عشرات القتلى والجرحى المدنيين في قصف جوي جنوب الخرطوم

قوات الدعم السريع تعلن إسقاط طائرة عسكرية وتتهم الجيش بقصف الأحياء السكنية

الدخان يتصاعد خلف المباني بأحد أحياء الخرطوم وسط استمرار الحرب في السودان (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد خلف المباني بأحد أحياء الخرطوم وسط استمرار الحرب في السودان (أ.ف.ب)
TT

عشرات القتلى والجرحى المدنيين في قصف جوي جنوب الخرطوم

الدخان يتصاعد خلف المباني بأحد أحياء الخرطوم وسط استمرار الحرب في السودان (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد خلف المباني بأحد أحياء الخرطوم وسط استمرار الحرب في السودان (أ.ف.ب)

بعد يوم من تهديدات أحد قادة الجيش السوداني، الفريق ياسر العطا، بمهاجمة «قوات الدعم السريع» في أي مكان توجد فيه، قتل 17 مدنياً، بينهم 5 أطفال، وأصيب 11 آخرون، يوم السبت، جراء قصف جوي للجيش السوداني على أحياء سكنية في جنوب العاصمة الخرطوم، حسبما أفادت غرفة طوارئ محلية بالمنطقة.

وأثناء ذلك، أعلنت قوات الدعم السريع إسقاط طائرة عسكرية للجيش، الذي قال بدوره إن «سقوط الطائرة من طراز سوخوي نتج عن عطل فني». وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط»، إن طيران الجيش السوداني حلق في سماء الخرطوم منذ صباح السبت، وإنهم سمعوا دوي المضادات الأرضية التي تطلقها قوات الدعم السريع.

وقالت غرفة طوارئ بمناطق جنوب الخرطوم، في بيان: «أدى القصف الجوي إلى سقوط قذائف في منطقة أنقولا وجنوب حي اليرموك، نتج عنه وفاة 17 شخصاً، بينهم 5 أطفال، وإصابة 11 آخرين، يتلقون العلاج في مستشفى بشائر»، مشيرة إلى أن الغارة الجوية دمرت 25 منزلاً. ولم يصدر عن الجيش السوداني أي تعليق أو رد بخصوص الاتهامات الموجهة إليه بقصف المنطقة.

حرائق جراء الحرب في العاصمة السودانية الخرطوم (أ.ف.ب)

قصف عشوائي

وقتل في قصف جوي للجيش يوم الجمعة، 6 بينهم 4 أشقاء في ضاحية القادسية بمنطقة شرق النيل، كما قتل شخصان على الأقل في مدينة أم درمان. ونفذ الجيش في اليوم ذاته، ضربات جوية على عدد من الأحياء في مدينة أم درمان، ومنطقة الرميلة بجنوب العاصمة، كما وجه غارات جوية لضواحي امتداد ناصر ومنطقة بري شرق الخرطوم، تسببت في تدمير جزئي أو كلي لعدد من منازل المواطنين.

وفي مطلع يونيو (حزيران) الحالي، تعرضت منطقة جنوب الخرطوم إلى قصف بالطيران، وصفه البعض بالعشوائي، أسفر عن مقتل 18 شخصاً وإصابة 106 آخرين، لتسجل أكبر عدد من الضحايا والإصابات منذ اندلاع الحرب في حادث واحد.

وعقب انتهاء هدنة اتفاق وقف إطلاق النار الأسبوع الماضي، يكثف الجيش من الضربات الجوية والعمليات العسكرية للمواقع التي تتمركز فيها قوات الدعم السريع، التي تتهم الجيش بقصف المناطق المأهولة بالسكان في الخرطوم.

إسقاط طائرة حربية

من جانبها، قالت قوات الدعم السريع، التي يقودها الفريق محمد حمدان دقلو المعروف باسم «حميدتي»، في بيان يوم السبت، إنها أسقطت طائرة من طراز «ميغ» تابعة للجيش السوداني. وأضاف البيان أن طيران الجيش هاجم الأحياء السكنية (مايو، وأنقولا، ومانديلا) في جنوب الخرطوم، ما تسبب في مقتل وإصابة العشرات من المدنيين.

وكان الفريق ياسر العطا، الذي يقود العمليات العسكرية الميدانية في مدينة أم درمان، قد طلب في تسجيل فيديو، من المواطنين مغادرة منازلهم القريبة من أي منزل تحتله قوات الدعم السريع، لأن الجيش سيهاجم «المتمردين» في أي مكان.

ولا تزال قوات الدعم السريع تسيطر على عدد من المقرات السيادية والعسكرية الاستراتيجية للجيش في العاصمة الخرطوم، منها القصر الرئاسي، ومجمع اليرموك لصناعة الأسلحة والذخيرة، ومناطق عسكرية وأمنية في محيط المقر الرئيسي لقيادة الجيش بوسط الخرطوم، فضلاً عن عدد من الجسور الرابطة بين المناطق المختلفة، وأيضاً عدد من مداخل ومخارج العاصمة.

سكان أحد أحياء الخرطوم يطهون في الطرقات العامة وسط دمار كبير للمساكن بفعل الحرب (أ.ب)

الاعتماد على الطيران

ومنذ اندلاع الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل الماضي، لجأ الجيش إلى توجيه ضربات جوية، دمر خلالها المقر الرئيسي لقوات الدعم السريع، كما هاجم عدداً من قواعدها العسكرية في العاصمة.

ويكرر الجيش القول إنه قادر على حسم المعركة بالعاصمة الخرطوم في وقت قصير، لولا احتماء قوات الدعم السريع بالمنازل السكنية واستخدام المدنيين دروعاً بشرية. ووفقاً لنقابة أطباء السودان (غير حكومية)، قتل 958 وأصيب 2746 من المدنيين بجميع أنحاء البلاد، فيما تذهب تقارير الأمم المتحدة إلى مقتل وإصابة آلاف المدنيين جراء الاقتتال بين الجيش وقوات الدعم السريع في الخرطوم وإقليم دارفور.


مقالات ذات صلة

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

شمال افريقيا علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

حددت المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي 11 ديسمبر المقبل لبدء المرافعات الختامية في قضية السوداني علي كوشيب، المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية بدارفور.

أحمد يونس (كمبالا)
الولايات المتحدة​ مسعفون من جمعية «الهلال الأحمر الفلسطيني» ومتطوعون في الفريق الوطني للاستجابة للكوارث (أ.ب)

الأمم المتحدة: عمال الإغاثة الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر

أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن عدد عمال الإغاثة والرعاية الصحية الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر، بحسب «أسوشييتد برس».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شمال افريقيا سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة، فيما تعتزم الحكومة الألمانية دعم مشروع لدمج وتوطين اللاجئين السودانيين في تشاد.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)

السودان: توغل «الدعم السريع» في النيل الأزرق والجيش يستعيد بلدة

تشير أنباء متداولة إلى أن الجيش أحرز تقدماً كبيراً نحو مدينة سنجة التي سيطرت عليها «قوات الدعم السريع»، يونيو (حزيران) الماضي.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا عائلة تستريح بعد مغادرة جزيرة توتي التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في أم درمان بالسودان يوم 10 نوفمبر 2024 (رويترز)

السودان: 40 قتيلاً في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

أفاد طبيب بمقتل 40 شخصاً «بالرصاص» في السودان، بهجوم شنّه عناصر من «قوات الدعم السريع» على قرية بولاية الجزيرة وسط البلاد.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

تفاعل مصري مع بكاء السيسي خلال لقائه قادة القوات المسلحة

السيسي أكد أن المنطقة تمر بظروف صعبة ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة (الرئاسة المصرية)
السيسي أكد أن المنطقة تمر بظروف صعبة ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة (الرئاسة المصرية)
TT

تفاعل مصري مع بكاء السيسي خلال لقائه قادة القوات المسلحة

السيسي أكد أن المنطقة تمر بظروف صعبة ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة (الرئاسة المصرية)
السيسي أكد أن المنطقة تمر بظروف صعبة ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة (الرئاسة المصرية)

تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع لحظات بكاء وتأثر للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال لقائه، الخميس، قادة القوات المسلحة المصرية في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة (شرق القاهرة).

وتصدر وسم «#السيسي_القايد» الترند في مصر، مع مشاركة مقاطع فيديو من لقاء السيسي، والاحتفاء بكلماته.

اللقاء الذي حضره القائد العام للقوات المسلحة المصرية، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، الفريق أول عبد المجيد صقر، ورئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، الفريق أحمد خليفة، وقادة الأفرع الرئيسية، تناول، حسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، تطوّرات الأوضاع على الساحتَين الإقليمية والدولية وانعكاساتها على الأمن والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط».

وخلال اللقاء طلب السيسي من المتحدث العسكري، العقيد غريب عبد الحافظ، أن يسدي له نصيحة، قائلاً: «تنصحني بإيه؟»، ليرد الأخير: «هون على نفسك يا فندم».

وتعليقاً على رد المتحدث العسكري، قال السيسي، الذي بدا عليه التأثر حابساً دموعه: «هما يومان في الدنيا، وبعد ذلك سنموت... يا رب يقبلني».

وأضاف الرئيس المصري مخاطباً المتحدث العسكري أنه «عندما تفهم الحكاية التي نتواجد بسببها في الأرض... لن تهون عليك أبداً»، وتابع: «عندما جاءت السيدة فاطمة أثناء وفاة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، قالت له: (واكرباه). فرد عليها الرسول وهو ينتقل إلى الرفيق الأعلى: (لا كرب بعد اليوم على أبيكِ)».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قال إن سياسة بلاده الخارجية تتمتع بالاعتدال (الرئاسة المصرية)

وحرص رواد مواقع «التواصل» على مشاركة مقطع الفيديو، الذي يظهر فيه تأثر الرئيس المصري وهو يرد على المتحدث العسكري، من بينهم الإعلامي المصري أحمد موسى.

بينما دعا مغردون أن يعين الله الرئيس المصري ويؤيده بنصره.

وكتب آخرون، متمنين أن يحمي الله السيسي من «كيد الحاقدين».

كما عد حساب آخر بكاء الرئيس «دليلاً على ثقل الحمل الذي يتحمله».

في المقابل، ظهرت تعليقات و«هاشتاغات» ناقدة ومشككة في المشهد الذي تم بثه عبر القنوات التلفزيونية الرسمية.

وهو ما عده الخبير العسكري المصري، اللواء سمير فرج، «محاولة للتقليل من مكانة البلاد عبر الادعاء بأن حديث السيسي وتأثره هدفهما استعطاف المصريين»، مشيراً إلى أن «وراء هذه الادعاءات جماعات تسعى باستمرار للتشكيك في كل شيء، وفي كل تصريح، بهدف إثارة البلبلة وتحريض الرأي العام».

وأكد فرج لـ«الشرق الأوسط» أن «كلمات الرئيس خلال لقائه قادة القوات المسلحة حظيت بتفاعل واسع في الداخل والخارج»، مشيراً إلى أن «تأثر السيسي خلال اللقاء يعكس حجم التحديات التي تواجهها البلاد». وقال إن «السيسي سبق وقال له إنه كمن يمسك جمراً في يده، نظراً لحجم المخاطر التي تحيط بالبلاد، لا سيما خلال الفترة الأخيرة منذ اندلاع حرب غزة».

وأضاف فرج: «نعيش فترة عصيبة تحتاج حنكة وحكمة في اتخاذ القرارات». وأوضح أن «السيسي تحدث خلال اللقاء عن التهديد الذي يواجه مصر عبر جبهاتها الاستراتيجية الثلاث؛ سيناء شرقاً، وليبيا غرباً، والسودان واليمن جنوباً»، وأكد الرئيس المصري «ضرورة التأني في اتخاذ القرارات حتى لا تفقد البلاد ما بنته من تسليح وتدريب خلال السنوات الماضية».

الرئيس المصري خلال لقاء قادة القوات المسلحة المصرية (الرئاسة المصرية)

ولم يقتصر التفاعل على لحظات التأثر، بل امتد لتصريحات السيسي خلال اللقاء. وقال الإعلامي وعضو ومجلس النواب المصري (البرلمان)، مصطفى بكري، عبر حسابه على «إكس»، إن «حديث الرئيس السيسي مع قادة القوات المسلحة يعكس حرصه على التشاور معهم بشأن التحديات التي تواجه مصر في الوقت الراهن على كافة الاتجاهات الاستراتيجية».

ولفت بكري إلى أن الرئيس المصري أرسل خلال اللقاء رسائل عدة؛ من أبرزها «التأكيد على أن إدارة مصر المتزنة ساهمت في الاستقرار، وأن مصر ليست في معزل عما يدور حولها من أزمات وتحديات، مع التشديد على ضرورة الحفاظ على التدريب والجاهزية للقوات المسلحة للحفاظ على أمن مصر القومي».

من جانبه، أشار الخبير العسكري المصري إلى أن «لقاء السيسي مع الجيش هذه المرة مختلف، حيث حضره قادة الفرق واللواءات، على غير المعتاد في مثل هذه الاجتماعات التي يحضرها (المجلس الأعلى للقوات المسلحة) وقادة الجيوش، ما يعني أن الرئيس أراد أن تصل رسالته لكل جندي».

وحمل لقاء السيسي مع قادة القوات المسلحة «رسائل عدة للداخل والخارج، ملخصها أن الجيش جاهز ومتيقظ»، حسب سمير فرج.

تناول اللقاء، «جهود القوات المسلحة في تأمين جميع الاتجاهات الاستراتيجية للدولة ومدى جاهزيتها لتنفيذ المهام التي تُوكل إليها»، حيث أكد الرئيس المصري أن «القوات المسلحة هي أهم ركيزة للاستقرار في مصر والمنطقة في ظل الأزمات والصراعات التي تحيط بالبلاد على كافة حدودها»، معرباً عن «اطمئنانه تجاه الدور الحيوي الذي يلعبه الجيش في الحفاظ على استقرار البلاد».

وقال السيسي إن «المنطقة تمر بظروف صعبة، ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة والتطورات الجارية في الاتجاهات الاستراتيجية المختلفة، في كافة حدود الدولة الغربية والجنوبية والشرقية والشمال الشرقي».

وأضاف أن «سياسة مصر الخارجية تتمتع بالاعتدال»، مشيراً إلى أن «مهمة القوات المسلحة لا تقتصر على التدريب العسكري فحسب، بل تتفاعل أيضاً مع الوضع السياسي والأمني في الداخل والخارج»، وشدد على «أهمية اتخاذ القرارات السليمة مهما كانت جاهزية القوات للحفاظ على كل المكتسبات التي تحققت خلال 10 سنوات مضت».