من هو رئيس الحكومة التونسية الجديد؟

عرف بعدائه لأحزاب الإسلام السياسي مقابل دعمه للرئيس سعيّد في حملته الانتخابية

الرئيس سعيد مصافحاً أحمد الحشاني بعد أدائه اليمين الدستورية (رويترز)
الرئيس سعيد مصافحاً أحمد الحشاني بعد أدائه اليمين الدستورية (رويترز)
TT

من هو رئيس الحكومة التونسية الجديد؟

الرئيس سعيد مصافحاً أحمد الحشاني بعد أدائه اليمين الدستورية (رويترز)
الرئيس سعيد مصافحاً أحمد الحشاني بعد أدائه اليمين الدستورية (رويترز)

أنهى بلاغ رسمي صدر عن قصر قرطاج، ليلة أمس، مهام رئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودن، وعين خلفاً لها أحمد الحشاني، المدير العام السابق للبنك المركزي التونسي.

تخرج الحشاني في كلية الحقوق والعلوم الاقتصادية بتونس في 1983، وعين بعدها مباشرة في البنك المركزي بصفته خبيراً قانونياً. وبعد ثورة 2011 عين مديراً عاماً للموارد البشرية في البنك المركزي من قبل محافظ البنك المركزي، ووزير التخطيط السابق مصطفى كمال النابلي. وحافظ على المنصب نفسه حتى إحالته للتقاعد في 2018.

وأدى الحشاني اليمين أمام الرئيس سعيد في قرطاج في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء، مباشرة بعد الإعلان عن الخبر، مما يكشف «الصبغة الاستعجالية للقرار»، الذي تزامن مع تصعيد بين نقابات المخابز وبعض الأطراف الاجتماعية ومنظمات رجال الأعمال والسلطات، رغم الاجتماعات المتواصلة التي أجراها الرئيس سعيد مع رئيسة الحكومة المقالة، وعدد من أبرز الوزراء، وبينهم وزراء التجارة والداخلية والاقتصاد والشؤون الاجتماعية، بهدف خفض الأسعار والقضاء على الاحتكار.

وجاء هذا التعديل بعد سبعة أشهر من تنظيم الانتخابات البرلمانية، التي زار الرئيس سعيد في أعقابها مكتب رئيسة الحكومة نجلاء بودن، وأعلن خلالها عن تجديد الثقة بها وبحكومتها.

ومن بين الرسائل السياسية، التي شدت انتباه المراقبين في هذا التعيين أن رئيس الحكومة الجديد هو أول إطار سابق في البنك المركزي يعين رئيساً للحكومة، منذ الهادي نويرة محافظ البنك المركزي في الستينات، والذي ترأس الحكومة طوال عقد السبعينات في القرن الماضي، وشهد عهده نجاحاً اقتصادياً ومالياً استثنائياً في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة.

ومن بين الرسائل السياسية التي توقف عندها المراقبون أيضاً فور تعيين رئيس الحكومة، الذي أوكل إليه الرئيس سعيد مهمة «كسب رهان رفع التحديات الاقتصادية والاجتماعية» التي تواجه البلاد، أن الحشاني هو نجل العسكري السابق صالح الحشاني، الذي أعدم في 1963 بعد محاولة انقلابية ضد الرئيس الحبيب بورقيبة، قام بها عسكريون وموظفون كبار في القصر الرئاسي والدولة في سنة 1962، وتزعمها المدير العام للأمن الرئاسي وزعيم الجناح المسلح في الثورة التونسية في الخمسينات، الأزهر الشرايطي.

وحسب تدوينات سابقة للحشاني في مواقعه الاجتماعية والإلكترونية، روجها عدد من النشطاء فور الإعلان عن التعيين، فقد صدرت عن رئيس الحكومة الجديد كتابات عديدة قبل انتخابات 2019، انتقد فيها فترات حكم الرئيسين الحبيب بورقيبة ( 1955 - 1987) وزين العابدين بن علي (1987 - 2011)، وحكومات ما بعد الإطاحة ببن علي في ثورة يناير (كانون الثاني) 2011. وبعض تلك التدوينات دافعت عن «التوجه الحداثي العلماني للدولة»، وحرية المرأة، وانتقدت «دعاة الحكومات الدينية وإحياء نظام الخلافة».

ويعرف الحشاني، عبر حسابات منسوبة له بمواقع التواصل الاجتماعي، بأنه من أتباع علمانية الدولة والديمقراطية والمساواة في الحقوق بين المرأة والرجل. كما أظهر من خلال عديد المنشورات على حساب يحمل اسمه وصورته عبر «فيسبوك» عداء لأحزاب الإسلام السياسي، مقابل دعمه للرئيس سعيّد في الحملة الانتخابية التي سبقت وصوله إلى قصر قرطاج عام 2019.



كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
TT

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

يواجه الكاتب الجزائري - الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، عقوبة سجن تتراوح بين 12 شهراً و5 سنوات، بسبب تصريحات مستفزة بالنسبة للسلطات، أطلقها في فرنسا، تخص الجزائر والمغرب و«بوليساريو»، والاحتلال الفرنسي لشمال أفريقيا خلال القرنين الـ19 والـ20.

وأكدت وكالة الأنباء الجزائرية، أمس، في مقال شديد اللهجة ضد صنصال وقطاع من الطيف الفرنسي متعاطف معه، أنه موقوف لدى مصالح الأمن، وذلك بعد أيام من اختفائه، حيث وصل من باريس في 16 من الشهر الجاري، وكان يفترض أن يتوجه من مطار العاصمة الجزائرية إلى بيته في بومرداس (50 كم شرقاً)، عندما تعرض للاعتقال.

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (متداولة)

وفيما لم تقدم الوكالة الرسمية أي تفاصيل عن مصير مؤلف رواية «قرية الألماني» الشهيرة (2008)، رجح محامون تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، أن يتم عرضه على النيابة قبل نهاية الأسبوع الجاري (عمل القضاة يبدأ الأحد من كل أسبوع)، بناء على قرائن تضعه تحت طائلة قانون العقوبات.

وبحسب آراء متوافقة لمختصين في القانون، قد يتعرض صنصال (75 سنة) لتهم تشملها مادتان في قانون العقوبات: الأولى رقم «79» التي تقول إنه «يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات كل من ارتكب فعلاً من شأنه الإضرار بالمصلحة الوطنية، أو أمن الدولة، أو تهديد سيادتها». والمادة «87 مكرر»، التي تفيد بأنه «يعتبر عملاً إرهابياً أو تخريبياً كل فعل يستهدف أمن الدولة، والوحدة الوطنية، واستقرار المؤسسات وسيرها العادي».

وإن كانت الوقائع التي يمكن أن تُبنى عليها هذه التهم غير معروفة لحد الساعة، فإن غالبية الصحافيين والمثقفين متأكدون أن تصريحات صنصال التي أطلقها في الإعلام الفرنسي، هي التي ستجره إلى المحاكم الجزائرية. ففي نظر بوعلام صنصال فقد «أحدث قادة فرنسا مشكلة عندما ألحقوا كل الجزء الشرقي من المغرب بالجزائر»، عند احتلالهم الجزائر عام 1830، مشيراً إلى أن محافظات وهران وتلمسان ومعسكر، في غرب الجزائر، «كانت تابعة للمغرب».

وذهب صنصال إلى أبعد من ذلك، عندما قال إن نظام الجزائر «نظام عسكري اخترع (بوليساريو) لضرب استقرار المغرب». كما قال إن فرنسا «لم تمارس استعماراً استيطانياً في المغرب؛ لأنه دولة كبيرة... سهل جداً استعمار أشياء صغيرة لا تاريخ لها»، ويقصد بذلك ضمناً الجزائر، وهو موقف من شأنه إثارة سخط كبير على المستويين الشعبي والرسمي.

الروائي الفرنسي - الجزائري كمال داود (أ.ب)

وهاجمت وكالة الأنباء الجزائرية بشدة الكاتب، فيما بدا أنه رد فعل أعلى سلطات البلاد من القضية؛ إذ شددت على أن اليمين الفرنسي المتطرف «يقدّس صنصال»، وأن اعتقاله «أيقظ محترفي الاحتجاج؛ إذ تحركت جميع الشخصيات المناهضة للجزائر، والتي تدعم بشكل غير مباشر الصهيونية في باريس، كجسد واحد»، وذكرت منهم رمز اليمين المتطرف مارين لوبان، وإيريك زمور رئيس حزب «الاسترداد» المعروف بمواقفه المعادية للمهاجرين الجزائريين في فرنسا، وجاك لانغ وزير الثقافة الاشتراكي سابقاً، وكزافييه دريانكور سفير فرنسا بالجزائر سابقاً الذي نشر كتاب «الجزائر اللغز» (2024)، والذي هاجم فيه السلطات الجزائرية. كما ذكرت الوكالة الكاتب الفرنسي - المغربي الطاهر بن جلون.

إيريك زمور رئيس حزب «الاسترداد» اليميني (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

كما تناول مقال الوكالة أيضاً الروائي الفرنسي - الجزائري كمال داود، المتابع قضائياً من طرف امرأة ذكرت أنه «سرق قصتها» في روايته «حور العين» التي نال بها قبل أيام جائزة «غونكور» الأدبية. وقالت الوكالة بشأن داود وصنصال: «لقد اختارت فرنسا في مجال النشر، بعناية، فرسانها الجزائريين في مجال السرقات الأدبية والانحرافات الفكرية».

يشار إلى أن الإعلام الفرنسي نقل عن الرئيس إيمانويل ماكرون «قلقه على مصير صنصال»، وأنه يعتزم التدخل لدى السلطات الجزائرية لإطلاق سراحه. ورأى مراقبون في ذلك محاولة من باريس للضغط على الجزائر في سياق قطيعة تامة تمر بها العلاقات الثنائية، منذ أن سحبت الجزائر سفيرها من دولة الاستعمار السابق، في يوليو (تموز) الماضي، احتجاجاً على قرارها دعم خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء. كما طالبت دار النشر الفرنسية «غاليمار» بـ«الإفراج» عن الكاتب الفرنسي - الجزائري صنصال بعد «اعتقاله» على يد «أجهزة الأمن الجزائرية»، غداة إبداء الرئاسة الفرنسية قلقها إزاء «اختفائه». وكتبت دار النشر في بيان: «تُعرب دار غاليمار (...) عن قلقها العميق بعد اعتقال أجهزة الأمن الجزائرية الكاتب، وتدعو إلى الإفراج عنه فوراً».

الرئيس إيمانويل ماكرون أبدى «قلقه على مصير صنصال» وأكد أنه يعتزم التدخل لدى السلطات الجزائرية لإطلاق سراحه (الرئاسة الجزائرية)

ويعاب على صنصال الذي كان مسؤولاً بوزارة الصناعة الجزائرية لمدة طويلة، «إدراج الجزائر شعباً وتاريخاً، في أعماله الأدبية، كمادة ضمن سردية ترضي فرنسا الاستعمارية». ومن هذه الأعمال «قرية الألماني» (2008) التي يربط فيها ثورة الجزائر بالنازية، و«قسم البرابرة» (1999) التي تستحضر الإرهاب والتوترات الاجتماعية في الجزائر. و«2084: نهاية العالم» (2015) التي تتناول تقاطع الأنظمة المستبدة مع الدين والسياسة.