«الجنائية الدولية» تحقق في جرائم دارفور مع تصاعد العنف بالسودان

واشنطن دانت استمرار «الأعمال الوحشية» 

جثث في الطرقات في مدينة الجنينة بدارفور في 16 يونيو 2023 (أ. ف. ب)
جثث في الطرقات في مدينة الجنينة بدارفور في 16 يونيو 2023 (أ. ف. ب)
TT

«الجنائية الدولية» تحقق في جرائم دارفور مع تصاعد العنف بالسودان

جثث في الطرقات في مدينة الجنينة بدارفور في 16 يونيو 2023 (أ. ف. ب)
جثث في الطرقات في مدينة الجنينة بدارفور في 16 يونيو 2023 (أ. ف. ب)

بدأت المحكمة الجنائية الدولية تحقيقاً في تصاعد الأعمال العدائية بدارفور في السودان منذ منتصف أبريل (نيسان)، بما في ذلك تقارير عن جرائم قتل واغتصاب وحرق عمد وتشريد وجرائم تؤثر على الأطفال، حسبما أبلغ كبير المدعين بالمحكمة الأمم المتحدة اليوم الخميس.

ويخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، معارك في العاصمة الخرطوم ومناطق أخرى بالسودان في صراع على السلطة اندلع في منتصف أبريل (نيسان).

وتسبب الصراع في نزوح ما يزيد على 3 ملايين، بما في ذلك أكثر من 700 ألف فروا إلى البلدان المجاورة.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الأسبوع الماضي، إن السودان، وهو ثالث أكبر دولة في أفريقيا من حيث المساحة، على شفا حرب أهلية شاملة يمكن أن تزعزع استقرار المنطقة ككل.

لقائد «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي) مع قواته في جنوب دارفور (أ.ف.ب)

وفي الوقت الذي أشادت فيه بتحقيق المحكمة الجنائية الدولية، أدانت وزارة الخارجية الأميركية، اليوم، استمرار «الأعمال الوحشية وعمليات القتل الموجهة بدوافع عرقية» التي ترتكب في غرب دارفور.

وقال المتحدث باسم الوزارة ماثيو ميلر في بيان: «الأعمال الوحشية والعنف في دارفور تتطلب المساءلة والقدر المعقول من العدالة من أجل الضحايا والمجتمعات المتضررة ووضع حد للإفلات من العقاب».

مخزن طبي مدمَّر في نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور بسبب القتال (أ.ف.ب)

وقال مكتب المدعي العام كريم خان في تقرير مرفوع لمجلس الأمن الدولي: «بإمكان المكتب أن يؤكد أنه بدأ تحقيقات تتعلق بحوادث في سياق الأعمال القتالية الحالية».

ونص التقرير على أن مدعي المحكمة الجنائية الدولية «يتتبعون بعناية تقارير حول (جرائم) قتل بدون محاكمة، وحرق منازل وأسواق، وأعمال نهب في الجنينة، بغرب دارفور، وكذلك قتل وتشريد المدنيين في شمال دارفور وأماكن أخرى في مختلف أنحاء دارفور»، مشيراً إلى أن المحكمة تنظر أيضاً في «مزاعم حول جرائم جنسية وجرائم قائمة على أساس الجنس، بما في ذلك الاغتصاب الجماعي وتقارير مزعومة عن العنف ضد الأطفال والجرائم التي تؤثر عليهم».

جانب من الدمار في مدينة الجنينة عاصمة غرب دارفور (أ.ف.ب)

ونص التقرير على أنه بالرغم من أن المحكمة الجنائية الدولية لا تستطيع العمل حاليا في السودان بسبب الوضع الأمني​​، فإنها تعتزم القيام بذلك في أقرب وقت ممكن. وبموجب قرار مجلس الأمن الدولي لعام 2005، يقتصر اختصاصها على منطقة دارفور.

ولدى المحكمة الجنائية الدولية أربع مذكرات اعتقال معلقة تتعلق بالقتال السابق في دارفور بين عامي 2003 و2008، إحداها ضد عمر البشير بتهمة الإبادة الجماعية.

وكان البشير رهن الاحتجاز في السودان، هو واثنان من وزرائه السابقين وهما مطلوبان أيضاً من قبل المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب مزعومة في دارفور.

وفي أبريل نيسان، بدأت المحكمة الجنائية الدولية أول محاكمة لها تتعلق بجرائم دارفور في قضية القائد المزعوم السابق لميلشيا الجنجويد علي محمد علي عبد الرحمن.


مقالات ذات صلة

وزير الخارجية السوداني: لا بديل لـ«منبر جدة»

شمال افريقيا وزير الخارجية السعودي في جدة إلى جانب ممثلين عن طرفي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق وقف النار في مايو 2023 (رويترز)

وزير الخارجية السوداني: لا بديل لـ«منبر جدة»

قال وزير الخارجية السوداني، علي يوسف أحمد، إنَّ حكومته أكَّدت لنائب وزير الخارجية السعودي، وليد الخريجي، الذي زار البلاد السبت، تمسكها بـ«منبر جدة» لحل الأزمة.

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا اندلع الصراع بين «الدعم السريع» والجيش في أبريل 2023 (أرشيفية - رويترز)

«الدعم السريع» تستعيد السيطرة على قاعدة رئيسية في دارفور

قالت «قوات الدعم السريع» السودانية إنها استعادت السيطرة على قاعدة لوجيستية رئيسية في شمال دارفور، اليوم (الأحد).

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
خاص وزير الخارجية السعودي في جدة إلى جانب ممثلين عن طرفي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق وقف النار في مايو 2023 (رويترز)

خاص وزير الخارجية السوداني لـ«الشرق الأوسط»: لا بديل لـ«منبر جدة»

قال وزير الخارجية السوداني، علي يوسف أحمد، إن حكومته أكدت لنائب وزير الخارجية السعودي، وليد الخريجي، تمسكها بمفاوضات «منبر جدة» لحل الأزمة السودانية.

وجدان طلحة (بورتسودان) محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا البرهان لدى استقباله نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي السبت (مجلس السيادة السوداني/إكس)

الخريجي يؤكد للبرهان: السعودية حريصة على استقرار السودان

تشهد مدينة بورتسودان حراكاً دبلوماسياً مطرداً لإنهاء الاقتتال بوصل المبعوث الأممي، رمطان لعمامرة، ومباحثات خاطفة أجراها نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أديس أبابا (رويترز)

ماكرون يدعو إلى «إلقاء السلاح ووقف إطلاق النار» في السودان

دعا الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، طرفي النزاع في السودان إلى «إلقاء السلاح» بعد عام ونصف العام من الحرب التي تعصف بالبلاد.

«الشرق الأوسط» (أديس أبابا)

وزير الخارجية السوداني لـ«الشرق الأوسط»: لا بديل لـ«منبر جدة»

وزير الخارجية السعودي في جدة إلى جانب ممثلين عن طرفي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق وقف النار في مايو 2023 (رويترز)
وزير الخارجية السعودي في جدة إلى جانب ممثلين عن طرفي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق وقف النار في مايو 2023 (رويترز)
TT

وزير الخارجية السوداني لـ«الشرق الأوسط»: لا بديل لـ«منبر جدة»

وزير الخارجية السعودي في جدة إلى جانب ممثلين عن طرفي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق وقف النار في مايو 2023 (رويترز)
وزير الخارجية السعودي في جدة إلى جانب ممثلين عن طرفي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق وقف النار في مايو 2023 (رويترز)

قال وزير الخارجية السوداني، علي يوسف أحمد، إن حكومته أكدت لنائب وزير الخارجية السعودي، وليد الخريجي، الذي زار البلاد يوم السبت، تمسكها بمفاوضات «منبر جدة» لحل الأزمة السودانية، وإنها ترفض المشاركة في أي منبر بديل. وأضاف، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «خلال الزيارة تم تأكيد موقف السودان الثابت حول (منبر جدة)، وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، ولا مجال للمشاركة في أي منبر آخر».

وكان الخريجي قد وصل العاصمة السودانية المؤقتة، بورتسودان، في زيارة لبضع ساعات التقى خلالها رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق عبد الفتاح البرهان، فيما قال إعلام مجلس السيادة إن اللقاء تناول أيضاً العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها.

من جهة أخرى، أكد وزير الخارجية السوداني أن الهدف من زيارة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة رمطان لعمامرة، الذي يزور السودان أيضاً، هو التعرف على مجريات الحرب في البلاد، وبحث سبل حماية المدنيين ومعالجة الملف الإنساني، موضحاً أن حكومته على استعداد للتعاون التام مع الأمم المتحدة. وكان لعمامرة قد قاد الاجتماع التشاوري الثالث لتنسيق مبادرات السلام في السودان، الإقليمية والدولية، الذي عقد في العاصمة الموريتانية نواكشوط، الأربعاء الماضي.

«قاعدة الزرق»

جانب من الدمار الذي خلّفه القتال في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أرشيفية - أ.ف.ب)

ميدانياً، أعلنت «قوات الدعم السريع»، الأحد، أنها استعادت السيطرة على القاعدة العسكرية في بلدة الزرق القريبة من مدينة الفاشر في إقليم دارفور بغرب السودان، بعد أن كانت قوات الجيش قد سيطرت عليها مساء السبت. وتضاربت التصريحات الرسمية بين طرفي الصراع في السودان - الجيش و«قوات الدعم السريع» - بشأن السيطرة على المنطقة المهمة الواقعة شرق مدينة الفاشر عاصمة الولاية.

وأعلن المتحدث باسم الحركات المسلحة التي تساند الجيش، أحمد حسين، أن قواتهم حققت نصراً استراتيجياً بتحرير منطقة «وادي هور» و«قاعدة الزرق» العسكرية ومطارها الحربي، لكن عناصر «قوات الدعم السريع» بثت، يوم الأحد، تسجيلات مصورة لقواتها من هذه المواقع، مؤكدة أنها تسيطر عليها تماماً.

وتضاربت تصريحات الطرفين حول السيطرة على هذه المواقع؛ إذ قال حسين في بيان نُشر على موقع «فيسبوك»، إنه تم دك حصون «قوات الدعم السريع»، وتطهير هذه المناطق الاستراتيجية من وجودهم بشكل كامل. وأضاف أن العملية العسكرية بدأت يوم السبت بتحرير قاعدة «بئر مرقي» والمطار العسكري، ثم السيطرة على «بئر شلة» و«دونكي مجور»، وصولاً إلى القاعدة الكبرى العسكرية في بلدة الزرق.

وقال إن «قوات الدعم السريع» هربت تاركة خلفها ما لا يقل عن 700 قتيل وجريح، فضلاً عن أسر عدد كبير منهم. كما تم تدمير أكثر من 122 آلية عسكرية، إضافة إلى السيطرة على 5 قواعد عسكرية تضم مطارين حربيين، ويجري فحص بقية المكاسب الاستراتيجية على مستوى القواعد والمطارات.

تطهير عرقي

أحد مخيمات النزوح في الفاشر (أ.ف.ب)

وأوضح في البيان أن هذه القواعد العسكرية كانت تمثل شرياناً لتهريب الأسلحة والوقود والمقاتلين من الدول المجاورة إلى داخل السودان، لمساندة «قوات الدعم السريع». وعدّ هذا التطور ضربة قاصمة لهذه القوات وأنه لم يعد لها أي وجود في قواعدها التاريخية بمنطقة وادي هور.

في المقابل، قالت «قوات الدعم السريع»، في بيان على «تلغرام»، إنها حررت، فجر الأحد، منطقة الزرق بولاية شمال دارفور، وطردت منها قوات الجيش والحركات المسلحة التابعة له، متهمةً هذه الحركات بارتكاب «تطهير عرقي بحق المدنيين العزّل في المنطقة، وتعمدت قتل الأطفال والنساء وكبار السن، إضافة إلى حرق وتدمير آبار المياه والأسواق ومنازل المواطنين والمستشفيات وجميع المرافق العامة والخاصة». واعتبرت أن استهداف المدنيين في مناطق تخلو من الأهداف العسكرية يمثّل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. ودعت المنظمات الإقليمية والدولية المعنية بحقوق الإنسان لإدانة هذه الممارسات ضد المدنيين.

وأضافت، في البيان، أن تحرير منطقة الزرق يؤكد قدرة «قوات الدعم السريع» على حسم المعارك العسكرية في إقليم دارفور. وأظهر فيديو على منصة «تلغرام» عناصر من «قوات الدعم السريع» على متن آليات عسكرية داخل السوق الرئيسية في منطقة الزرق، يؤكدون فيه سيطرتهم الكاملة على البلدة التي توغلت فيها قوات الجيش والحركات المسلحة المساندة له، في وقت سابق.

وتقع منطقة الزرق الاستراتيجية في مثلث الصحراء الكبرى على الحدود السودانية - الليبية - التشادية، وتبعد 87 كيلومتراً من مدينة الفاشر التي تحاصرها «قوات الدعم السريع» منذ أشهر، وهي آخر مدينة رئيسية في إقليم دارفور لا تزال في أيدي قوات الجيش.