موريتانيا تعيش «صمتاً انتخابياً» استعداداً لاقتراع مبكر

ستعرف لأول مرة وجود لائحة للشباب ومنح مقاعد لذوي الاحتياجات الخاصة

رئيس الحزب الحاكم برفقة السيدة الأولى خلال اختتام الحملة بنواكشوط (الشرق الأوسط)
رئيس الحزب الحاكم برفقة السيدة الأولى خلال اختتام الحملة بنواكشوط (الشرق الأوسط)
TT

موريتانيا تعيش «صمتاً انتخابياً» استعداداً لاقتراع مبكر

رئيس الحزب الحاكم برفقة السيدة الأولى خلال اختتام الحملة بنواكشوط (الشرق الأوسط)
رئيس الحزب الحاكم برفقة السيدة الأولى خلال اختتام الحملة بنواكشوط (الشرق الأوسط)

اختتمت فجر اليوم (الجمعة)، الحملة الدعائية للانتخابات التشريعية والجهوية والمحلية، التي تنظم بشكل متزامن في موريتانيا، غداً (السبت)، فيما عبرت أحزاب وازنة في المعارضة عن قلقها حيال «شفافية» الانتخابات، وهي الانتخابات السابقة لأوانها بموجب اتفاق سياسي، وقعته جميع الأحزاب السياسية، بما في ذلك أحزاب المعارضة، ويحضرها مراقبون أفارقة وأميركيون.

عمال يطوون خياماً خصصت للحملة الانتخابية (الشرق الأوسط)

ومع أنَّ البلاد دخلت في صمت انتخابي، تُمنع فيه كل أشكال الدعاية استعداداً ليوم الاقتراع، فإن 6 أحزاب معارضة عقدت مؤتمراً صحافياً قدمت فيه ما قالت إنها ملاحظات على التحضير للانتخابات، وانتقدت عمل اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، الهيئة المشرفة على الاقتراع.

وقالت الأحزاب الستة إنها تقدمت إلى اللجنة الانتخابية بطعون في تشكيل كثير من مكاتب التصويت، ضمن مطالب أخرى تتعلق بممثلي المعارضة في المكاتب، مشيرة إلى أن اللجنة سبق أن رفضت تنفيذ 5 مطالب تقدمت بها في مارس (آذار) الماضي، بحجة ضيق الوقت.

ملصقات مرشحين تزين شوارع نواكشوط بعد اختتام الحملة (الشرق الأوسط)

وطالبت الأحزاب، التي سمت نفسها «المعارضة الديمقراطية»، بفتح «تحقيق فوري» في اللائحة الانتخابية، مؤكدة أن مواطنين سجلوا دون علمهم على اللائحة، وقال رئيس حزب اتحاد قوى التقدم، محمد ولد مولود، متحدثاً باسم هذه الأحزاب: «لقد سبق أن طلبنا تمديد فترة إعداد اللائحة الانتخابية، لكن اللجنة رفضت الطلب، كما طلبنا منها بعد ذلك تدقيق اللائحة، لكنهم رفضوا ذلك أيضاً، وكل ذلك بحجة ضيق الوقت».

وأضاف ولد مولود أن اللجنة أيضاً لم تتشاور معهم حين شكلت اللجان المشرفة على مكاتب التصويت، وهو أحد بنود الاتفاق السياسي، الذي تنظم بموجبه الانتخابات، منتقداً لجوء اللجنة إلى نفس تشكيلة مكاتب التصويت في آخر انتخابات، قائلاً إنها «انتخابات يتذكر الجميع ما رافقها من ضجة واعتراض، ولا نفهم لماذا تُعاد المكاتب نفسها، هذا غير مطمئن، وقد أبلغناهم بذلك».

كما قال ولد مولود إن اللجنة الانتخابية رفضت طلبهم باستخدام البصمات يوم الاقتراع للتأكد من هويات الناخبين، مضيفاً أن بعض بنود الاتفاق السياسي الموقع في سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، ما بين أحزاب المعارضة والموالاة ووزارة الداخلية «لم تطبق».

رئيس الحزب الحاكم برفقة السيدة الأولى خلال اختتام الحملة بنواكشوط (الشرق الأوسط)

ومع ذلك، أعلنت الأحزاب الستة؛ وهي التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل)، وتكتل القوى الديمقراطية، واتحاد قوى التقدم، والصواب، والتحالف الشعبي التقدمي، والتحالف من أجل العدالة والديمقراطية - حركة التجديد، تشكيل لجنة فنية مشتركة لمتابعة ما سيحدث يوم الاقتراع، بالإضافة إلى توحيد مواقفها وممثليها في المكاتب.

وفيما كانت المعارضة منشغلة باختلالات التحضير للانتخابات، بدا حزب الإنصاف الحاكم مشغولاً بتعبئة ناخبيه وتحفيزهم على التصويت، إذ عقد قبل ساعات من اختتام الحملة مهرجانات في نقاط مختلفة من العاصمة نواكشوط، حيث يحتدم عادة الصراع مع المعارضة وبقية أحزاب الموالاة.

وقال محمد ماء العينين ولد أييه، رئيس حزب الإنصاف الحاكم، خلال نشاط شعبي حضرته السيدة الأولى مريم بنت الداه، إن فوز حزب الإنصاف بالانتخابات يعني «منح تفويض للحكومة من أجل الاستمرار في إنجازاتها».

وأضاف ولد أييه أن جميع الأحزاب السياسية «قدمت حملة دعائية تنافسية وشفافة، غلبت عليها الأجواء الديمقراطية»، مشيراً إلى أن ذلك من شأنه «تعزيز التجربة الديمقراطية في البلد»، على حد تعبيره.

موريتانيون يمرون قرب ملصق انتخابي لحزب تواصل (أ.ف.ب)

وقبيل ساعات من فتح مكاتب التصويت، عززت السلطات الموريتانية الانتشار الأمني في المدن الكبيرة، خصوصاً العاصمة نواكشوط والعاصمة الاقتصادية نواذيبو، بالإضافة إلى المحاور الطرقية الرئيسية في البلاد، فيما تعد هذه هي أول انتخابات يصوت فيها عناصر الأمن والقوات المسلحة في اليوم نفسه مع المدنيين، إذ كانوا في السابق يصوتون قبل الانتخابات بيوم واحد، من أجل التفرغ لتأمين يوم الاقتراع، لكن أحزاب المعارضة طلبت خلال التشاور أن يكون التصويت متزامناً، خشية أي خروقات أو شكوك، وهو ما وافقت عليه السلطات، وتم تضمينه في الاتفاق السياسي الممهد للانتخابات.

ويصوت في هذه الانتخابات 1.7 مليون ناخب موريتاني لاختيار أعضاء البرلمان (162 نائباً)، وتتنافس لدخول البرلمان 559 لائحة، تمثل النساء نسبة 36 في المائة منها، كما سيصوت الموريتانيون لاختيار أعضاء 13 مجلساً جهوياً، تتنافس عليها 145 لائحة نسبة النساء فيها 35 في المائة، وسيصوتون أيضاً لاختيار أعضاء 216 مجلساً محلياً، تتنافس عليها 1378 لائحة تمثل النساء فيها 32 في المائة.

لكن الجديد في هذه الانتخابات، وهو ثمرة الاتفاق السياسي الموقع بين الأحزاب العام الماضي، وجود لائحة برلمانية خاصة بالشباب (تحت 35 سنة)، ومنح نسبة من مقاعد البرلمان لذوي الاحتياجات الخاصة.

ووصلت إلى موريتانيا بعثة من الاتحاد الأفريقي لمراقبة الانتخابات، فيما علمت «الشرق الأوسط» من مصدر في لجنة الانتخابات، أن مراقبين أميركيين سيكونون موجودين في بعض المدن الموريتانية، لمراقبة سير الاقتراع، بالإضافة إلى مراقبين محليين من هيئات المجتمع المدني.



«الحوار الوطني» لعرض تعديلات «الحبس الاحتياطي» على الرئيس المصري

مناقشات «الحوار الوطني» في مصر لملف «الحبس الاحتياطي» (الحوار الوطني)
مناقشات «الحوار الوطني» في مصر لملف «الحبس الاحتياطي» (الحوار الوطني)
TT

«الحوار الوطني» لعرض تعديلات «الحبس الاحتياطي» على الرئيس المصري

مناقشات «الحوار الوطني» في مصر لملف «الحبس الاحتياطي» (الحوار الوطني)
مناقشات «الحوار الوطني» في مصر لملف «الحبس الاحتياطي» (الحوار الوطني)

يراجع «مجلس أمناء الحوار الوطني» في مصر مقترحات القوى السياسية وتوصيات على تعديلات بشأن ملف «الحبس الاحتياطي»، عقب مناقشات موسعة؛ وذلك لعرضها على الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، لاتخاذ ما يلزم بشأنها.

وتوقّع خبراء شاركوا في جلسات «الحوار الوطني» تحقيق «انفراجة في ملف الحبس الاحتياطي، بالإفراج عن أعداد من المحبوسين منذ مدة طويلة»، مشيرين إلى توافق المشاركين حول «عدم استخدام تدابير الحبس الاحتياطي؛ إلا في أضيق الحدود، والتوسع في تدابير بديلة أخرى ضد المتهمين».

وانتهى «الحوار الوطني» أخيراً من مناقشة قضية «الحبس الاحتياطي»، بمشاركة قانونيين وحقوقيين وممثلي القوى والتيارات السياسية، وأشخاص تعرّضوا للحبس الاحتياطي. وتناولت المناقشات سبل «الحفاظ على طبيعة الحبس الاحتياطي بصفته أحد إجراءات التحقيق، وليس عقوبة ضد المتهمين».

مشاركون في جلسات ملف «الحبس الاحتياطي» بمصر (الحوار الوطني)

وأشار «مجلس أمناء الحوار الوطني»، في إفادة مساء الجمعة، إلى «تلقيه أوراق عمل من القوى السياسية، ثم تعقبه صياغة تقرير نهائي بالتوصيات، يجري رفعه إلى الرئيس». ولفت بيان المجلس إلى أنه «تم الاستماع خلال جلسات الحوار إلى كل وجهات النظر بشأن الحبس الاحتياطي، والوضع القانوني القائم حالياً، ومقترحات التطوير المختلفة، كما تم استعراض تجارب الدول الأخرى، دون مصادرة لرأي أو حجر على فكرة».

المحامي الحقوقي عضو «مجلس أمناء الحوار الوطني»، نجاد البرعي، قال إن «لجنة حقوق الإنسان والحريات بالحوار الوطني ستُصيغ تقريراً بالتوصيات والمقترحات، التي تم التوافق عليها، والأخرى التي كانت محل خلاف لرفعها إلى الرئيس»، مشيراً إلى أن «هناك أملاً في تحقيق انفراجة بملف الحبس الاحتياطي، مثل الإفراج عن المحبوسين احتياطياً، منذ مدة طويلة».

وأشار البرعي إلى توصيات حظيت بتوافق داخل مناقشات «الحوار الوطني»، منها: «الإفراج عن جميع المحبوسين احتياطياً في السجون حالياً، ووقف الحبس في قضايا الرأي والنشر، مع وضع حد أقصى (مدة زمنية) لإنهاء تحقيقات النيابة المصرية، وإلا يجري إلغاء الدعوى القضائية بعدها»، لافتاً إلى مقترحات جديدة، مثل «تعويض من حُبسوا عن طريق الخطأ بمبلغ يساوي الحد الأدنى للأجور في البلاد (6 آلاف جنيه مصري)، عن كل شهر بمدة الحبس». (الدولار الأميركي يساوي 48.30 جنيه في البنوك المصرية).

وتوقف البرعي مع مقترحات لم تحظ بتوافق المشاركين في «الحوار الوطني»، منها: «حالات الحبس الاحتياطي المكرر، لصعوبة علاجه قانوناً»، إلى جانب «بدائل الحبس الاحتياطي، المطبقة في دول أخرى»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط»، أن المشاركين في الجلسات «تداولوا مقترحات تتعلق باستخدام أسورة تتبع ممغنطة، أو تحديد إقامة المتهم، أو تطبيق نظام المراقبة الشرطية»، مبرزاً أنه «لا يستطيع أحد وقف إجراء الحبس الاحتياطي، بصفته (احترازاً قانونياً) في أثناء التحقيقات في القضايا».

وأخلت السلطات المصرية، الأسبوع الماضي، سبيل 79 متهماً من المحبوسين على ذمة قضايا، في خطوة قُوبلت بترحيب قوى سياسية وحزبية.

ورأى رئيس «كتلة الحوار» (كيان سياسي دُشّن من فعاليات الحوار الوطني)، باسل عادل، أن «هناك إرادة سياسية لحلحلة أزمة الحبس الاحتياطي»، متوقعاً «إجراء تعديلات تشريعية على قانون الإجراءات الجنائية، استجابة إلى توصيات مناقشات الحوار الوطني». ولفت لـ«الشرق الأوسط» إلى «وجود إجماع من القوى السياسية، ومنظمات المجتمع المدني على الفصل بين إجراء الحبس الاحتياطي ضد (المتهمين الجنائيين)، والسياسيين». وقال إن هناك مطالب بعدم استخدام الحبس الاحتياطي في «قضايا الرأي وحرية التعبير والتظاهر».

جانب من جلسات ملف «الحبس الاحتياطي» في مصر (الحوار الوطني)

ولفت رئيس «المنظمة العربية لحقوق الإنسان»، علاء شلبي، إلى أن مناقشة قضية الحبس الاحتياطي «عبّرت عن إرادة سياسية تتجه إلى الإفراج عن كل المحبوسين احتياطياً في قضايا عامة خلال الأيام المقبلة». وأشار إلى إجماع المشاركين في مناقشات «الحوار الوطني» حول «رد تدابير الحبس الاحتياطي إلى أصلها بصفتها إجراء احترازياً، يجري استخدامها في أضيق الحدود، والإجماع على استبعاد التوسع في تطبيقها كمّاً وكيفاً، وتكثيف استخدام بدائل للحبس».

وأوضح شلبي لـ«الشرق الأوسط»، أن «مناقشة إشكاليات الحبس الاحتياطي في جلسة خاصة من الحوار الوطني ليست بديلاً عن إصدار قانون الإجراءات الجنائية الجديد»، لافتاً إلى أن مجلس الوزراء المصري «أقر في ديسمبر (كانون الأول) 2022 تعديلات على القانون، وانتهت اللجنة النيابية الفنية من مراجعته في أبريل (نيسان) الماضي، وتعهّد رئيس مجلس النواب المصري (البرلمان) في يوليو (تموز) الحالي بمناقشة القانون في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل».

وناقش مجلس النواب المصري، في مارس (آذار) الماضي، مشروع قانون بتعديلات تشريعية لتقليص مدد «الحبس الاحتياطي». وتضمّنت التعديلات المقترحة وضع حد أقصى لمدة الحبس الاحتياطي، وتنظيم التعويض عنه، وتقليص مدة الحبس، لتصبح في «قضايا الجنح» 4 أشهر بدلاً من 6 أشهر، وفي «الجنايات» 12 شهراً بدلاً من 18 شهراً، و18 شهراً بدلاً من عامين إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة السجن المؤبد أو الإعدام».