بِيع خردةً... ليبيا تعثر على تمثال أنثى ذئب يعود للحقبة الاستعمارية

التمثال تجسيد لـ«ذئبة كابيتولينيا» التي تصور مشهداً أسطورياً من روما القديمة (رويترز)
التمثال تجسيد لـ«ذئبة كابيتولينيا» التي تصور مشهداً أسطورياً من روما القديمة (رويترز)
TT

بِيع خردةً... ليبيا تعثر على تمثال أنثى ذئب يعود للحقبة الاستعمارية

التمثال تجسيد لـ«ذئبة كابيتولينيا» التي تصور مشهداً أسطورياً من روما القديمة (رويترز)
التمثال تجسيد لـ«ذئبة كابيتولينيا» التي تصور مشهداً أسطورياً من روما القديمة (رويترز)

عثرت السلطات الليبية على تمثال أنثى ذئب ضخم مصنوع من البرونز كان منصوباً في الماضي على عمود في وسط بنغازي قبل اختفائه قبل عقود، وفقاً لـ«رويترز».

وتم العثور على التمثال في مزرعة قال مالكها إنه اشترى التمثال خردةً.

التمثال مصنوع من البرونز وكان منصوباً في الماضي على عمود في وسط بنغازي (رويترز)

وتلقت السلطات بلاغاً بخصوص التمثال الذي يرجع للحقبة الاستعمارية، وعثرت عليه في مزرعة قرب بنغازي يملكها شخص يدعى سعيد محمد بوربيدة، الذي قال للسلطات إنه اشترى التمثال من ساحة للخردة؛ لأنه أُعجب بشكله.

وقال مالك المزرعة: «أنا أعرف منذ كنت صغيراً أنه كان موجوداً مقابل الميناء، كان موجوداً على عمود».

وأضاف: «أنا لدي ورشة صهر معادن، وجدت التمثال هذا في الخردة وصاحبه ليس متمسكاً به؛ لأنه كان يعدّ من المحرمات ومن التراث الاستعماري. أنا عندما رأيته جذبني شكله وصناعته؛ فاشتريته منه».

قال مالك المزرعة إنه اشترى التمثال خردة (رويترز)

واحتفظ بوربيدة (80 عاماً) بالتمثال، وهو تجسيد لـ«ذئبة كابيتولينيا» التي تصور مشهداً أسطورياً من روما القديمة، في مكان مفتوح أسفل شجرة وارفة بجوار شرفة منزله.

وقال خالد العقوري، رئيس قسم شرطة السياحة وحماية الآثار في شرطة بنغازي، إنه واثق من أن بوربيدة لم يكن يعلم أن التمثال لا يزال ملكية عامة.

ونصبت السلطات الإيطالية الاستعمارية التمثال في وسط مدينة بنغازي الجديدة التي كانت تشيدها في ثلاثينات القرن الماضي كنوع من تعزيز الصلة بين الحكم الروماني لليبيا قديماً والحكم الاستعماري الإيطالي الحديث للبلاد.

وبعد حصول ليبيا على الاستقلال، أزالت السلطات تمثال أنثى الذئب عن دعامته، ثم اختفى التمثال بعد وصول معمر القذافي إلى السلطة في 1969، في حقبة ثورية شهدت إخفاء آثار الحكم الاستعماري الأجنبي عن الأنظار.

وفي وقت ما، فَقَدَ التمثال ساقيه الأماميتين، وكذلك تمثالا طفلين كانت ترضعهما أنثى الذئب ويمثلان رومولوس ورموس المؤسسين الأسطوريين لروما اللذين قيل: إن ذئباً قام بتنشئتهما.

تمثال أنثى الذئب «لوبا كابيتولينا» الذي عُثر عليه في مزرعة (رويترز)

والتمثال الآن أمام قسم الآثار في بنغازي مستنداً إلى كتل إسمنتية؛ انتظاراً لترميم محتمل.

وكانت ليبيا مقاطَعة رومانية مهمة وبها مدينتا صبراتة ولبدة الكبرى الساحليتان اللتان لا تزال معابدهما ومسارحهما الحجرية تقف شامخة على ساحل البحر المتوسط.

لكن الكثير من القطع الأثرية الليبية التي لا تقدر بثمن اختفت؛ إذ نهبها الأوروبيون في الحقب الاستعمارية أو تم الاستيلاء عليها بعد الاستقلال، أو تعرّضت للسرقة خلال الفوضى التي أعقبت انتفاضة دعمها حلف شمال الأطلسي في 2011.

وقال خالد الهدار، وهو باحث ليبي في مجال الآثار المسروقة: إن مراقبة التراث كانت ضعيفة في ليبيا ولم تبدأ قبل 1974، أي بعد اختفاء تمثال أنثى الذئب.


مقالات ذات صلة

الساعدي القذافي ينفي أنباء مقتل هانيبال بسجنه في لبنان

شمال افريقيا هانيبال القذافي (أ.ف.ب)

الساعدي القذافي ينفي أنباء مقتل هانيبال بسجنه في لبنان

وسط صمت ليبي رسمي بشأن وضعية هانيبال القذافي في لبنان، تعدّدت الروايات حول مصيره، لكن شقيقه الساعدي قال عبر حسابه على منصة «إكس»: «أخي بخير».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من جولة حفتر التفقدية في درنة رفقة صالح وحماد (الجيش الوطني)

صالح يحضّ الليبيين على المصالحة و«طي صفحات الماضي»

حضّ عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي، على «المصالحة وطي صفحات الماضي»، في حين رحّب الاتحاد الأوروبي بالاتفاق الذي يعالج النزاع حول قيادة مصرف ليبيا المركزي.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا كيف ينظر الليبيون لما يجري في غزة ولبنان؟

كيف ينظر الليبيون لما يجري في غزة ولبنان؟

عَدّ محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي الليبي، ما ترتكبه إسرائيل ضد الشعبين الفلسطيني واللبناني من «جرائم إبادة وتطهير عرقي انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا المنفي خلال حضور حفل العشاء مع الرئيس الأميركي (المنفي)

توتر أمني مفاجئ غرب العاصمة الليبية

أعلن أعضاء في مجلس النواب الليبي، أن جلسته المرتقبة، الاثنين المقبل، ستخصص للمصادقة على اعتماد تعيين محافظ المصرف المركزي للبلاد ونائبه.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا المنفي خلال لقاء خوري بمقر «المجلس الرئاسي» في طرابلس الشهر الماضي (المجلس الرئاسي الليبي)

تجدد الخلافات حول «الميزانية الموحدة» يفجِّر مخاوف الليبيين

أبدى سياسيون ومحللون ليبيون تخوفهم من وقوع أزمة جديدة تتعلق بالمطالبة بـ«قانون موحد للميزانية»، بينما لا تزال البلاد تتعافى من تأثير أزمة المصرف المركزي.

جاكلين زاهر (القاهرة )

كيف ينظر الليبيون لما يجري في غزة ولبنان؟

كيف ينظر الليبيون لما يجري في غزة ولبنان؟
TT

كيف ينظر الليبيون لما يجري في غزة ولبنان؟

كيف ينظر الليبيون لما يجري في غزة ولبنان؟

لا يجد بعض المسؤولين الليبيين غضاضة في ارتداء الكوفية الفلسطينية الشهيرة أمام عدسات المصورين، تعبيراً عن دعمهم لقطاع غزة ضد العدوان الإسرائيلي، في ظل تمسك البلد المنقسم سياسياً بـ«تجريم التطبيع مع إسرائيل».

فمن أمام جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى قاعات الاجتماعات في ليبيا، تأتي الموافقة الرسمية لتعكس جانباً من رؤية البلاد حيال الأحداث في غزة، وما يجري في لبنان، لكن تظل ردود الفعل المجتمعية «أكثر غضباً» في كثير من الأحايين.

وفي ظل تعاطف مجتمعي ليبي واسع مع الشعبين الفلسطيني واللبناني، يأتي الخطاب الرسمي على لسان رئيس «المجلس الرئاسي» محمد المنفي، ليؤكد أن «ما يرتكبه الاحتلال الإسرائيلي من جرائم إبادة وتطهير عرقي ضد الشعبين الفلسطيني واللبناني يُمثل انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية».

وتعبر قطاعات ليبية عدة عن «تعاطفها وتضامنها» مع ما يجري في غزة ولبنان، وفق ما يرصد عبد الرؤوف بيت المال، النائب بحزب «ليبيا النماء»، لكنه يشير إلى أن الانقسام الحاصل في البلاد «يفتت الرؤية في ظل عدم وجود حكومة واحدة».

والمنفي الذي أكد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره و«إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف»، ذكّر أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة نهاية الأسبوع الماضي، بموقف بلده، الذي انضم إلى جنوب أفريقيا في القضية المرفوعة أمام محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل.

وفيما دعا المنفي لتعزيز المساءلة عن «الانتهاكات والإبادة الجماعية» التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، رأى أن «إبعاد شبح نشوب حرب إقليمية في المنطقة، يكون من خلال معالجة الوضع في غزة، وإيقاف الانتهاكات والاعتداءات الجسيمة في فلسطين ولبنان».

وفي أعقاب اندلاع الحرب على غزة، شهدت طرابلس بعض المظاهرات الغاضبة، مثل بقية العواصم العربية؛ إذ احتشد آلاف المواطنين في «ميدان الشهداء» بوسط طرابلس، للتنديد بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وتضامناً مع الشعب الفلسطيني.

ويرى بيت المال في حديث إلى «الشرق الأوسط»، أن الشعب الليبي «واعٍ لما يحاك للقضية الفلسطينية؛ وأن النظام الصهيوني يعمل على تفتيت العرب والعمل على تأسيس إسرائيل الكبرى». ويعتقد أن كل ما يحدث في فلسطين ولبنان وسوريا والعراق «يسير في اتجاه تكوين إسرائيل الكبرى».

الموقف الرسمي الليبي المُعلن من إسرائيل والتطبيع معها «مجرّم» وفق قرار سابق لمجلس النواب، الذي أكد رئيسه، عقيلة صالح، عدم «إقامة أي اتصالات أو علاقات مع الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين الإسرائيليين، وتجريم سفر الطائرات والسفن الإسرائيلية عبر ليبيا».

وظهر صالح مرتدياً الكوفية الفلسطينية في جلسة رسمية عقدها البرلمان، عقب الكشف عن «لقاء سري» بين وزيرة الخارجية بحكومة «الوحدة الوطنية» المقالة نجلاء المنقوش، ونظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين في روما.

وقال صالح: «عاشت فلسطين في الوجدان الليبي اسماً عزيزاً يثير الحزن، ويشعل الغضب، ويلهب الأحاسيس، فنشأ تقارب كبير بينها وبين ليبيا، أسهم في إبراز خصوصية ما بينهما من روابط، ومنشأ هذا التقارب في العروبة والإسلام هو تعرض البلدين إلى احتلال استيطاني هدف إلى طمس الهوية».

ومندوب ليبيا بالأمم المتحدة الطاهر السني، الذي ظهر مرتدياً الكوفية الفلسطيني هو الآخر خلال كلمة سابقة له في جلسة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، تتعلق بالشأن الليبي، قال إن ليبيا «لن تعدّ المقاومة ضد الاحتلال والدفاع عن النفس إرهاباً؛ ومن منكم نال استقلاله وتحرر من الاستعمار دون مقاومة».

ونقل السني جانباً من كلمته في تغريدات قصيرة عبر حسابه على منصة «إكس»، وزاد: «التاريخ سيتذكر من أخذ موقفاً قانونياً أو إنسانياً مما يجري؛ وسيتذكر كل من كانت إنسانيته في غيبوبة ودعم، أو صمت على الجرائم والفظائع المرتكبة بالبث المباشر صوتاً وصورة».

وكان رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، قد سارع لإصدار قرار في 25 يونيو (حزيران) الماضي، يستثني بموجبه مواطني دولة فلسطين من جميع الرسوم المتعلقة بالتأشيرات والإقامة، المحددة باللائحة التنفيذية للقانون رقم 6 لسنة 1987.

ولم تمنع الاتهامات المواجهة لحكومة «الوحدة» بالسعي لـ«التطبيع مع إسرائيل» من ارتداء الدبيبة الكوفية الفلسطينية خلال جولة ميدانية، بالعاصمة طرابلس قبل نحو عام تقريباً.

كما استقبل في مرات سابقة بمكتبه نائب رئيس الوزراء، ووزير الإعلام الفلسطيني نبيل أبو ردينة، والسفير الفلسطيني لدى ليبيا محمد رحال، وبحث معهما مستجدات الأوضاع السياسية في فلسطين، وآلية تقديم المساعدات الإنسانية لأهالي غزة، إضافة إلى سُبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين.

وبموازاة المواقف الرسمية، تعكس ردود الفعل الخاصة مواقف «أكثر سخونة» تجاه ما يحدث في غزة ولبنان، إذ انتقد أحمد قذاف الدم المسؤول السياسي لـ«جبهة النضال الوطني الليبية»، «الصمت على ما يحدث من عدوان سَافِرْ على لبنان».

وقال في تصريح صحافي: «أحيي الصمود البطولي لـ(حزب الله)، والشعب اللبناني لوقوفهما بكبرياء في وجه الغطرسة الإسرائيلية».