من هم لصوص الحرب في الخرطوم؟

آلاف المنازل والمتاجر والمصانع نُهبت وأُحرقت كلياً أو جزئياً

دبابة للجيش السوداني في إحدى نقاط التفتيش بالخرطوم (أ.ف.ب)
دبابة للجيش السوداني في إحدى نقاط التفتيش بالخرطوم (أ.ف.ب)
TT

من هم لصوص الحرب في الخرطوم؟

دبابة للجيش السوداني في إحدى نقاط التفتيش بالخرطوم (أ.ف.ب)
دبابة للجيش السوداني في إحدى نقاط التفتيش بالخرطوم (أ.ف.ب)

لن يستطع أبرع مخرج أفلام رعب تخيل سيناريوهات الرعب في العاصمة السودانية الخرطوم، والتي يحدث فيها أن يقتحم مسلحون بأزياء قوات «الدعم السريع» منزل أسرة، ويطالبوها بإخلائه على الفور، من دون أن يسمحوا لها بأخذ «إبرة» منه، كما لن يستطيع تصوير رعب رب الأسرة السبعيني الذي لا يعلم ماذا اقترف حتى يدفع هذا الثمن الباهظ، هو وزوجته وأبناؤه الخمسة في تلك الليلة الظلماء.

أيضاً، لن يستطع المخرج البارع نفسه تخيل سيناريو رعب أكثر مما تسببه الطائرات الحربية التي تجوب ليلاً سماء المدينة، وتوجه صواريخها، التي قد لا تصيب هدفها، لكنها تقتل الأبرياء وتدمر المنازل وتشعل الحرائق في المصانع، تحت ذريعة الاشتباك مع قوات «الدعم السريع».

فمنذ منتصف الشهر الماضي، احتلت القوات العسكرية المنازل والدور والمنشآت والمستشفيات والوزارات والمصانع والشركات، وسرقت ممتلكات المواطنين في الخرطوم، جراء الحرب التي تجاوزت أسبوعها السابع. فبعض الذين تم الاعتداء على منازلهم من قِبل قوات «الدعم السريع»، طالبوا الجيش، عبر صفحاتهم الرسمية في «فيسبوك»، بهدم المنزل على رؤوس تلك القوات.

الأحياء الثرية الأكثر تضرراً

وتُعدّ مناطق وأحياء «كافوري» و«الرياض» و«الطائف» و«غاردن سيتي» الثرية، أكثر المناطق التي شهدت عمليات سرقة ونهب مستمرة منذ الأيام الأولى للحرب، ونزح كثير من سكانها داخلياً، ولجأ آخرون إلى خارج البلاد. وبعد دخول القوات التي ترتدي زي «الدعم السريع» إلى المنازل لتسرق الذهب والمال والسيارات وغيرها من الأشياء القيمة، تأتي مرحلة ثانية من السرقة يقوم بها مواطنون، ينهبون الأثاث المنزلي والملابس، ولا يتركون شيئاً.

وشهدت منطقة «العمارات» (وسط)، اشتباكات عنيفة بين الجيش و«الدعم السريع»؛ ما يجعل من محاولة دخول المنطقة مخاطرة كبيرة، إذ قُتل كثير من مواطنيها بالقصف بالأسلحة الثقيلة وتم دفنهم داخل منازلهم، ولم يتمكن أقاربهم من دفنهم في مقابر عامة.

أما ضاحية «الجريف» (شرق)، ويفصلها عن الخرطوم «كوبري المنشية»، فقد نشأت فيها سوق حديثة باسم «سوق البيع المخفض» أو «سوق المسروقات»، وتعرض فيها الأجهزة الكهربائية والأثاثات المنزلية المستعملة، غالباً بأسعار زهيدة جداً. فسعر الثلاجة لا يتجاوز 25 ألف جنيه، بينما سعرها في السوق نحو 400 ألف جنيه. أما شاشات التلفزيون الذكية فلا يتجاوز سعر الواحدة منها 10 آلاف جنيه.

مقر الجهاز المركزي للإحصاء بعد أن تم إحراقه في جنوب الخرطوم (أ.ف.ب)

سوق للمسروقات

ويرتاد «سوق المسروقات» مواطنون من المناطق المجاورة، ويؤكد كثيرون أن ما يباع فيها هي ممتلكات مواطنين تمت سرقتها من مناطق مختلفة. فالسعر الزهيد الذي تباع به، وحداثة ميلاد السوق يؤكدان ذلك.

وأثار نشوء هذه السوق نقاشات بين مواطني المنطقة. فبعضهم يطالب بعدم الشراء منها بحجة أن كل محتوياتها مسروقة من مواطنين ومن شركات ومصانع المواد الغذائية، ولا يجوز شراء المال المسروق، بينما يشتري البعض دون الالتفات لمنشأ السلعة.

وقال الجيش في بيان سابق، إنه رصد عمليات هروب كبيرة للمليشيات المتمردة نحو الغرب، على متن مئات العربات بأنواع مختلفة، وجميعها محملة بالمنهوبات. وفي المقابل، فإن قوات «الدعم السريع» تتبرأ من حوادث النهب، وتقول إن أزياءها تُستغل لتنفيذ الجرائم بغرض تشويه سمعتها. وفي وقت سابق، نشر «الدعم السريع» فيديو قال فيه إنه عثر على مخازن مليئة بأزياء قواته وعلاماتها في أحد المقار الأمنية.

وقبل 15 أبريل (نيسان) الماضي، كانت الشرطة تقوم بدورها، وتنتشر في الشارع بكثافة، عندما تعلن لجان المقاومة عن المواكب التي تطالب بإسقاط انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) وكل ما ترتب عليه، وتستخدم عنفاً مفرطاً ضد المحتجين السلميين؛ ما أدى إلى مقتل أكثر من مائة مواطن، لكنها اختفت فجأة وتخلت عن أداء مهمتها مع بداية حرب الخرطوم.

وانسحبت قوات الشرطة من كل المناطق التي كانت تقوم بحراستها وحمايتها بمجرد اندلاع الحرب؛ ما سهل مهمة القوات العسكرية في الدخول إليها، وسهّل أيضاً مهمة اللصوص في الدخول إلى الشركات والمصانع، فتمت سرقتها وحرق بعض أجهزة الحاسوب والملفات المهمة.

عناصر من الجيش السوداني في أحد شوارع الخرطوم الخميس (أ.ف.ب)

واجب الشرطة

ويقول الخبير القانوني، المعز حضرة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «حماية المدنيين والممتلكات هو واجب الشرطة، وكان يجب عليها أن تقوم بدورها، لكن للأسف اختفت في ظروف غامضة، وتقاعست عن القيام بدورها المنصوص عليه وفق القانون، ويجب فتح بلاغ ضد مدير الشرطة حسب القانون الجنائي، وهذا لا يمنع فتح بلاغات ضد الطرفين المتقاتلين أو أي جهات شاركت في الحرب».

وأشار حضرة إلى أن أفراد الشرطة لم يقوموا بدورهم في حماية مواقع مثل الجامعة الأهلية، التي تم نهبها اللصوص وبعض المدنيين، وقال إن «البلاد تعيش الآن في مرحلة اللادولة»، مضيفاً «تم ضبط لصوص يرتدون ملابس قوات عسكرية، ولا بد من لجنة تحقيق محايدة لضبط المتورطين في هذه الجرائم». لكنه استدرك قائلاً «الآن، لا يمكن الوصول إلى حقائق؛ نظراً لغياب الشرطة والنيابة والقضاء».

وقطع حضرة بأن احتلال قوات «الدعم السريع» المستشفيات أو ارتكابها جرائم ضد المدنيين لا يعطي القوات المسلحة الحق في أن تقصف بالطائرات مواقع سكنية، وقال «القوات المتحاربة خالفت القانون الدولي الإنساني».

وكان وزير الدفاع، الفريق ركن يس إبراهيم، قد أصدر بلاغاً جاء فيه «بما أن قوات التمرد تمادت في إذلال رموز الدولة، من الأدباء والصحافيين والقضاة والأطباء والأسر، وطاردت وقبضت على متقاعدي القوات النظامية، فإننا نوجه نداءنا هذا، ونهيب بكل متقاعدي القوات المسلحة، من ضباط وضباط صف وجنود، وكل القادرين على حمل السلاح، بالتوجه إلى أقرب قيادة عسكرية لتسليحهم؛ تأميناً لأنفسهم وحرماتهم وجيرانهم، وحماية لأعراضهم، والعمل وفق خطط هذه المناطق».

وأدى قرار الوزير إلى انقسام بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي؛ إذ رفض بعضها هذه القرارات، مستنداً إلى كون حماية المدنيين تقع على عاتق الدولة وليس المتقاعدين، وإلى أن انتشار السلاح سيقود إلى حرب أهلية تنسف ما تبقى من السودان، بينما رحب فريق آخر بالقرار، وقال إنه يمكن الاستفادة من خبرات المتقاعدين في تأمين الأحياء السكنية، مشيرين إلى أن «الأمن مسؤولية مشتركة بين الشرطة والمجتمع».

عناصر مسلحة في أحد أحياء الخرطوم (أ.ف.ب)

الواقع الجديد

ورسمت حرب أبريل واقعاً جديداً، ربما ليس في السودان فقط، بل على المستوى الإقليمي، وصار أكثر ما يهم السودانيين هو تثبيت مبدأ تحقيق العدالة وانتهاء عهد سياسية الإفلات من العقاب أو سياسة «عفا الله عما سلف»، التي كان ينتهجها النظام السابق كغطاء للجرائم التي يرتكبها؛ ما دفع خبراء إلى اعتبار أن الثمن الذي يدفعه الشعب لا يجب أن يضيع سدى، بل يجب أن يكون مناسبة لتحقيق عادل يقدم فيه مرتكبو انتهاكات حقوق الإنسان والاعتداءات على المدنيين للمحاسبة والمساءلة.

خبير إدارة الأزمات والتفاوض في «مركز البحوث الإستراتيجية»، أمين إسماعيل، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات «الدعم السريع» هي المسؤولة عن السرقات والسلب والنهب والتخريب الذي حدث في الأسواق والمصانع والمحال التجارية، وتابع «هي التي بدأت بالنهب والتخريب والاحتماء بالمناطق السكنية، واعتدت أيضاً على البنوك والمرافق الاقتصادية». وأضاف «هذه الأمور موثقة بكاميرات مراقبة، ويوجد حديث متفق عليه بالوثائق والدلائل بأن قوات (الدعم السريع) هي المسؤولة».

وأشار إسماعيل إلى أن عصابات «النيقرز»، وهي عصابات مكونة من سكان محليين يعانون الفقر والبطالة والنزوح الداخلي سابقاً، وجدت الفرصة لتكمل نهب ما بدأته قوات «الدعم السريع». وتابع «بعض المجرمين الذين تم إخراجهم من السجون يعيشون من دون وسائل لكسب العيش، وأغلبهم اتجه إلى السلب والنهب».

وتوقع إسماعيل أن تعرض الدولة كل هذه الخسائر على المانحين والوسطاء، وأن تبادر عبر الوكالات وغيرها في تعويض المتضررين حتى يستقيم الاقتصاد ودورة الإنتاج مرة أخرى.


مقالات ذات صلة

السودان يرحب بالعقوبات ضد حميدتي ويطالب بموقف دولي موحد

شمال افريقيا قائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي) (رويترز)

السودان يرحب بالعقوبات ضد حميدتي ويطالب بموقف دولي موحد

رحبت الحكومة السودانية بقرار الإدارة الأميركي فرض عقوبات على قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» وطالبت المجتمع الدولي بموقف موحد.

شمال افريقيا سودانيون فارُّون من المعارك في منطقة الجزيرة داخل مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)

الجيش السوداني يستعيد السيطرة على بلدات في الجزيرة

شن الجيش السوداني، الأربعاء، هجوماً برياً كبيراً من عدة محاور على أطراف ولاية الجزيرة وسط البلاد، استعاد على أثرها، السيطرة على عدد من البلدات والقرى

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا حميدتي قال في خطاب الاستقلال الأربعاء إن السودان في مفترق طرق (الشرق الأوسط)

قبل رحيلها... إدارة بايدن تفرض عقوبات على «حميدتي» وتتهمه بـ«جرائم حرب»

«الخارجية الأميركية»: «قوات الدعم السريع»، والميليشيات المتحالفة معها، شنَّت هجمات ضد المدنيين، وقتلت الرجال والفتيان بشكل منهجي، وحتى الرُّضع، على أساس عرقي.

هبة القدسي (واشنطن)
شمال افريقيا مواطنون في بورتسودان يطالبون بتمديد مهلة تبديل العملة (أ.ف.ب)

تبديل الجنيه السوداني يتحول أداةً حربية بين طرفي النزاع

عدّت «قوات الدعم السريع» العملات الجديدة «غير مبرئة للذمة» في المناطق التي تسيطر عليها، وقالت إن العملات القديمة «سارية» وصالحة للتداول فيها.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا سودانيون يحاولون الدخول إلى حافلة في بورتسودان (أ.ف.ب)

بلينكن يؤكد ارتكاب «الدعم السريع» إبادة في السودان

قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن واشنطن تأكدت أن أعضاء «قوات الدعم السريع» والجماعات المتحالفة معها ارتكبوا إبادة جماعية في السودان.


مشاورات «اليوم التالي» في غزة... مساعٍ مصرية للتوافق بين «فتح» و«حماس»

فلسطينيون يحملون جريحاً في موقع غارة جوية إسرائيلية على مأوى للنازحين وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يحملون جريحاً في موقع غارة جوية إسرائيلية على مأوى للنازحين وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

مشاورات «اليوم التالي» في غزة... مساعٍ مصرية للتوافق بين «فتح» و«حماس»

فلسطينيون يحملون جريحاً في موقع غارة جوية إسرائيلية على مأوى للنازحين وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يحملون جريحاً في موقع غارة جوية إسرائيلية على مأوى للنازحين وسط قطاع غزة (رويترز)

مشاورات «اليوم التالي» لحرب غزة عادت للقاهرة مجدداً، عقب تباين في وجهات النظر بين حركتي «حماس»، و«فتح» التي تتولى السلطة، بشأن تشكيل «لجنة إدارة القطاع» وذلك بعد رعاية مصرية لـ3 جولات من المحادثات خلال الأشهر الثلاثة الماضية.

تلك المساعي المصرية للتوافق بين الحركتين في ظل تسارع الجهود لإبرام هدنة قريبة بالقطاع، تعد بحسب تقديرات خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» محاولة لإنهاء أي خلافات حالية بخاصة مع حديث أميركي عن وجود خطة لليوم التالي، مؤكدين أن «مصر حريصة على تقريب وجهات النظر للخروج بتوافق قريب».

وأفاد مصدر فلسطيني مطلع لـ«الشرق الأوسط» بأن «المعلومات المتوفرة حتى الآن أن وفد (فتح) وصل قبل يومين للاجتماع مع (حماس) وهو لا يقبل المقترح القديم الذي قبلته الأخيرة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بشأن تشكيل لجنة تكنوقراط لإدارة القطاع تحت اسم لجنة الإسناد المجتمعي».

ووفق المصدر ذاته، «سيقدم وفد (فتح) خلال اجتماع القاهرة مقترحاً جديداً يتضمن تشكيل لجنة الإسناد برئاسة وزير من الحكومة الفلسطينية وتتبعها»، موضحاً أن هذا «نوقش من قبل لكن الجديد أن وزيراً بالحكومة الفلسطينية يترأس اللجنة».

وكانت صحيفة «الأهرام» المصرية (حكومية)، أفادت الأربعاء، بأنه في «إطار المساعي المصرية الحثيثة، انطلقت، الثلاثاء، بالقاهرة المباحثات بين حركتي (فتح) و(حماس)، بشأن اللجنة التي ستتولى إدارة قطاع غزة بعد الحرب، بهدف التوصل لاتفاق حول آليات إدارة القطاع».

وكانت «حماس» تحدثت في بيان صحافي، في 3 يناير (كانون الثاني) الحالي، عن أنها «خلال الأشهر الأخيرة تعاملت بإيجابية مع مبادرة الأشقاء في مصر المدعومة عربياً وإسلامياً لتشكيل (لجنة الإسناد المجتمعي) لإدارة شؤون قطاع غزة بشكل مؤقت، وقطعت شوطاً مهما مع (فتح) وتواصلت مع عدد من القوى والفصائل لأسماء مقترحة وسلمتها للقاهرة»، معربة عن أملها في تجاوب «(فتح) والسلطة مع جهود تشكيل اللجنة».

وفي اليوم التالي تحفظ المتحدث باسم «فتح»، منذر الحايك، على بيان «حماس»، في تصريحات نقلها إعلام فلسطيني، متسائلاً: «لماذا لا تخرج (حماس) ببيان وتقول إن الحكومة الفلسطينية هي التي تمثل الكل الفلسطيني؟ ولماذا نشكل لجاناً لا تخدم الكل الفلسطيني؟ وتُفرق الضفة عن القطاع في وقت توجد حكومة فلسطينية معترف بها فلسطينياً وعربياً ودولياً؟».

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

هذا الاجتماع الجديد بالقاهرة، يراه المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، محاولة جديدة من القاهرة لاستكمال جهودها للإسراع نحو توافق بشأن تشكيل تلك «اللجنة» التي من المعروف مسبقاً أنها ستتبع السلطة، وصدورها سيكون بمرسوم رئاسي، مؤكداً أن «القاهرة تسعى لتجاوز لاءات إسرائيل بشأن رفض تسلم غزة من قبل السلطة أو من (حماس)، ومحاولة فتح آفاق جديدة لوقف الحرب».

وباعتقاد المحلل السياسي الفلسطيني، إبراهيم المدهون، فإن وفد حركة «فتح» سيعمل على «توضيح موقف السلطة بعد إدراكها حجم الانزعاج المصري من تحركاتها ضد اللجنة»، معتقداً أن «(حماس) قدمت كل ما يمكن لتسهيل جهود مصر في إنجاح لجنة الإسناد المجتمعي وأظهرت مرونة عالية، وطرحت أسماء مرشحة على أساس الكفاءة والوطنية والمهنية والقبول الدولي، مع استشارة الفصائل الفلسطينية في هذا الشأن».

ويتوقع المدهون أن يكون «هناك تفاهم ضمني بين (حماس) والقاهرة على أهمية إشراك حركة (فتح) في لجنة الإسناد بعدّها جزءاً فاعلاً ومسؤولاً»، موضحاً: «لكن غياب (فتح) أو رفضها المشاركة لن يُعيق المضي قدماً في تشكيل هذه اللجنة».

فيما يعتقد الرقب، أن المقترح سواء القديم أو الجديد سيخضع لمناقشات مكثفة وخاصة مع احتمال قرب الاتفاق على هدنة في قطاع غزة، وحديث دوائر عديدة، لا سيما أميركية، عن اليوم التالي للحرب.

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)

ويرى الرقب أهمية أن يسارع الفلسطينيون لترتيب أوراقهم والاستجابة للمساعي المصرية للتوافق بشأن اليوم التالي للحرب وإدارة القطاع، مشدداً على أن القاهرة داعمة كبرى لفلسطين وتعد قضيتها قضية أمن قومي، ومن ثمّ يتوقع أن تبذل جهوداً كبيرة لإنهاء أي خلافات والذهاب لإعلان تشكيل اللجنة خلال تلك الجولة.

وفي تقدير المدهون فإن دور «لجنة الإسناد»، «يعد ذا أهمية قصوى في حال توقف العدوان على غزة، حيث يمكن أن تلعب دوراً محورياً في إعادة الإعمار وتنسيق الجهود العربية والدولية».

ومع ذلك، فإن «عدم إقرارها وعرقلتها من قبل السلطة الفلسطينية لن يُغلقا الباب أمام إيجاد بدائل مبتكرة».