ارتفاع الحرارة يضغط كهرباء مصر... وناسها

مخاوف من تضرر المحاصيل... وتوجيهات لتجنب الحرائق

مصريون لجأوا إلى النيل مع ارتفاع شدة الحر (أ.ف.ب)
مصريون لجأوا إلى النيل مع ارتفاع شدة الحر (أ.ف.ب)
TT

ارتفاع الحرارة يضغط كهرباء مصر... وناسها

مصريون لجأوا إلى النيل مع ارتفاع شدة الحر (أ.ف.ب)
مصريون لجأوا إلى النيل مع ارتفاع شدة الحر (أ.ف.ب)

على طريقة «في الليلة الظلماء يُفتقد البدر»، يُمكن تأمل افتقاد «النسمة الباردة» وسط هيمنة للطقس «الساخن» في مصر، وهو «افتقاد» لا يمكن تجاهل تأثيرات حرارته على حديث الشارع، والبيوت، والتصريحات الحكومية، التي خرجت بدورها للتعقيب عن انقطاع تيار الكهرباء المُتكرر الذي «زاد الطينة بِلة» وضاعف من الشعور بالحر والضيق.

فقد خرج رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، اليوم (الأربعاء)، مُعلناً أنه تم البدء منذ يومين في تخفيف أحمال الكهرباء، نتيجة للموجة الحارة الشديدة التي تشهدها مصر حالياً، وهو ما انعكس أيضاً على زيادة حجم استهلاك الغاز المستخدم في إنتاج الكهرباء، وإحداث ضغط شديد على الشبكات الخاصة به، ما أدى إلى انخفاض ضغوط الغاز في الشبكات الموصلة لمحطات الكهرباء.

وأضاف: «مع انخفاض هذه الضغوط، تم البدء منذ يومين في تخفيف الأحمال، حتى يمكن الوصول للضغوط العادية لشبكة الغاز»، لافتاً إلى الاستمرار في تخفيف الأحمال بالتناوب، حتى منتصف الأسبوع المقبل، لتستعيد الشبكة ضغوطها من الغاز.

وتشهد مصر منذ الأسبوع الماضي موجة من الطقس شديد الحرارة؛ حيث تتجاوز الحرارة 40 درجة مئوية في القاهرة، و45 في مدن جنوب البلاد.

وتحمل الحكومة المصرية الطقس مسؤولية أزمة الكهرباء، وقال رئيس الوزراء المصري، خلال اجتماع الحكومة، إن «الارتفاع الشديد في درجات الحرارة أحدث تأثيرات كبيرة على عدد من الدول المختلفة... نحن حاليا في فترة تخفيف أحمال مؤقتة حتى استعادة الشبكة للضغوط العادية». وفي السياق نفسه، أكد رئيس الوزراء أهمية الاستمرار في تنفيذ الإجراءات المختلفة التي من شأنها أن تُسهم في ترشيد الاستهلاك من الكهرباء بوجه عام.

وتُواكب تصريحات مدبولي، انقطاع التيار الكهربائي المُتكرر الذي تشهده القاهرة وباقي المحافظات المصرية حاليا بشكل لافت، والذي وصل لنحو ست ساعات متواصلة في بعض المناطق والقرى، وسط انتقادات واسعة ومناشدات لحل الأزمة يتم تداولها عبر مواقع «التواصل».

ويرى الخبير الاقتصادي المصري رشاد عبده، أن رد فعل الحكومة إزاء انقطاع تيار الكهرباء المُتكرر في كثير من المناطق «مُتوقع»، وأن فكرة التعلل بالضغط على حمولات الكهرباء ليست جديدة، وعلى حد تعبيره فإن «انقطاع التيار الكهربائي سيظل هو الإجراء الحكومي المُتبع على مدار موجات الصيف الحارة»، كما يقول لـ«الشرق الأوسط».

يضيف عبده «دول العالم تُعاني من ارتفاع موجات الطقس الحار، لكن خِيار قطع تيار الكهرباء المُتكرر عن المستخدمين، هو خيار من نصيب دول العالم الثالث»، بمنطق مشاركة المواطنين الأعباء بما فيها عبء الحرارة، «بدلا من طرح خطط بدلية أو مواكبة الزيادة في الاستهلاك الكهربائي».

وتظهر دعوات موازية من أجل مواجهة «الحر» عبر حملات «سوشيالية» تدعو لعدم نسيان «جيراننا» من الطيور والحيوانات في هذا «الجحيم»، بمبادرات تدعو لوضع أطباق من الماء في مداخل العمارات والشُرفات، فيما يمتد القلق ليشمل المحاصيل الزراعية، فحسب الدكتور محمد علي فهيم، رئيس مركز معلومات تغير المناخ بوزارة الزراعة، فإن «مؤشر درجات الحرارة وصل إلى مستوى لم يصل له في التاريخ الحديث».

الحرارة تجاوزت 40 درجة في القاهرة (رويترز)

وذكر في تصريحات على فضائية «الحدث اليوم»، أن المحاصيل الصيفية تتحمل درجات الحرارة بشكل عام ولكن «مع ارتفاع درجة الحرارة تتأثر هذه المحاصيل، وأول المحاصيل التي بدأت تتأثر بارتفاع درجة الحرارة هي المانجو والرمان والذرة»، كما يقول.

وتتواصل التوجيهات الحكومية للمحافظين باتخاذ عدد من الإجراءات في إطار العمل على الحد من مخاطر زيادة معدلات الحرائق بالمحافظات، نتيجة لارتفاع درجات الحرارة. وتضمنت التوجيهات مرور أطقم المتابعة الميدانية في غرفة إدارة الأزمات بالمحافظات على أسطح المنشآت والمباني الحكومية والتأكد من خلوها من أي مخلفات «شجرية» أو «ورقية» أو«خشبية» قابلة للاشتعال، كما تضمنت الإجراءات التنسيق مع إدارة الحماية المدنية بالمحافظات، للمرور على جميع أجهزة و«طفايات الحريق» بمحطات الوقود والمنشآت الحكومية للتأكد من صلاحيتها.


مقالات ذات صلة

وفاة 21 شخصاً بسبب الحرّ في المغرب

شمال افريقيا أغلب ضحايا موجة الحر كانوا من المسنين أو الذين يعانون أمراضاً مزمنة (د.ب.أ)

وفاة 21 شخصاً بسبب الحرّ في المغرب

توفي 21 شخصاً غالبيتهم مسنون، أو يعانون أمراضاً مزمنة، بسبب موجة حرّ في المغرب، وفق ما أفادت وزارة الصحة، اليوم (الخميس).

«الشرق الأوسط» (الرباط)
أوروبا أشخاص يستمتعون بالطقس الدافئ في لندن (رويترز)

تقرير: مناخ بريطانيا ازداد حرّاً ومطراً

توقع تقرير، نُشر اليوم (الخميس)، تزايد موجات الحر والمطر في المملكة المتحدة، في إطار تحليله عواقب الاحترار المناخي الناجم عن الأنشطة البشرية على مناخ بريطانيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
بيئة مارة يحملون مظلات يسيرون تحت أشعة الشمس القوية في معبد سينسوجي حيث أصدرت الحكومة اليابانية تنبيهات من ضربة شمس في 39 محافظة من محافظات البلاد البالغ عددها 47 محافظة... الصورة في طوكيو، اليابان 22 يوليو 2024 (رويترز)

21 يوليو هو اليوم الأكثر سخونة على الإطلاق على مستوى العالم

أظهرت بيانات أولية نشرها الثلاثاء مرصد كوبرنيكوس المناخي الأوروبي أن يوم 21 يوليو (تموز) كان اليوم الأكثر سخونة على الإطلاق على مستوى العالم.

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي يفتتح مشروع خط الربط الكهربائي مع تركيا عبر الفيديو (الحكومة العراقية)

العراق يبدأ الربط الكهربائي مع تركيا

أعلن رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، أن حكومته تعتزم ربط الكهرباء مع الكويت وهيئة الربط الخليجية في نهاية العام الحالي، والتوجه إلى الربط مع السعودية

حمزة مصطفى (بغداد)
يوميات الشرق السيارات لا تحتوي في الواقع على موازين حرارة مدمجة فيها (رويترز)

لماذا يجب عليك عدم الوثوق بميزان حرارة سيارتك؟

إذا كنت في سيارتك وتريد أن تعرف مدى سخونة الجو فلا تعتمد على دقة ميزان الحرارة في المركبة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

بوارج إريترية في سواحل السودان... رسائل في بريد إثيوبيا

رئيس إريتريا آسياس أفورقي مستقبِلاً الفريق عبد الفتاح البرهان في أسمرا سبتمبر 2023 (مجلس السيادة السوداني «فيسبوك»)
رئيس إريتريا آسياس أفورقي مستقبِلاً الفريق عبد الفتاح البرهان في أسمرا سبتمبر 2023 (مجلس السيادة السوداني «فيسبوك»)
TT

بوارج إريترية في سواحل السودان... رسائل في بريد إثيوبيا

رئيس إريتريا آسياس أفورقي مستقبِلاً الفريق عبد الفتاح البرهان في أسمرا سبتمبر 2023 (مجلس السيادة السوداني «فيسبوك»)
رئيس إريتريا آسياس أفورقي مستقبِلاً الفريق عبد الفتاح البرهان في أسمرا سبتمبر 2023 (مجلس السيادة السوداني «فيسبوك»)

في خطوة مفاجئة، رست الجمعة بوارج إريترية في السواحل السودانية، أثارت جدلاً كبيراً بشأن دواعيها في هذا التوقيت الذي تشهد فيه البلاد قتالاً بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، وبعد قرار أسمرا المفاجئ طرد دبلوماسي سوداني، وهي خطوة عدّها محللون سياسيون تعبيراً عن العلاقات القوية بين البلدين، ورسائل لدول إقليمية بوقوف إريتريا إلى جانب الجيش السوداني.

وفي سياق آخر، علمت «الشرق الأوسط»، من مصادر عليمة، أن رئيس مجلس السيادة، قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، أوفد مسؤولاً رفيع المستوى إلى القاهرة، يحمل رسالة إلى الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي لزيارة بورتسودان، وشملت الدعوات أيضاً الرئيس الإريتري آسياس أفورقي والأوغندي يوري موسيفيني.

واستقبلت القوات البحرية السودانية القطع الإريترية التي جاءت بتوجيهات من الرئيس أفورقي، للتأكيد على «وقوفه مع الشعب السوداني الشقيق في هذه الظروف التي تمر بها البلاد»، وتوطيداً للعلاقات الراسخة بين الشعبين، وفق مسؤولين عسكريين سودانيين. وكان في استقبال الوفد الإريتري كبار قادة القوات البحرية السودانية.

وتأتي هذه الخطوة بعد أن أعلنت الحكومة الإريترية أن القائم بالأعمال السوداني، خالد حسن، شخصاً غير مرغوب فيه، وأمهلته 3 أيام للمغادرة، انتهت بالتزامن مع وصول بوارجها إلى بورتسودان.

وقال وكيل وزارة الخارجية السودانية، حسين الأمين، في مؤتمر صحافي الخميس الماضي بمدينة بورتسودان العاصمة المؤقتة، إن بلاده تنتظر توضيحاً من أسمرا على قرار طرد سفيرها.

ويتمتع الجيش السوداني بعلاقات جيدة مع أفورقي، وسبق وأشاد بمواقفه مساعد القائد العام للجيش، الفريق ياسر العطا، بعدما هاجم زعماء دول عدد من الجوار السوداني، واتهمها صراحة بدعم ومساندة «قوات الدعم السريع» في الحرب ضد الجيش.

وقال رئيس وفد البحرية الإريترية في تسجيل مصور: «وصلنا في هذا الظرف الصعب لنؤكد أننا مع قضية السودان العادلة، ونقف دوماً مع قادة الجيش والبحرية والمشاة وسلاح الطيران»، مضيفاً: «نأمل في أن يتعدى السودان هذه المرحلة، وموقفنا ثابت في رفض التدخلات الأجنبية». وأكد المسؤول الإريتري تواصل العلاقات والزيارات بين البلدين التي تؤكد على الحلف الاستراتيجي القوي الذي يصب في مصلحة البلدين.

ويقول المحلل السياسي السوداني، صالح عمار، إن «العلاقة بين الرئيس الإريتري وقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان تطورت وقويت بشكل أكبر بعد أشهر قليلة من اندلاع الحرب في السودان بين الجيش والدعم السريع»، مضيفاً أن «هذا الأمر معلن مسبقاً».

رسالة إلى إثيوبيا

وعدّ خطوة إرسال إريتريا قطعاً من سلاح البحرية إلى السواحل السودانية «رسالة في بريد إثيوبيا ودول إقليمية أخرى»، مفادها أن العلاقات بين إريتريا والسودان قوية، و«أنها على استعداد لحمايته». وأرجع صالح الموقف الإريتري إلى ما يتردد من مزاعم عن وجود علاقات وثيقة تربط إثيوبيا ودولاً أخرى بـ«قوات الدعم السريع»، وهو ما تراه يشكل خطراً عليها.

ويوضح المحلل السياسي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن توتر العلاقات بين البلدين، الذي أدى إلى اتخاذ الحكومة الإريترية قراراً مفاجئاً بطرد السفير السوداني، جاء رد فعل على الزيارة التي أجراها رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد إلى بورتسودان، ولقائه قائد الجيش السوداني.

وقال إن «الموانئ السودانية على ساحل البحر الأحمر استقبلت خلال السنوات الماضية سفناً حربية وتجارية من روسيا وإيران وغيرهما من الدول في إطار التعاون المشترك مع السودان، لكن إريتريا ربما قصدت من هذه الزيارة في هذا التوقيت أن تشير إلى قوة تحالفها مع الجيش السوداني».

واستبعد أن يكون التحرك بتنسيق بين إريتريا وروسيا، أو ذا صلة بالصراع الدولي في منطقة البحر الأحمر، منوهاً بأن إريتريا لن تقدم على أي فعل يمكن أن يلحق الضرر بحلفائها الأساسيين في الإقليم.

بدوره، رأى المحلل السياسي، الجميل الفاضل، أن وجود القطع الحربية البحرية الإريترية ببورتسودان، في ھذا التوقيت، يعطي مؤشراً لمؤازرة الجيش معنوياً على الأقل في حربه ضد «الدعم السريع».

وقال: «منذ الطرد المفاجئ للقائم بالأعمال السوداني من أسمرا طرأت تطورات اتخذت طابعاً دراماتيكياً من خلال بث صور للقاء تم بين الرئيس آسياس أفورقي، وزعيم قبائل البجا السودانية، محمد الأمين ترك، وتبع ذلك بالطبع مباشرة زيارة البوارج الإريترية إلى ميناء بورتسودان».

وأضاف أن «ما يربط بين تلك الأحداث أنها جاءت في أعقاب الزيارة الغامضة لرئيس الحكومة الإثيوبية، آبي أحمد لبورتسودان». وأشار إلى أن «أسمرا بدأت تشعر بأنها مبعدة عن مساعي التسوية في السودان، وتحركها الأخير يعبر عن تململ ورفض لإبعادها عن الجهود الإقليمية والدولية الجارية حالياً على قدم وساق لإنجاح المبادرة الأميركية الساعية لإنهاء الحرب في السودان».