«الوحدة الليبية» تلتزم الصمت حيال تعديل وزاري مرتقب

المنفي ناقش مع باتيلي «التقدم المحرز» للوصول إلى الانتخابات

صورة وزعها المنفي لاجتماعه مع المبعوث الأممي بطرابلس
صورة وزعها المنفي لاجتماعه مع المبعوث الأممي بطرابلس
TT

«الوحدة الليبية» تلتزم الصمت حيال تعديل وزاري مرتقب

صورة وزعها المنفي لاجتماعه مع المبعوث الأممي بطرابلس
صورة وزعها المنفي لاجتماعه مع المبعوث الأممي بطرابلس

التزمت حكومة الوحدة الليبية المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، الصمت، حيال تقارير تحركات سياسية لإجراء تعديل على الحكومة والتمديد لها، حال فشل إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقررة خلال العام الحالي.

ووفقا لمعلومات غير رسمية، يفترض الإعلان في نهاية الشهر الحالي عن تشكيل حكومة جديدة تضم 24 حقيبة وزارية فقط، على أن يكون رئيس الحكومة من المنطقة الغربية ونائباه من المنطقتين الشرقية والغربية، بينما لم يحسم بعد الخلاف على حقيبة وزارة الخارجية بين المنطقتين الغربية والشرقية.

وامتنعت نجوى وهيبة، الناطقة باسم المجلس الرئاسي، ومحمد حمودة الناطق الرسمي باسم حكومة الدبيبة عن التعليق على هذه التقارير، فيما قال مصدر مسؤول في الجيش الوطني، بقيادة المشير خليفة حفتر، لـ«الشرق الأوسط» إنه «على علم بهذه التقارير»، لكنه لم يوضح موقف حفتر بشأنها. كما لم يصدر أي تعليق رسمي بشأن هذه المعلومات من مجلسي النواب والدولة، بينما أعلن ممثلا المجلسين في لجنة 6+6 المشتركة، المكلفة إعداد القوانين الانتخابية، أن التركيز حاليا ينصب على إمكانية إجراء الانتخابات التشريعية، وأكدا استمرار الخلافات حول تفاصيل الانتخابات الرئاسية.

مصدر مسؤول في الجيش الوطني قال إن حفتر «على علم بهذه التقارير عن حدوث تعديلات» لكنه لم يوضح موقفه بشأنها (الجيش الوطني)

وكان رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، قد اجتمع مساء الثلاثاء بمقره في مدينة القبة (شرق)، مع جلال الشويهدي عضو مجلس النواب ورئيس وفده إلى اللجنة المُشتركة، الذي أطلعه على كل المستجدات التي بحثتها اللجنة المشتركة، وآخر ما تم التوصل إليه من تفاهمات. كما أكد صالح لدى مناقشته مع وكيل وزارة الداخلية، فرج اقعيم، الأوضاع الأمنية في البلاد، على ضرورة بسط الأمن في ربوع ليبيا كافة بالتعاون مع القوات المسلحة العربية الليبية.

إلى ذلك، قال أعضاء في مجلس الدولة، اليوم الأربعاء، إنهم تلقوا دعوة لعقد جلسة رسمية الأحد المُقبل في طرابلس، لبحث آخر المستجدات السياسية والأمنية والاقتصادية.

من جهته، أكد محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، لدى اجتماعه اليوم، مع رئيس بعثة الأمم المتحدة عبد الله باتيلي «ضرورة الملكية الوطنية لكامل العملية السياسية الليبية ومرتكزاتها ومساراتها»، لافتا في بيان وزعه مكتبه إلى «بحث ما وصفه بالتقدم المحرز في الملفات الأساسية للوصول إلى الانتخابات خلال العام الحالي»، من «تعزيز مشروع المصالحة الوطنية، وتوحيد الجهود الأمنية والعسكرية، والآلية الوطنية الشاملة لإدارة عوائد النفط، وتحديد أولويات الإنفاق، وبحث سُبل دعم لجنة 6+6 لإنجاز مسؤولياتها في أقرب الآجال».

في المقابل، ناقش الدبيبة مع رئيس ديوان المحاسبة الإنفاق الحكومي، وضمان الشفافية وعدالة التوزيع، وآليات تفعيل العطاء العام للأدوية والمستلزمات الطبية، وتنفيذ مشروع المدراس الجديدة، وكذا دعم الشركة العامة للكهرباء، وتوفير الإمكانات اللازمة لها، بهدف استقرار الشبكة وزيادة الإنتاج ومواجهة الذروة الصيفية. كما أكد الاجتماع ضرورة التكامل بين مؤسسات الدولة التنفيذية والرقابية، لضمان تقديم خدمات جيدة للمواطنين والحد من الفساد، وتعزيز مبدأي الإفصاح والشفافية في كل الإجراءات، والتركيز على برامج شركة الكهرباء ودعمها لضمان استقرار الشبكة.

في غضون ذلك، نقل محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي، عن السفير الإيطالي جوزيبي بوتشينو، الذي التقاه مساء الثلاثاء بمناسبة انتهاء فترة عمله، إشادته بدور المجلس الرئاسي في تحقيق السلام والاستقرار بعد وقف لإطلاق النار، وتوحيد مؤسسات الدولة. ومن جانبه، أشاد المنفي بدور السفير الإيطالي ووجوده خلال السنوات الأخيرة، رغم كل الظروف التي مرت بها البلاد من أزمات متتالية.

إلى ذلك، بدأ عبد الله اللافي، نائب المنفي، زيارة مفاجئة إلى بانغي عاصمة أفريقيا الوسطى، برفقة وزير الشباب بحكومة الوحدة ورئيس مجلس إدارة شركة لايكو للاستثمارات الليبية. وبينما قال اللافي في بيان إن الزيارة تأتي في إطار رعاية الاتفاق الذي يكفل الحفاظ على الاستثمارات الليبية في جمهورية أفريقيا الوسطى، قالت وسائل إعلام محلية إن الدبيبة كلف وزير الشباب تسديد ما وصفته برهينة شركة الاستثمارات، بعد اتفاق ينص على تسوية ملف تلاعب رئيسها السابق، مقابل استقالته من منصبه وعدم محاسبته.



هل وصلت العلاقات الجزائرية - الفرنسية لنقطة «اللاعودة»؟

الرئيس الجزائري في لقاء سابق مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
الرئيس الجزائري في لقاء سابق مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
TT

هل وصلت العلاقات الجزائرية - الفرنسية لنقطة «اللاعودة»؟

الرئيس الجزائري في لقاء سابق مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
الرئيس الجزائري في لقاء سابق مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)

تشهد العلاقات المضطربة على مرّ التاريخ بين فرنسا والجزائر خضّات جديدة، إثر توقيف مؤثرين جزائريين على ذمة التحقيق في فرنسا، بسبب رسائل كراهية نشروها، ومواجهة دبلوماسية جديدة حول توقيف كاتب جزائري - فرنسي في العاصمة الجزائرية، وهو ما يجعل البعض يرى أن العلاقة بين البلدين وصلت فعلاً إلى «نقطة اللاعودة».

سلطات فرنسا شنت حملة توقيف مؤثرين جزائريين على ذمة التحقيق بسبب رسائل كراهية نشروها (أ.ب)

وأوقفت السلطات في باريس مؤخراً ثلاثة مؤثرين جزائريين للاشتباه في تحريضهم على الإرهاب، ووضع منشورات تحث على ارتكاب أعمال عنف في فرنسا ضد معارضين للنظام الجزائري. أحدهم أوقف الجمعة في ضواحي غرونوبل، بعد نشره مقطع فيديو، تم حذفه في وقت لاحق، يحث المتابعين على «الحرق والقتل والاغتصاب على الأراضي الفرنسية»، بحسب لقطة مصورة من شاشة لوزير الداخلية برونو ريتايو.

وزير الداخلية الفرنسية برونو ريتايو (أ.ب)

ونشر هذا الرجل: «أنا معك يا زازو»، مخاطباً مؤثراً جزائرياً آخر، يدعى يوسف أ، المعروف باسم «زازو يوسف»، كان قد أوقف قبل ساعات قليلة بشبهة الدعوة إلى شن هجمات في فرنسا ضد «معارضي النظام الحالي في الجزائر»، بحسب القضاء الفرنسي. ونشر الشخص الثالث، الذي تم اعتقاله على تطبيق «تيك توك»: «اقتلوه، دعوه يتعذب»، في إشارة إلى متظاهر جزائري معارض للنظام. وفتح القضاء أيضاً تحقيقات ضد اثنين آخرين من المؤثرين الفرنسيين الجزائريين، بسبب فيديوهات تنشر الكراهية. وقال المعارض الجزائري، شوقي بن زهرة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «العشرات» من مستخدمي وسائط التواصل الجزائريين، أو مزدوجي الجنسية «نشروا محتوى معادياً على الإنترنت».

محمد تاجديت ضحية تحريض بالقتل من مؤثر جزائري مقيم بفرنسا (حسابه الشخصي بالإعلام الاجتماعي)

كان لدى يوسف أ. أكثر من 400 ألف متابع على تطبيق «تيك توك»، وقد حذفت المنصة حسابه منذ ذلك الحين.

* اتهام الجزائر بالتحريض

اتهم بن زهرة، وهو نفسه لاجئ سياسي في فرنسا، السلطات الجزائرية بالوقوف وراء هذه «الظاهرة»، والدليل بحسبه أن المسجد الكبير في باريس، الذي تموله الجزائر، «يستقبل أيضاً مؤثرين» جزائريين. وردت مؤسسة مسجد باريس على هذه التصريحات «التشهيرية»، التي أدلى بها «مدون مغمور»، واعتبرتها جزءاً من «حملة افتراء غير محتملة»، لكنها أكدت على «دورها البناء في العلاقات بين البلدين». وحسب العديد من المعارضين الجزائريين المقيمين في فرنسا، الذين التقتهم «وكالة الصحافة الفرنسية»، فإن هذه الرسائل العنيفة بشكل خاص ازدادت حدة بعد أن غيرت فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، موقفها من قضية الصحراء، التي كانت مسرحاً لنصف قرن من الصراع بين المغرب وجبهة «البوليساريو»، المدعومة من الجزائر. ففي نهاية يوليو (تموز) الماضي انحاز الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى جانب إسبانيا والولايات المتحدة الأميركية، معتبراً أن مستقبل الصحراء يكمن «في إطار السيادة المغربية»، وساعد ذلك في التقارب مع الرباط، واندلاع أزمة جديدة مع الجزائر، التي لم تعد تقيم علاقات دبلوماسية مع جارتها منذ أغسطس (آب) 2021.

الجزائر اعتبرت موقف الرئيس ماكرون من الصحراء المغربية «خيانة» لها (أ.ف.ب)

في صيف 2022، بدأ الرئيس الفرنسي خطوة «للتقارب» مع الجزائر بشأن «قضايا الذاكرة»، ومسألة «الماضي الاستعماري»، المرتبطة بحرب الاستقلال التي خلفت مئات الآلاف من القتلى والجرحى، لكن موقفه من الصحراء اعتبرته الجزائر «خيانة»، كما لاحظ ريكاردو فابياني، المحلل في مجموعة الأزمات الدولية. سبب آخر من أسباب التوتر هو مصير الكاتب الفرنسي - الجزائري، بوعلام صنصال (75 عاماً)، الذي يقبع في السجن في الجزائر منذ منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بتهمة المساس بأمن الدولة، وهو في وحدة العناية الصحية منذ منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

* امتعاض جزائري

بحسب صحيفة «لوموند» الفرنسية، فإن السلطات الجزائرية انزعجت من تصريحات أدلى بها الكاتب صنصال لموقع «فرونتيير» الإعلامي الفرنسي، المعروف بمواقفه اليمينية المتطرفة، تبنى فيها موقفاً مغربياً يقول إن أراضي مغربية انتُزعت من المملكة، في ظل الاستعمار الفرنسي لصالح الجزائر. وكان الرئيس الفرنسي اعتبر الاثنين أن «الجزائر التي نحبها كثيراً، والتي نتشارك معها الكثير من الأبناء والكثير من القصص، تسيء إلى سمعتها، من خلال منع رجل مريض بشدة من الحصول على العلاج»، مطالباً بالإفراج عن الكاتب المحتجز «بطريقة تعسفية تماماً».

الروائي المسجون في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)

ومباشرة بعد ذلك، عبرت وزارة الخارجية الجزائرية عن استغرابها من «التصريحات التي أدلى بها الرئيس الفرنسي بشأن الجزائر، والتي تهين، في المقام الأول، من اعتقد أنه من المناسب الإدلاء بها بهذه الطريقة المتهاونة والمستهترة». ووصفتها بـ«التدخل السافر وغير المقبول في شأن جزائري داخلي». في هذا السياق، أشار مدير «مركز الدراسات العربية والمتوسطية» في جنيف، حسني عبيدي، في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إلى أن العلاقة بين البلدين وصلت إلى «نقطة اللاعودة». وأعرب عن أسفه لأن «تصريحات ماكرون القاسية وغير المألوفة» من شأنها «تعزيز دعاة القطيعة التامة بين البلدين، وتكشف عن فشل الرئيس (الفرنسي) في سياسته حيال الجزائر». أما كريمة ديراش، الباحثة في «المركز الوطني الفرنسي» للبحث العلمي في باريس، فقد اعتبرت أننا «أمام رئيس دولة فرنسي لا يعرف كيف يتصرف»، و«يترك انفعالاته تتغلب عليه ولا يحترم القواعد»، وأمام سلطة جزائرية «حساسة جداً تجاه كل ما يصدر عن الدولة الفرنسية». وشدّدت على أنه رغم هذه «المناوشات» المتكررة بانتظام، تظل العلاقة الفرنسية - الجزائرية «متينة» من الناحيتين الاقتصادية والأمنية، مضيفة بسخرية أن فرنسا والجزائر «ثنائي يتنازع بانتظام».