مناورات مغربية - أميركية تتوج اختتام تمرين «الأسد الأفريقي 2023»

عرفت محاكاة عملية التصدي للعدو بوحدات برية وجوية

صورة تذكارية للقيادة العسكرية المغربية والأميركية في ختام تمرين «الأسد الأفريقي» (منتدى القوات المسلحة الملكية المغربية على فيسبوك)
صورة تذكارية للقيادة العسكرية المغربية والأميركية في ختام تمرين «الأسد الأفريقي» (منتدى القوات المسلحة الملكية المغربية على فيسبوك)
TT

مناورات مغربية - أميركية تتوج اختتام تمرين «الأسد الأفريقي 2023»

صورة تذكارية للقيادة العسكرية المغربية والأميركية في ختام تمرين «الأسد الأفريقي» (منتدى القوات المسلحة الملكية المغربية على فيسبوك)
صورة تذكارية للقيادة العسكرية المغربية والأميركية في ختام تمرين «الأسد الأفريقي» (منتدى القوات المسلحة الملكية المغربية على فيسبوك)

​شاركت وحدات من القوات المسلحة الملكية المغربية والقوات الأميركية، أمس الجمعة، بكاب درعة (شمال طانطان، جنوب المغرب) في مناورات عسكرية جوية وبرية، خلال ختام التدريبات المغربية - الأميركية المشتركة «الأسد الأفريقي 2023».

وخلال هذه المناورة التي جرت أمام الفريق محمد بريظ، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية وقائد المنطقة الجنوبية، والفريق أول مايكل لانغلي، قائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)، قامت الوحدات العسكرية المشاركة بمحاكاة عملية التصدي للعدو، باستعمال وحدات برية مدعومة بوحدات جوية؛ حيث تم تنفيذ طلعات جوية بواسطة طائرات من طراز «F16»، وقاذفات من نوع «B1B».

القوات المظلية المغربية والأميركية في عمليات قفز مظلي بقاعدة بن جرير خلال المناورات (منتدى القوات المسلحة الملكية المغربية على فيسبوك)

كما تم تنفيذ عمليات برية، تم خلالها قصف العدو المفترض بالمدفعية من أجل تمكين وحدات الهندسة العسكرية من تفكيك حقل ألغام، وفتح ممرات في إطار تنفيذ مهمات الهجوم والهجوم المضاد، وذلك بواسطة مدرعات من نوع «Abrams»، مرفوقة بوحدات المشاة.

وقال لانغلي إن «ما شاهدناه خلال هذه المناورات هو دليل على العمل الجماعي والعمل ضمن فريق»، معرباً عن امتنانه للمغرب: «البلد المضيف والشريك منذ أمد طويل»، وللقوات العملياتية لجنوب أوروبا التابعة للقوات المسلحة الأميركية بأفريقيا، على تنظيم هذا الحدث وإظهار هذه الاحترافية.

جانب من المناورات المشتركة (منتدى القوات المسلحة الملكية المغربية على فيسبوك)

وأضاف لانغلي أن المشاركة في تمرين «الأسد الأفريقي»: «أمر مهم بالنسبة لأفريقيا؛ لأن الأمر يتعلق بتمرين رفيع المستوى، يمهد الطريق لمقاربتنا الرامية إلى بناء الاستقرار والشراكات عبر القارة الأفريقية».

كما يتعلق الأمر -كما يضيف لانغلي- «بضمان أن يتمكن شركاؤنا الأفارقة من إضفاء الطابع المؤسساتي لقواتهم، وتعزيز قابلية التشغيل البيني، مما سيمكننا من مواجهة بعض التحديات التي يواجهونها في مجال الأمن والاستقرار»؛ مبرزاً أن المغرب والولايات المتحدة طورا مستوى الشراكة عبر التاريخ، ومؤكداً أن المغرب «يعد منذ استقلالنا شريكاً مفضلاً للولايات المتحدة».

من جهته، أعرب العميد يوسف كرطومي، من القطاع العسكري لوادي درعة، عن شكره لشركاء المغرب في القيادة الأميركية لأفريقيا (أفريكوم)، والقوات العملياتية لجنوب أوروبا التابعة للقوات المسلحة الأميركية بأفريقيا (SETAF-AF)، والحرس الوطني لولاية يوتا، على «دعمهم ومساعدتهم المستمرة، مما ساعد على نجاح هذا التمرين الذي سلط الضوء مرة أخرى على القيم الأساسية التي نتشاركها من أجل تعزيز السلام والأمن في العالم، وخصوصاً في قارتنا الأفريقية».

قاذفة «B1» الأميركية خلال مرورها أمام منصة المراقبة بميدان المناورات بجانب مقاتلات «F16» الأميركية (منتدى القوات المسلحة الملكية المغربية على فيسبوك)

بدوره، أكد حاكم ولاية يوتا الأميركية، سبينسر كوكس، على الشراكة المتينة بين ولاية يوتا والمغرب، والتي تمتد لأزيد من 20 سنة، وقال إن هذه الشراكة بدأت قبل تمرين «الأسد الأفريقي»، وإن ولاية يوتا والمغرب «هما من بدآ معاً هذا التمرين العسكري ليصبح الآن عملية مدهشة ومتعددة الجنسيات».

يذكر أن التدريبات المغربية - الأميركية المشتركة «الأسد الأفريقي 2023» انطلقت في الخامس من يونيو (حزيران) الجاري، على مستوى قيادة المنطقة الجنوبية بأكادير، وشملت عدة مناطق بالمملكة، وذلك بمشاركة نحو 6000 جندي، يمثلون 14 بلداً أفريقياً ودولياً، بما فيها المغرب والولايات المتحدة، فضلاً عن ملاحظين عسكريين من 8 دول.

ويهدف تمرين «الأسد الأفريقي» الذي تنظمه القوات المسلحة الملكية والقوات الأميركية، إلى تطوير قابلية التشغيل البيني، وتعزيز قدرات التدخل في إطار متعدد الجنسيات، وكذا تقوية قدرات الجيوش المشاركة، والتنسيق من أجل مواجهة كافة التحديات الأمنية، وتعزيز التعاون العسكري بما يضمن الأمن والاستقرار الإقليمي.



هل وصلت العلاقات الجزائرية - الفرنسية لنقطة «اللاعودة»؟

الرئيس الجزائري في لقاء سابق مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
الرئيس الجزائري في لقاء سابق مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
TT

هل وصلت العلاقات الجزائرية - الفرنسية لنقطة «اللاعودة»؟

الرئيس الجزائري في لقاء سابق مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
الرئيس الجزائري في لقاء سابق مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)

تشهد العلاقات المضطربة على مرّ التاريخ بين فرنسا والجزائر خضّات جديدة، إثر توقيف مؤثرين جزائريين على ذمة التحقيق في فرنسا، بسبب رسائل كراهية نشروها، ومواجهة دبلوماسية جديدة حول توقيف كاتب جزائري - فرنسي في العاصمة الجزائرية، وهو ما يجعل البعض يرى أن العلاقة بين البلدين وصلت فعلاً إلى «نقطة اللاعودة».

سلطات فرنسا شنت حملة توقيف مؤثرين جزائريين على ذمة التحقيق بسبب رسائل كراهية نشروها (أ.ب)

وأوقفت السلطات في باريس مؤخراً ثلاثة مؤثرين جزائريين للاشتباه في تحريضهم على الإرهاب، ووضع منشورات تحث على ارتكاب أعمال عنف في فرنسا ضد معارضين للنظام الجزائري. أحدهم أوقف الجمعة في ضواحي غرونوبل، بعد نشره مقطع فيديو، تم حذفه في وقت لاحق، يحث المتابعين على «الحرق والقتل والاغتصاب على الأراضي الفرنسية»، بحسب لقطة مصورة من شاشة لوزير الداخلية برونو ريتايو.

وزير الداخلية الفرنسية برونو ريتايو (أ.ب)

ونشر هذا الرجل: «أنا معك يا زازو»، مخاطباً مؤثراً جزائرياً آخر، يدعى يوسف أ، المعروف باسم «زازو يوسف»، كان قد أوقف قبل ساعات قليلة بشبهة الدعوة إلى شن هجمات في فرنسا ضد «معارضي النظام الحالي في الجزائر»، بحسب القضاء الفرنسي. ونشر الشخص الثالث، الذي تم اعتقاله على تطبيق «تيك توك»: «اقتلوه، دعوه يتعذب»، في إشارة إلى متظاهر جزائري معارض للنظام. وفتح القضاء أيضاً تحقيقات ضد اثنين آخرين من المؤثرين الفرنسيين الجزائريين، بسبب فيديوهات تنشر الكراهية. وقال المعارض الجزائري، شوقي بن زهرة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «العشرات» من مستخدمي وسائط التواصل الجزائريين، أو مزدوجي الجنسية «نشروا محتوى معادياً على الإنترنت».

محمد تاجديت ضحية تحريض بالقتل من مؤثر جزائري مقيم بفرنسا (حسابه الشخصي بالإعلام الاجتماعي)

كان لدى يوسف أ. أكثر من 400 ألف متابع على تطبيق «تيك توك»، وقد حذفت المنصة حسابه منذ ذلك الحين.

* اتهام الجزائر بالتحريض

اتهم بن زهرة، وهو نفسه لاجئ سياسي في فرنسا، السلطات الجزائرية بالوقوف وراء هذه «الظاهرة»، والدليل بحسبه أن المسجد الكبير في باريس، الذي تموله الجزائر، «يستقبل أيضاً مؤثرين» جزائريين. وردت مؤسسة مسجد باريس على هذه التصريحات «التشهيرية»، التي أدلى بها «مدون مغمور»، واعتبرتها جزءاً من «حملة افتراء غير محتملة»، لكنها أكدت على «دورها البناء في العلاقات بين البلدين». وحسب العديد من المعارضين الجزائريين المقيمين في فرنسا، الذين التقتهم «وكالة الصحافة الفرنسية»، فإن هذه الرسائل العنيفة بشكل خاص ازدادت حدة بعد أن غيرت فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، موقفها من قضية الصحراء، التي كانت مسرحاً لنصف قرن من الصراع بين المغرب وجبهة «البوليساريو»، المدعومة من الجزائر. ففي نهاية يوليو (تموز) الماضي انحاز الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى جانب إسبانيا والولايات المتحدة الأميركية، معتبراً أن مستقبل الصحراء يكمن «في إطار السيادة المغربية»، وساعد ذلك في التقارب مع الرباط، واندلاع أزمة جديدة مع الجزائر، التي لم تعد تقيم علاقات دبلوماسية مع جارتها منذ أغسطس (آب) 2021.

الجزائر اعتبرت موقف الرئيس ماكرون من الصحراء المغربية «خيانة» لها (أ.ف.ب)

في صيف 2022، بدأ الرئيس الفرنسي خطوة «للتقارب» مع الجزائر بشأن «قضايا الذاكرة»، ومسألة «الماضي الاستعماري»، المرتبطة بحرب الاستقلال التي خلفت مئات الآلاف من القتلى والجرحى، لكن موقفه من الصحراء اعتبرته الجزائر «خيانة»، كما لاحظ ريكاردو فابياني، المحلل في مجموعة الأزمات الدولية. سبب آخر من أسباب التوتر هو مصير الكاتب الفرنسي - الجزائري، بوعلام صنصال (75 عاماً)، الذي يقبع في السجن في الجزائر منذ منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بتهمة المساس بأمن الدولة، وهو في وحدة العناية الصحية منذ منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

* امتعاض جزائري

بحسب صحيفة «لوموند» الفرنسية، فإن السلطات الجزائرية انزعجت من تصريحات أدلى بها الكاتب صنصال لموقع «فرونتيير» الإعلامي الفرنسي، المعروف بمواقفه اليمينية المتطرفة، تبنى فيها موقفاً مغربياً يقول إن أراضي مغربية انتُزعت من المملكة، في ظل الاستعمار الفرنسي لصالح الجزائر. وكان الرئيس الفرنسي اعتبر الاثنين أن «الجزائر التي نحبها كثيراً، والتي نتشارك معها الكثير من الأبناء والكثير من القصص، تسيء إلى سمعتها، من خلال منع رجل مريض بشدة من الحصول على العلاج»، مطالباً بالإفراج عن الكاتب المحتجز «بطريقة تعسفية تماماً».

الروائي المسجون في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)

ومباشرة بعد ذلك، عبرت وزارة الخارجية الجزائرية عن استغرابها من «التصريحات التي أدلى بها الرئيس الفرنسي بشأن الجزائر، والتي تهين، في المقام الأول، من اعتقد أنه من المناسب الإدلاء بها بهذه الطريقة المتهاونة والمستهترة». ووصفتها بـ«التدخل السافر وغير المقبول في شأن جزائري داخلي». في هذا السياق، أشار مدير «مركز الدراسات العربية والمتوسطية» في جنيف، حسني عبيدي، في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إلى أن العلاقة بين البلدين وصلت إلى «نقطة اللاعودة». وأعرب عن أسفه لأن «تصريحات ماكرون القاسية وغير المألوفة» من شأنها «تعزيز دعاة القطيعة التامة بين البلدين، وتكشف عن فشل الرئيس (الفرنسي) في سياسته حيال الجزائر». أما كريمة ديراش، الباحثة في «المركز الوطني الفرنسي» للبحث العلمي في باريس، فقد اعتبرت أننا «أمام رئيس دولة فرنسي لا يعرف كيف يتصرف»، و«يترك انفعالاته تتغلب عليه ولا يحترم القواعد»، وأمام سلطة جزائرية «حساسة جداً تجاه كل ما يصدر عن الدولة الفرنسية». وشدّدت على أنه رغم هذه «المناوشات» المتكررة بانتظام، تظل العلاقة الفرنسية - الجزائرية «متينة» من الناحيتين الاقتصادية والأمنية، مضيفة بسخرية أن فرنسا والجزائر «ثنائي يتنازع بانتظام».