تونسيون يحذرون من «تدفق استثنائي» للمهاجرين على مدينة صفاقس

قالوا إن العواقب ستكون وخيمة إذا لم يتم علاج الظاهرة

عدد من المهاجرين الأفارقة في تونس (أ.ف.ب)
عدد من المهاجرين الأفارقة في تونس (أ.ف.ب)
TT

تونسيون يحذرون من «تدفق استثنائي» للمهاجرين على مدينة صفاقس

عدد من المهاجرين الأفارقة في تونس (أ.ف.ب)
عدد من المهاجرين الأفارقة في تونس (أ.ف.ب)

حذَّر «الاتحاد الجهوي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (مجمع رجال الأعمال)» بمدينة صفاقس التونسية (وسط شرق تونس)، اليوم الخميس، من «تدفق استثنائي للمهاجرين غير النظاميين على الولاية»، معتبراً أن هذا التدفق تسبَّب في «ضغط اقتصادي هائل، وخلل اجتماعي، كما سيتسبب في عواقب وخيمة»، على حد تعبير رئيسه أنور التريكي، في أحد البرامج الإذاعية.

وقال «الاتحاد» إن المهاجرين غير النظاميّين «يتدفّقون على صفاقس من جميع المداخل، ممّا يثير التساؤلات حول مدى قدرتهم على تجاوز الحدود التونسية، ثمّ قطع مئات الكيلومترات لدخول ولاية (محافظة) صفاقس، دون رقيب أو حسيب، وهو ما يدفع إلى الشكّ بأن السماح لهم بذلك أمر مشبوه»، على حد تعبيره.

ودعا «الاتحاد» السلطات التونسية لاتخاذ ما يلزم من إجراءات، ووضع حد لهذه الظاهرة في إطار الضوابط القانونية، «قبل أن تؤول الأمور إلى ما لا يُحمد عقباه»، مؤكداً أنه «يمد يده إلى كل ذوي العزائم لعلاج الموقف».

ووفق تقارير تناقلتها وسائل إعلام محلية، فقد باتت مدينة صفاقس من أهم محطات انطلاق المهاجرين بصفة غير شرعية في تدفقات على السواحل الإيطالية.

وقدَّر «المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية» عدد الأفارقة من دول جنوب الصحراء بنحو 26 ألفاً، مرجحاً أن أعدادهم سترتفع بصفة قياسية، خلال شهور الصيف، التي تهدأ فيها عواصف البحر المتوسط، فتتضاعف رحلات الموت، في محاولات للوصول إلى القارة الأوروبية.

يُذكَر أن «المفوضية الأوروبية» تبحث مع تونس، خلال هذه الفترة، سبل عقد اتفاق، قبل نهاية شهر يونيو (حزيران) الحالي؛ بهدف الحد من تدفقات المهاجرين، مقابل وعود بتوفير مساعدات وتمويلات للميزانية التونسية المتداعية.

في هذا السياق، قالت رئيسة «المفوضية الأوروبية» أورسولا فون دير لاين إن «الاتحاد الأوروبي» يعمل بجدية لإطلاق حزمة الشراكة الشاملة الجديدة مع تونس.

من لقاء سابق بين الرئيس التونسي ورئيسة «المفوضية الأوروبية» خلال زيارتها الأخيرة لتونس لبحث أزمة الهجرة (أ.ف.ب)

وجاءت تصريحات فون دير لاين، التي نشرتها عبر «تويتر»، خلال لقائها الرئيس التونسي قيس سعيد، اليوم الخميس، وقالت المسؤولة الأوروبية: «نريد أن نعزز شراكتنا مع تونس في الركائز الخمس الأساسية للحزمة».

واتفقت تونس و«الاتحاد الأوروبي»، في وقت سابق من الشهر الحالي، على العمل معاً على حزمة «شراكة شاملة» تشمل التصدي للهجرة غير الشرعية، والطاقة المستدامة، وتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية. وقالت المسؤولة الأوروبية، في ذلك الوقت، إن المفوضية تعمل مع تونس على حزمة كلية من عدة محاور؛ أبرزها تعزيز اقتصاد تونس، وزيادة التجارة والاستثمار، والتعاون في مجال الطاقة، ومعالجة تحديات الهجرة غير الشرعية.


مقالات ذات صلة

مهاجرون باكستانيون عالقون على الحدود بين مالي وموريتانيا

شمال افريقيا قوات بحرية إسبانية تعترض قارب مهاجرين غير نظاميين انطلق من سواحل موريتانيا (أ.ف.ب)

مهاجرون باكستانيون عالقون على الحدود بين مالي وموريتانيا

«رغم المسافة الكبيرة التي تفصل موريتانيا عن باكستان، والتي تقدر بنحو 7700 كيلومتر، فإنها أصبحت وجهة للمهاجرين الآسيويين».

الشيخ محمد (نواكشوط)
شمال افريقيا مشاركون في ندوة جامعة أسيوط عن «الهجرة غير المشروعة» تحدثوا عن «البدائل الآمنة» (المحافظة)

مصر لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» عبر جولات في المحافظات

تشير الحكومة المصرية بشكل متكرر إلى «استمرار جهود مواجهة الهجرة غير المشروعة، وذلك بهدف توفير حياة آمنة للمواطنين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الولايات المتحدة​ تعيينات دونالد ترمب في إدارته الجديدة تثير قلق تركيا (رويترز)

ترمب يؤكد عزمه على استخدام الجيش لتطبيق خطة ترحيل جماعي للمهاجرين

أكد الرئيس المنتخب دونالد ترمب أنه يعتزم إعلان حالة طوارئ وطنية بشأن أمن الحدود واستخدام الجيش الأميركي لتنفيذ عمليات ترحيل جماعية للمهاجرين غير الشرعيين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا مهاجرون عبر الصحراء الكبرى باتجاه أوروبا عبر ليبيا وتونس (رويترز)

السلطات التونسية توقف ناشطاً بارزاً في دعم المهاجرين

إحالة القضية إلى قطب مكافحة الإرهاب «مؤشر خطير لأنها المرة الأولى التي تعْرض فيها السلطات على هذا القطب القضائي جمعيات متخصصة في قضية الهجرة».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا من عملية ضبط مهاجرين في صبراتة قبل تهريبهم إلى أوروبا (مديرية أمن صبراتة)

السلطات الليبية تعتقل 90 مهاجراً قبل تهريبهم إلى أوروبا

عثرت السلطات الأمنية في مدينة صبراتة الليبية على «وكر» يضم 90 مهاجراً غير نظامي، تديره إحدى عصابات الاتجار بالبشر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الجزائر: نقض أحكام بإعدام 38 شخصاً في «قضية حرائق القبائل»

مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)
مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)
TT

الجزائر: نقض أحكام بإعدام 38 شخصاً في «قضية حرائق القبائل»

مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)
مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)

قال محامون في الجزائر إن المحكمة العليا قبلت طعناً بالنقض في قضية أثارت جدلاً كبيراً العام الماضي، تمثلت في إصدار محكمة الجنايات بالعاصمة حكماً بإعدام 38 شخصاً، بتهمة «إشعال النار في منطقة القبائل، بناءً على توجيهات من تنظيم إرهابي»، يُسمى «حركة الحكم الذاتي في القبائل».

صورة لنيران منطقة القبائل صيف 2021 (الشرق الأوسط)

وأكد المحامي والحقوقي الشهير، مصطفى بوشاشي، الذي ترافع لصالح بعض المتهمين، لصحافيين، أن أعلى غرفة الجنايات بأعلى هيئة في القضاء المدني نقضت، مساء أمس الخميس، الأحكام التي صدرت فيما بات يعرف بـ«قضية الأربعاء ناث إراثن»، وهي قرية ناطقة بالأمازيغية (110 كيلومترات شرق)، شهدت في صيف 2021 حرائق مستعرة مدمرة، خلفت قتلى وجرحى، وإتلافاً للمحاصيل الزراعية ومساحات غابات كبيرة، وعقارات ومبانٍ على غرار قرى أخرى مجاورة.

مبنى المحكمة العليا بأعالي العاصمة الجزائرية (الشرق الأوسط)

غير أن الحرائق ليست أخطر ما حدث يومها في نظر القضاء، فعندما كان سكان القرية يواجهون النيران بوسائلهم الخاصة البسيطة، تناهى إليهم أن شخصاً بصدد إضرام النار في بلدتهم عمداً، وفعلاً ألقت الشرطة بهذه الشبهة على ثلاثيني من منطقة بوسط البلاد، يُدعى جمال بن سماعين، فتوجهوا وهم في قمة الغضب إلى مقر الأمن، وكان الشاب في تلك الأثناء داخل سيارة الشرطة فأخرجوه منها، غير عابئين بالعيارات النارية، التي أطلقها رجال شرطة لثنيهم عن قتله، وأخذوه إلى الساحة العامة، فنكّلوا به وأحرقوا جثته، بينما كان يتوسل إليهم أن يخلوا سبيله، وبأنه حضر إلى القرية للمساعدة وليس لإشعال النار.

وجرى تصوير مشاهد التنكيل المروعة بكاميرات الهواتف النقالة، واعتقل الأمن لاحقاً كل الذين ظهروا في الصور.

جمال بن سماعين قُتل على أيدي سكان قرية التهمتها النيران (متداولة)

على أثر ذلك، طالبت قطاعات واسعة في المجتمع بـ«القصاص»، ورفع التجميد عن عقوبة الإعدام، التي تصدرها المحاكم دون أن تنفذ، وذلك منذ تطبيقه بحق 3 إسلاميين عام 1993، بتهمة تفجير مطار العاصمة صيف 1992 (42 قتيلاً). لكن أثبت التحقيق بأن بن سماعين لا يد له في الأحداث المأساوية.

وبثّ الأمن الجزائري «اعترافات» لعدد كبير من المعتقلين بعد الأحداث، أكدوا كلهم أنهم وراء النيران المستعرة، وبأنهم ارتكبوا الجريمة بأوامر من رئيس تنظيم «حركة الحكم الذاتي في القبائل»، المعروف اختصاراً بـ«ماك»، فرحات مهني، الذي يتحدر من المنطقة، ويقيم منذ سنوات طويلة بفرنسا بصفته لاجئاً سياسياً.

فرحات مهني المتهم بإشعال النار في منطقة القبائل (الشرق الأوسط)

وقال محامو المتهمين بعد تداول هذه «الاعترافات» إن القضاء «يبحث عن مسوّغ لإنزال عقوبة ثقيلة في حقهم»، وهو ما حدث بالفعل في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بإدانتهم بالإعدام. علماً بأن التهم وجهت لمائة شخص في هذه القضية، وحُكم على بعضهم بالسجن بين عام و5 سنوات مع التنفيذ، في حين نال آخرون البراءة.

وتمثلت التهم أساساً في «نشر الرعب في أوساط السكان بإشعال النيران»، و«الانتماء إلى منظمة إرهابية» تُدعى «ماك»، و«قتل شخص عن سبق إصرار والتنكيل بجثته»، و«القيام بأفعال إرهابية وتخريبية تستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية، واستقرار المؤسسات وسيرها العادي، عن طريق بث الرعب في أوساط السكان، وخلق جو انعدام الأمن»، وتم تثبيت الأحكام بعد استئنافها.

أما فرحات مهني فكذّب، في فيديو نشره بالإعلام الاجتماعي، التهمة المنسوبة إليه، وطالب بفتح تحقيق مستقل في الأحداث «من طرف جهة أجنبية».

وفي نظر عدد كبير من المحامين على صلة بهذا الملف، فإن القضاء يبحث من خلال نقض الأحكام عن «إصلاح أخطاء تسبب فيها بإصدار قرارات متسرعة»، وبأن القضاة «كانوا تحت ضغط رأي عام طالب بالقصاص». ووفق ما ينص عليه القانون، ستعاد محاكمة المتهمين في محكمة الجنايات بتشكيل قضاة غير الذين أدانوهم في المرة السابقة.