مصر تدعو مجدداً إلى وقف «مستدام» لإطلاق النار في السودان

السيسي شارك في اجتماع مجلس «السلم والأمن الأفريقي» بشأن الأزمة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (الصفحة الرسمية على «فيسبوك»)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (الصفحة الرسمية على «فيسبوك»)
TT

مصر تدعو مجدداً إلى وقف «مستدام» لإطلاق النار في السودان

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (الصفحة الرسمية على «فيسبوك»)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (الصفحة الرسمية على «فيسبوك»)

جددت مصر دعوتها لوقف إطلاق نار «شامل ومستدام» في السودان، لا يقتصر فقط على «الأوضاع الإنسانية». وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في كلمته يوم السبت خلال فعاليات اجتماع «مجلس السلم والأمن الأفريقي»، أن «استقرار السودان والحفاظ على وحدة أراضيه، وتماسك مؤسساته، ستكون لها نتائج إيجابية ليس فقط على الشعب السوداني، ولكن على الأطراف الإقليمية كافة». ومنذ بداية الأزمة دعت مصر أكثر من مرة إلى وقف «شامل» لإطلاق النار في السودان، وأجرت اتصالات مع دول الجوار والأطراف الإقليمية والدولية بهدف إيجاد حل للأزمة.

قيمة رمزية

وشارك الرئيس المصري، عبر «الفيديو» في فعاليات اجتماع مجلس السلم والأمن الأفريقي بشأن السودان على مستوى رؤساء الدول والحكومات. معتبرا أن «الاجتماع يحمل قيمة رمزية بتأكيده استمرار الشراكة بين الأطراف الأفريقية، وجميع الشركاء الدوليين، ووكالات الإغاثة للعمل معا، نحو سودان مستقر وآمن». وثمن الرئيس المصري، في كلمته التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، «جهود مفوضية الاتحاد الأفريقي، في التعامل مع الأزمة السودانية، وأبرزها الاجتماع الموسع الذي عقد على المستوى الوزاري، يوم 20 أبريل (نيسان) الماضي، وأسفر عن تشكيل آلية، تضم الأطراف الفاعلة، ومن بينها مصر».

 

غالبية محطات الوقود لا تزال مغلقة بالخرطوم في اليوم الخامس من هدنة الـ7 أيام (أ.ف.ب)

خطة خفض التصعيد

وأشار السيسي إلى أن اجتماع مجلس السلم والأمن الأفريقي يستهدف «اعتماد خطة خفض التصعيد، التي تمت صياغتها بالتنسيق مع دول الجوار، ما يمثل خطوة مهمة لتحقيق الاستقرار والتوافق الداخلي، وإنهاء الصراع الدامي الحالي». ولفت إلى أن «جهود الاتحاد الأفريقي تأتي مكملة لمسارات أخرى، ومن ضمنها جامعة الدول العربية التي أقرت قمتها الأخيرة، تشكيل مجموعة اتصال وزارية عربية، للتعامل مع الأزمة».

وشدد على «ضرورة أن تعتمد المسارات المختلفة على معايير موحدة ومنسقة يدعم بعضها البعض، وتؤسس لخريطة طريق للعملية السياسية تعالج جذور الإشكاليات، التي أدت إلى الأزمة الحالية وتهدف إلى مشاركة موسعة وشاملة، لجميع أطياف الشعب السوداني».

وأكد الرئيس المصري «أهمية التنسيق الوثيق مع دول الجوار، لحلحلة الأزمة واستعادة الأمن والاستقرار بالسودان باعتبارها طرفا أصيلا ولكونها الأكثر تأثرا بالأزمة، والأكثر حرصا على إنهائها، في أسرع وقت».

دولة جوار رئيسية

وبشأن الجهود المصرية في هذا الملف، قال السيسي إن «بلاده اضطلعت بمسؤوليتها، باعتبارها دولة جوار رئيسية، وكثفت التواصل، مع الأطراف الفاعلة كافة، والشركاء الدوليين والإقليميين للعمل على إنهاء الوضع الجاري».

ودعا الرئيس المصري إلى «الحفاظ على مؤسسات الدولة الوطنية في السودان، باعتبارها العمود الفقري، لحماية الدولة من خطر الانهيار». وشدد على أن «النزاع في السودان، أمر يخص الأشقاء السودانيين». وقال إن «دور الأطراف الإقليمية هو المساعدة على إيقافه، وتحقيق التوافق حول حل الأسباب، التي أدت إليه في المقام الأول»، مشددا على «احترام بلاده لإرادة الشعب السوداني، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية»، ومطالبا بـ«عدم السماح بالتدخلات الخارجية، في الأزمة الراهنة».

ونوه الرئيس إلى أن «التداعيات الإنسانية للأزمة السودانية، تتجاوز حدود الدولة وتؤثر على دول الجوار، التي يتعين التنسيق معها عن قرب»، مشيرا إلى أن «مصر التزمت بمسؤولياتها في هذا الشأن، عبر استقبال نحو 150 ألف مواطن سوداني حتى اليوم بجانب استضافة 5 ملايين مواطن سوداني، تتم معاملتهم كمواطنين».

 

أصبح الوقود يُباع في السوق السوداء بالخرطوم (أ.ف.ب)

 

منظمة «إيقاد»

دعا السكرتير التنفيذي للهيئة الحكومية الدولية للتنمية (إيقاد) ورقني قبيو، السبت، بلدان الهيئة والاتحاد الأفريقي والدول الصديقة للسودان للأخذ بزمام المبادرة في الجهود الرامية للتوصل لحل دائم للصراع الدائر في السودان. وقال قبيو خلال جلسة لمجلس السلم والأمن الأفريقي بشأن السودان إن الوقت قد حان على المستوى الأفريقي لمعالجة الأسباب الكامنة وراء الصراع في السودان لتحقيق السلام الدائم. وأوضح أنه ما زال متفائلاً بأن الوفد الأفريقي رفيع المستوى، الذي يضم رؤساء جنوب السودان وكينيا وجيبوتي، سيحقق نقلة بالغة الأهمية لإحلال سلام دائم في السودان عبر توفير الدعم اللازم من البلدان الأفريقية الأخرى والمجتمع الدولي.

الرئيس الأوغندي

من جهته، دعا الرئيس الأوغندي يوويري موسيفيني الجيش السوداني وقوات الدعم السريع للتركيز على مصلحة الشعب السوداني. وقال موسيفيني في كلمة أمام جلسة مجلس السلم والأمن والأفريقي، إن «الوقف الفوري غير المشروط للأعمال العدائية أمر بالغ الأهمية». وفي سياق متصل، قال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي إن على قادة الجيش والدعم السريع في السودان الإنصات إلى القصص «المأساوية» للاجئين السودانيين الفارين من العنف. وأضاف عبر حسابه على تويتر أنه إذا كان القادة العسكريون «يهتمون حقا بشعبهم فإنهم سيتوقفون عن القتال الآن»، مؤكدا أن بإمكان منظمات الإغاثة تقديم المساعدة لكن «الحل في أيديهم»، في إشارة إلى القادة العسكريين في البلاد. ويشهد السودان اشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف الشهر الماضي، ما أسفر عن مقتل وإصابة المئات ونزوح الآلاف.


مقالات ذات صلة

البرهان: الحرب لن تتوقف إلا بالقضاء على «الدعم السريع»

شمال افريقيا رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)

البرهان: الحرب لن تتوقف إلا بالقضاء على «الدعم السريع»

أكد رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، اليوم (الثلاثاء)، أن انتصارات الجيش ستتواصل، وإن الحرب لن تتوقف إلا بالقضاء على «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا سودانيون يحتفلون في مروي في الولاية الشمالية شمال السودان في 11 يناير 2025... بعد أن أعلن الجيش دخول عاصمة ولاية الجزيرة الرئيسية ود مدني (أ.ف.ب)

الجيش السوداني ينفي تورّطه في هجمات على مدنيين بولاية الجزيرة

نفى الجيش السوداني، اليوم (الثلاثاء)، تورطه في هجمات على مدنيين في ولاية الجزيرة التي استعاد عاصمتها ود مدني من «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا سودانيون يفرون من مدينة ود مدني بولاية الجزيرة (أ.ف.ب)

أنباء عن تنكيل جماعي بعشرات المدنيين في ولاية الجزيرة السودانية

وثقت هيئة «محامو الطوارئ» (منظمة حقوقية) أكثر من 7 تسجيلات مصورة، قالت إنها «لانتهاكات وتصفيات عرقية في ولاية الجزيرة».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا البرهان يحيي مؤيديه في أم درمان غرب الخرطوم  (أرشيفية - أ.ب)

البرهان يرفض السلام قبل القضاء على «الدعم السريع»

أوضح البرهان، أنه قدم «شرحاً وتنويراً للقادة في دول غرب أفريقيا»، وأبلغهم أن السودان «يواجه غزواً واستعماراً جديدين»...

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا أعمدة من الدخان تتصاعد خلال اشتباكات بين «قوات الدعم السريع» شبه العسكرية والجيش في الخرطوم (أرشيفية - رويترز)

أكثر من 120 قتيلاً بقصف على أم درمان

أفاد مسعفون سودانيون بأن أكثر من 120 شخصاً قُتلوا، أمس (الاثنين)، في قصف استهدف منطقة بأم درمان الواقعة ضمن الخرطوم الكبرى.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان (السودان))

ليبيا تترقب مرحلة ثانية من انتخابات محلية «أكثر تعقيداً»

ليبيون يصطفون انتظاراً للإدلاء بأصواتهم في الجولة الأولى من الانتخابات البلدية نوفمبر الماضي (مفوضية الانتخابات)
ليبيون يصطفون انتظاراً للإدلاء بأصواتهم في الجولة الأولى من الانتخابات البلدية نوفمبر الماضي (مفوضية الانتخابات)
TT

ليبيا تترقب مرحلة ثانية من انتخابات محلية «أكثر تعقيداً»

ليبيون يصطفون انتظاراً للإدلاء بأصواتهم في الجولة الأولى من الانتخابات البلدية نوفمبر الماضي (مفوضية الانتخابات)
ليبيون يصطفون انتظاراً للإدلاء بأصواتهم في الجولة الأولى من الانتخابات البلدية نوفمبر الماضي (مفوضية الانتخابات)

يترقب الليبيون المرحلة الثانية من الاقتراع على المجالس المحلية، نهاية يناير (كانون ثاني) الحالي، في عملية تبدو «أكثر تعقيداً» من سابقتها التي جرت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بحسب «المفوضية العليا للانتخابات»، وسط تحديات أمنية تهيمن على المشهد الليبي، وفق مراقبين.

وجاء الإقرار الرسمي بأن المرحلة الثانية من الانتخابات البلدية ستكون ساخنة من زاوية «لوجيستية»، خصوصاً مع «زيادة أعداد الناخبين ومراكز الاقتراع ثلاثة أضعاف ما كان بالمرحلة الأولى»، حسب تصريحات رئيس المفوضية عماد السايح، الذي لم يحدد موعد إجرائها بعد، لكنه رأى ضرورة «توفير الدعم اللازم لها».

رئيس المفوضية الوطنية للانتخابات عماد السايح (مفوضية الانتخابات)

ومن المقرر أن تُجرى انتخابات المرحلة الثانية في 63 بلدية، منها 41 بلدية في المنطقة الغربية، و13 بلدية بالمنطقة الشرقية، إضافة إلى 9 بلديات في المنطقة الجنوبية، حسب قرار صادر عن المفوضية الأسبوع الماضي.

ويرصد المحلل السياسي الليبي، أيوب الأوجلي، أهمية خاصة لهذه الجولة الانتخابية، كونها تستهدف «البلديات الأكبر وذات الأوزان السياسية المهمة، وفي طليعتها طرابلس وبنغازي»، مشيراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى رغبة المفوضية في «الذهاب بعيداً لإنجاز هذا الاستحقاق الانتخابي».

وفي 16 نوفمبر الماضي أجريت انتخابات المجموعة الأولى في 58 بلدية، شهدت إقبالاً كبيراً بلغ 74 في المائة من إجمالي عدد من يحق لهم التصويت، بحسب بيانات المفوضية الوطنية العليا للانتخابات.

وفي المنطقة الشرقية، أعلن رئيس المفوضية عماد السايح عن بدء الاستعدادات للجولة الثانية من الانتخابات، بلقاء مع مسؤولي مكاتب الإدارة الانتخابية، واطمأن إلى استكمال « التحضيرات اللازمة لتنظيم الانتخابات وفق أعلى معايير الشفافية والنزاهة».

رئيس البرلمان عقيلة صالح لدى الإدلاء بصوته في الجولة الأولى من الانتخابات البلدية نوفمبر الماضي (مفوضية الانتخابات)

وبخصوص الإجراءات الأمنية، أكد وزير الداخلية بحكومة شرق ليبيا، اللواء عصام أبو زريبة، أن «إدارة حماية وتأمين الانتخابات على أتم الاستعداد دائماً للتنسيق لإجراء أي اقتراع، من خلال غرف أمنية خاصة بها في المناطق كافة».

وبهذا الخصوص قال أبو زريبة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «نحن مستعدون للانتخابات دائماً، ونجدد نشاط منتسبينا من خلال عقد ورش العمل الخاصة بالشأن ذاته لرفع مستوى الأداء».

ومع ذلك، فإن ناشطين ومتابعين عبّروا عن مخاوف مما وصفوها بـ«توترات قبلية» في شرق ليبيا واكبت الجولة الأولى، الأمر الذي نفاه أبو زريبة قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إنه «صراع ديمقراطي تنافسي بين مكونات المجتمع، كون التركيبة السكانية قبلية».

في المقابل، يبدو التحدي الأمني أكثر وضوحاً في المنطقة الغربية، حسب متابعين، ومثال على ذلك فإنه من المقرر أن تُجرى الانتخابات في 5 دوائر انتخابية تابعة لمدينة الزاوية، علماً بأنها تشهد عملية عسكرية «مثيرة للجدل» ضد ما وصفتها حكومة غرب ليبيا ضد «أوكار مخدرات وتهريب وقود».

وازداد الغموض والتساؤلات بعد مظاهرات اندلعت في مدن بغرب ليبيا هذا الأسبوع، عقب بث اعتراف نجلاء المنقوش، في لقاء تلفزيوني بتفاصيل اجتماعها السري في إيطاليا، العام قبل الماضي، مع نظيرها الإسرائيلي، إيلي كوهين.

وفي هذا السياق، أبدى المحلل السياسي، أيوب الأوجلي، قلقاً مما عدّها «مجموعات مسلحة تأتمر بأمر قادة سياسيين يسيطرون على المشهد»، ولم يستبعد أن «تقف هذه المجموعات في وجه إجراء هذه الانتخابات، والاستفادة من الثغرات الأمنية لعرقلتها»، وفق رؤيته.

مسن ليبي يدلي بصوته في الجولة الأولى من الانتخابات البلدية نوفمبر الماضي (مفوضية الانتخابات)

وقال الأوجلي إن عقد الانتخابات «سيبطل حالة القوة القاهرة، التي منعت إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية خلال 2021، ومن ثم يهدد استمرار هؤلاء القادة السياسيين في المشهد الليبي».

في مقابل التحديات السياسية أو الأمنية التي لازمت الحالة الليبية منذ 2011، تتمسك الأكاديمية والباحثة أمل العلوي بـ«بالتفاؤل»، استناداً إلى «نجاح المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية، ووصول من يمثلون شرائح كثيرة إلى تمثيل ناخبيهم في المجالس، بما يعزز الاستقرار».

وقالت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن نجاح الجولة الأولى هو «مدعاة للتفاؤل بالمضي خطوات عملية وجادة نحو الانتخابات البرلمانية والرئاسية، التي يطمح لها كل الليبيين».

يُشار إلى أن الجولة الأولى من الاقتراع البلدي مضت على «نحو سلس ودون تسجيل خروقات بالمنطقة الغربية»، وفق وصف وزير الداخلية المكلف في حكومة غرب ليبيا، عماد الطرابلسي، ولقيت إشادة من نائبة المبعوث الأممي، ستيفاني خوري في لقاء مع الطرابلسي الشهر الماضي.

ووفق مراقبين، لا تبدو الصورة قاتمة في مجملها، إذ يراهن البعض على الدعم الدولي الواسع من قبل مجلس الأمن والبعثة الأممية، والدول الكبرى للجولة الأولى للانتخابات المحلية، وهو ما عدّه الأوجلي «بصيص أمل» نحو نجاح مساعي الاحتكام لصندوق الاقتراع.

جانب من عمليات الإشراف على نجاح الجولة الأولى من الانتخابات البلدية السابقة (مفوضية الانتخابات)

وعلاوة على ذلك، هناك أيضاً الدعم القبلي لهذه الانتخابات، وهو ما أظهره ملتقى رعاه المجلس الرئاسي الأسبوع الماضي لأعيان وحكماء ومشايخ ليبيين، رأوا في الاقتراع البلدي «مؤشراً على رغبة الليبيين في تحقيق الاستقرار».