السودان: تجدد الاشتباكات بشمال دارفور مع دخول الهدنة يومها الرابع

سكان يسيرون وسط الدمار مع استمرار القتال في دارفور (أ.ف.ب)
سكان يسيرون وسط الدمار مع استمرار القتال في دارفور (أ.ف.ب)
TT

السودان: تجدد الاشتباكات بشمال دارفور مع دخول الهدنة يومها الرابع

سكان يسيرون وسط الدمار مع استمرار القتال في دارفور (أ.ف.ب)
سكان يسيرون وسط الدمار مع استمرار القتال في دارفور (أ.ف.ب)

تجددت الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» بمدينة الفاشر في ولاية شمال دافور، مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار القصير الأمد يومه الرابع، وفقاً لـ«وكالة أنباء العالم العربي».

وقال سكان في الفاشر إن قوات الجيش السوداني هاجمت الليلة الماضية تمركزات لقوات «الدعم السريع» خارج المدينة، ودارت اشتباكات عنيفة بين الطرفين، بعد هدوء دام لأكثر من شهر.

وأشار أحد السكان، ويدعى عثمان ضحية، إلى أن أصوات المدفعية الثقيلة لا تزال تهز أنحاء المدينة منذ الليلة الماضية، وسط وقوع عشرات القتلى والمصابين.

كان الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» قد وقعا، السبت الماضي، في مدينة جدة السعودية، على اتفاق يقضي بوقف إطلاق النار، وهدنة إنسانية لمدة سبعة أيام قابلة للتمديد، بدءاً من مساء يوم الاثنين.

وتهدف الهدنة إلى تمكين المنظمات من إيصال المساعدات الإنسانية إلى المواطنين بالأحياء والمستشفيات والمراكز الصحية. وتتولى لجنة مشتركة تضم طرفي الصراع المسلح والسعودية والولايات المتحدة مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار.

وقالت وزارة الصحة السودانية يوم الأربعاء، إن عدد الضحايا الذين سقطوا في البلاد منذ اندلاع الصراع وحتى 22 مايو (أيار) الحالي ارتفع إلى 709 قتلى و5424 مصاباً.

«ليلة مرعبة»

تحولت المناطق السكنية في الخرطوم وأجزاء أخرى من السودان إلى ساحات للمعارك العسكرية، ويعاني المدنيون من ظروف مروعة مع انقطاع الكهرباء والمياه لساعات طويلة وخروج عدة مستشفيات من الخدمة.

ووفقاً لإحصاءات الأمم المتحدة، تسبب القتال في نزوح ما يقرب من مليون شخص داخل السودان وإلى الدول المجاورة.

وفي الخرطوم، أبلغ شهود عيان «وكالة أنباء العالم العربي» أن بعض مناطق العاصمة شهدت مواجهات عنيفة وقصفاً بالمدفعية الثقيلة بين الجيش وقوات «الدعم السريع» في الليلة الماضية، إلى جانب تحليق الطيران الحربي منذ فجر اليوم.

وذكر الشهود أن مواجهات دامية دارت بين الطرفين في محيط سلاح المهندسين بأم درمان وقيادة المدرعات بمنطقة الشجرة جنوب الخرطوم.

وقال نصر الدين عبد القادر، الذي يقطن حي الشجرة «عند سماع أصوات الرصاص احتميت بغرفتي، لكن رصاصة اخترقت النافذة وحطمت الزجاج واصطدمت بالحائط، ولولا لطف الله لتعرضت لإصابة ربما تودي بحياتي».

وأضاف: «كانت ليلة مرعبة، الآن بدأت التفكير بصورة جادة في إخراج أسرتي من العاصمة، فالطرفان يتبادلان النار داخل الأحياء السكنية ولا يحترمان حياة المدنيين».

وأشار الشهود إلى أن منطقة وادي سيدنا، التي ينطلق منها الطيران الحربي التابع للجيش السوداني، تشهد قصفاً بالمدفعية الثقيلة لليوم الثالث على التوالي.

طوابير طويلة

في مدينة أم درمان غرب العاصمة، يقف المواطنون الذي لا يزالون يتمسكون بالبقاء في ديارهم، في صفوف طويلة أمام المخابز القليلة التي ما زالت تعمل في المدينة للحصول على أرغفة خبز يسدون بها رمقهم.

ويقول ياسر الحسين، أحد السكان الذين ينتظرون في تلك الطوابير للحصول على الخبز، إن معظم المخابز أغلقت أبوابها؛ إما خوفاً من الأوضاع الأمنية المتدهورة جراء الاشتباكات المسلحة بين الجيش وقوات «الدعم السريع»، وإما لنفاد الطحين (الدقيق) أو الغاز أو سفر العمال إلى ذويهم خارج الخرطوم.

وأشار في حديث لـ«وكالة أنباء العالم العربي» إلى أن سعر الرغيف ارتفع إلى جنيه، بدلاً من 25 قرشاً، أي بزيادة قدرها 300 في المائة.

واستطرد قائلاً: «بقينا على هذه الحالة منذ بداية الحرب، لكن الوضع تفاقم خلال الأيام الماضية رغم توقيع اتفاق وقف إطلاق النار الذي يمكن المنظمات من إيصال المساعدات».


مقالات ذات صلة

البرهان: الحرب لن تتوقف إلا بالقضاء على «الدعم السريع»

شمال افريقيا رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)

البرهان: الحرب لن تتوقف إلا بالقضاء على «الدعم السريع»

أكد رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، اليوم (الثلاثاء)، أن انتصارات الجيش ستتواصل، وإن الحرب لن تتوقف إلا بالقضاء على «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا سودانيون يحتفلون في مروي في الولاية الشمالية شمال السودان في 11 يناير 2025... بعد أن أعلن الجيش دخول عاصمة ولاية الجزيرة الرئيسية ود مدني (أ.ف.ب)

الجيش السوداني ينفي تورّطه في هجمات على مدنيين بولاية الجزيرة

نفى الجيش السوداني، اليوم (الثلاثاء)، تورطه في هجمات على مدنيين في ولاية الجزيرة التي استعاد عاصمتها ود مدني من «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا سودانيون يفرون من مدينة ود مدني بولاية الجزيرة (أ.ف.ب)

أنباء عن تنكيل جماعي بعشرات المدنيين في ولاية الجزيرة السودانية

وثقت هيئة «محامو الطوارئ» (منظمة حقوقية) أكثر من 7 تسجيلات مصورة، قالت إنها «لانتهاكات وتصفيات عرقية في ولاية الجزيرة».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا البرهان يحيي مؤيديه في أم درمان غرب الخرطوم  (أرشيفية - أ.ب)

البرهان يرفض السلام قبل القضاء على «الدعم السريع»

أوضح البرهان، أنه قدم «شرحاً وتنويراً للقادة في دول غرب أفريقيا»، وأبلغهم أن السودان «يواجه غزواً واستعماراً جديدين»...

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا أعمدة من الدخان تتصاعد خلال اشتباكات بين «قوات الدعم السريع» شبه العسكرية والجيش في الخرطوم (أرشيفية - رويترز)

أكثر من 120 قتيلاً بقصف على أم درمان

أفاد مسعفون سودانيون بأن أكثر من 120 شخصاً قُتلوا، أمس (الاثنين)، في قصف استهدف منطقة بأم درمان الواقعة ضمن الخرطوم الكبرى.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان (السودان))

لماذا رفض البرلمان المصري «السوار الذكي» بديلاً للحبس الاحتياطي؟

مناقشات البرلمان المصري لقانون الإجراءات الجنائية (وزارة الشؤون النيابية والقانونية)
مناقشات البرلمان المصري لقانون الإجراءات الجنائية (وزارة الشؤون النيابية والقانونية)
TT

لماذا رفض البرلمان المصري «السوار الذكي» بديلاً للحبس الاحتياطي؟

مناقشات البرلمان المصري لقانون الإجراءات الجنائية (وزارة الشؤون النيابية والقانونية)
مناقشات البرلمان المصري لقانون الإجراءات الجنائية (وزارة الشؤون النيابية والقانونية)

رفض مجلس النواب المصري (البرلمان)، مقترحاً بتطبيق «السوار الذكي»، بديلاً للحبس الاحتياطي، ضمن نصوص قانون «الإجراءات الجنائية» الجديد، وسط حالة من الجدل القانوني، بين نواب البرلمان وممثلي الحكومة.

وتباينت آراء برلمانيين، بشأن نظام «المراقبة الإلكترونية»، ما بين مواقف ترى أن هناك «صعوبة في تطبيقها مادياً وفنياً، لعدم توافر بنية تكنولوجية»، في حين رأى آخرون، أن تطبيق السوار الإلكتروني، أوفر اقتصادياً من الحبس الاحتياطي.

وانتهى البرلمان المصري، من إقرار 171 مادة، من قانون «الإجراءات الجنائية»، وسط جدل حقوقي. وفيما يُشكِّل استجابةً لمطالب حقوقية وسياسية، قلَّص مجلس النواب المصري، مدد الحبس الاحتياطي، بالقانون، بحيث لا تتجاوز «4 أشهر في قضايا الجنح، بدلاً من 6 أشهر في التشريع الحالي، و12 شهراً في قضايا الجنايات بدلاً من 16 شهراً، و18 شهراً في القضايا التي تصل عقوبتها للسجن المؤبد والإعدام، بدلاً من سنتين».

وخلال مناقشات القانون، لم يستجب نواب البرلمان لمقترحات بعض النواب، بتطبيق «السوار الذكي»، بوصفه أحد بدائل الحبس الاحتياطي، وأقرّ مجلس النواب (الاثنين)، ثلاثة بدائل أخرى في نص المادة 112، تشمل «إلزام المتهم بعدم مبارحة مسكنه أو موطنه، وإلزامه بأن يقدم نفسه لمقر الشرطة في أوقات محددة، وحظر ارتياد المتهم أماكن محددة».

وعدّ وزير الشؤون النيابية والقانونية المصري، المستشار محمود فوزي، أن «البنية التكنولوجية اللازمة لتطبيق (السوار الإلكتروني) غير جاهزة لتطبيقه حالياً»، مشيراً خلال جلسة البرلمان، إلى «إمكانية تطبيقه، من خلال القرارات التنفيذية»، ورأى عضو اللجنة الفرعية التي أعدَّت قانون الإجراءات الجنائية، المستشار عمرو يسري، أن «تطبيق السوار الإلكتروني، يمثل انتهاكاً لحرمة الحياة الخاصة، للمتهم وأسرته، في حالة مراقبته بكاميرات في منزله».

غير أن نائب رئيس «الحزب المصري الديمقراطي» عضو مجلس النواب المصري، فريدي البياضي، عدّ المبررات الحكومية لرفض تطبيق السوار الإلكتروني، «غير موضوعية»، مشيراً إلى أن «تطبيق المراقبة الإلكترونية لا يحتاج لتكنولوجيا معقدة، وكان يمكن النص عليه في القانون، وتنفيذه في المستقبل القريب».

ويعتقد البياضي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «السوار الإلكتروني، أكثر كرامةً من الحبس والبدائل الأخرى، التي قد يُساء استخدامها». وقال: «في تطبيقه توفير اقتصادي عن الحبس الاحتياطي»، مشيراً إلى أن «هناك دولاً عدة بالمنطقة، تُطبِّق المراقبة الإلكترونية، مثل الجزائر والأردن ولبنان».

بينما عدّ وكيل لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، إيهاب الطماوي، أن «نجاح تطبيق المراقبة الإلكترونية في بعض الدول، لا يعني تطبيق المراقبة في مصر»، مشيراً إلى أن «هناك عدداً من الضوابط، التي يجب مراعاتها قبل الحديث عن تطبيق السوار الإلكتروني، وأهمها القدرة على التنفيذ فنياً بجميع المحافظات».

وباعتقاد الطماوي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الرقابة الإلكترونية، سواء بالكاميرات أو السوار الذكي، سينتج عنها المساس بحرمة الحياة الخاصة»، وقال: «حال فقد السوار أو تلفه، سيتم تفتيش المنزل؛ للتأكد من وجوده أو عدمه، ما يمس حرمة المنازل».

وأشار إلى سلبيات أخرى في التطبيق، من بينها «نظرة المجتمع لمَن يحمل السوار، وصعوبة المساواة بين فترة مراقبة الشخص إلكترونياً، وفترة الحبس الاحتياطي، بخصم هذه المدة من فترة العقوبة، حال الحكم على المتهم».

ولا يؤيد ذلك عضو اللجنة التشريعية، عاطف مغاوري، مشيراً إلى أن «مبررات رفض السوار الإلكتروني غير مقنعة». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «وزير العدل المصري أشار، خلال الجلسات، إلى وجود محاكم تعمل بالأنظمة الرقمية حالياً، ما يعني توافر البنية التكنولوجية». وقال: «المراقبة الإلكترونية تشير إلى إحداثيات وجود المتهم، ولا تعني الرقابة بالصوت والصورة».

وفي وقت سابق، أوصى الحوار الوطني بمصر (الذي يضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين وسياسيين) بضرورة التوسُّع في تطبيق بدائل الحبس الاحتياطي. وضمَّت التوصيات، التي تم رفعها إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مقترحات بديلة للحبس، من بينها «المراقبة الإلكترونية، (باستخدام السوار، أو البصمة الصوتية) كلما كان ذلك ممكناً وعملياً من الناحية الفنية».

واستجابةً لتوصيات الحوار الوطني، أكد السيسي، في أغسطس (آب) الماضي، على «أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس الاحتياطي، وتفعيل تطبيق بدائل الحبس المختلفة»، حسب إفادة للرئاسة المصرية.

بينما رأى المحامي الحقوقي عضو مجلس أمناء الحوار الوطني، نجاد البرعي، أن «نصوص تشريع الإجراءات الجنائية، لم تأخذ بتوصيات الحوار الوطني». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «عدم إقرار السوار الإلكتروني، جاء لعدم توافر التكلفة المالية لتطبيقه»، مشيراً في الوقت نفسه، إلى «ضرورة أن تأخذ مناقشات التشريع الجديد فترة أكبر بين مختلف الجهات والأطراف المعنية؛ لضمان صدوره بصيغة تحفظ حقوق الجميع».