هل تلغي مصر «الروشتة الطبية» الورقية؟

مقترح برلماني بتعميم «الإلكترونية» تجنباً للأخطاء

جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (أرشيفية)
جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (أرشيفية)
TT

هل تلغي مصر «الروشتة الطبية» الورقية؟

جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (أرشيفية)
جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (أرشيفية)

وسط جدل يتجدد حول مشكلاتها، تقدمت نائبة مصرية لمجلس النواب (البرلمان) بمقترح إلغاء «الروشتة الطبية» الورقية وتعميم «الإلكترونية» تجنبا للأخطاء التي يتسبب فيها عدم وضوح خط الأطباء في كتابة الأدوية بالروشتة... فهل تلغي مصر «الروشتة الورقية»؟

وطالبت عضو مجلس النواب حنان حسني يشار، في اقتراحها الموجه لوزير الصحة خالد عبد الغفار، بـ«إلغاء روشتة الأطباء التقليدية (الورقية المكتوبة) وتعميم الروشتة الرقمية على جميع الأطباء في مصر». وقالت في مقترحها: «نحن في طريقنا نحو الرقمنة، التي قطعنا فيها شوطاً كبيرا، يجب أن تصل إلى القطاع الطبي، ومن ثم آن الأوان لإلغاء الروشتة المكتوبة بخط اليد والاعتماد بدلا منها على الروشتة الإلكترونية».

وأشارت عضو مجلس النواب في تصريحات صحافية، الأربعاء، إلى أن «الكتابة المشوهة للأدوية على الروشتة الطبية التقليدية، قد تؤدي إلى خطأ جسيم بأن يعطي الصيدلي دواء مختلفا للمريض، مع وجود آلاف الأنواع من الأدوية، خاصة إذا كان هناك ضغط في العمل أو كان الصيدلي صغيرا غير متمرس»، موضحة أن «الروشتة تعد أولى خطوات العلاج، غير أنها قد تصبح كارثة تهدد حياة المريض، إذا كانت مكتوبة بخط سيئ، وتعثر الصيدلي في قراءتها أو تشابهت عليه الأحرف فصرف دواء أو عقارا للمريض غير الذي يقصده الطبيب».

وكانت نقابة الصيادلة طالبت في مناسبات عدة بإلغاء «الروشتة الطبية» الورقية، وتعميم «الروشتة الإلكترونية» على كل الأطباء، كما ناقش مجلس النواب طلبات عدة خلال السنوات الماضية حول القضية نفسها، ويتندر المصريون على عدم وضوح خط الأطباء في كتابة «الروشتة الطبية».

ووفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء «جهة رسمية» بلغ عدد الأطباء في مصر 196 ألفا و508 أطباء، منهم 1210 آلاف و394 طبيبا بشريا، و30 ألفا و566 طبيب أسنان.

من جانبه، قال المقرر المساعد للجنة الصحة بالحوار الوطني الدكتور محمد حسن خليل لـ«الشرق الأوسط» إن «جلسات لجنة الحوار الوطني الشهر الماضي ناقشت مقترحا يمكنه أن ينهي مشكلات (الروشتة الطبية الورقية) حيث ناقشنا ضرورة تدشين قاعدة بيانات إلكترونية على المستوى الوطني للمرضى في مصر تتضمن كل تفاصيل حالتهم الصحية من تحاليل وتقارير طبية و(روشتات) سواء أكانوا يترددون على عيادات خاصة أو مستشفيات».

وأرجع خليل عدم وضوح خط الأطباء في كتابة الأدوية بـ«الروشتة الطبية» إلى «الاستعجال في الكتابة»، وقال إن «الاستعجال سببه رغبة الأطباء في الانتهاء من الكشف على أكبر عدد من المرضى»، وبحسب خليل «تمرس الصيادلة على (فك شفرات) الكتابة غير الواضحة للأطباء في الروشتة نتيجة تراكم خبراتهم في ذلك»، لافتا إلى أنه «يمكن بدء تعميم الروشتة الإلكترونية بالمستشفيات أولا، لأن العيادات الخاصة متفاوتة الإمكانيات وقد يعصب على بعض الأطباء شراء جهاز كومبيوتر وطابعة لطباعة الروشتة الإلكترونية».


مقالات ذات صلة

«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

يوميات الشرق شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)

«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

تُعدّ لوحات الفنان السوري ماهر البارودي بمنزلة «شهادة دائمة على معاناة الإنسان وقدرته على الصمود».

نادية عبد الحليم (القاهرة )
شمال افريقيا حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)

مصر تُكثف دعمها للسودان في إعادة الإعمار وتقليل تأثيرات الحرب

تكثف مصر دعمها للسودان في إعادة الإعمار... وناقش ملتقى اقتصادي في القاهرة الاستثمارات المشتركة بين البلدين، والتعاون الاقتصادي، لتقليل تأثيرات وخسائر الحرب.

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا من جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (الحكومة المصرية)

«النواب» المصري على خط أزمة أسعار خدمات الاتصالات

دخل مجلس النواب المصري (البرلمان) على خط أزمة أسعار خدمات الاتصالات في البلاد.

أحمد عدلي (القاهرة )
شمال افريقيا وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)

مصر تدعو إلى «حلول سلمية» للنزاعات في القارة السمراء

دعت مصر إلى ضرورة التوصل لحلول سلمية ومستدامة بشأن الأزمات والنزاعات القائمة في قارة أفريقيا. وأكدت تعاونها مع الاتحاد الأفريقي بشأن إعادة الإعمار والتنمية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الحكومة المصرية لإعداد مساكن بديلة لأهالي «رأس الحكمة»

الحكومة المصرية لإعداد مساكن بديلة لأهالي «رأس الحكمة»

تشرع الحكومة المصرية في إعداد مساكن بديلة لأهالي مدينة «رأس الحكمة» الواقعة في محافظة مرسى مطروح (شمال البلاد).

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)
من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)
TT

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)
من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)

عمَّق اعتقال الكاتب الفرنسي الجزائري، بوعلام صنصال، من الفجوة في العلاقات بين الجزائر وباريس، إلى حد يصعب معه توقع تقليصها في وقت قريب، حسب تقدير مراقبين.

ومنذ السبت 16 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، يوجد الكاتب السبعيني في مقار الأمن الجزائري، حيث يجري استجوابه حول تصريحات صحافية أطلقها في فرنسا، حملت شبهة «تحقير الوطن»، على أساس مزاعم بأن «أجزاء كبيرة من غرب الجزائر تعود إلى المغرب»، وأن قادة الاستعمار الفرنسي «كانوا سبباً في اقتطاعها مرتكبين بذلك حماقة». كما قال إن «بوليساريو» التي تطالب باستقلال الصحراء عن المغرب، «من صنع الجزائر لضرب استقرار المغرب».

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (متداولة)

وكان يمكن أن تمر «قضية صنصال» من دون أن تسهم في مزيد من التصعيد مع فرنسا، لولا ما نسبته وسائل إعلام باريسية للرئيس إيمانويل ماكرون، بأنه «قلق» من اعتقال مؤلف رواية «قرية الألماني» الشهيرة (2008)، وبأنه يعتزم التدخل لدى السلطات الجزائرية لإطلاق سراحه.

وهاجمت الصحافة الجزائرية الصادرة الأحد، في معظمها، الطيف السياسي الفرنسي، بسبب «تعاطف اليمين المتطرف واللوبي الصهيوني»، مع الكاتب، قياساً إلى قربه من هذه الأوساط منذ سنين طويلة، وقد أكد ذلك بنفسه، بموقفه المؤيد للعدوان الإسرائيلي على غزة، منذ «طوفان الأقصى» (7 أكتوبر/تشرين الأول 2023)، فضلاً عن معارضته مطلب سلطات بلده الأصلي، الجزائر، «باعتراف فرنسا بجرائمها خلال فترة الاستعمار» (1830- 1962).

وتزامنت «أزمة صنصال» مع أزمة كاتب فرنسي جزائري آخر، هو كمال داوود، الفائز منذ أسابيع قليلة بجائزة «غونكور» المرموقة عن روايته «حور العين». وفجَّر هذا العمل الأدبي غضباً في الجزائر، بحجة أنه «انتهك محظور العشرية السوداء»؛ بسبب تناول الرواية قصة فتاة تعرضت للذبح على أيدي متطرفين مسلحين. علماً أن جزائرية أعلنت، الخميس الماضي، عن رفع دعوى قضائية ضد كمال داوود بتهمة «سرقة قصتها» التي أسقطها، حسبها، على الشخصية المحورية في الرواية.

كما يلام داوود الذي عاش في الجزائر حتى سنة 2021، على «إفراطه في ممارسة جلد الذات إرضاءً للفرنسيين»، خصوصاً أنه لا يتردد في مهاجمة الجزائريين بسبب «العنف المستشري فيهم». ولامس داوود التيار العنصري والتيارات الدينية في فرنسا، بخصوص الحرب في غزة. وصرح للصحافة مراراً: «لا أنتمي إلى جيل الثورة، وعلى هذا الأساس لست معنياً بمسألة تجريم الاستعمار والتوبة عن ممارساته».

ويرى قطاع من الجزائريين أن فرنسا منحت داوود جنسيتها (عام 2020 بقرار من الرئيس ماكرون)، «في مقابل أن يستفز بلاده في تاريخها وسيادتها (الذاكرة والاستعمار)، ويثخن في جرح غائر (مرحلة الاقتتال مع الإرهاب) لم تشفَ منه بعد».

الروائي الفرنسي الجزائري كمال داود (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

وكانت العلاقات بين البلدين معقَدة بما فيه الكفاية منذ الصيف الماضي، عندما سحبت الجزائر سفيرها من باريس؛ احتجاجاً على اعترافها بخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء، وحينها شجبت «قيام حلف بين الاستعمار القديم والجديد»، وتقصد البلدين، علماً أن العلاقات بين العاصمتين المغاربيتين مقطوعة رسمياً منذ 2021.

وفي الأصل، كان الخلاف الجزائري - الفرنسي مرتبطاً بـ«الذاكرة وأوجاع الاستعمار»، وهو ملف حال دون تطبيع العلاقات بينهما منذ استقلال الجزائر عام 1962. وقامت محاولات لإحداث «مصالحة بين الذاكرتين»، على إثر زيارة أداها ماكرون إلى الجزائر في أغسطس (آب) 2022، لكن «منغصات» كثيرة منعت التقارب في هذا المجال، منها مساعٍ أطلقها اليمين التقليدي واليمين المتشدد، خلال هذا العام، لإلغاء «اتفاق الهجرة 1968»، الذي يسيّر مسائل الإقامة والدارسة والتجارة و«لمّ الشمل العائلي»، بالنسبة للجزائريين في فرنسا.

وعدَّت الجزائر هذا المسعى بمثابة استفزاز لها من جانب كل الطبقة السياسية الفرنسية، حكومة وأحزاباً، حتى وإن لم يحققوا الهدف. ومما زاد العلاقات صعوبة، رفض فرنسا، منذ أشهر، طلباً جزائرياً لاسترجاع أغراض الأمير عبد القادر الجزائري، المحجوزة في قصر بوسط فرنسا، حيث عاش قائد المقاومة الشعبية ضد الاستعمار في القرن الـ19، أسيراً بين عامي 1848 و1852. وتسبب هذا الرفض في إلغاء زيارة للرئيس الجزائري إلى باريس، بعد أن كان تم الاتفاق على إجرائها خريف هذا العام.