإقفال ملفات التحقيق في قضايا عشرات المتهمين بـ«التآمر على أمن الدولة»، و«الضلوع في الإرهاب»، و«الفساد»، بينهم رجال أعمال وسياسيون وبرلمانيون ووزراء، وأمنيون وعسكريون سابقون، وعدد من قادة الأحزاب السياسية، بينهم عبير موسي زعيمة الحزب «الدستوري»، وراشد الغنوشي وعلي العريض، ونور الدين البحيري والعجمي الوريمي، ومنذر الونيسي عن حزب «النهضة»، وعصام الشابي الأمين العام للحزب «الجمهوري»، وغازي الشواشي عن حزب «التيار الديمقراطي» اليساري، ورضا بالحاج وجوهر بن مبارك وشيماء عيسى ورياض الشعيبي عن جبهة «الخلاص» المعارضة، إضافة لرجلي الأعمال المثيرين للجدل والسياسيين المستقلين كمال اللطيف وخيام التركي. علماً بأن متهمين آخرين أحيلوا أمام محاكم أخرى، بعد أن وجهت إليهم اتهامات مختلفة، تصل عقوبتها للإعدام.

عسكريون ضحايا الإرهاب

في أعقاب جلسات عمل جديدة مع وزراء الدفاع والعدل والداخلية، أمر الرئيس التونسي بتسوية وضعيات عائلات ضحايا الإرهاب والعنف من الأمنيين والعسكريين والمدنيين، وتفعيل مؤسسة «فدا»، التي أحدثتها الدولة قبل نحو عامين لهذا الغرض.

راشد الغنوشي المعتقل بتهمة الإرهاب (د.ب.أ)

كما أمر الرئيس سعيد بتسوية ملفات مئات الجرحى، وعائلات شهداء انتفاضة 2010 -2011، خاصة من عرفوا بـ«شهداء الثورة وجرحاها»، وهم بضعة مئات ممن أصيبوا بالرصاص أثناء المواجهات مع قوات الأمن خلال الأسابيع الأخيرة من حكم الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي.

وكانت الحكومات والبرلمانات والمحاكم، ومنظمات المجتمع المدني، قد دخلت منذ عام 2011 في جدال سياسي قانوني حول العدد الحقيقي لمن يمكن وصفهم بـ«شهداء الثورة وجرحاها». كما ظلت عائلات عشرات الأمنيين الذين قتلوا، أو أصيبوا بجراح خطيرة خلال المواجهات مع المسلحين والعصابات الإرهابية منذ 2011 دون سند مالي واجتماعي، إلى أن أحدثت رئاسة الجمهورية قبل عامين مؤسسة «فدا»، وقررت التكفل بكل الحالات الإنسانية مالياً واجتماعياً.

تفكيك الألغام الموروثة

أعلن وزير الدفاع الوطني قبل أيام أمام البرلمان أن القوات المسلحة تابعت طوال عام 2014 تحركاتها لتفكيك الألغام القديمة والجديدة، من بينها «ألغام يدوية الصنع» موروثة عن مرحلة الصراع بين السلطات والمجموعات المسلحة الإرهابية في جبال المحافظات الغربية للبلاد، والتي تسببت مراراً في مقتل أمنيين وعسكريين وتفجير عرباتهم.

ورغم تنويه السلطات الأمنية بنجاحها خلال العشرية الماضية في القضاء على أكثر من 90 في المائة من نشطاء المجموعات المسلحة، التي تنتمي إلى «تنظيم داعش»، و«القاعدة» وغير ذلك، فقد ظلت ألغام تنفجر وتتسبب في سقوط قتلى وجرحى بين الرعاة والسكان والأمنيين خلال عبورهم تلك الجبال.

ولذلك نظمت حملة واسعة خلال الأشهر الماضية أسفرت عن تفجير حوالي 500 لغم، أغلبها يدوية الصنع.

عدد من المتهمين بالتآمر ضد أمن الدولة (الموقع الرسمي لغازي الشواشي)

وأعلنت مصادر أمنية أنه في سياق الجهود المتواصلة للتصدي للعناصر المتطرفة، تم في محافظة سوسة اعتقال تكفيرييْن، كانا في حالة فرار، بعد أن وجهت إليهما تهمة «الانتماء إلى تنظيم إرهابي»، دون الكشف عن اسم هذا التنظيم.

وأسفرت الحملات الأمنية خلال الأشهر الثلاثة الماضية عن إيقاف عشرات المتهمين في قضايا مماثلة تحال على دوائر مكافحة الإرهاب والفساد، وتبييض الأموال، وتهريب السلع والمهاجرين غير النظاميين. لكن طالبت عدة شخصيات حقوقية مستقلة، وقيادات سياسية، ومنظمات نقابية وحقوقية مواقف بالإفراج عن غالبية الموقوفين، وإحالتهم إن لزم الأمر على القضاء في حالة سراح.