احتدام المعارك للسيطرة على مستودعات الأسلحة والوقود في الخرطوم

اقتحام سفارتي الصين وفلسطين ومنزل السفير العماني... ومجزرة بإحدى الأسواق

أعمدة الدخان تتصاعد من حريق في مستودع جنوب الخرطوم الأربعاء (أ.ف.ب)
أعمدة الدخان تتصاعد من حريق في مستودع جنوب الخرطوم الأربعاء (أ.ف.ب)
TT

احتدام المعارك للسيطرة على مستودعات الأسلحة والوقود في الخرطوم

أعمدة الدخان تتصاعد من حريق في مستودع جنوب الخرطوم الأربعاء (أ.ف.ب)
أعمدة الدخان تتصاعد من حريق في مستودع جنوب الخرطوم الأربعاء (أ.ف.ب)

في تطور جديد للمعارك الدائرة بين الجيش السوداني و«الدعم السريع»، اندلع قتال شرس، الأربعاء، حول مجمع اليرموك للأسلحة والذخائر التابع للجيش في منطقة جنوب الخرطوم، قرب مستودعات للوقود والغاز معرضة لخطر الانفجار. وشهد يوم الأربعاء أيضاً مجزرة إثر قصف طال إحدى أسواق أم درمان، أدى إلى وفاة 12 من المدنيين، ووقوع أضرار بالمباني والممتلكات.

وقال شهود إن قوات «الدعم السريع» شبه العسكرية، التي تخوض صراعاً على السلطة ضد الجيش، للأسبوع الثامن، هاجمت المنطقة التي تضم مجمع اليرموك في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء، قبل أن تنسحب بعد قتال عنيف. واستمر دوي الاشتباكات حتى صباح الأربعاء.

وتزامن الحادث مع قصف جوى للطيران الحربي للجيش على مناطق جنوب مدينة أم درمان، خلّف عدداً من القتلى والمصابين وسط المدنيين، وفقاً لبيان صادر عن لجنة المقاومة في المنطقة.

وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن الاشتباكات تجددت بين الطرفين منذ الصباح الباكر، في محيط مجمع اليرموك والمناطق المجاورة، وسادت حالة من الكر والفر وسط الأحياء السكنية. كما شهدت مناطق جنوب الخرطوم وشمال أم درمان معارك أيضاً، وقال المواطن محمد المصطفى إن المواجهات العسكرية تمددت إلى داخل ضاحية «الكلاكلة»، وأسفرت عن وقوع مصابين من المدنيين تعذر إسعافهم وسط تبادل إطلاق الرصاص.

دمار لحق بمنزل أصيب بقذيفة مدفعية في حي الأزهري جنوب الخرطوم (أ.ف.ب)

مجزرة المويلح

وقالت لجان المقاومة في منطقة «صالحة» المركزية في مدينة أم درمان (تنظيم شبابي) إن منطقة «المويلح»، غرب «صالحة»، (شمالاً) تعرضت لقصف بالطيران صباح الأربعاء، استهدف جزءاً من تجمعات قوات «الدعم السريع» تعسكر بالقرب من المنطقة. وأضافت في بيان أن القصف أدى إلى مقتل 12 مواطناً، منهم 4 من أسرة واحدة، وإصابة آخرين بجروح خطيرة ومتفاوتة، إضافة إلى وقوع أضرار بممتلكات المواطنين جراء استهداف الغارات الجوية عدداً من حظائر الماشية، مما أدى إلى نفوق أعداد كبيرة من الإبل والأبقار. وأشار بيان اللجان إلى أن تحليق الطيران لا يزال متواصلاً في المنطقة، داعية المدنيين إلى الحذر والحيطة والاحتماء بالمنازل والابتعاد عن مناطق الاشتباكات والمواجهات المسلحة بين الجيش و«الدعم السريع».

البرهان متفقداً جنوده (موقع القوات المسلحة على فيسبوك)

اتهامات متبادلة

من جهة ثانية، أكدت مصادر رسمية وقوع اعتداءات جديدة على سفارتي الصين وفلسطين، ووجهت وزارة الخارجية السودانية أصابع الاتهام إلى قوات «الدعم السريع»، مشيرة إلى اقتحام مجموعات تابعة للدعم سفارتي الصين وفلسطين ومنزل السفير العماني في وسط العاصمة الخرطوم، وعدّته انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والأعراف الخاصة بحرمة وحماية مقرات وممتلكات البعثات الدبلوماسية.

وقالت إدارة الإعلام، والناطق الرسمي في الخارجية، في بيان، إن قوات «الدعم السريع» قامت بسرقة السيارات الدبلوماسية التابعة للسفارة الصينية، وعبثت بالمستندات وخربت أثاث السفارة. وأضاف البيان أن عناصر «الدعم السريع» اقتحموا أيضاً مقر سفارة فلسطين ومنزل السفير الفلسطيني للمرة الرابعة، واعتدت بالتعذيب على العمال المحليين الموجودين هناك.

وكررت وزارة الخارجية السودانية إدانتها هذا السلوك، الذي وصفته بـ«الإرهابي والإجرامي»، داعية المجتمع الدولي إلى إدانة تلك الممارسات، واعتبار قوات «الدعم السريع» منظمة إرهابية، وتحميلها المسؤولية القانونية والأخلاقية عن تلك الأفعال.

لكن عضو المكتب الاستشاري لقائد قوات «الدعم السريع»، مصطفى محمد إبراهيم، اتهم الجيش السوداني بتدريب أشخاص للقيام بعمليات سلب ونهب في المناطق التي تسيطر عليها قوات «الدعم السريع» في الخرطوم ومدن أخرى.

حميدتي خلال لقاء (قبل الحرب) مع قواته في ولاية نهر النيل (أ.ب)

ونفى إبراهيم قيام قوات «الدعم السريع» بنهب وسرقة السفارات وإتلاف محتوياتها، متهماً هؤلاء الأشخاص بتنفيذ تلك الأعمال لإلصاقها بقوات «الدعم السريع»، مضيفاً أنه تم ضبط كثيرين منهم.

وتعليقاً على قصف منطقة «المويلح» قال إبراهيم إن «شهوداً أكدوا تحليق طائرة فوق السوق قبل قصفها»، مشيراً إلى أن «(قوات الدعم السريع) غير موجودة في هذه المنطقة، ولا تمتلك طائرات». واتهم الجيش السوداني «بقصف أسواق ومناطق مدنية شمال أم درمان بهدف إخلائها واستخدامها لأغراض عسكرية».

مقتل أطباء

إلى ذلك، قالت «لجنة أطباء السودان» إن نحو 18 طبيباً وطبيبة قتلوا بالرصاص، أو إنهم عالقون في منازلهم، منذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل (نيسان) الماضي.

وقالت بعثة الأمم المتحدة في السودان (يونيتامس) في تعميم صحافي، إن الاشتباكات تواصلت بين الجيش وقوات «الدعم السريع»، وإن الوضع في مدن العاصمة السودانية الثلاث (الخرطوم، أم درمان، وبحري) يبعث على قلق كبير.

وأضافت، في إحاطة عن حالة الحرب في البلاد صدرت أمس، أن الحالة في مناطق غرب ووسط وشمال دارفور مستمر في التدهور، مما أثر على المدنيين، بمن فيهم النساء والأطفال، والكثير منهم عالقون بين الطرفين المتحاربين.

وأشارت البعثة إلى أن مسؤولي حقوق الإنسان وثّقوا عشرات الحوادث، بما في ذلك القتل والاعتقالات وحالات الاختفاء المحتملة والهجمات على المستشفيات والعنف الجنسي، وغيرها من الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال، التي ارتكبها طرفا النزاع. وأكدت البعثة أن «مكتب حماية المدنيين» في البعثة الأممية، في تواصل مستمر مع طرفي النزاع، لدعوتهما إلى اتخاذ إجراءات ضد الجناة، وحماية المدنيين وممتلكاتهم.



مصر: ترحيب الأزهر باستبعاد المئات من «قوائم الإرهابيين» يثير تفاعلاً على مواقع التواصل

محاكمة سابقة لمتهمين من «الإخوان» في أحداث عنف بمصر (أ.ف.ب)
محاكمة سابقة لمتهمين من «الإخوان» في أحداث عنف بمصر (أ.ف.ب)
TT

مصر: ترحيب الأزهر باستبعاد المئات من «قوائم الإرهابيين» يثير تفاعلاً على مواقع التواصل

محاكمة سابقة لمتهمين من «الإخوان» في أحداث عنف بمصر (أ.ف.ب)
محاكمة سابقة لمتهمين من «الإخوان» في أحداث عنف بمصر (أ.ف.ب)

أثار ترحيب الأزهر باستبعاد المئات من «قوائم الإرهابيين» في مصر تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، امتزج بحالة من الجدل المستمر بشأن القرار، الذي يخشى البعض أن يكون مدخلاً لـ«المصالحة» مع تنظيم «الإخوان»، لا سيما أنه تضمّن أسماء عدد من قياداته.

ورفعت مصر، الأحد الماضي، أسماء 716 شخصاً من «قوائم الإرهابيين والكيانات الإرهابية»، بعد تحريات أمنية أسفرت عن «توقف المذكورين عن القيام بأي أنشطة غير مشروعة ضد الدولة أو مؤسساتها»، مع «الاستمرار في مراجعة موقف بقية المدرجين في القوائم لرفع أسماء مَن يثبت توقفه عن أنشطة ضد الدولة».

وعقب البيان الذي أصدرته النيابة المصرية، أشارت قناة «إكسترا نيوز» المصرية إلى أن «القرار جاء استجابةً لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي». ونقلت عنه تأكيده أنه «حريص على أبنائه، ويفتح لهم صفحةً جديدةً للانخراط في المجتمع، كمواطنين صالحين يحافظون على بلدهم، ويعيشون في أمان على أرضها».

ورحَّب الأزهر بالقرار، وأكد شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، في بيان على «إكس»، ترحيبه العميق «بتوجيهات الرئيس السيسي التي مهَّدت الطريق لإعطاء الفرصة لهم لبدء صفحة جديدة للعيش بصورة طبيعيَّة في وطنهم ولمِّ شمل أسرهم».

وأثار ترحيب الأزهر ردود فعل عدة على مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد عدّ الترحيب «خطوةً في صالح المجتمع»، ومعارضٍ انتقد تعليق الأزهر، بصفته مؤسسةً تعليميةً دينيةً، على أمور سياسية، في حين ذهب البعض إلى حد اتهام بعض قادة الأزهر بـ«دعم الإخوان».

وسعت «الشرق الأوسط» إلى الحصول على تعليق من مصادر مسؤولة بالأزهر، لكن لم يتسنَّ لها ذلك.

وبينما رفض أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور مصطفى كامل السيد، الانتقادات الموجَّهة للأزهر؛ بسبب ترحيبه بالقرار، أرجع حالة الجدل إلى «غياب ونقص المعلومات بشأن أسباب صدور القرار ومعناه، لا سيما أن بعض مَن وردت أسماؤهم في القرار لا يزالون في السجون».

وأكد السيد، لـ«الشرق الأوسط»، أن «القرار خطوة جيدة واستجابة لحكم محكمة النقض»، مشيراً إلى أن «تضمينه أسماء عدد من قيادات الإخوان يثير تساؤلات بشأن نية الدولة للمصالحة، وهي تساؤلات من الصعب الإجابة عنها في ظل نقص المعلومات».

ووفقاً لما نشرته وسائل إعلام محلية، فإن قرار الاستبعاد تضمّن أشخاصاً يُحاكَمون على «ذمة قضايا أخرى»، من بينهم وجدي غنيم، وإن القرار متعلق بقضية واحدة فقط؛ وهي القضية المعروفة إعلامياً باسم «تمويل جماعة الإخوان».

وتعود القضية إلى عام 2014، وأُدرج بموجبها 1526 شخصاً على «قوائم الإرهاب»، عام 2018 لمدة 5 سنوات. وفي 18 مايو (أيار) الماضي، قضت محكمة النقض المصرية بإلغاء حكم «جنايات القاهرة» بتمديد إدراج هؤلاء على «قوائم الإرهاب» لمدة 5 سنوات أخرى، لأن قرار التمديد «لم يُبيِّن بوضوح الوقائع والأفعال التي ارتكبها كل منهم».

وعدّت رئيسة «المجلس القومي لحقوق الإنسان» السفيرة مشيرة خطاب، قرار الاستبعاد «خطوةً إيجابيةً»، مشيرة إلى أنه «جاء بعد دراسة متأنية من الجهات القانونية المختصة، ولم يكن عشوائياً». وأكدت أن «هناك دستوراً للبلاد، ولا يمكن بأي حال من الأحوال خرقه أو تجاوزه».

وأشارت خطاب، في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إلى «ضرورة تأهيل المستبعدين من قوائم الإرهاب، كونهم تعرَّضوا لضغوط نفسية واجتماعية، ما يتطلب العمل على إعادة دمجهم في المجتمع». وقالت: «برامج التأهيل لا بد أن توضع بعناية بمشاركة عدد من الجهات المعنية، وبعد دراسة القوائم، وخلفية المدرجين عليها، ومواقعهم، والأدوار التي قاموا بها».

ويتعرَّض كل مَن يتم إدراجه على «قوائم الإرهابيين» لتجميد الأموال وحظر التصرف في الممتلكات، والمنع من السفر، وفقاً لقانون «الكيانات الإرهابية» الذي أصدره الرئيس المصري عام 2015.

بدوره، قال الخبير بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور عمرو هاشم ربيع، لـ«الشرق الأوسط» إن القرار «خطوة على طريق التسامح والعدالة الانتقالية»، رافضاً حالة الجدل الدائرة بشأنه، ومتهماً منتقدي القرار بأنهم «يسعون لإبقاء الأوضاع مشتعلةً في البلاد».

وأثار قرار الاستبعاد جدلاً وانتقادات إعلامية، وعلى منصات التواصل الاجتماعي. وقال الإعلامي المصري أحمد موسى، في منشور عبر حسابه على «إكس»، إن موقفه «واضح ودون مواربة... لا أمان ولا عهد للإخوان، ولن نتسامح معهم».

وأعرب عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن مخاوفهم من أن يدفع القرار نحو «المصالحة» مع تنظيم «الإخوان». وانتقدت الإعلامية لميس الحديدي، القرار، وقالت عبر «إكس»: «نريد أن نفهم ماذا يعني توجه الدولة لمراجعة القوائم ولماذا الآن؟ هل هناك ضغوط دولية لإبرام مصالحة مع الإخوان مثلاً؟».

لكن عضو مجلس النواب محمود بدر، نفى الاتجاه للمصالحة. وقال، عبر «إكس»: «السيسي هو الضمان الأكبر، وربما الوحيد لرفض المصالحة مع الإخوان»، مؤكداً سعادته بـ«ردود الفعل ورفض الناس فكرة المصالحة».

وقال الإعلامي المصري عمرو أديب، في برنامج «الحكاية» على فضائية «إم بي سي»، مساء الاثنين، إن «التفاعل مع القرار أحدث استفتاءً شعبياً بأن 99.9 في المائة من المصريين ضد الإخوان».

ورداً على تلك الانتقادات، قالت خطاب: «الشعب عانى كثيراً من الإخوان، وتعرَّض لمآسٍ، لكن في الوقت نفسه لا يمكن أن نخرق القانون... والعقاب لن يستمر مدى الحياة». وأضافت: «مسؤولية الدولة هي إصلاح مَن فسد، والأجدى للمجتمع محاولة إصلاح وتأهيل مَن غرَّر به بدلاً مِن السعي للانتقام ضمن دائرة مفتوحة لا تنتهي».

وعكست الانتقادات حالة من الاحتقان الشعبي، «نبهت إلى دور الإعلام والمؤسسات الدينية في نشر المعلومات لإزالة الشقاق على أساس احترام الدستور والقانون»، بحسب رئيسة «المجلس القومي لحقوق الإنسان».