الأزمة السودانية تعمّق المعاناة الإنسانية في أفريقيا

الأمم المتحدة تتوقع إضافة 5 ملايين لقائمة «المساعدات الطارئة»

TT

الأزمة السودانية تعمّق المعاناة الإنسانية في أفريقيا

نازحون بالقرب من الحدود مع تشاد (رويترز)
نازحون بالقرب من الحدود مع تشاد (رويترز)

توقعت تقارير أممية، أن تفاقم الأزمة السودانية من المعاناة الإنسانية بالقارة الأفريقية، التي تواجه حتى قبل اندلاع الاشتباكات المسلحة في الخرطوم، نقصاً ملموساً في تدفقات المساعدات الغذائية، في ظل ارتفاع أسعار الغذاء عالمياً، وشح الدعم الإنساني المقدم من دول غربية مانحة، وتركيزها على أزمات أخرى، لا سيما في أوكرانيا.

وحذر برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، من أن «ينزلق ما بين 2 و2.5 مليون شخص في السودان إلى الجوع في الأشهر المقبلة، نتيجة للعنف المستمر في البلاد، وهو ما من شأنه أن يدفع انعدام الأمن الغذائي الحاد في السودان، إلى مستويات قياسية، ليتأثر به أكثر من 19 مليون شخص».

أطفال في مخيم كوفرون الحدودي (رويترز)

وبحسب بيان برنامج الغذاء العالمي، الذي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، فإنه «من المتوقع حدوث أكبر ارتفاعات في انعدام الأمن الغذائي في ولايات غرب دارفور وغرب كردفان والنيل الأزرق والبحر الأحمر وشمال دارفور».

كما توقع البرنامج في الوقت نفسه، أن ترتفع تكلفة المواد الغذائية في جميع أنحاء البلاد، بنسبة 25 في المائة في الأشهر الثلاثة إلى الستة المقبلة، إذا مُنع المزارعون من الوصول إلى حقولهم وزراعة المواد الغذائية الأساسية بين مايو (أيار) ويوليو (تموز)، فسوف يؤدي ذلك إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية.

ضغوط إضافية

ووفقاً لتقدير داخلي للأمم المتحدة نشرته وكالة «رويترز»، فإن 5 ملايين شخص إضافي في السودان سيحتاجون إلى مساعدات طارئة، نصفهم من الأطفال. وبحسب التقرير فإنه من المتوقع بحلول شهر أكتوبر (تشرين الأول)، أن يفر نحو 860 ألف شخص إلى البلدان المجاورة بما في ذلك تشاد، مما يفرض ضغوطاً إضافية على الدول التي تواجه بالفعل بعضاً من أكثر الأزمات الإنسانية التي تعاني من نقص التمويل في العالم.

مساعدات مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في مطار بورتسودان (واس)

وقالت ريم ندا، المتحدثة الإقليمية باسم برنامج الغذاء العالمي، إن البرنامج «سيزيد خلال الأشهر المقبلة، من مساعداته الطارئة لدعم 4.9 مليون شخص ضعيف في المناطق التي يسمح بها الوضع الأمني، بالإضافة إلى الوقاية من سوء التغذية وعلاجه لنحو 600 ألف طفل دون سن الخامسة والنساء الحوامل والمرضعات».

وأوضحت ريم ندا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه قبل اندلاع الصراع في السودان، كان لدى البرنامج فجوة تمويلية تزيد عن 300 مليون دولار لعملياته المنقذة للحياة، ومن المتوقع أن تزداد الاحتياجات بشكل كبير مع الأزمة.

وأضافت المتحدثة، أن عمل برنامج الغذاء العالمي «لا يقتصر على السودان، بل يمتد إلى التعاون مع الدول التي ينزح إليها السودانيون جرَّاء الأزمة، ومنها مصر، التي تشهد أكبر تدفق للنازحين، حيث يعمل برنامج الأغذية العالمي مع الحكومة والهلال الأحمر المصريين لتقديم المساعدة الغذائية لأولئك الفارين من الأزمة في السودان»

.

نازحون سودانيون في الطريق إلى إثيوبيا (أ.ف.ب)

وأشارت إلى أنه تم تسليم أكثر من 20 طناً مترياً من المواد الغذائية التي تتضمن حصصاً غذائية جاهزة للأكل، ولا تتطلب مرافق طهي ويمكن استخدامها على الفور، إلى نقطتي عبور النازحين السودانيين على الحدود البرية الجنوبية لمصر، حيث يجري توزيعها على الأسر الوافدة من السودان.

المساعدات الإغاثية السعودية (واس)

وتواجه أفريقيا بالفعل مجموعة متفاقمة من الأزمات بعضها يرجع لأسباب طبيعية مثل الجفاف والفيضانات، وبعضها بفعل تنامي النزاعات المسلحة التي أدت إلى زيادة الطلب على المساعدات الإنسانية.

كما تواجه المؤسسات الإغاثية العاملة في أفريقيا فجوات تمويلية، بسبب تركيز دول أوروبا، وهي الأكثر مساهمة في تمويل برامج الإغاثة الإنسانية بالقارة السمراء، على أوكرانيا.

وتشير إحصاءات أممية إلى أن احتياجات أفريقيا في نداءات الأمم المتحدة نمت بين عامي 2020 و2023 بنحو 27 في المائة، وأن جائحة فيروس كورونا، ساهمت في تقليص العديد من الأنشطة الإنسانية في الخارج، عندما بدأت الدول الغنية في التطلع إلى الداخل لحماية مواطنيها من الجائحة، إذ أظهرت بيانات الأمم المتحدة أن كبار المانحين، بما في ذلك بريطانيا وكندا والسويد واليابان والنرويج وهولندا، قلصوا تمويلهم لأفريقيا.

نازحون بالقرب من الحدود مع تشاد (رويترز)

ورغم أن الولايات المتحدة ضاعفت تقريباً مساهمتها في نداءات الأمم المتحدة بشأن أفريقيا بين عامي 2020 و2022. حيث قدمت العام الماضي، ما يقرب من 6.4 مليار دولار، أي أكثر من 56 في المائة من إجمالي التمويل المطلوب، فإن ذلك - بحسب تقارير الأمم المتحدة - لم يكن كافياً لسد الفجوة التمويلية.

ويرى الباحث السياسي التشادي، الدكتور محمد يوسف الحسن، أن المعاناة الإنسانية في أفريقيا «مرشحة للتفاقم»، وبخاصة نتيجة النزاعات المسلحة على غرار الأزمة السودانية، التي تفاقم من تأثير الأزمات على الفئات الأكثر هشاشة في دول القارة، وفي مقدمتهم النازحون واللاجئون، وغالبيتهم من النساء والأطفال.

وأوضح الحسن لـ«الشرق الأوسط»، أن أي صراع مسلح يندلع في القارة، تنتقل تأثيراته سريعاً إلى المحيط الإقليمي، بالنظر إلى الطبيعة الجغرافية والقبلية لكثير من دول القارة، مشيراً في هذا الصدد إلى أن السودان كان يستضيف أكثر من مليون لاجئ من دول الجوار، معظمهم من جنوب السودان وإريتريا وإثيوبيا، قبل اندلاع القتال، وبالتالي فإن الارتدادات الإقليمية لأي أزمة «يتسع نطاقها وتصبح أكثر خطراً».



جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين لتعميق التعاون

بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
TT

جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين لتعميق التعاون

بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)

تشهد العاصمة بكين جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين، على مستوى وزيري خارجية البلدين، وذلك لتعميق التعاون، وتبادل الرؤى بشأن المستجدات الإقليمية والدولية.

ووصل وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، إلى بكين، مساء الأربعاء، وأشارت وزارة الخارجية المصرية في إفادة لها، إلى «عقد الجولة الرابعة من آلية الحوار الاستراتيجي بين مصر والصين».

والتقى عبد العاطي، الخميس، رموز الجالية المصرية في الصين، وأبرز اعتزاز بلاده بأبناء الجاليات المصرية في الخارج؛ «نظراً لدورهم المهم في تعزيز روابط الصداقة مع مختلف الدول، بما يسهم في توطيد تلك العلاقات حكومة وشعباً، خصوصاً مع شريك اقتصادي مهم مثل الصين».

وحثّ الوزير عبد العاطي، رموز الجالية المصرية في بكين، للمشاركة في النسخة المقبلة من «مؤتمر المصريين بالخارج» في أغسطس (آب) 2025، والذي من المقرر أن يشارك فيه عدد من الوزراء، بما يجعله بمثابة «منصة للحوار المستمر بين الجاليات المصرية في الخارج والوزارات الخدمية»، وفق «الخارجية المصرية».

وتُقدر عدد الشركات الصينية العاملة في مصر بنحو 2066 شركة في قطاعات متنوعة، ويصل حجم استثماراتها إلى نحو 8 مليارات دولار، وفق تصريح لنائب رئيس الهيئة العامة للاستثمار المصرية، ياسر عباس، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. (الدولار الأميركي يساوي 50.8 جنيه في البنوك المصرية).

الرئيس الصيني خلال استقبال نظيره المصري في بكين مايو الماضي (الرئاسة المصرية)

ووفق نائب وزير الخارجية المصري الأسبق، نائب رئيس «جمعية الصداقة المصرية - الصينية»، السفير على الحفني، فإنه «لدى مصر والصين حرص دائم على تعميق العلاقات، واستمرار التشاور فيما يتعلق بعدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن الزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين، تعكس الإرادة المستمرة لتبادل وجهات النظر وتنسيق المواقف بين البلدين».

وأعلن الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي، والصيني شي جينبينغ، في بكين، مايو (أيار) الماضي، عن تدشين عام «الشراكة المصرية - الصينية» بمناسبة مرور 10 سنوات على إطلاق «الشراكة الاستراتيجية الشاملة».

وأكد الحفني أن «(الحوار الاستراتيجي المصري - الصيني) يأتي في ظل مناخ إقليمي ودولي مضطرب»، عادّاً أن «الحوار ضروري بين القاهرة وبكين، من منطلق وضع الصين قوةً دولية، وعضواً دائماً بمجلس الأمن الدولي، وبهدف تنسيق المواقف بشأن التطورات الخاصة بالقضية الفلسطينية، والمستجدات في غزة ولبنان وسوريا والسودان ومنطقة البحر الأحمر».

وتدعم الصين «حل الدولتين» بوصفه مساراً لحل القضية الفلسطينية، ودعت خلال استضافتها الدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لـ«منتدى التعاون الصيني - العربي» في مايو الماضي، إلى «عقد مؤتمر للسلام لإنهاء الحرب في غزة».

ويرى خبير الشؤون الآسيوية في المجلس المصري للشؤون الخارجية، ضياء حلمي، أن «الملفات الإقليمية، وتطورات الأوضاع في المنطقة، تتصدر أولويات زيارة وزير الخارجية المصري لبكين»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن اتساع رقعة الصراع بالشرق الأوسط، والتوترات التي تشهدها دول المنطقة، تفرض التنسيق المصري - الصيني في هذه المرحلة، وإطلاع الجانب الصيني على ما تقوم بها مصر على الصعيد السياسي، للتهدئة في المنطقة».

وأشار حلمي إلى أن هناك تقارباً في المواقف المصرية - الصينية تجاه صراعات المنطقة، وضرورة التهدئة، لافتاً إلى أن «الملفات الاقتصادية تحظى باهتمام من جانب الدولة المصرية لزيادة حجم الاستثمارات الصينية، ورفع معدلات التبادل التجاري بين الجانبين».

وبلغ حجم التبادل التجاري بين مصر والصين نحو 13.9 مليار دولار خلال 2023، مقابل 16.6 مليار دولار خلال عام 2022، وفق إفادة جهاز التعبئة والإحصاء المصري، في مايو الماضي.