قوى سياسية سودانية ترحب بـ«اتفاق جدة»... وتعده خطوة لوقف الحرب

حثت الطرفين على الالتزام الصارم بتنفيذ نصوصه

TT

قوى سياسية سودانية ترحب بـ«اتفاق جدة»... وتعده خطوة لوقف الحرب

سكان الخرطوم محاصرون منذ بداية الاشتباكات (أ.ف.ب)
سكان الخرطوم محاصرون منذ بداية الاشتباكات (أ.ف.ب)

رحبت قوى سياسية في السودان بـ«اتفاق إعلان المبادئ» الموقع بين الجيش وقوات «الدعم السريع» بمدينة جدة السعودية أمس، وحثت على الالتزام الصارم والجاد بما تم الاتفاق عليه.

واعتبر «ائتلاف قوى إعلان الحرية والتغيير»، في بيان اليوم (الجمعة)، التوقيع على الاتفاق، خطوة مهمة في طريق إنهاء الحرب الدائرة في البلاد منذ 15 أبريل (نيسان) الماضي.

وحض الائتلاف السياسي الأكبر في البلاد، الجيش و«الدعم السريع» على المضي قدماً للوصول لوقف دائم لإطلاق النار وإنهاء الخلافات بالحوار، بعيداً عن استخدام العنف والقوة المسلحة.

وأشادت «قوى التغيير» بجهود المجتمعين الدولي والإقليمي، وعلى وجه الخصوص المملكة العربية السعودية وأميركا على رعاية المفاوضات بين الطرفين، والتوصل لـ«إعلان المبادئ».

وقالت في البيان: «نتطلع لاستكمال هذه الجهود لحين الوصول لوقف شامل ودائم ونهائي، يحقق تطلعات الشعب السوداني في الانتقال المدني الديمقراطي».

من جانبه رحب «التجمع الاتحادي»، أحد فصائل الائتلاف، بجهود قيادات الجيش و«الدعم السريع»، لإطفاء نار الحرب بالحوار الجاد والشفاف، الذي أسفر عن «اتفاق إعلان مبادئ» لحماية المدنيين، ومعالجة القضايا الإنسانية، وعدّ الاتفاق خطوةً كبيرةً لاستعادة المسار السلمي لحل الخلافات.

وناشد الجيش و«الدعم السريع» تنفيذ كل ما ورد في الاتفاق، بما يمهد الطريق نحو وقف كامل وشامل للحرب، وعودة المسار السياسي، الذي يفضي للتحول المدني الكامل.

وشدد الائتلاف على أهمية عملية الإصلاح الأمني والعسكري الذي يقود إلى جيش مهني وقومي واحد، ملتزم بواجباته الدستورية، وخاضع لأجهزة الحكم المدنية، ولا علاقة له بالسياسة.

ونص «اتفاق إعلان المبادئ» على ضمان الجيش و«الدعم السريع» حماية المدنيين والالتزام بها، والسماح بمرور المساعدات الإنسانية دون عوائق.

ويشدد الاتفاق على الامتناع عن أي هجوم من المتوقع أن يتسبب بأضرار مدنية، وضمان وصول الأدوية وأدوية الأمراض المزمنة، وحماية العاملين في المجال الطبي والمرافق العامة.

وبموجب الاتفاق، على الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» الالتزام بتمكين إيصال المساعدات الإنسانية بأمان، وانسحاب القوات من المستشفيات والمرافق الطبية، والسماح بدفن الموتى باحترام.

وأكد الطرفان العمل على تعزيز المبادئ والالتزامات الواردة في «اتفاق إعلان المبادئ»، بإعطاء الأولوية للمناقشات بهدف تحقيق وقف إطلاق نار قصير المدى؛ لتسهيل توصيل المساعدات الإنسانية الطارئة، واستعادة الخدمات الأساسية، والالتزام أيضاً بجدولة المناقشات الموسعة اللاحقة لتحقيق وقف دائم للأعمال العدائية.

وفي موازاة ذلك، رحبت الحركة الديمقراطية بمنطقة (أبيي) المتنازع عليها بين السودان وجنوب السودان، بإعلان جدة الإنساني، حاثة الطرفين على تنفيذه على أرض الواقع.

ودعت السعودية وأميركا للتحرك السريع في تشكيل آليات المراقبة ونشر مراقبين، والتمهيد لطريق مواصلة المحادثات بشأن وقف دائم لإطلاق النار.

وتوصل ممثلو الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» بعد مفاوضات استمرت لأيام بمدينة جدة السعودية، إلى «اتفاق إعلان المبادئ»، وفقاً لمبادرة سعودية - أميركية، ودعم دولي وعربي وأفريقي؛ لوقف الحرب في السودان.

وقُتل أكثر من 500 وأُصيب الآلاف من المدنيين في العاصمة (الخرطوم) ومناطق أخرى بالبلاد خلال المعارك العسكرية بين الطرفين، منذ منتصف الشهر الماضي.

ويواجه المدنيون أوضاعاً إنسانية صعبة في مناطق الاشتباكات جراء انقطاع الكهرباء والماء، ونقص الغذاء والدواء، وصعوبة الوصول إلى المستشفيات.

وفي 5 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وقّع قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات «الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو، الشهير بـ(حميدتي)، اتفاقاً إطارياً مع تحالف «قوى الحرية والتغيير»، وقوى أخرى داعمة لعملية الانتقال المدني، يقضي بخروج العسكريين كلياً من السلطة، والعودة إلى الثكنات، وتشكيل حكومة بقيادة مدنية.

وقطع اندلاع الحرب بين الجيش وقوات «الدعم السريع»، الطريق أمام إكمال العملية السياسية، التي اقتربت من التوقيع على الاتفاق السياسي النهائي.

وتيسر العملية السياسية بين الأطراف السودانية، الآلية الثلاثية، المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة التنمية الحكومية (إيقاد)، بدعم كبير من الآلية الرباعية، التي تضم السعودية وأميركا والإمارات وبريطانيا.


مقالات ذات صلة

نداء أممي لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

العالم فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)

نداء أممي لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

أطلق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا»، الأربعاء، نداء لجمع أكثر من 47 مليار دولار، لتوفير المساعدات الضرورية لنحو 190 مليون شخص خلال عام 2025.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
العالم العربي شارع سوداني لحق به الدمار نتيجة الصراع في البلاد (د.ب.أ)

مصر تؤكد حرصها على المشاركة بفاعلية في الجهود الإقليمية والدولية لتحقيق الاستقرار بالسودان

أكدت مصر اليوم الثلاثاء حرصها على المشاركة بفاعلية في الجهود الإقليمية والدولية لتحقيق الاستقرار في السودان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا من مخيمات النزوح في الفاشر (أ.ف.ب)

اتهامات تلاحق الجيش و«الدعم السريع» باستهداف مخيمات النازحين بالفاشر

علي يوسف «تقدم بالشكر للشقيقة مصر على وقفتها الصلبة الداعمة للسودان وهو يخوض حرب الكرامة الوطنية ضد ميليشيا (الدعم السريع) المتمردة».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا الفريق شمس الدين الكباشي (وكالة السودان للأنباء- سونا)

نائب البرهان يغلق باب التفاوض مع «الدعم السريع»

«المسار السياسي لا صلة له بالمسار العسكري، والحسم أولاً وإغلاق الملف العسكري، ثم مناقشة القضايا الأخرى».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا حمدوك مترئساً الجلسة الافتتاحية (مواقع التواصل)

تحالف «تقدم» السوداني يعقد «اجتماعاً مفصلياً» في عنتيبي

«طبيعة الحرب تغيرت؛ من حرب بين طرفين سودانيين يقتتلان إلى حرب بالوكالة، متأثرة بالصراعات في منطقة القرن الأفريقي»

أحمد يونس (عنتيبي)

مشروع قانون مصري يمنح الأجانب دعماً نقدياً وعينياً

سودانية مع أطفالها تتقدم بطلب لجوء في مركز تسجيل مفوضية اللاجئين بمصر (المفوضية)
سودانية مع أطفالها تتقدم بطلب لجوء في مركز تسجيل مفوضية اللاجئين بمصر (المفوضية)
TT

مشروع قانون مصري يمنح الأجانب دعماً نقدياً وعينياً

سودانية مع أطفالها تتقدم بطلب لجوء في مركز تسجيل مفوضية اللاجئين بمصر (المفوضية)
سودانية مع أطفالها تتقدم بطلب لجوء في مركز تسجيل مفوضية اللاجئين بمصر (المفوضية)

أعاد مشروع قانون الضمان الاجتماعي، الذي يناقشه مجلس النواب المصري (البرلمان) حالياً، الحديث بشأن «حقوق الأجانب» المقيمين في البلاد، لا سيما مع تضمينه مادة تتيح «إمكانية منح رعايا الدول الأخرى دعماً نقدياً وعينياً»، وسط تساؤلات حول ما إذا كان القانون سينطبق على المهاجرين والنازحين من غزة والسودان وسوريا، وغيرها من مناطق الصراع والحروب.

ووافق مجلس النواب المصري برئاسة المستشار حنفي جبالي، الثلاثاء، على 20 مادة من مشروع قانون «الضمان الاجتماعي والدعم النقدي»، المقدم من الحكومة، على أن يتم استكمال باقي مواد مشروع القانون البالغ عددها 44 مادة في جلسة مقبلة.

وتنص المادة الثانية من المشروع على أن بنوده «تسري على رعايا الدول الأخرى المقيمين في مصر، بشرط معاملة المصريين بالمثل في تلك الدول فيما يخص الدعمين النقدي والعيني، كما يمنح القانون رئيس الجمهورية صلاحية إصدار قرارات استثنائية لإعفاء بعض الحالات من شرط المعاملة بالمثل بناءً على اعتبارات تحددها الدولة».

وأوضح مصدر حكومي مصري لـ«الشرق الأوسط»، أن «القانون المنظور حالياً أمام مجلس النواب مختلف عن قانون التأمينات الاجتماعية المرتبط باشتراكات يدفعها الأفراد والشركات طوال فترة عملهم». وقال المصدر، الذي رفض نشر اسمه، إن «القانون الجديد مرتبط بمن لا تشملهم المظلة التأمينية».

وبشأن سريانه على رعايا الدول الأخرى، قال المصدر: «النص واضح، ويشترط المعاملة بالمثل، وهو أمر يتم التنسيق فيه بالتعاون مع وزارة الخارجية والجهات المعنية»، وأضاف: «القانون أيضاً نصّ على استثناءات يحددها رئيس الجمهورية، ولو كانت هذه الاستثناءات معروفة لتم تحديدها في القانون».

ويهدف مشروع قانون «الضمان الاجتماعي والدعم النقدي» إلى «توسيع مظلة المستفيدين من الدعم النقدي»، وفق معايير محددة، وأكد رئيس مجلس النواب، خلال الجلسة العامة، أن مشروع القانون «لا يستهدف فقط توفير الدعم، وإنما أيضاً تحقيق التمكين الاقتصادي للأسر».

ووفق أمين سر لجنة القوى العاملة في مجلس النواب النائبة ألفت المزلاوي فإن «المعاملة بالمثل شرط لاستحقاق الدعم بالنسبة لرعايا الدول الأخرى، وهو أمر تحكمه الاتفاقيات الدولية وبروتوكولات التعاون بين مصر ودول العالم، بحيث يتم دعم رعايا الدول التي توفر دعماً مماثلاً للمصريين على أرضها».

وبشأن الحالات الاستثنائية، وهل تشمل النازحين من السودان وسوريا وفلسطين، قالت النائبة المصرية لـ«الشرق الأوسط»: «الاستثناءات ستنظمها اللائحة التنفيذية للقانون بعد إقراره»، مؤكدة أن «مشروع القانون يستهدف توسيع مظلة الضمان الاجتماعي مع حوكمة مستحقيه».

وأشار مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير جمال بيومي، إلى أن «القانون الدولي يرحب بمبدأ المعاملة بالمثل، وفقاً لاتفاقيات دولية عدة». وقال بيومي، الذي كان مسؤولاً عن ملف الشراكة المصرية - الأوروبية، إن «أوروبا يعيش فيها نحو مليون ونصف المليون مصري يتمتعون بحقوق قانونية تحت مظلة قانون الضمان الاجتماعي في تلك الدول، ويحصل بعضهم على مساعدات وإعانات عند الحاجة».

وتوفر دول عدة حول العالم إعانات وفقاً لقوانين داخلية تحدد شروط الحصول على مزايا الضمان الاجتماعي أو إعانات البطالة، ففي فنلندا «يمكن للشخص التقدم للحصول على إعانة بطالة، إذا أصبح عاطلاً عن العمل»، دون اشتراط الجنسية.

وفي فرنسا «يحق للجميع الاستفادة من الضمان الاجتماعي، بغض النظر عن الجنسية، ولكن بشرط أن يكون الشخص مقيماً في فرنسا بشكل قانوني، ويعمل أو يبحث عن عمل»، حيث يمول نظام الضمان الاجتماعي من اشتراكات الموظفين وأصحاب العمل. وكذلك الأمر في دول أوروبية عدة.

وفرّق أستاذ العلاقات الدولية، ومدير مركز دراسات الهجرة واللاجئين في الجامعة الأميركية بالقاهرة الدكتور إبراهيم عوض، بين «التأمينات الاجتماعية والمعونة»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التأمينات الاجتماعية المعروفة باسم الضمان الاجتماعي في الخارج، هي حق للعمال والموظفين، حيث يدفعون جزءاً من رواتبهم الشهرية بوصفها اشتراكات في برنامج التأمين الاجتماعي، مقابل حصولهم على خدمات ومزايا عند ترك العمل أو إحالتهم للمعاش وغير ذلك».

وأشار إلى أن «هذا النوع من القوانين يسري على جميع من يعملون في البلد دون تمييز، وفقاً لجنسياتهم»، وأضاف: «بالنسبة للمعونة الاجتماعية، فالدول عادة ما تقدمها وفق شروط معينة يحددها القانون، وتمنح للمحتاجين في الحالات القصوى».

وتابع عوض: «مشروع قانون الضمان الاجتماعي الجديد يتيح حصول غير المصريين على المعونة الاجتماعية»، موضحاً أنه «بموجب القانون من حق من تتوافر فيه الشروط التي يحددها القانون، الحصول على المعونة، أيّاً كانت جنسيته، وقد ينطبق الأمر على السودانيين والغزيين، لا سيما أن القانون منح سلطة للرئيس لإعفاء بعض الحالات من شرط المعاملة بالمثل».

وأشار عوض إلى اعتبارات اجتماعية واقتصادية وراء ضم رعايا الدول الأخرى للقانون، وقال: «لا يمكن بأي حال من الأحوال ترك الناس يعانون اقتصادياً، ودون دخل».

وتقدّر بيانات حكومية رسمية أعداد الأجانب الموجودين في مصر بأكثر من 9 ملايين من 133 دولة، ما بين لاجئ وطالب لجوء ومهاجر ومقيم، يمثلون 8.7 في المائة من تعداد السكان الذي تجاوز 107 ملايين نسمة. ووفق رئيس مجلس الوزراء المصري، في وقت سابق، فإن التكلفة المباشرة لاستضافتهم تتخطى 10 مليارات دولار سنوياً.

وأقر مجلس النواب المصري، الشهر الماضي، مشروع قانون قدّمته الحكومة، بشأن «لجوء الأجانب»، وقد أثار جدلاً ومخاوف من «توطين الأجانب» في البلاد.