«سد النهضة»: توافق مصري - إثيوبي على إنجاز اتفاق خلال 4 أشهر

أديس أبابا تعهدت بعدم إلحاق الضرر بالقاهرة والخرطوم خلال الملء الرابع

TT

«سد النهضة»: توافق مصري - إثيوبي على إنجاز اتفاق خلال 4 أشهر

الرئيس السيسي لدى استقباله آبي أحمد في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية/تويتر)
الرئيس السيسي لدى استقباله آبي أحمد في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية/تويتر)

عشية ملء رابع لـ«سد النهضة»، الذي تقيمه إثيوبيا على نهر النيل، ويثير توترات مع دولتي المصب (مصر والسودان)، توافق زعماء مصر وإثيوبيا، على الشروع في مفاوضات عاجلة للانتهاء من الاتفاق على قواعد ملء وتشغيل السد، خلال أربعة أشهر، فيما تعهدت أديس أبابا بـ«عدم إلحاق ضرر ذي شأن» بالقاهرة والخرطوم، بما يوفر الاحتياجات المائية لكلا البلدين.

ولم تفلح مفاوضات ثلاثية متقطعة، جرت على مدار أكثر من 10 أعوام، في الوصول إلى حل، رغم رعاية عدة أطراف دولية لها، أبرزها الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأفريقي.

واستغلت مصر وإثيوبيا قمة «دول جوار السودان»، التي استضافتها القاهرة، الخميس، لعقد اجتماع ثنائي بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، الذي رأس وفد بلاده، لمناقشة قضية «سد النهضة» التي تصفها مصر بـ«الوجودية». ووفق بيان مشترك بين البلدين، نشره المتحدث باسم الرئاسة المصرية عبر صفحته الرسمية على «فيسبوك»، فإن الزعيمين جددا تأكيد «إرادتهما السياسية المتبادلة لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، سياسياً واقتصادياً وثقافياً، انطلاقاً من الرغبة المشتركة في تحقيق مصالحهما المشتركة، بما يسهم أيضاً بشكل فعال في تحقيق الاستقرار والسلام والأمن في المنطقة، وقدرة الدولتين على التعامل مع التحديات المشتركة».

سد النهضة الإثيوبي (وزارة المياه والطاقة الإثيوبية)

واتفق الطرفان على تجاوز الجمود الحالي في مفاوضات سد النهضة، من خلال «الشروع في مفاوضات عاجلة للانتهاء من الاتفاق بين مصر وإثيوبيا والسودان لملء سد النهضة وقواعد تشغيله»، كما «اتفقا على بذل جميع الجهود الضرورية للانتهاء منه خلال أربعة أشهر»، وأوضحت إثيوبيا «التزامها، خلال فترة المفاوضات، وفي أثناء ملء السد خلال العام الهيدرولوجي 2023 - 2024 بعدم إلحاق ضرر ذي شأن بمصر والسودان، بما يوفر الاحتياجات المائية لكلا البلدين».

وعد عضو مجلس الشيوخ المصري عبد المنعم سعيد، اللقاء، «انفراجة» قد تسهم في حل القضية، مؤكدا لـ«الشرق الأوسط»، أن التوافق الراهن يبدو أنه نتيجة «وجود وساطات غير معلنة بين القاهرة وأديس أبابا، بجانب اتصالات ثنائية سابقة بين البلدين»، مشيرا إلى أن هناك «مدخلا جديدا راهنا ساهم في هذا التوافق وأحيا مفاوضات سد النهضة، وهو أن مصر وإثيوبيا أكثر بلدين تضررا من الأزمة السودانية الحالية، لذلك فإن إثيوبيا تحتاج لمصر وجهودها في هذا الملف، وهذا يعد اتفاق مصالح جديدا يدعم استئناف المفاوضات حول سد النهضة».

وكان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد أعلن (الخميس) الماضي عزم بلاده على إجراء «الملء الرابع» لخزان سد النهضة على نهر النيل، خلال موسم الفيضان الحالي، كما أبدى استعداد بلاده لاستئناف المفاوضات مع كل من مصر والسودان.

وتطالب مصر، ومعها السودان، إثيوبيا بتوقيع اتفاق ملزم يستند إلى القانون الدولي، خاصة أن النيل هو المورد المائي الرئيسي لمصر.

وتعتقد أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية في القاهرة الدكتورة نهى بكر أنه «ربما أدركت إثيوبيا أنها يجب أن تغير سياستها في التعامل مع ملف سد النهضة»، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «نأمل في أن يؤدي الاتفاق الجديد إلى فتح مسارات جديدة أكثر جدية»، على الرغم من أن «تاريخ المفاوضات في أزمة سد النهضة مُحزن، وتكون نتائجه دائما غير جدية بسبب التعنت الإثيوبي»، بحسب بكر.


مقالات ذات صلة

مصر تحمّل «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»

شمال افريقيا مصر تحمّل «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»

مصر تحمّل «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»

حملت مصر مجدداً ما تصفه بـ«التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»، الذي تقيمه أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل، ويواجه باعتراضات دولتي المصب.

عصام فضل (القاهرة)
العالم العربي صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي».

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شمال افريقيا الوزير المصري سويلم يلتقي السفير الألماني بالقاهرة (وزارة الموارد المائية والري)

مصر تحذّر دول نهر النيل من تفعيل اتفاقية «عنتيبي»

حذّرت مصر دول نهر النيل، من تفعيل «الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل»، المعروفة باسم اتفاقية «عنتيبي»، مؤكّدةً أنها بشكلها الحالي «تخالف قواعد القانون الدولي».

أحمد إمبابي (القاهرة)
العالم العربي صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

مصر والانتخابات الأميركية… لا مرشح مرجحاً ولا توقعات متفائلة

هيمن كل من الحرب في غزة وملف «سد النهضة» الإثيوبي على تقييمات سياسيين وبرلمانيين مصريين بشأن انعكاس نتيجة انتخابات الرئاسة الأميركية على مصر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ونظيره الأميركي أنتوني بلينكن (الخارجية المصرية)

عبد العاطي لبلينكن: الأمن المائي قضية «وجودية» لمصر

أكّد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، لنظيره الأميركي أنتوني بلينكن، رفض مصر وإدانتها للتصعيد الإسرائيلي ضد وكالة «أونروا».


الدبيبة يسعى لاستعادة «أكبر مزرعة» ليبية في غينيا

وفد حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة في غينيا (محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار)
وفد حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة في غينيا (محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار)
TT

الدبيبة يسعى لاستعادة «أكبر مزرعة» ليبية في غينيا

وفد حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة في غينيا (محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار)
وفد حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة في غينيا (محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار)

تسعى حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة في ليبيا، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، إلى استعادة ملكية مزرعة موالح كبرى من دولة غينيا، توصف بأنها «الأكبر في غرب أفريقيا».

المزرعة التي تبلغ مساحتها 2150 هكتاراً، وفق بيانات «محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار»، مخصصة لزراعة المانجو والأناناس، وملحق بها مصنع للعصائر وسبع بحيرات. وتعد المزرعة المستهدفة من بين الأصول الليبية، التي تديرها «محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار»، وهي عبارة عن صندوق استثماري ليبي، وتتوزع في أكثر من 430 شركة، و200 عقار في كل من أفريقيا وأوروبا وأميركا الشمالية.

وأجرى وفد رفيع من حكومة «الوحدة»، برئاسة وزير الشباب فتح الله الزني، الذي وصل غينيا مساء (الاثنين)، مباحثات مع مسؤوليها حول كيفية استرجاع المزرعة لليبيا.

وتأتي زيارة وفد الحكومة في طرابلس، عقب جدل وشكوك بشأن انتحال الغيني أمادو لامين سانو صفة «وزير ومستشار خاص لرئيس جمهورية غينيا بيساو»، خلال لقائه مسؤولين في حكومة أسامة حماد، المكلفة من مجلس النواب.

وكانت غينيا قد صادرت المزرعة الليبية عام 2020 بموجب مرسوم رئاسي أصدره الرئيس الغيني السابق، إلا أن المحكمة العليا الغينية قضت مؤخراً بإبطال ذلك المرسوم، ومن ثم إعادتها إلى ليبيا.

وفد حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة إلى غينيا (محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار)

وضم الوفد الذي ترأسه الزني، بصفته مبعوثاً للدبيبة إلى غينيا، أيضاً مصطفى أبو فناس، رئيس مجلس إدارة «محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار»، وعضو مجلس إدارة المحفظة خليفة الشيباني، والمدير العام لـلشركة الليبية للاستثمارات الأفريقية (لايكو)، محمد محجوب.

واستقبل الوفد الليبي وزير الشباب الغيني فرنسواه بوقولا، بالإضافة إلى عدد من المسؤولين الغينيين. وشارك في اللقاء القائمون بأعمال سفارتي البلدين.

ورأت «محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار» أن هذه الزيارة «خطوة تمثل تطوراً مهماً في سياسة حكومة (الوحدة) لاستعادة وتسوية الملفات العالقة، المتعلقة بالاستثمارات الليبية في القارة الأفريقية، كما تعكس حرص مجلس إدارة (محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار) على استعادة جميع ممتلكات المحفظة».

فيما يرى ليبيون أن الانقسام السياسي الليبي أثر على متابعة الأصول الخارجية المملوكة للبلاد.

وكانت أفريقيا الوسطى قد أقدمت على عرض أحد الفنادق الليبية في مزاد علني، ما أعاد السؤال حول مصير الأصول المجمدة بالخارج، التي تديرها «المؤسسة الليبية للاستثمار»، وكيفية الحفاظ عليها من الضياع.

وسبق أن قضت محكمة في عاصمة أفريقيا الوسطى بانغي ببيع أملاك للدولة الليبية في المزاد العلني، وهي: «فندق فخم»، قدرت قيمته بـ45 مليون يورو، وعمارتان تضمان شققاً بـ80 مليون يورو، بالإضافة إلى قطعة أرض قدرت قيمتها بـ6 ملايين يورو، وخاطبت المحكمة النائب العام ووزير العدل بأفريقيا الوسطى لعقد المزاد العلني. وقالت «الشركة الليبية للاستثمارات الأفريقية» إن الدولة الليبية حصلت على هذه العقارات مقابل قروض منحتها للدولة الأفريقية، بموجب اتفاقية موقعة بين البلدين عام 2007؛ لحماية وتشجيع الاستثمار.

وفي مايو (أيار) 2023 قالت «محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار» إنها نجحت في رفع الحجز عن فندق «ليدجر بلازا بانغي»، وهو من فئة 5 نجوم ومملوك لليبيا في عاصمة أفريقيا الوسطى بانغي.

وتُعنى «لايكو» بإدارة الفنادق والمنتجعات المملوكة للشركة الليبية للاستثمارات الأفريقية، والتي تعمل تحت مظلة «محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار»، والمؤسسة الليبية للاستثمار المعروفة بـ«الصندوق السيادي الليبي». وتضم «لايكو» مجموعة من 11 منشأة، بها أكثر من 2200 غرفة من فئة 4 إلى 5 نجوم، وتطل على المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط.

وسبق أن ناقش النائب بالمجلس الرئاسي عبد الله اللافي مع رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى، فوستين تواديرا، خلال لقائهما في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، ملف الاستثمارات الليبية وكيفية حمايتها.

عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة (الوحدة)

وكانت الأموال الليبية المجمدة في الخارج تُقدر بقرابة 200 مليار دولار، وهي عبارة عن استثمارات في شركات أجنبية، وأرصدة وودائع وأسهم وسندات، تم تجميدها بقرار من مجلس الأمن الدولي في مارس (آذار) عام 2011، لكن الأرصدة النقدية تناقصت على مدار السنوات الماضية إلى 67 مليار دولار، وفق فائز السراج، رئيس حكومة «الوفاق الوطني» السابقة.