السودان: «هدنة اختبار نيات» لمدة يوم... واستمرار الاشتباكات

كباشي: «مرتزقة» أجانب يقاتلون مع الدعم السريع وقواتنا متماسكة

آثار المعارك خلف أحد المباني جنوب الخرطوم (أ.ف.ب)
آثار المعارك خلف أحد المباني جنوب الخرطوم (أ.ف.ب)
TT

السودان: «هدنة اختبار نيات» لمدة يوم... واستمرار الاشتباكات

آثار المعارك خلف أحد المباني جنوب الخرطوم (أ.ف.ب)
آثار المعارك خلف أحد المباني جنوب الخرطوم (أ.ف.ب)

أعلنت المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية توصل ممثلي القوات المسلحة السودانية وقوات «الدعم السريع» إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في كافة أنحاء البلاد، لمدة 24 ساعة، ابتداء من السادسة صباح يوم السبت، بتوقيت الخرطوم (الرابعة بتوقيت غرينيتش)، وفق الخارجية السعودية.

وحسب الاتفاق، فإن طرفي الصراع في السودان سيلتزمان بوقف الهجمات الجوية والقصف المدفعي، وعدم استخدام الطائرات المسيرة أو تحريك القوات وإعادة تمركزها وإمدادها، وعدم السعي للحصول على ميزة عسكرية أثناء فترة وقف إطلاق النار. وسيلتزم الطرفان أيضاً بالسماح بحرية الحركة للمساعدات الإنسانية ووصولها إلى جميع أنحاء البلاد.

وذكرت بيان الخارجية السعودية أن المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية تتشاركان مع الشعب السوداني حالة الإحباط من عدم الالتزام بالهدنات السابقة، وعليه تم اقتراح هذه الهدنة لتيسير وصول المساعدات الإنسانية، وكسر حالة العنف، والمساهمة في تعزيز تدابير بناء الثقة بين الطرفين، ما يسمح باستئناف مباحثات جدة. وفي حال عدم التزام الطرفين بهذه الهدنة، سيضطر الوسيطان إلى تأجيل محادثات جدة.

من جهته، أعلن الجيش السوداني موافقته على وقف إطلاق النار لمدة 24 ساعة، موكداً التزامه به، مشيراً إلى أن موافقته تأتي تقديراً لجهود الوساطة السعودية الأميركية، ومراعاة للجوانب الإنسانية التي يعاني منها الشعب السوداني جراء العمليات العسكرية.

في غضون ذلك، تواصلت الاشتباكات بين طرفي القتال، الجيش و«الدعم السريع»، في مناطق واسعة من العاصمة الخرطوم. وأشار الجيش، عبر بيان لمكتب الناطق الرسمي، نشر على صفحته الرسمية على موقع «فيسبوك»، إلى أنه يحتفظ بحق التعامل مع أي خروقات قد ترتكبها قوات «الدعم السريع» أثناء هذه الهدنة.

وفي موازاة ذلك، ظهر نائب قائد الجيش السوداني، الفريق شمس الدين الكباشي، للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل (نيسان) الماضي، مؤكداً أن القوات المسلحة متماسكة.

ودعا الكباشي إلى عدم الالتفات للإشاعات عن إقالة القائد العام للجيش، عبد الفتاح البرهان، مشيراً إلى أنه مَنْ يدير المعركة مع هيئة القيادة. ووضع ظهور الكباشي حداً لكثير من الأنباء المتداولة بكثافة خلال الفترة الماضية عن وفاته بالمرض، أو تصفيته من قبل قيادة الجيش. وأشار الكباشي إلى أن الشائعات التي تصدر من قوات «الدعم السريع» دليل انهزام، وتابع: «نشرت لي شهادة وفاة. هذه هي الهزيمة والجبن، وكلنا ميتون، والأعمار بيد الله».

وأضاف أن عناصر قوات «الدعم السريع» يفرون بسياراتهم يومياً، ويقومون بالنهب وإشعال الحرائق، ويحتلون بيوت المواطنين، منبهاً إلى أن أفراد هذه القوات يرتدون ملابس مدنية.

ويعد الكباشي، وهو عضو مجلس السيادة الانتقالي، من أكثر القادة العسكريين تشدداً في المناداة بتصفية قوات «الدعم السريع».

وقال الكباشي، الذي أحيط ظهوره بإجراءات أمنية مشددة وسط العشرات من القادة والجنود، إن خروجه الجمعة هو للطواف على القوات التي ظلت مرابطة منذ 15 أبريل (نيسان) الماضي، الذي أطلق عليه وصف «يوم الخيانة والغدر»، مؤكداً أن قوات الجيش «لم تتعرض لهزيمة». وحيا الكباشي جنود القوات المسلحة والشعب السوداني على التفافه حول الجيش «في معركة الكرامة التي أشعلها الخونة ومن وراءهم». وقال الكباشي: «نحن لا نقاتل قوات الدعم السريع. هي أدوات مستخدمة. نحن نقاتل غزواً أجنبياً، وهناك أجانب يقاتلون معهم».

استمرار الاشتباكات عشية الهدنة

وقال شهود عيان إن عدداً من أحياء مدينة أم درمان، ثاني أكبر مدن العاصمة، تشهد اشتباكات عنيفة بين قوات الجيش و«الدعم السريع».

وطلبت غرفة طوارئ منطقة «الشقيلاب»، جنوب الخرطوم، من المواطنين البقاء في المنازل وعدم الخروج نهائياً، جراء المواجهات الشرسة التي تدور في المنطقة الواقعة بالقرب من معسكر «طيبة» التابع لـ«الدعم السريع»، بين تلك القوات وقوات الاحتياطي المركزي التابعة للجيش. ولا تزال المواجهات مستمرة بين الجيش و«الدعم السريع» حول مصنع «اليرموك» للصناعات الدفاعية، وقيادة سلاح المدرعات في منطقة «الشجرة» جنوب العاصمة الخرطوم، التي يزعم «الدعم السريع» أنه سيطر عليها.

قصف جوي لمنزل عضو في مجلس السيادة

وتعرض منزل عضو مجلس السيادة الانتقالي في السودان، الهادي إدريس، في منطقة كافوري بالخرطوم بحري، أمس، إلى ضربة جوية بواسطة الطيران الحربي، التابع للجيش السوداني، دمرت أجزاء منه وعدداً من السيارات دون إصابات وسط المدنيين. وأدانت «حركة تحرير السودان - المجلس الانتقالي»، التي يرأسها الهادي إدريس، في بيان، هذا الفعل الذي أصاب موقعاً مدنياً لا يوجد عسكريون بالقرب منه، وأكدت تمسكها بموقفها الرافض للحرب، داعية إلى إيقافها فوراً، كما ناشدت الأطراف المتقاتلة إعلاء لغة الحوار وتجنيب البلاد الخراب. وقالت الحركة إن رئيسها بخير ويواصل جهوده التي بدأها منذ أول يوم للحرب، عبر التواصل الداخلي والخارجي.

غوتيريش متمسك بفولكر

فولكر بيرتس رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى السودان يواصل مساعيه (رويترز)

من جهة ثانية، تمسك الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بموفده إلى الخرطوم، رغم رفض الحكومة السودانية. وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، الجمعة، إن اعتبار الحكومة السودانية موفد المنظمة الدولية شخصاً «غير مرغوب فيه» «يتنافى» ومبادئ الأمم المتحدة و«لا يمكن تطبيقه»، لافتاً إلى أن صفة الألماني فولكر بيرتس «لم تتبدل».

وقال ستيفان دوجاريك إن «صفة السيد بيرتس لم تتبدل راهناً، ويبقى موقف الأمين العام كما عبر عنه أمام مجلس الأمن، الأسبوع الفائت»، في إشارة إلى «الثقة المطلقة» التي عبر عنها أنطونيو غوتيريش تكراراً حيال موفده إلى السودان.

وكانت الخارجية السودانية أعلنت، الخميس، أنها تعتبر مبعوث الأمم المتحدة الألماني فولكر بيرتس «شخصاً غير مرغوب فيه»، واتهمته بالانحياز في النزاع المستمر منذ زهاء شهرين، وذلك بعد امتناع المنظمة الدولية عن التجاوب مع طلب قائد الجيش عبد الفتاح البرهان استبداله.

وقالت وزارة الخارجية، في بيان، إن «حكومة جمهورية السودان أخطرت الأمين العام للأمم المتحدة بإعلان فولكر بيرتس... شخصاً غير مرغوب فيه، وذلك من تاريخ اليوم (الخميس)».

وأتى الإعلان، بينما كان بيرتس في أديس أبابا بإثيوبيا لإجراء سلسلة محادثات دبلوماسية، وفق ما أعلنته الأمم المتحدة، الخميس، على «تويتر».

ويأتي الإجراء بعد أقل من أسبوعين على طلب البرهان من الأمين العام أنطونيو غوتيريش استبدال بيرتس، متّهماً إياه بتأجيج النزاع الذي اندلع في 15 أبريل بين الجيش وقوات الدعم السريع. إلا أن غوتيريش جدد في حينه «ثقته الكاملة» بمبعوثه.


مقالات ذات صلة

أزمة بيع مواد الإغاثة تتفاقم في السودان... وتبرؤ حكومي

شمال افريقيا أطفال يحملون حزماً من المساعدات الإنسانية في مدرسة للنازحين بمدينة القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)

أزمة بيع مواد الإغاثة تتفاقم في السودان... وتبرؤ حكومي

تفاقمت أزمة بيع المواد الإغاثية في أسواق سودانية، فيما تبرَّأت المفوضية الإنسانية التابعة للحكومة من المسؤولية عن تسريبها.

محمد أمين ياسين (نيروبي) وجدان طلحة (بورتسودان)
المشرق العربي الحرب في السودان والقيود المفروضة على توصيل المساعدات تسببتا في مجاعة في شمال دارفور (رويترز)

الأمم المتحدة: أكثر من 30 مليون شخص في السودان بحاجة إلى المساعدة

قالت الأمم المتحدة الاثنين إن أكثر من 30 مليون شخص، أكثر من نصفهم من الأطفال، يحتاجون إلى المساعدة في السودان بعد عشرين شهرا من الحرب المدمرة.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان)
العالم العربي مواطنون في بورتسودان 30 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

10 قتلى في غارة جنوب الخرطوم

أفاد مُسعفون متطوعون أن عشرة مدنيين سودانيين قُتلوا، وأصيب أكثر من 30، في غارة جوية جنوب الخرطوم.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان (السودان))
شمال افريقيا البرهان لدى استقباله نائب وزير الخارجية التركي برهان الدين دوران في بورتسودان السبت (مجلس السيادة السوداني - فيسبوك)

السودانيون يعلقون آمالهم على المبادرة التركية لإنهاء الحرب

رغم المواقف المتناقضة التي تصدر من تنظيم الإسلاميين السودانيين المؤيد لاستمرار الحرب، فإن السودانيين يعلقون آمالاً عريضة على المبادرة التركية لإنهاء معاناتهم.

أحمد يونس (كمبالا) محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا شاحنة تحمل مسلحين تابعين للجيش السوداني في أحد شوارع مدينة القضارف (شرق) في نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

توسع أحكام الإعدام في السودان بمزاعم التعاون مع «الدعم السريع»

قالت هيئة حقوقية سودانية إن الأجهزة الأمنية المُوالية للحكومة في العاصمة المؤقتة بورتسودان، تحتجز مئات الأشخاص تعسفياً، بمزاعم التعاون مع قوات «الدعم السريع».

أحمد يونس (السودان)

ماكرون يشيد بـ«الطموح غير المسبوق» للشراكة مع المغرب

العاهل المغربي مستقبلاً الرئيس الفرنسي خلال زيارته الأخيرة للمغرب (أ.ف.ب)
العاهل المغربي مستقبلاً الرئيس الفرنسي خلال زيارته الأخيرة للمغرب (أ.ف.ب)
TT

ماكرون يشيد بـ«الطموح غير المسبوق» للشراكة مع المغرب

العاهل المغربي مستقبلاً الرئيس الفرنسي خلال زيارته الأخيرة للمغرب (أ.ف.ب)
العاهل المغربي مستقبلاً الرئيس الفرنسي خلال زيارته الأخيرة للمغرب (أ.ف.ب)

أشاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الاثنين، بـ«الطموح غير المسبوق» للشراكة التي تم بناؤها مع المغرب خلال زيارة الدولة، التي قام بها مؤخراً إلى المملكة، بدعوة من العاهل المغربي الملك محمد السادس.

وبحسب وكالة الأنباء المغربية، فقد أكد الرئيس ماكرون، في كلمته خلال المؤتمر السنوي للسفراء الفرنسيين في باريس، أن «من أبرز اللحظات التي ميّزت الأشهر الماضية هو ما نجحنا في بنائه مع الملك محمد السادس خلال زيارة الدولة».

وقال الرئيس الفرنسي: «لقد أرسينا شراكة جديدة تمتد للعقود المقبلة، وتغطي جميع المجالات. وهي شراكة طموحة بشكل غير مسبوق، وتمثل بالنسبة لي جوهر هذا النهج الجديد».

كما أشار ماكرون إلى أن هذه الشراكة «يجب أن تكون أيضاً أحد جسورنا من أجل إعادة ابتكار مقاربة أفريقية جديدة»، مبرزاً أهمية المبادرات المشتركة التي يمكن للبلدين تطويرها معاً فيما يتعلق بالقارة.

جمهورية غانا تعلق علاقاتها الدبلوماسية مع «البوليساريو»

في سياق غير متصل، وفي سياق الزخم الذي أعطاه العاهل المغربي لقضية الصحراء المغربية، قررت جمهورية غانا تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع «البوليساريو».

وجاء الإعلان عن هذا القرار في وثيقة رسمية لوزارة الشؤون الخارجية والاندماج الإقليمي لجمهورية غانا، موجهة إلى وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج للمملكة المغربية.

وقررت جمهورية غانا «إبلاغ حكومة المملكة المغربية والاتحاد الأفريقي ومنظمة الأمم المتحدة بهذا الموقف على الفور، عبر القنوات الدبلوماسية». وأعربت جمهورية غانا، في الوثيقة الرسمية ذاتها، عن دعمها «للجهود الصادقة التي تبذلها المملكة المغربية من أجل التوصل إلى حل مقبول من جميع الأطراف».

تجدر الإشارة إلى أن جمهورية غانا كانت قد اعترفت بجبهة «البوليساريو» الانفصالية سنة 1979، لكن بفضل الزخم الذي أعطاه الملك محمد السادس لقضية الصحراء المغربية، قطع أو علق 46 بلداً، من بينها 13 بلداً أفريقياً، العلاقات مع «البوليساريو»، وذلك منذ سنة 2000.