البعثة الأممية تدعو لعدم «إطالة الأزمة السياسية» في ليبيا

المنفي طالب بمعالجة «نقاط الخلاف» للوصول إلى الانتخابات

جانب من مباحثات لجنة «6+6» المشتركة في مدينة بوزنيقة المغربية (الشرق الأوسط)
جانب من مباحثات لجنة «6+6» المشتركة في مدينة بوزنيقة المغربية (الشرق الأوسط)
TT

البعثة الأممية تدعو لعدم «إطالة الأزمة السياسية» في ليبيا

جانب من مباحثات لجنة «6+6» المشتركة في مدينة بوزنيقة المغربية (الشرق الأوسط)
جانب من مباحثات لجنة «6+6» المشتركة في مدينة بوزنيقة المغربية (الشرق الأوسط)

تضامنت أميركا والاتحاد الأوروبي مع توجه البعثة الأممية إلى ليبيا، لدفع «الأطراف الفاعلة» بالبلاد، قصد «معالجة جميع القضايا العالقة بقوانين الانتخابات المنتظرة»، وحثّها على «الامتناع عن تكتيكات المماطلة، الهادفة إلى إطالة أمد الأزمة السياسية». جاء ذلك في وقت تعرّض فيه أحد المواقع بمدينة زوارة (غرب) مجدداً لقصف جوي.

ووسط جدل سياسي متصاعد في ليبيا بشأن ما أثمرت عنه محادثات لجنة «6+6» المشتركة، عقب اجتماعاتها في المغرب، بشأن إعداد القوانين اللازمة للانتخابات الرئاسية والنيابية، قالت البعثة إنها «تدرك أن العناصر الأساسية في القوانين الانتخابية والقضايا المرتبطة بها تتطلب قبولاً ودعماً من مجموعة واسعة من المؤسسات الليبية، وممثلي المجتمع المدني -بمن في ذلك النساء والشباب- والأطراف السياسية والأمنية الفاعلة، كي يتسنى إجراء انتخابات شاملة وذات مصداقية وناجحة».

وفي حين لم تنتهِ هذه المحادثات إلى إجراءات ملموسة وحاسمة لعقد الانتخابات، وتوسيعها لمساحة الخلافات، وعدت البعثة في بيان أصدرته مساء (الأربعاء) أنها «ستواصل العمل مع جميع المؤسسات الليبية المعنية، بما في ذلك المجلس الرئاسي، لتيسير مشاورات بين جميع الأطراف الفاعلة، قصد معالجة المواد الخلافية في القوانين الانتخابية، وتأمين الاتفاق السياسي اللازم لوضع البلاد على طريق الانتخابات، وتوفير بيئة متكافئة للتنافس الانتخابي بين جميع المترشحين».

ودعت البعثة ما سمّتها «الأطراف الفاعلة» إلى «الانخراط بروح من التوافق في مساعي معالجة جميع القضايا العالقة، وخلق بيئة أوفر أماناً وأكثر ملاءمة لإجراء الانتخابات في العام الجاري»، وقالت بهذا الخصوص إن البعثة «تحث جميع الفاعلين على الامتناع عن أساليب المماطلة الهادفة إلى إطالة أمد الأزمة السياسية، التي سبّبت الكثير من المعاناة للشعب الليبي».

وفد من منظمة الأمم المتحدة يزور غرفة تأمين وحماية الانتخابات في وزارة الداخلية بطرابلس (وزارة الداخلية)

ورأى رمضان التويجر، الباحث والقانوني الليبي، أن الأزمة في بلاده «ليست دستورية، وإنما يتعلق الأمر بدولة مشتتة الأركان». وقال إنه «رغم أن نصوص القوانين، التي خرجت بها لجنة (6+6) مُلزمة لجميع الأطراف فإنها تبقى حبراً على ورق، نتيجة غياب الدولة الموحدة ذات السيادة على كامل إقليمها».

وأكد التويجر في تصريح صحافي أن «مصير القوانين، التي انتهت إليها اللجنة، سيكون بكل أسف مثل مصير العملية الانتخابية، التي لم تتم نهاية 2021، ومصير مسودة مشروع الدستور، الذي سبق إعداده عام 2017»، موضحاً أن الحديث عن القاعدة الدستورية، والدستور، والانتخابات، «هي أزمات مفتعَلة هدفها صرف النظر عن الأزمة الأساسية، وهي فقدان ليبيا سيادتها نتيجة تشتت مؤسساتها الضعيفة أصلاً».

واجتمعت لجنة «6+6» في مدينة بوزنيقة المغربية لوضع مشاريع قوانين للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وتمحورت الخلافات التي نقلها النائب عز الدين قويرب، عضو اللجنة عن مجلس النواب، حول وجود «خلافات حالت دون توقيع رئيسَي مجلسَي (النواب) و(الدولة)، عقيلة صالح وخالد المشري، على الاتفاق النهائي لاجتماع اللجنة، وأهمها ملف تغيير السلطة التنفيذية، التي ستشرف على تنفيذ الانتخابات، إلى جانب خلافات أخرى تتعلق بشرط التنازل عن الجنسية الثانية».

غير أن البعثة الأممية، قالت إنه تماشياً مع ولايتها، فإنها «تجدد تأكيد التزامها بإجراء انتخابات شفافة وشاملة وذات مصداقية للسماح للشعب الليبي باختيار ممثليه بحرية، وتجديد شرعية مؤسسات البلاد».

عبد الله باتيلي المبعوث الأممي إلى ليبيا (البعثة الأممية)

ولاقى طرح البعثة الأممية تضامناً أميركياً وأوروبياً، إذ دعا ريتشارد نورلاند، المبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا، القادة الليبيين، (الخميس)، إلى استغلال نتائج اجتماعات لجنة (6+6)، التي أُجريت في المغرب لاستكمال الخطوات نحو إجراء الانتخابات.

ونقل حساب السفارة الأميركية في ليبيا على «تويتر» عن نورلاند قوله «نؤيد بشدة دعوة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا باتيلي، للقادة الليبيين لانتهاز النتائج التي تم التوصل إليها في المغرب لاستكمال الخطوات التالية نحو انتخابات ذات مصداقية، تستند إلى حل توفيقي وذلك لصالح الشعب الليبي».

كما أعاد سفير الاتحاد الأوروبي إلى ليبيا، خوسيه ساباديل، نشر بيان البعثة الأممية، وقال عبر حسابه على «تويتر»: «نحث جميع الأطراف الفاعلة على الامتناع عن استخدام أساليب المماطلة، الرامية لإطالة أمد الجمود في البلاد».

كان المجلس الرئاسي الليبي قد ثمّن في بيان له مساء (الأربعاء)، النتائج التي توصلت إليها لجنة «6+6»، ودعا إلى استمرار عملها «في إطار اختصاصها الدستوري بإعداد القوانين الانتخابية، والمرجعيات الحاكمة لخريطة الطريق لما تبقى من المرحلة التمهيدية»، إضافةً إلى «معالجة النقاط العالقة بهدف الوصول إلى انتخابات برلمانية ورئاسية متزامنة قبل نهاية العام».

محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي الليبي (المجلس)

وحث المجلس المؤسسات المعنية والقوى الوطنية كافة على «عقد تشاورات موسَّعة بمشاركة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، تهدف إلى ضمان استمرار الاستقرار الحالي، وتهيئة الظروف المناسبة لإجراء انتخابات غير إقصائية، تضمن القبول بنتائجها».

في الإطار ذاته، ثمّن أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، جهود المملكة المغربية في استضافتها اجتماعات اللجنة. وقال جمال رشدي، المتحدث باسم الأمين العام، إن المأمول هو «تشجيع الأطراف الليبية بعد التوافقات التي أُعلن عنها بهدف تذليل العقبات التي قد تَحول دون التوقيع النهائي على الاتفاق في الأيام المقبلة».

أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية (موقع الجامعة على الإنترنت)

وفي شأن ذي صلة، قالت وزارة الداخلية التابعة لحكومة «الوحدة» المؤقتة، إن وفداً من منظمة الأمم المتحدة برئاسة داريا فيراري، نائبة رئيس القسم السياسي لشمال أفريقيا، زار غرفة تأمين وحماية الانتخابات بمقر الإدارة العامة للعمليات الأمنية، بهدف الاطلاع على جاهزية وزارة الداخلية لتأمين الاستحقاق المقبل.

من جهة أخرى تحدث شهود عيان إلى «الشرق الأوسط» عن تعرض مواقع في مدينة زوارة غرب ليبيا للقصف الجوي للمرة الثانية، خلال الحملة التي تشنها حكومة «الوحدة» على معاقل «المهربين».



مدينة ليبية تنتفض ضد «المرتزقة»... وحكومة الدبيبة

الدبيبة في افتتاح أعمال المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا (حكومة الوحدة)
الدبيبة في افتتاح أعمال المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا (حكومة الوحدة)
TT

مدينة ليبية تنتفض ضد «المرتزقة»... وحكومة الدبيبة

الدبيبة في افتتاح أعمال المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا (حكومة الوحدة)
الدبيبة في افتتاح أعمال المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا (حكومة الوحدة)

عمّت حالة من التوتر بني وليد (شمال غربي ليبيا) إثر منع الأجهزة الأمنية فعالية سياسية تدعو لطرد «المرتزقة» والقوات والقواعد الأجنبية من البلاد، وأعقب ذلك القبض على قيادات قبائلية ونشطاء، ما أدى إلى تسخين الأجواء بالمدينة التي أمضت ليلتها في حالة انتفاضة.

وكان مقرراً أن تستضيف بني وليد، التي لا تزال تدين بالولاء لنظام الرئيس الراحل معمر القذافي، المشاركين في حراك «لا للتدخل الأجنبي» مساء السبت، قبل أن تدهم قوات الأمن الاجتماع المخصص لذلك، وتقتاد بعض قياداته إلى مقار أمنية، ما تسبب في تصعيد حالة الغضب.

ومع الساعات الأولى من ليل السبت، احتشد مئات المتظاهرين، وخاصة أهالي قبيلة ورفلة، وبعضهم موالٍ أيضاً لسيف الإسلام نجل القذافي، أمام ديوان مديرية أمن بني وليد، في ما يشبه انتفاضة، منددين باعتقال بعض قيادات الحراك، ومرددين الهتاف الشهير: «الله ومعمر وليبيا وبس»، لكنهم أيضاً هتفوا ضد عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة.

ونجح المتظاهرون في الضغط على السلطات في بني وليد لاستعادة المحتجزين، لكنهم ظلوا يصعّدون هتافاتهم ضد الدبيبة وحكومته.

وعبّرت «المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان» بليبيا عن «قلقها البالغ» لعملية «الاحتجاز التعسفي لعدد من المواطنين المجتمعين في مدينة بني وليد، المطالبين بإخراج القوات والقواعد الأجنبية الموجودة على الأراضي الليبية»، مشيرة إلى أن مواطنين طاعنين في السنّ كانوا من بين المعتقلين.

وقالت المؤسسة، في بيان، الأحد، إن «أفراد الأمن التابعين للمديرية التابعة لوزارة الداخلية بحكومة (الوحدة) أطلقوا الرصاص الحي لتفريق المتظاهرين من أمام مقر المديرية».

وأضرم غاضبون من شباب بني وليد النار في الكاوتشوك اعتراضاً على اعتقال 4 مشايخ من قبيلة ورفلة بالمدينة، كما أغلقوا بعض الطرقات، بعد مظاهرة حاشدة في ميدان الجزائر بالمدينة.

ودافعت مديرية أمن بني وليد عن نفسها، وقالت إنها تشدد على منتسبيها «الالتزام بتنفيذ التعليمات واللوائح التي تمنعهم من التدخل في أي عمل سياسي، وتلزمهم بحماية أي تعبير سلمي للمواطنين»، لكنها «لا تتحمل مسؤولية تأمين أنشطة اجتماعية أو سياسية لا تملك بخصوصها أي بيانات أو موافقات رسمية تسمح بها».

وأبدت مديرية الأمن تخوفها من «اختراق أي تجمع لسكان المدينة، عبر أي مشبوهين، لغرض توريط بني وليد في الفوضى خدمة لمصالح شخصية»، وانتهت إلى «التذكير بأن الثوابت الوطنية المرتبطة بوحدة ليبيا، وحماية سيادتها ومواطنيها، هي مسؤولية دائمة بالنسبة لها، وليست موضع تشكيك أو تخوين».

وتصعّد قبائل موالية لنظام القذافي منذ أشهر عدّة ضد وجود «المرتزقة» والقوات والقواعد الأجنبية في البلاد، مطالبة بإخراجهم، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية «في أسرع وقت».

وسبق للعميد العجمي العتيري، آمر كتيبة «أبو بكر الصديق»، التي اعتقلت سيف الإسلام القذافي، أن أعلن أن الاجتماع التحضيري للقبائل، الذي عملت عليه قبيلة المشاشية تحت عنوان «ملتقى لمّ الشمل»، اتفق على اختيار اللجنة التنسيقية للملتقى العام، مجدداً المطالبة بإخراج القواعد الأجنبية من ليبيا وطرد «المرتزقة».

ورأت «المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان» أن التظاهر السلمي بالعديد من المدن والمناطق الليبية يُعد «تعبيراً طبيعياً عن التذمّر والاستياء من الوجود الأجنبي للقوات والقواعد الأجنبية والمرتزقة في عموم ليبيا»، محملة وزير الداخلية بحكومة «الوحدة» ومدير أمن بني وليد «المسؤولية القانونية الكاملة حيال ما قام به أفراد الأمن بالمديرية من قمع للمواطنين المتظاهرين السلميين، واعتقال عدد منهم».

وتحذر المؤسسة من «استمرار محاولة المساس بحياة المتظاهرين وتعريضهم للترويع والإرهاب المسلح وحجز الحرية بالمخالفة للقانون»، وانتهت إلى أنه «في جميع الأحوال لا يجب استخدام الأسلحة النارية، بشكلٍ عشوائي، لتفريق المعتصمين السلميين».

وتستعين جبهتا شرق ليبيا وغربها بآلاف من عناصر «المرتزقة السوريين» المواليين لتركيا، وآخرين مدعومين من روسيا، وذلك منذ وقف الحرب على العاصمة طرابلس في يونيو (حزيران) 2020، إلى جانب 10 قواعد عسكرية أجنبية، بحسب «معهد الولايات المتحدة للسلام».

وسبق أن هتف مواطنون للقذافي، وذلك إثر خروج جمهور كرة القدم الليبية من «استاد طرابلس الدولي» بعد هزيمة المنتخب أمام نظيره البنيني في تصفيات التأهل لـ«أمم أفريقيا».