مصر: تحقيقات موسعة في أحداث انتخابات نقابة المهندسين

بعد بلاغات قدمت للنائب العام

نقيب المهندسين طارق النبراوي وسط أنصاره قبل أحداث النقابة (صفحة نقيب المهندسين على «فيسبوك»)
نقيب المهندسين طارق النبراوي وسط أنصاره قبل أحداث النقابة (صفحة نقيب المهندسين على «فيسبوك»)
TT

مصر: تحقيقات موسعة في أحداث انتخابات نقابة المهندسين

نقيب المهندسين طارق النبراوي وسط أنصاره قبل أحداث النقابة (صفحة نقيب المهندسين على «فيسبوك»)
نقيب المهندسين طارق النبراوي وسط أنصاره قبل أحداث النقابة (صفحة نقيب المهندسين على «فيسبوك»)

تحقيقات موسعة تجريها سلطات التحقيق المصرية في أحداث انتخابات نقابة المهندسين، التي وقعت خلال انعقاد الجمعية العمومية للنقابة، للتصويت على سحب الثقة من النقيب الحالي أو استمراره. ووفق إفادة للنيابة المصرية (مساء الأربعاء) فإن «النائب العام المصري أمر بالتحقيق في البلاغات المقدمة من الأطراف المتنافسة بنقابة المهندسين حول الأحداث التي شهدتها الجمعية العمومية (مساء الثلاثاء) الماضي، للوقوف على حقيقة ما حدث».

وكان «مجهولون» قد اقتحموا الجمعية العمومية «غير العادية» لنقابة المهندسين التي عقدت بقاعة المؤتمرات بمدينة نصر «شرق القاهرة» للتصويت على سحب الثقة من النقيب الحالي طارق النبراوي، وقاموا بـ«إتلاف صناديق الاقتراع، والاعتداء على الناخبين»، وهي الأحداث التي حالت دون تمكن القضاة من إعلان النتائج الرسمية للانتخابات، بحسب مراقبين.

وعقدت الجمعية العمومية لنقابة المهندسين بناء على دعوة المجلس الأعلى للنقابة، وطلبات وقعها 1960 عضواً للتصويت على سحب الثقة من نقيب المهندسين الحالي النبراوي. و«شهدت الانتخابات إقبالاً واسعاً وصل إلى نحو 24 ألف مهندس»، وفق نقيب المهندسين. فيما أظهرت نتائج أولية غير رسمية «تصويت 92 في المائة على رفض سحب الثقة من النقيب الحالي».

وتبادل الطرفان (أنصار النقيب الحالي، والمجلس الأعلى للمهندسين) الاتهامات حول أحداث الجمعية العمومية عبر بيانات صحافية وبلاغات للنائب العام، فيما تواصلت ردود الفعل بشأن الأحداث في الأوساط السياسية والنقابية.

وطالبت أربعة أحزاب سياسية مصرية في بيان مشترك السلطات المصرية باتخاذ «إجراءات لمحاسبة المسؤولين عن أحداث نقابة المهندسين»، و«اتخاذ جميع الإجراءات التي ينص عليها الدستور المصري لحماية العمل النقابي». كما طالبت بـ«إعلان اللجنة القضائية المشرفة على عملية التصويت نتائج الجمعية العمومية من دون تأخير».

نقيب المهندسين طارق النبراوي وسط أنصاره قبل أحداث النقابة (صفحة نقيب المهندسين على «فيسبوك»)

عضو مجلس نقابة المهندسين في مصر، ميرفت شرف الدين، قالت لـ«الشرق الأوسط»، إن «مجلس النقابة يشهد تبايناً في الآراء حول كثير من القضايا؛ لكن واقعة (اقتحام) الجمعية العمومية، زادت من شعبية النقيب الحالي بين المهندسين»، على حد قولها.

ووصلت تداعيات أحداث نقابة المهندسين إلى البرلمان المصري، وأعلنت النائبة مها عبد الناصر، عضو مجلس النواب المصري (البرلمان) عبر صفحتها الشخصية على «فيسبوك» (الخميس)، أنها «بصدد التقدم بطلب رسمي إلى رئيس مجلس النواب بشأن مساءلة أربعة نواب ظهروا في مقاطع (فيديو) وسط أحداث النقابة». كما قالت عبد الناصر في مقطع «فيديو» عقب الأحداث، إنها تعتزم «التقدم ببلاغ للنائب العام المصري حول واقعة اقتحام النقابة»، وإنها «شاهدة على ما حدث».

من جهته، علق الإعلامي المصري، إبراهيم عيسى، على أحداث نقابة المهندسين بقوله: «دعوة الجمعية العمومية والتصويت مشهدان ديمقراطيان، توجا بفوز كبير للنقيب الحالي (النتائج لم تعلن بشكل رسمي)». وتابع عبر برنامجه التلفزيوني (مساء الأربعاء): «لكن انتهى التصويت بمشهد (مروع)».



«التوك توك» ما زال «يشاغب» في شوارع مصر... رغم منع استيراده

راكب يتفاوض مع سائق «توك توك» على الأجرة في منطقة الهرم (الشرق الأوسط)
راكب يتفاوض مع سائق «توك توك» على الأجرة في منطقة الهرم (الشرق الأوسط)
TT

«التوك توك» ما زال «يشاغب» في شوارع مصر... رغم منع استيراده

راكب يتفاوض مع سائق «توك توك» على الأجرة في منطقة الهرم (الشرق الأوسط)
راكب يتفاوض مع سائق «توك توك» على الأجرة في منطقة الهرم (الشرق الأوسط)

يفرض «التوك توك» نفسه في شوارع مصر، بعدما شق طريقه في ضواحٍ شعبية وأخرى متوسطة، وداخل قرى ونجوع، مثبتاً قدرته على تلبية حاجة تنقلية تتلاءم مع طبيعة الشوارع غير الممهدة والأزقة الضيقة، رغم قرارات الحكومة المتتالية لمنع استيراده، وكان آخرها قرار الجمارك، الأحد الماضي، الذي حظر دخوله البلاد للأغراض التجارية.

ويعود أول قرار رسمي لوقف استيراد «التوك توك» إلى عام 2014، ثم في عام 2021 أصدرت الحكومة قراراً آخر بحظر استيراد «المكونات الأساسية» له لمنع تجميعه في الداخل. ورغم ذلك لا يزال «التوك توك» في تزايد، ويُعرض للبيع والشراء عبر الأسواق الإلكترونية، بموديلات عامي 2018 و2022، وبأسعار تتراوح بين 90 إلى 130 ألف جنيه للمستعمل (الدولار نحو 51 جنيهاً)، على موقع «دوبيزل».

موقف «توك توك» بجوار محطة كلية الزراعة في منطقة شبرا الخيمة (الشرق الأوسط)

لا تحب دعاء محمد، وهي أم لرضيعين تسكن في منطقة كرداسة (شمال غربي الجيزة)، ركوب «التوك توك»، خصوصاً إذا كان من يقوده صغيراً في السن؛ تجنباً لتجربة سواقة متهورة، لكنها لا تستطيع الاستغناء عنه في مشاويرها اليومية القريبة، أو حتى للخروج من المنطقة التي تشتهر بتعرج طرقها وتكسيرها، إلى شارع رئيسي لاستقلال وسيلة مواصلات أخرى.

تتذكر خلال حديثها لـ«الشرق الأوسط»، تجربة «التوك توك» في المحافظة التي تتحدر منها في القليوبية، على اعتبارها جيدة ويجب تعميمها، حيث يمتاز تحديداً في قرية كفر شكر (أحد مراكز المحافظة) بأن له أجرة موحدة، وأنه مرخص بأرقام تستطيع بها الإبلاغ عن سائق المركبة إذا تعرض لها، كما أن له خط سير محدداً.

وتؤكد ورقة بحثية نشرها «مرصد العمران» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، للباحثة هناء جاد محمود، الحاجة لضبط منظومة «التوك توك»، والتي فرضت نفسها في الشارع منذ ظهورها، وذلك عبر «إنشاء تطبيق رقمي له؛ أسوة بالوسائل الأخرى؛ لضبط نطاق الرحلات والسعر، والعمل على ترخيص مركباته، وتشجيع وجود كيانات تعبر عنه، بعدما بات وسيلة لا يمكن الاستغناء عنها، رغم مشكلاته».

ولا توجد إحصائية رسمية بعدد مركبات «التوك توك» في مصر، بينما يقدرها المتحدث باسم مجلس الوزراء السفير نادر سعد، حتى منتصف عام 2021 بـ2.5 مليون مركبة. وأوضح الجهاز المركزي للإحصاء أن 192 ألفاً و675 «توك توك» فقط مرخصة على مستوى الجمهورية حتى عام 2023، ما نسبته 6.8 في المائة من مجمل وسائل المواصلات الأخرى المرخصة.

نادي محمد سائق «توك توك» مرخص من قسم بولاق الدكرور في محافظة الجيزة (الشرق الأوسط)

سائقون مع ضبط المنظومة

لا ينكر سائقا «توك توك» في منطقة الهرم، الحاجة إلى ضبط منظومة «التوك توك»، بعدما باتت سمعته مرتبطة بكثرة الحوادث أو استغلاله من قبل الخارجين عن القانون.

يقول أولهما، وهو سائق ستيني يدعى العم محمد: «بدلاً من حديث المسؤولين كل فترة عن رغبتهم في التخلص منه بدعوى أنه يثير أزمات أو أن مظهره غير حضاري، يجب أن تضبط الدولة المنظومة، وتمنع قيادته من قبل الأطفال، وتُجري تحليل مخدرات لسائقيه».

ويتفق معه سائق آخر يدعى العم نادي، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»، إن «قرارات منع استيراده لن تؤثر، منعوه من قبل ولا يزال موجوداً، يجب أن يهتموا بترخيصه». يقول ذلك فيما يشير إلى ماكينته المرخصة بأرقام من قسم بولاق الدكرور.

وأعلن وزير الإنتاج الحربي المهندس محمد صلاح الدين، في أغسطس (آب) الماضي، وصول 200 سيارة «كيوت» من الهند بديلاً لـ«التوك توك»، على أن توزع على المدن للتجربة.

ويرفض السائق الأول استبدال السيارة الجديدة بماكينته: «لا توجد لها قطع غيار، كما أنها غريبة على الشارع الذي اعتاد (التوك توك)».

ويرى المحلل المالي هشام حمدي، قرار الجمارك الأخير مؤشراً على أن الحكومة ستعلن قريباً بدء منظومة الإحلال، عبر استبدال المركبات الـ«كيوت» ذات الأربع عجلات بـ«التوك توك». قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «هذه السيارات تمتاز بشكلها الحضاري، وتعمل بالغاز أو البنزين، وليس البنزين فقط مثل (التوك توك)».

لكن في المقابل، تُعدد دراسة «مرصد العمران»، مزايا «التوك توك»؛ فمن الناحية المكانية، يعدّ وسيلة متوفرة معظم الأوقات، ويمكنها الوصول إلى نطاقات جغرافية نائية لا تتوفر فيها شبكة نقل عام، أو مناطق وعرة يصعب دخول وسائل النقل الأخرى إليها؛ كالشوارع الضيقة أو غير الممهدة.

سمعة تسوء

يدعم توجه الحكومة في الإحلال بعض الزبائن الذين فقدوا الثقة بـ«التوك توك» لحوادثهم معه، ومن بينهم الشابة الثلاثينية سلمى بدر، وهي تسكن منطقة حدائق القبة (شمال القاهرة)، وتتعجب كيف وصل «التوك توك» إليها، ليجري حول قصر القبة الرئاسي، مشيرة إلى تعرض أفراد في أسرتها لحوادث من خلال هذه المركبة.

ويتمنى سائق الميكروباص في منطقة العمرانية بمحافظة الجيزة، وائل السقا، التخلص من «التوك توك»، مرجعاً ذلك إلى أن حوادث كثيرة تقع بسببه، حسب حديثه لـ«الشرق الأوسط».

وكانت محكمة جنايات الإسكندرية قررت في سبتمبر (أيلول) 2024، إحالة أوراق سائق «توك توك» إلى المفتي؛ لإبداء الرأي الشرعي في إعدامه؛ لاتهامه باختطاف طفل داخل مركبته، واغتصابه داخل منزله.

وفي 27 ديسمبر (كانون الأول) 2024، تداولت وسائل إعلام محلية نبأ مقتل شخص وإصابة 3 آخرين في حادث انقلاب «توك توك» في ترعة توشكا بمحافظة أسوان جنوب مصر، وفي اليوم التالي نُشر خبر عن إصابة 7 مواطنين إثر تصادم سيارة سوزوكي مع «توك توك» على طريق الإسماعيلية بورسعيد (شرق القاهرة)، واليوم نفسه أصيبت 3 طالبات في حادث تصادم بين سيارة ميكروباص و«توك توك» في البحيرة (شمال مصر).

ويتجاوز أثر «التوك توك» ذلك إلى «السلب من قوة المجتمع الإنتاجية»، حيث يترك بعض العاملين في حرف مثل النجارة والسباكة أعمالهم لامتهان سواقته؛ طمعاً في مكسب سريع، ما أفقد المجتمع جزءاً من قوته العاملة، حسب أستاذة علم الاجتماع في جامعة بنها الدكتورة هالة منصور.

تنطبق الحالة التي تطرحها منصور مع «الشرق الأوسط»، على محمد نور، وهو سائق (27 عاماً) في منطقة شبرا الخيمة بمحافظة القليوبية (شمال القاهرة)؛ إذ كان يعمل في صناعة النسيج ثم تركها واشترى «توك توك».

قد يتحصل نور في يوم العمل «الجيد»، ومدته تتراوح بين 8 إلى 10 ساعات، على 500 جنيه، حسب قوله، أي أن متوسط دخله الشهري قد يتراوح بين 12 و15 ألف جنيه، إذا ما داوم يومياً دون انقطاع. وهو ضعف الحد الأدنى للأجور في مصر والبالغ 6 آلاف جنيه.

وبين رافضي «التوك توك» ومستخدميه، تقطع تلك المركبة «المشاغبة» طريقها الذي بدأته في مصر عام 2005، قادمة من الهند، ومتوسعة كل يوم في خطوط سيرها، لتصل إلى مدن مثل الجونة بمحافظة الغردقة، حيث تظهر هناك بألوان زاهية، ومظهر يناسب طبيعة المدينة الساحلية السياحية، وكأنها ليست هي نفسها التي تثير القلق في الحواري الشعبية.