الجزائر: حزب معارض يطلق مبادرة لـ«الوقاية من المواجهات الداخلية»

أطلقت «جبهة القوى الاشتراكية»، التي تعد أقدم حزب معارض في الجزائر، مبادرة سياسية أطلقت عليها «وقاية الجزائر من حلقة جديدة من المواجهة الداخلية»، ودعت الحكومة وكل الأحزاب الموالية لها والمعارضة إلى الانخراط فيها. واستعرض بعض تفاصيل هذه المبادرة (الجمعة) السكرتير الأول للحزب، يوسف أوشيش، خلال اجتماع لكوادره بالعاصمة؛ حيث تحدث عن «إطلاق تحالف تاريخي من أجل استكمال بناء المشروع الوطني»، في إشارة إلى مشروع «بناء دولة اجتماعية وديمقراطية في إطار المبادئ الإسلامية»، الذي أسست له مجموعة المجاهدين، التي فجرت ثورة الاستقلال في فاتح نوفمبر (تشرين الثاني) 1954، والذي تضمنته وثيقة «بيان أول نوفمبر».

يوسف أوشيش السكرتير الأول للقوى الاشتراكية (الشرق الأوسط)

وقال أوشيش مخاطبا قياديي حزبه إن الأمر يتعلق بمقترح سياسي، وصفه بـ«الشامل دون إقصاء أي طرف سياسي، ينأى عن الانقسامات الآيديولوجية، نتوجه به إلى جميع القوى المتمسكة بقيم الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية، والمعادية لكل المحاولات في الداخل والخارج، الهادفة لضرب وحدة البلاد والدولة ومؤسساتها»، من دون توضيح من يقصد بالتحديد. علما بأن السلطات تستنكر منذ مدة غير قصيرة مساعي جارية في الخارج تستهدف، حسبها، الاستقرار في الداخل، وترى أن معارضين جزائريين مقيمين في أوروبا يؤدون هذه المهمة، من بينهم دبلوماسي سابق يدعى العربي زيتوت، وعقيد مخابرات متقاعد يسمى هشام عبود. وأفاد يوسف أوشيش بأن «القوى الاشتراكية»، التي أسسها رجل الثورة الراحل حسين آيت أحمد عام 1963 «قوة معارضة محورية، تحملت مسؤولياتها كلما اقتضت الظروف ذلك، وقدمت دائما مخارج وحلولا شاملة وديمقراطية للأزمة (..) لكن للأسف لم تلق كل المقترحات المقدمة من طرف حزبنا، لا سيما مقترح الندوة الوطنية لإعادة بناء الإجماع الوطني، ردا إيجابيا من طرف دوائر الحكم». ولم يذكر أوشيش تفاصيل مقترح «وقاية الجزائر من المواجهة الداخلية»، ويرجح متتبعون أن يتم عرضه مكتوبا على رئاسة البلاد والأحزاب، كما فعل في وقت سابق مع مقترح «إعادة بناء الإجماع الوطني»، الذي لم يشرح مضمونه للصحافة. ووفق تصريحاته، فإن «الفاصل الأساسي هو ذلك الذي يفرق بين القوى الوطنية والدوائر المعادية». مؤكدا أن «الفراغ السياسي، والقيود المتعددة على ممارسة الحقوق والحريات السياسية، تصب في مصلحة مجموعات سياسية مرتزقة، تستفيد من دعم سياسي ومالي وإعلامي، أجنبي ومحلي». كما تناول أوشيش في خطابه الحراك الشعبي، الذي قام في 22 فبراير (شباط) 2019 ضد ترشح الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة؛ حيث عده «نتيجة حتمية لإصرار السلطة على الاستمرار في انتهاج مسلك مناهض للوطن ومصالحه الحيوية، الذي كرس استحواذ ونهب طغمة من الأوليغارشيا لخيرات البلاد». في إشارة إلى مجموعة من رجال الأعمال، كانوا مقربين من الرئيس، الذين أدانهم القضاء بأحكام ثقيلة بالسجن بتهمة «الفساد».

الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (أ.ف.ب)

وموازاة مع ما تطرحه «القوى الاشتراكية»، كانت أحزاب وتنظيمات قريبة من الحكومة أطلقت بدورها تكتلا سمته «لمّ الشمل»، حددت لها أهدافا تتمثل في «التصدي بشكل موحد للمؤامرات الرامية إلى زعزعة الثقة في الصف الوطني، والوقوف مع تطلعات الجزائر لاستعادة أدوارها المحورية الإقليمية والدولية»، وفي «تحصين ثوابت الأمن ومقومات هويتها، وحماية مرجعية الأمة، وتكريس قيم التسامح والاعتدال والتعايش، والمحافظة على استقلال القرار السياسي». وتقود هذا المسعى «جبهة التحرير الوطني»، و«التجمع الوطني الديمقراطي» (تيار وطني)، و«حركة البناء الوطني» (إسلامي)، وهي أحزاب لها تمثيل في الحكومة، زيادة على تنظيمات مهنية، أبرزها «الاتحاد العام للعمال الجزائريين».