تونس: جدل سياسي وقانوني حول تهديد نواب البرلمان بـ«سحب الثقة»

في حال لم ينفذوا وعودهم الانتخابية

البرلمان التونسي (موقع المجلس)
البرلمان التونسي (موقع المجلس)
TT

تونس: جدل سياسي وقانوني حول تهديد نواب البرلمان بـ«سحب الثقة»

البرلمان التونسي (موقع المجلس)
البرلمان التونسي (موقع المجلس)

خلّف تصريح الرئيس التونسي قيس سعيد حول إمكانية سحب الثقة من نواب البرلمان الجديد، جدلاً سياسياً وقانونياً واسعاً وتساؤلات حول طريقة سحبها، ومن هو المعنيّ بها من النواب، وما هي المقاييس، وهل سيمكن ذلك من المحافظة على الاستقرار السياسي في تونس، أم أنه سيكون مصدر مشكلات إضافية ستظهر على الساحة السياسية، خصوصاً أن مجمل النواب من الداعمين للمسار السياسي الذي أقره الرئيس سعيد منذ يوم 25 يوليو (تموز) 2021.

وكان سعيد قد أشار في غير مناسبة وضمن مشروعه السياسي، إلى أنه «يجب ألا ينسى النواب الجدد أنهم مسؤولون أمام الشعب، ومن الممكن سحب الوكالة منهم في حال لم يكونوا في مستوى تطلعات ناخبيهم».

وتطرق سعيد في لقائه (الجمعة) مع إبراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب (البرلمان) إلى الوظيفة التشريعية للمجلس في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ تونس، علاوة على دوره الرقابي الذي يختلف عما كان عليه الأمر قبل دستور 25 يوليو 2022، حيث أصبح ممكناً للمجلس أن يسائل عضو الحكومة أو الحكومة بأكملها في مقر البرلمان بـ«قصر باردو» لا خارجه.

وقدم سعيد موقفه من موضوع الحصانة البرلمانية قائلاً: «إنها تهدف إلى تمكين النائب من ممارسة وظيفته دون أي ضغط وبكل حرية دون أن يعني ذلك أنه فوق المحاسبة والقانون».

وأشار الرئيس التونسي إلى أنه يتعين على النواب الذين هم مسئولون أمام ناخبيهم أن يتحملوا المسؤولية في رفع الحصانة عمن تعلقت به قضايا قبل الانتخابات وما زالت هذه القضايا منشورة أمام المحاكم سواء في تونس أو في الخارج.

وذكّر أن النائب بالبرلمان التونسي مسؤول أمام ناخبيه الذين بإمكانهم سحب الثقة منه طبقاً للفصل 61 من الدستور التونسي.

معتبراً أن مسألة الكتل البرلمانية التي وردت بدورها في نص الدستور (لم يكن موافقاً على وجودها في البداية)، مذكّراً بأن الانتماء إلى كتلة معينة غايته تيسير العمل داخل المجلس دون أن يكون الانتماء إلى إحدى الكتل ضرورياً على حد تعبيره.

وينص الفصل 61 من دستور 2022 إلى أنه يحجر على النّائب ممارسة أي نشاط بمقابل أو دونه، وأن وكالة النّائب قابلة للسحب وفق الشروط التي يحددها القانون الانتخابي، ويمكن سحب الوكالة من نواب البرلمان في حال إخلالهم بواجباتهم وبوعودهم وتقصيرهم في أداء عملهم.

ويرى مراقبون أن فرضية سحب الوكالة من نواب البرلمان التونسي الجديد ستكون صعبة ومعقدة إلا في حال ارتكاب أفعال يجرمها القانون، وهو ما يؤدي إلى رفع الحصانة البرلمانية عن النواب وتقديمهم للمحاكمة، أو كذلك عند وجودهم في حال تلبس.

وفي هذا المجال كشف عادل البرينصي العضو السابق للهيئة العليا المستقلة للانتخابات لـ«الشرق الأوسط»، أن القانون الانتخابي التونسي ينص على أن الذي انتخب يمكن أن تسحب الوكالة منه متى لم يطبق وعوده الانتخابية.

لكن المفاجأة في هذه الحالة هي أن عشرة نواب داخل البرلمان التونسي الجديد لم يحتاجوا إلى ناخبين للوصول إلى البرلمان على أساس أنهم ترشحوا بمفردهم في دوائرهم الانتخابية، وفازوا بمقاعد برلمانية دون الحاجة إلى صوت الناخبين من الناحية القانونية لغياب المنافسين. ورأى البرينصي أن هذه الوضعية قد تطرح جوانب قانونية معقدة في حال تقديم الناخبين المحليين عريضة لسحب الوكالة من أحد النواب الفائزين عن الدوائر التي ترشحوا فيها دون منافسين.



إيطاليا تشيد بإجراءات مكافحة المغادرة من ليبيا وتونس

الرئيس التونسي في لقاء سابق مع رئيسة الحكومة الإيطالية بقصر قرطاج لبحث تدفقات المهاجرين من تونس نحو سواحل إيطاليا (أ.ب)
الرئيس التونسي في لقاء سابق مع رئيسة الحكومة الإيطالية بقصر قرطاج لبحث تدفقات المهاجرين من تونس نحو سواحل إيطاليا (أ.ب)
TT

إيطاليا تشيد بإجراءات مكافحة المغادرة من ليبيا وتونس

الرئيس التونسي في لقاء سابق مع رئيسة الحكومة الإيطالية بقصر قرطاج لبحث تدفقات المهاجرين من تونس نحو سواحل إيطاليا (أ.ب)
الرئيس التونسي في لقاء سابق مع رئيسة الحكومة الإيطالية بقصر قرطاج لبحث تدفقات المهاجرين من تونس نحو سواحل إيطاليا (أ.ب)

قال وزير الداخلية الإيطالي، ماتيو بيانتيدوزي، إن الإجراءات الوقائية التي اتخذتها الحكومة لمنع المغادرة من تونس وليبيا «تعمل بشكل جيد للغاية»، وفق ما ذكره تقرير لـ«وكالة الأنباء الألمانية». وأوضح الوزير، في تصريحات نشرت، الثلاثاء في موقع صحيفة «لاستامبا»، ووسائل إعلام إيطالية أخرى، أن «الإجراءات الوقائية» سمحت بتخفيض عدد الوافدين غير النظاميين على البلاد بنسبة 60 في المائة، مقارنة بعام 2023، و38 في المائة مقارنة بعام 2022، مضيفاً أنه للعام الثاني على التوالي ارتفعت عمليات الإعادة للمهاجرين بنسبة 16 في المائة.

مهاجرون سريون في محاولة للوصول إلى شواطئ أوروبا (أ.ف.ب)

وتنتظر روما قرارات محكمة العدل الأوروبية بشأن مدى قانونية مركزي الاحتجاز اللذين أنشأتهما إيطاليا على الأراضي الألبانية بموجب اتفاقية موقعة بين البلدين لإدارة تدفقات الهجرة، ودراسة طلبات اللجوء خارج الحدود الإيطالية. وتابع الوزير موضحاً أن سلطات بلاده تأمل في استئناف عمليات نقل المهاجرين غير النظاميين إلى مركزي الاستقبال في ألبانيا في أقرب وقت ممكن. مجدداً التأكيد على أن «الإجراءات الوقائية لمكافحة المغادرات من ليبيا وتونس تعمل بشكل جيد للغاية».

وإلى جانب ليبيا، تعد تونس، التي يبعد بعض سواحلها أقل من 150 كيلومتراً عن جزيرة لامبيدوسا الإيطالية، نقطة الانطلاق الرئيسة في شمال أفريقيا للمهاجرين الساعين لعبور البحر الأبيض المتوسط. وقد وقعت عدة حوادث غرق في الأسابيع الأخيرة، بسبب الظروف الجوية السيئة.

جل المهاجرين الأفارقة يقصدون تونس للانطلاق من سواحلها نحو جزيرة لامبيدوسا الإيطالية (أ.ف.ب)

وفي 18 من ديسمبر (كانون الأول) الحالي، لقي 20 مهاجراً على الأقل متحدرين من أفريقيا جنوب الصحراء حتفهم في غرق سفينة قبالة سواحل صفاقس (وسط شرق). وفي 12 من الشهر نفسه أعلن خفر السواحل أنه أنقذ في اليوم السابق 27 مهاجراً من أفريقيا جنوب الصحراء، غادروا من منطقة جبنيانة في ولاية صفاقس، لكن تم العثور على 15 آخرين مفارقي الحياة، وفُقد آخرون. وفي نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عُثر على 15 جثة مجهولة الهوية قبالة سواحل المهدية. وقبلها بشهر واحد فقط، أنقذ خفر السواحل 36 مهاجراً، من بينهم 20 تونسياً و16 مصرياً، بعدما انجرف قاربهم المعطل نحو ولاية نابل في شرق البلاد. ومنذ مطلع العام، سجل «المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية» ما بين 600 و700 وفاة، أو اختفاء لمهاجرين أبحروا من السواحل التونسية، بعد تسجيل أكثر من 1300 وفاة واختفاء عام 2023. وتواجه تونس، المثقلة بالديون، أزمة اقتصادية خطيرة تتسم بتباطؤ النمو (مع توقع بنحو واحد في المائة)، وارتفاع معدل التضخم، ونسبة البطالة (حوالي 7 في المائة و16 في المائة على التوالي)، مما يدفع في بعض الأحيان عائلات بأكملها إلى الهجرة عبر قوارب الموت. في سياق قريب، قال الحرس الوطني التونسي إنه عثر على جثة طفل مفقود عمره خمس سنوات، كان ضمن 19 مهاجراً تونسياً غرق قاربهم قبالة السواحل الشمالية للبلاد. وعثر على جثة الطفل صبيحة الاثنين، بعد عمليات تمشيط، وتعد الوفاة الثانية التي شهدها القارب المنكوب. ونجا من القارب، الذي تسربت إليه المياه عندما كان في طريقه إلى سواحل الجزر الإيطالية القريبة يوم 29 ديسمبر الحالي، 12 شخصاً. وأفاد الحرس الوطني بأن وحدات من البحرية أنقذت خمسة أشخاص آخرين كانوا يصارعون الموت سباحة بعد أن قفزوا من المركب. كما أعلن عن ضبط أربعة أشخاص لاحقاً يشتبه بتورطهم في تنظيم رحلة الإبحار، ونقل المهاجرين لاجتياز الحدود البحرية بطريقة غير قانونية.