سجل المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب (مؤسسة دستورية تراقب حقوق الإنسان) في تقريره السنوي لسنة 2022 أن القضاء المغربي لا يزال مستمرا في إصدار عقوبات الإعدام، «رغم التنصيص الدستوري على الحق في الحياة، وعدم المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص».
وأوضحت رئيسة المجلس، أمينة بوعياش، اليوم الأربعاء في لقاء صحافي، بمناسبة تقديم التقرير بمقر المجلس بالرباط، أنه جرى رصد صدور ثلاثة أحكام جديدة بالإعدام سنة 2022. وبلغ عدد المحكومين بالإعدام في المغرب حتى نهاية 2022 ما مجموعه 83 شخصا، حسب المعطيات الواردة على المجلس.
وصدرت حتى الآن أحكام نهائية في حق 54 شخصا، وأحكام ابتدائية في حق 14 شخصا، في حين أن 15 شخصا هم محكومون استئنافيا. كما أشارت بوعياش إلى أنه سجل استفادة 213 محكوما بالإعدام من العفو الملكي، ما بين سنة 2000 إلى غاية نهاية 2022.
من جهة أخرى، أشارت بوعياش إلى أن التقرير السنوي رصد فتح تحقيقات قضائية، وإصدار أحكام ضد مسؤولين على خلفية تسجيل وفيات بمراكز الاعتقال، وإحالة متورطين على النيابة العامة لادعاءات التعذيب أو سوء المعاملة.
وقام المجلس بإجراء تحريات حول الادعاءات الواردة في شكاوى عدد من نزلاء المؤسسات السجنية، منها ما أحيل على القضاء، ومنها ما اتخذت بخصوصه إجراءات إدارية. كما خلص التقرير إلى أن عددا من الشكاوى لا تتعلق دائما بالمعاملة القاسية، أو بسوء المعاملة، وإنما بطلبات من أجل التمتع بحقوق أو خدمات أخرى. وبخصوص ممارسة الحق في التجمعات والتظاهرات الاحتجاجية، جاء في التقرير أن المجلس سجل ما مجموعه 11 ألفا و874 تجمعا ومظاهرة سنة 2022، اتسمت في معظمها بطابع السلمية. وفي هذا السياق سجلت بوعياش أن تعبئة المشاركين في أغلبها انطلقت من شبكات التواصل الاجتماعي، وقالت بهذا الخصوص: «أوصينا بضرورة التنصيص على إخضاع عملية استعمال القوة أثناء التظاهر لمراقبة النيابة العامة».
كما سجلت بوعياش متابعة أشخاص أو إدانة بعضهم بعقوبات سالبة للحرية بسبب نشر مضامين في الفضاء الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي. مشددة على ضرورة اعتماد «قانون حرية تداول المعلومات»، وهي التوصية التي قدمها المجلس وأحالها على الحكومة، باعتبارها مدخلا أساسيا لمعالجة العديد من الإشكاليات التي أصبحت تطرحها الأشكال الجديدة لممارسة حرية التعبير في العالم الافتراضي.
واعتبرت بوعياش أن اعتماد «قانون حرية تداول المعلومات» من شأنه أن يشكل دعامة جديدة لحرية الصحافة والنشر، ويساهم في توسيع مجال ممارسة الحريات، خاصة على ضوء تطور التعابير العمومية بمنصات التواصل الاجتماعي. مبرزة أن الجمعيات غير الحكومية المغربية بلغ عددها في نهاية 2022 حوالي 259 ألف جمعية، تتوزع على كل جهات المملكة، وتشتغل في كل القضايا. وبخصوص العنف ضد النساء، سجل المجلس تواصل مظاهر العنف ضد النساء والفتيات، واستمرار ظاهرة تزويج الطفلات. كما سجل حالات ضعف التبليغ وتكييف الجنايات على أساس أنها جنح، مما يعوق جهود مناهضة الإفلات من العقاب.
وعلى المستوى الدولي، قالت بوعياش إن سنة 2022 عرفت استكمال مسطرة الانضمام إلى البروتوكول الاختياري الأول الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وإلى البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية القضاء ضد جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
وأوضحت أن أهمية هذين البروتوكولين تكمن في كونهما يسمحان للأفراد الذين يدعون انتهاك حقوقهم، والذين استنفدوا جميع سبل الإنصاف على المستوى المحلي، بتقديم شكاوى مكتوبة إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، واللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة التابعتين للأمم المتحدة. وقالت إنه بهذا المسعى يتعزز انفتاح المغرب على النظام الدولي لحقوق الإنسان، حيث تمت إلى حدود الآن المصادقة على 15 صكا دوليا لحقوق الإنسان من مجموع الصكوك البالغ عددها 18.