34 قتيلاً على الأقل في حرائق تكتسح شمال وشرق الجزائر

سيارات محترقة جراء الحرائق التي ضربت شمال وشرق الجزائر (رويترز)
سيارات محترقة جراء الحرائق التي ضربت شمال وشرق الجزائر (رويترز)
TT

34 قتيلاً على الأقل في حرائق تكتسح شمال وشرق الجزائر

سيارات محترقة جراء الحرائق التي ضربت شمال وشرق الجزائر (رويترز)
سيارات محترقة جراء الحرائق التي ضربت شمال وشرق الجزائر (رويترز)

بعد أن دمرت عددًا كبيراً من المنازل والمتاجر، ما زال رجال الإطفاء يكافحون، اليوم (الثلاثاء)، لإخماد الحرائق العنيفة التي ضربت شمال وشرق الجزائر، وتسببت في مقتل 34 شخصاً على الأقل بينهم 10 جنود منذ أول من أمس.

وقال كريم بلحفسي مسؤول الإعلام في الحماية المدنية اليوم: «حتى الثامنة والنصف صباح اليوم (07:30 ت غ)، لم يتبقَّ سوى 15 حريقاً من بين 97 حريقاً تم الإعلان عنها». ومن بين تلك المستعرة حريقان في بجاية، الولاية الأكثر تضرراً من الحرائق.

وأضاف أن وزارة الداخلية ستنشر قريباً بياناً تعلن فيه إخماد كل الحرائق التي اندلعت في أكثر من 15 ولاية، لا سيما البويرة وجيجل وبجاية، وهي مناطق تضررت بالفعل في العامين الماضيين، بسبب حرائق خطيرة أودت بحياة ما يقرب من 130 شخصاً.

وقالت وزارة الدفاع إن الجنود العشرة الذين قضوا جراء الحرائق حوصروا بالنيران أثناء إجلائهم من بني كسيلة في منطقة بجاية برفقة سكان القرى المجاورة.

وبالإضافة إلى حصيلة القتلى، تحدث والي بجابة عن وجود إصابات لم يتم تحديد عددها، ولكن بعضها ناجم عن حروق خطيرة.

واستدعى الوضع إجلاء أكثر من 1500 شخص من بعض القرى مع اقتراب الحرائق من منازلهم. كما دمرت النيران منتجعات ساحلية تعد مقاصد سياحية في الصيف.

والقرى المتضررة التي يقع كثير منها في منطقة القبائل الجبلية، تحيط بها غابات كثيفة وتتعرض لموجة حر شديد منذ أسابيع سجلت 48 درجة مئوية أمس.

وتسببت موجة الحر بجفاف الغطاء النباتي وجعلته أكثر عرضة لاندلاع الحرائق التي اشتعلت بفعل الرياح العاتية، بحسب شهادات مختلفة نقلتها وسائل الإعلام المحلية.

وفي تونس المجاورة، اندلعت في طبرقة الحدودية في الشمال الغربي حرائق خطيرة الاثنين، في منطقة دمرتها النيران الأسبوع الماضي.

وتمكن فريق تابع لوكالة الصحافة الفرنسية من رصد أضرار كبيرة وتابع تدخل مروحيات وقاذفات مياه. ونُقل أكثر من 300 من سكان قرية ملولة إلى مناطق أكثر أماناً عن طريق البحر، وغادر آخرون المنطقة براً.

وفي أغسطس (آب) 2022، أودت حرائق هائلة بحياة 37 شخصاً في ولاية الطارف بشمال شرقي الجزائر. لكن صيف 2021 سجل أكبر حصيلة للقتلى خلال عقود عندما لقي أكثر من 90 شخصاً حتفهم في الحرائق التي دمرت الشمال، لا سيما منطقة القبائل.

أرقام الطوارئ

أظهرت لقطات نشرتها وسائل إعلام محلية حقولاً وأراضي مشتعلة وسيارات متفحمة وواجهات متاجر محترقة. وروى شهود كيف اندلعت ألسنة اللهب فجأة.

وبعث الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الاثنين، بتعازيه إلى أهالي الضحايا.

وقالت السلطات إن أكثر من 8000 من عناصر الحماية المدنية و525 شاحنة من مختلف الأحجام تدخلت لمكافحة النيران إلى جانب طائرات الإطفاء والمروحيات التي استؤجرت مؤخراً، بالإضافة إلى قاذفة ذات قدرة عالية لإلقاء المياه على الحرائق.

ودعت وزارة الداخلية المواطنين إلى «تجنب المناطق المتضررة واستخدام الأرقام المجانية المتاحة للإبلاغ» عن الحرائق.

وأمر النائب العام في بجاية بفتح تحقيقات أولية للوقوف على أسباب الحرائق وتحديد الفاعلين.

صيف حارق

كل صيف، يشهد شمال الجزائر وشرقها حرائق تكتسح الغابات والأراضي الزراعية، وهي ظاهرة تتفاقم من سنة إلى أخرى بتأثير تغير المناخ الذي يؤدي إلى الجفاف وموجات الحر.

ولتجنب تكرار سيناريو 2021 و2022، عملت السلطات على تعبئة مواردها مع اقتراب فصل الصيف.

وفي نهاية أبريل (نيسان)، أمر الرئيس تبون بشراء 6 طائرات قاذفة للماء متوسطة الحجم وتقديم طلبات عروض للشركات الناشئة لتوفير طائرات مسيّرة تستخدم في مراقبة الغطاء الحرجي.

ثم في مايو (أيار)، أعلنت وزارة الداخلية عن اقتناء وشيك لطائرة قاذفة للماء، وتأجير 6 طائرات أخرى من شركة أميركية جنوبية مع فرقها الفنية، وأعلنت طلب العروض لشراء 6 قاذفات للماء متوسطة الحجم.

كما هيأت السلطات مواقع لهبوط المروحيات في 10 ولايات.

وقدمت الجزائر أيضاً طلبية إلى روسيا لشراء 4 طائرات قاذفة للماء، لكن تسليمها تأخر بسبب «تداعيات الأزمة في أوكرانيا».


مقالات ذات صلة

البرازيل تكافح حرائق الغابات... وتحقق في أسبابها (صور)

أميركا اللاتينية عنصر إطفاء يحاول إخماد الحريق في حقول قصب السكر قرب مدينة دومون البرازيلية (رويترز)

البرازيل تكافح حرائق الغابات... وتحقق في أسبابها (صور)

أعلنت وزيرة البيئة البرازيلية مارينا سيلفا، أمس (الأحد)، أن البرازيل «في حالة حرب مع الحرائق والجريمة»، في وقت أُعلِنت فيه حالة الطوارئ في 45 مدينة.

«الشرق الأوسط» (ريبيراو بريتو (البرازيل))
أميركا اللاتينية انخفاض الرطوبة وارتفاع الحرارة متخطية 35 درجة مئوية يفاقم الظروف المواتية للحرائق (رويترز)

استدعت إصدار أعلى درجات التحذير... حرائق غابات تستعر في البرازيل

امتدت حرائق غابات أمس (الجمعة) في أنحاء ولاية ساو باولو، أكثر ولايات البرازيل اكتظاظاً بالسكان، ما استدعى إصدار أعلى درجات التحذير في 30 مدينة.

«الشرق الأوسط» (برازيليا)
شؤون إقليمية حرائق الغابات لا تزال مستمرة في إزمير وسط جهود للسيطرة عليها (إكس)

تركيا تعلن السيطرة على حرائق الغابات بشكل كبير

نجحت السلطات التركية في السيطرة على حرائق الغابات المستمرة منذ أسبوع بصورة كاملة في بعض المناطق، في حين تتواصل الجهود للسيطرة على بقيتها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية صورة جوية تُظهر خلايا نحل محترقة بعد حريق الغابات في قرية سنجقلي (أ.ف.ب)

الحرائق تحول قرية سنجقلي الخلابة في إزمير التركية إلى جحيم (صور)

كانت قرية سنجقلي توفر منظراً خلاباً من مرتفعات إزمير على ساحل تركيا الغربي، حتى حوّلت ألسنة اللهب أقساماً واسعة منها إلى أثر بعد عين.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
شؤون إقليمية منظر عام لمنطقتي بايراكلي وكارشياكا بعد الحريق مع استمرار جهود الإطفاء والتبريد في اليوم الثاني من حريق إزمير الكبير (د.ب.أ)

حريق غابات لا يزال يهدد مناطق سكنية في إزمير التركية

يستمر حريق غابات في تشكيل تهديد لمناطق سكنية في إزمير ثالثة مدن تركيا من حيث عدد السكان.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)

الأمن السوداني يفرق بالذخيرة الحية احتجاجات في كسلا

متظاهرون حول مقر الأمن في كسلا (مواقع التواصل)
متظاهرون حول مقر الأمن في كسلا (مواقع التواصل)
TT

الأمن السوداني يفرق بالذخيرة الحية احتجاجات في كسلا

متظاهرون حول مقر الأمن في كسلا (مواقع التواصل)
متظاهرون حول مقر الأمن في كسلا (مواقع التواصل)

قال شهود عيان إن قوات الأمن السودانية أطلقت الذخيرة لتفريق المئات من المتظاهرين احتجاجاً على مقتل أحد الشباب تحت التعذيب في معتقلات جهاز الأمن والمخابرات بمدينة كسلا (شرق السودان).

وحاصر متظاهرون غاضبون (الأحد) مقر الأمن في المدينة، وطالبوا بتقديم المسؤولين المتورطين من رجال الأمن إلى العدالة فوراً.

ويتحدر القتيل، ويدعى الأمين محمد نور، من إحدى أكبر المجموعات السكانية بإقليم شرق السودان، الذي ظلّ لسنوات طويلة يعاني من الصراعات ذات الطابع القبلي.

وأظهرت تسجيلات مصورة، متداولة بكثافة على منصات التواصل الاجتماعي، أعداداً كبيرة من المتظاهرين يفرون من أصوات الذخيرة الحية التي تُسمع بوضوح.

وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن المئات من المحتجين الغاضبين تجمّعوا منذ الصباح الباكر، وأغلقوا كل الطرق والمداخل المؤدية إلى مقرَي النيابة العامة، وجهاز الأمن والمخابرات بالمدينة.

وردّد المحتجون هتافات تطالب بتسليم الجناة للعدالة، وإقالة مدير جهاز الأمن والمخابرات على الفور ومحاسبته على هذه الجريمة.

وقالت مصادر محلية، إن قوات أمن بالزي المدني، وأخرى ترتدي الأزياء الرسمية للشرطة، أطلقت الذخيرة الحية بكثافة لتفريق المئات من المتجمهرين حول المناطق الأمنية.

ولم يتسنَّ التأكد من وقوع قتلى أو إصابات وسط المحتجين، في حين أصدر «تجمع شباب قبائل البني عامر والحباب» بولاية كسلا ليل السبت - الأحد بياناً أكد فيه أن الشاب القتيل، الأمين محمد نور، جرى اعتقاله من قبل مجموعة تابعة لجهاز الأمن والمخابرات، و«فارق الحياة نتيجة للتعذيب الذي تعرّض له». وأضاف أن «تقرير التشريح بمستشفى كسلا أظهر وجود كدمات على أجزاء واسعة من جسده».

الشاب القتيل الأمين محمد نور (مواقع التواصل )

وذكر البيان، أن مدير جهاز الأمن والمخابرات بالولاية، العميد رضوان، أبلغ ناظر قبيلة البني عامر، بخبر وفاة الشاب المعتقل، زاعماً بوجود علاقة بين القتيل و«قوات الدعم السريع»، ومدعياً في الوقت نفسه، أن الوفاة «نتيجة لضيق التنفس». وقال «التجمع القبلي» إن تقرير الطب الشرعي فنّد ادعاءات مدير جهاز الأمن، مؤكداً أن وفاته حدثت بسبب التعذيب.

وأعلن «التجمع» خطوات تصعيدية بإغلاق السوق الرئيسية بالمدينة، مؤكداً أنه لن يتم تسلم جثمان القتيل إلا بعد القبض على المتهمين وتسليمهم للشرطة ومثولهم أمام النيابة. كما طالب بإقالة مدير جهاز الأمن بولاية كسلا، وتحميله كامل المسؤولية عن الحادثة.

بدورها، قالت «لجان مقاومة كسلا» (مجموعة محلية)، إن جهاز الأمن «يتحمل المسؤولية كاملة عن هذا الانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان الذي أدى إلى مقتل المعتقل».

من جانبه، قال «تحالف قوى الحرية والتغيير»، وهو أكبر التكتلات السياسية في البلاد: «نتيجة لإعادة سلطات القمع والاعتقال لجهاز الأمن، قامت عناصره باعتقال وتعذيب المواطن الأمين محمد نور بصورة وحشية حتى فاضت روحه».

ودان في بيان هذه الجريمة، مطالباً «بتسليم المتهمين فوراً لمحاكمة علنية وعادلة لينالوا الجزاء، وترك القضاء العادل يقول كلمته من دون أي تدخلات سياسية لعرقلة وصول القضية إلى نهايتها».

متظاهرون حول مقر الأمن في كسلا (مواقع التواصل)

وأعادت الحادثة إلى الأذهان اغتيال المعلم أحمد الخير عوض الكريم تحت التعذيب الشديد داخل المقر نفسه إبان الاحتجاجات الشهيرة في 2019 التي أطاحت بنظام الرئيس المعزول، عمر البشير، الموالي للإسلاميين.

وخرج وقتها مدير عام الشرطة بولاية كسلا ليقول إن المعلم أحمد الخير توفي «نتيجة تسمم حدث مع آخرين من القوات النظامية بعد تناولهم وجبة فول بالجبن»، لكن تقرير الطبيب الشرعي أكد أنه تعرّض للتعذيب الشديد والضرب بآلة حادة، بما أدى إلى وفاته.

وأعاد رئيس مجلس السيادة قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، بأمر تنفيذي بعد أقل من شهر على انقلابه على الحكومة المدنية في أكتوبر (تشرين الأول) 2021، جهاز الأمن والمخابرات بكامل صلاحياته السابقة، ومنحه سلطة القبض والاعتقال على الأشخاص، والتفتيش والحجز على الأموال.

ونصّ الأمر على «عدم اتخاذ أي إجراءات في مواجهة أفراد القوات النظامية، التي تتولى تنفيذ قانون الطوارئ وحماية السلامة العامة لسنة 1997».

ويقول مراقبون «إن جهاز الأمن والمخابرات السوداني، اتُّهم في حقبة البشير على مدى 3 عقود، بارتكاب أبشع الجرائم والانتهاكات ضد المعارضين لحكم الإسلاميين، وقُتل داخل معتقلاته المئات من المواطنين؛ بسبب التعذيب».

وأصدرت محكمة سودانية في ديسمبر (كانون الأول) حكماً بإعدام 31، وتبرئة 7 من منسوبي جهاز الأمن، بتهمة قتل المعلم أحمد الخير، بعد تعرضه للتعذيب.