البرهان يطيح نائبه حميدتي من مجلس السيادة السوداني

عيّن الفريق أول كباشي نائباً له في قيادة القوات المسلحة والعطا وجابر مساعدين

محمد حمدان دقلو (حميدتي) تم تجريده من منصبه الرئاسي (أ.ف.ب)
محمد حمدان دقلو (حميدتي) تم تجريده من منصبه الرئاسي (أ.ف.ب)
TT

البرهان يطيح نائبه حميدتي من مجلس السيادة السوداني

محمد حمدان دقلو (حميدتي) تم تجريده من منصبه الرئاسي (أ.ف.ب)
محمد حمدان دقلو (حميدتي) تم تجريده من منصبه الرئاسي (أ.ف.ب)

بعد أكثر من شهر على اندلاع الحرب في السودان، أطاح رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، نائبه قائد قوات «الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو الشهير باسم «حميدتي»، كما أصدر قرارات بتعيينات جديدة في أعلى هيئة قيادية في القوات المسلحة، بتعيين الفريق شمس الدين كباشي نائباً للقائد العام للقوات المسلحة، والفريق ركن ياسر العطا والفريق بحري إبراهيم جابر مساعدين للقائد العام.

ووفقاً لإعلام الرئاسة، أصدر رئيس المجلس مرسوماً دستورياً، الجمعة، بإعفاء نائبه حميدتي، أتبعه بمرسوم آخر تم بموجبه تكليف مالك عقار، بالقيام بمهام نائب رئيس المجلس.

ويرأس مالك عقار فصيلاً مسلحاً من «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، وقع على اتفاقية جوبا للسلام مع الحكومة المدنية المقالة في 2020. ووجه البرهان الأمانة العامة لمجلس السيادة والجهات المعنية لوضع المراسيم الدستورية موضع التنفيذ.

مالك عقار صار نائباً لرئيس مجلس السيادة (رويترز)

ولم يصدر أي تعليق رسمي من قوات «الدعم السريع»، بشأن إعفاء قائدها من منصب نائب رئيس مجلس السيادة.

وفي وقت سابق، عزا عضو مجلس السيادة، الفريق ياسر العطا، تأخر إعفاء حميدتي، إلى عدم قدرة أعضاء المجلس على الاجتماع في مكان واحد بسبب الحرب الدائرة في البلاد.

ويتزامن قرار إعفاء حميدتي مع انطلاق القمة العربية الـ32 في مدينة جدة السعودية، التي ستناقش من ضمن جدول أعمالها الأوضاع في السودان.

وكان رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، اعتذر عن المشاركة في القمة، وفوض وكيل وزارة الخارجية، دفع الله الحاج علي، لرئاسة وفد السودان.

ويسعى مبعوث البرهان إلى القمة للحصول على إدانة من الدول العربية لقوات «الدعم السريع».

ووقع طرفا الصراع في السودان، الجيش و«الدعم السريع» في 11 مايو (أيار) الحالي، في مدينة جدة السعودية، على اتفاق إعلان مبادئ لحماية المدنيين في مناطق الاشتباكات، وفقاً لوساطة سعودية أميركية.

ويعد الاتفاق اعترافاً رسمياً بقوات «الدعم السريع» قوة عسكرية في البلاد.

قائد الجيش الفريق البرهان (أ.ف.ب)

ودرج قادة الجيش السوداني، منذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل (نيسان) الماضي، على إطلاق مسمى «الميليشيا المتمردة» على قوات حميدتي.

ولا تزال المحادثات بين ممثلي الجيش و«الدعم السريع» مستمرة للوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

وأسفرت الاشتباكات المسلحة بين الطرفين، في الخرطوم ومناطق أخرى، عن مقتل المئات وإصابة الآلاف من المدنيين. ولا توجد إحصائيات إلى الآن عن الخسائر البشرية والمادية وسط الجيش و«الدعم السريع».

وفي موازاة ذلك، أصدر القائد العام للقوات المسلحة السودانية، عبد الفتاح البرهان، اليوم، قرارات بتعيين الفريق أول شمس الدين كباشي نائباً له، وكل من الفريق أول ركن ياسر العطا، والفريق بحري إبراهيم جابر، مساعدين للقائد العام، وهم أعضاء في مجلس السيادة الحالي.

الفريق ركن شمس الدين كباشي بات الرجل الثاني في الجيش (أ.ف.ب)

ويضم المجلس السيادي في عضويته قائد قوات «الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وثلاثة من قادة الفصائل المسلحة الموقعة على اتفاقية جوبا للسلام، هم: مالك عقار، والهادي إدريس، والطاهر حجر.

الفريق ياسر العطا تم تعيينه مساعداً للقائد العام للقوات المسلحة

ولا تنص الوثيقة الدستورية الموقعة بين قادة الجيش وقوى «الحرية والتغيير» في 2019، والتعديلات التي أجريت عليها بعد انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول)، على منصب نائب لرئيس مجلس السيادة، وجرى الاتفاق عليه بين العسكريين (الجيش و«الدعم السريع») في لائحة داخلية.

وعقب الانقلاب، أعاد البرهان تشكيل مجلس السيادة، بضم ثلاثة أعضاء جدد من المدنيين، أعفاهم لاحقاً.

يذكر أن البرهان وحميدتي ظلا يوقعان بشكل منفصل على كل الوثائق المتعلقة بعملية الانتقال في البلاد، وآخرها الاتفاق السياسي الإطاري، الذي أُجهض قبل أن يصل إلى مراحله النهائية، بسبب اندلاع الحرب بين «الجنرالين».

وتعزز إقالة حميدتي من مجلس السيادة، والتعيينات الجديدة في القيادة العسكرية، من إحكام سيطرة قادة الجيش وحلفائهم على السلطة في المرحلة الحالية.


مقالات ذات صلة

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

شمال افريقيا أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أعلن الجيش السوداني اليوم (السبت) «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

حددت المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي 11 ديسمبر المقبل لبدء المرافعات الختامية في قضية السوداني علي كوشيب، المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية بدارفور.

أحمد يونس (كمبالا)
الولايات المتحدة​ مسعفون من جمعية «الهلال الأحمر الفلسطيني» ومتطوعون في الفريق الوطني للاستجابة للكوارث (أ.ب)

الأمم المتحدة: عمال الإغاثة الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر

أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن عدد عمال الإغاثة والرعاية الصحية الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر، بحسب «أسوشييتد برس».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شمال افريقيا سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة، فيما تعتزم الحكومة الألمانية دعم مشروع لدمج وتوطين اللاجئين السودانيين في تشاد.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)

السودان: توغل «الدعم السريع» في النيل الأزرق والجيش يستعيد بلدة

تشير أنباء متداولة إلى أن الجيش أحرز تقدماً كبيراً نحو مدينة سنجة التي سيطرت عليها «قوات الدعم السريع»، يونيو (حزيران) الماضي.

محمد أمين ياسين (نيروبي)

«الجنائية الدولية» تعيد سيف الإسلام القذافي إلى واجهة الأحداث في ليبيا

سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)
سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)
TT

«الجنائية الدولية» تعيد سيف الإسلام القذافي إلى واجهة الأحداث في ليبيا

سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)
سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)

بعد تأكيدات المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، الأسبوع الماضي، باستمرار سريان مذكرة التوقيف التي صدرت بحق سيف الإسلام، نجل الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي عام 2011، عاد اسم سيف الإسلام ليتصدر واجهة الأحداث بالساحة السياسية في ليبيا.

وتتهم المحكمة الجنائية سيف الإسلام بالمسؤولية عن عمليات «قتل واضطهاد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية» بحق مدنيين، خلال أحداث «ثورة 17 فبراير»، التي خرجت للشارع ضد نظام والده، الذي حكم ليبيا لأكثر من 40 عاماً.

* تنديد بقرار «الجنائية»

بهذا الخصوص، أبرز عضو مجلس النواب الليبي، علي التكبالي، أن القوى الفاعلة في شرق البلاد وغربها «لا تكترث بشكل كبير بنجل القذافي، كونه لا يشكل خطراً عليها، من حيث تهديد نفوذها السياسي في مناطق سيطرتها الجغرافية». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رغم قلة ظهور سيف منذ إطلاق سراحه من السجن 2017، فإن تحديد موقعه واعتقاله لن يكون عائقاً، إذا ما وضعت القوى المسلحة في ليبيا هذا الأمر هدفاً لها».

صورة التُقطت لسيف الإسلام القذافي في الزنتان (متداولة)

وفي منتصف عام 2015 صدر حكم بإعدام سيف الإسلام لاتهامه بـ«ارتكاب جرائم حرب»، وقتل مواطنين خلال «ثورة فبراير»، إلا أن الحكم لم يُنفَّذ، وتم إطلاق سراحه من قبل «كتيبة أبو بكر الصديق»، التي كانت تحتجزه في الزنتان. وبعد إطلاق سراحه، لم تظهر أي معلومات تفصيلية تتعلق بحياة سيف الإسلام، أو تؤكد محل إقامته أو تحركاته، أو مَن يموله أو يوفر له الحماية، حتى ظهر في مقر «المفوضية الوطنية» في مدينة سبها بالجنوب الليبي لتقديم ملف ترشحه للانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021.

وأضاف التكبالي أن رفض البعض وتنديده بقرار «الجنائية الدولية»، التي تطالب بتسليم سيف القذافي «ليس لقناعتهم ببراءته، بقدر ما يعود ذلك لاعتقادهم بوجوب محاكمة شخصيات ليبية أخرى مارست أيضاً انتهاكات بحقهم خلال السنوات الماضية».

* وجوده لا يشكِّل خطراً

المحلل السياسي الليبي، محمد محفوظ، انضم للرأي السابق بأن سيف الإسلام «لا يمثل خطراً على القوى الرئيسية بالبلاد حتى تسارع لإزاحته من المشهد عبر تسليمه للمحكمة الدولية»، مشيراً إلى إدراك هذه القوى «صعوبة تحركاته وتنقلاته». كما لفت إلى وجود «فيتو روسي» يكمن وراء عدم اعتقال سيف القذافي حتى الآن، معتقداً بأنه يتنقل في مواقع نفوذ أنصار والده في الجنوب الليبي.

بعض مؤيدي حقبة القذافي في استعراض بمدينة الزنتان (متداولة)

وتتنافس على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى وهي حكومة «الوحدة» المؤقتة، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، وتتخذ من طرابلس مقراً لها، والثانية مكلفة من البرلمان برئاسة أسامة حماد، وهي مدعومة من قائد «الجيش الوطني»، المشير خليفة حفتر، الذي تتمركز قواته بشرق وجنوب البلاد.

بالمقابل، يرى المحلل السياسي الليبي، حسين السويعدي، الذي يعدّ من مؤيدي حقبة القذافي، أن الولاء الذي يتمتع به سيف الإسلام من قبل أنصاره وحاضنته الاجتماعية «يصعّب مهمة أي قوى تُقدم على اعتقاله وتسليمه للمحكمة الجنائية الدولية»، متوقعاً، إذا حدث ذلك، «رد فعل قوياً جداً من قبل أنصاره، قد يمثل شرارة انتفاضة تجتاح المدن الليبية».

ورغم إقراره في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بأن «كل القوى الرئيسية بالشرق والغرب الليبيَّين تنظر لسيف الإسلام بوصفه خصماً سياسياً»، فإنه أكد أن نجل القذافي «لا يقع تحت سيطرة ونفوذ أي منهما، كونه دائم التنقل، فضلاً عن افتقاد البلاد حكومة موحدة تسيطر على كامل أراضيها».

ورفض المحلل السياسي ما يتردد عن وجود دعم روسي يحظى به سيف الإسلام، يحُول دون تسليمه للمحكمة الجنائية، قائلاً: «رئيس روسيا ذاته مطلوب للمحكمة ذاتها، والدول الكبرى تحكمها المصالح».

* تكلفة تسليم سيف

من جهته، يرى الباحث بمعهد الخدمات الملكية المتحدة، جلال حرشاوي، أن الوضع المتعلق بـ(الدكتور) سيف الإسلام مرتبط بشكل وثيق بالوضع في الزنتان. وقال إن الأخيرة «تمثل رهانات كبيرة تتجاوز قضيته»، مبرزاً أن «غالبية الزنتان تدعم اللواء أسامة الجويلي، لكنه انخرط منذ عام 2022 بعمق في تحالف مع المشير حفتر، ونحن نعلم أن الأخير يعدّ سيف الإسلام خطراً، ويرغب في اعتقاله، لكنهما لا يرغبان معاً في زعزعة استقرار الزنتان، التي تعدّ ذات أهمية استراتيجية كبيرة».

أبو عجيلة المريمي (متداولة)

ويعتقد حرشاوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الدبيبة يتبع أيضاً سياسة تميل إلى «عدم معارضة القذافي». ففي ديسمبر (كانون الأول) 2022، سلم المشتبه به في قضية لوكربي، أبو عجيلة المريمي، إلى السلطات الأميركية، مما ترتبت عليه «تكلفة سياسية»، «ونتيجة لذلك، لا يرغب الدبيبة حالياً في إزعاج أنصار القذافي. فالدبيبة مشغول بمشكلات أخرى في الوقت الراهن».