واشنطن تطالب بعدم استخدام ليبيا منصة للتدخل في السودان

لجنة «5+5» العسكرية تجتمع مجدداً في سبها الأسبوع المقبل

صورة وزعها المنفي لاتصاله بالسفير والقائم بالأعمال الأميركي في ليبيا
صورة وزعها المنفي لاتصاله بالسفير والقائم بالأعمال الأميركي في ليبيا
TT

واشنطن تطالب بعدم استخدام ليبيا منصة للتدخل في السودان

صورة وزعها المنفي لاتصاله بالسفير والقائم بالأعمال الأميركي في ليبيا
صورة وزعها المنفي لاتصاله بالسفير والقائم بالأعمال الأميركي في ليبيا

أعلن سفير الولايات المتحدة ومبعوثها الخاص لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، اتفاقه مع محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي الليبي، على أهمية تشكيل «قوة مشتركة» بين طرفي الصراع العسكري في البلاد لـ«تسيير دوريات على الحدود الجنوبية، وضمان عدم استخدام ليبيا منصة للتدخل في السودان».

كما استبق نورلاند اجتماعاً مقرراً في مدينة سبها (جنوب) الأسبوع المقبل للجنة (5+5) العسكرية المشتركة، التي تضم ممثلي الجيش الوطني، بقيادة المشير خليفة حفتر، وقوات حكومة الوحدة المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، بربط تشكيل القوة المشتركة بـ«ضمان عدم تدخل أي طرف ليبي في الأزمة السودانية الحالية».

لكن نورلاند لم يوضح المزيد من التفاصيل، مشيراً إلى أنه جدد خلال اتصاله مع المنفي دعم الولايات المتحدة العملية السياسية التي تيسرها الأمم المتحدة بهدف تنظيم انتخابات مبكرة في ليبيا، وأنهما ناقشا أيضاً الدور الحاسم للمصالحة الوطنية، والاستقرار الإقليمي، وتحسين عملية إدارة الإيرادات لضمان استفادة جميع الليبيين من ثروة ليبيا.

نورلاند جدد خلال اتصاله مع المنفي دعم الولايات المتحدة العملية السياسية التي تيسرها الأمم المتحدة بهدف تنظيم الانتخابات الليبية (أ.ف.ب)

وبدوره، قال المنفي إنه بحث مساء أول من أمس مع نورلاند، والقائم بالأعمال الأميركية في ليبيا، ليزلي أوردمان، في القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية ذات الأهمية المشتركة، قصد الوصول للانتخابات خلال عام 2023، وأوضح أن اللقاء الذي جمعهم عبر تقنية «زووم» تطرق لضرورة تعزيز مشروع المصالحة الوطنية، وتأسيس قوة عسكرية مشتركة لتأمين الحدود الجنوبية، ووضع آليات وطنية لتنظيم أولويات الإنفاق العام، تضمن استفادة كل الشعب الليبي من عائدات النفط.

ولم يشر بيان المنفي لأي شيء بخصوص السودان، فيما اكتفى مصدر مسؤول بالجيش الوطني لـ«الشرق الأوسط»، مشترطاً عدم تعريفه، بالتأكيد أن «مهام ودور القوة العسكرية المشتركة هو أمر ستحسمه اجتماعات لجنة (5+5) في سبها بجنوب البلاد»، مضيفاً أن «ليبيا ليست طرفاً في الأزمة السودانية، لكننا سنقوم بتأمين الحدود، وهذه مسألة تدخل في نطاق عمل قوات الجيش».

ومن المقرر أن يناقش الاجتماع المقبل للجنة (5+5) المشتركة، منتصف الشهر الحالي في سبها، ملف تأمين الانتخابات والقوة العسكرية المشتركة، وتوحيد المؤسسة العسكرية.

من جانبه، أكد الدبيبة، بوصفه أيضاً وزير الدفاع لدى اجتماعه مساء الاثنين في العاصمة طرابلس مع محمد الحداد، رئيس أركان القوات الموالية للحكومة، بحضور عدد من ضباطها، ضرورة إعادة النظر في تقنين تموين الجيش، ومتابعته وفق الحاجة الفعلية لهيئة الإمداد والتموين، وشدد على أهمية إزالة العقبات التي تواجه مصنع الملابس العسكرية، عقب تهيئته للعمل والتصنيع، وإعادة تأهيل المقرات العسكرية لتنفيذ مهام الوحدات المتمركزة فيها بالصورة المطلوبة.

إضافة إلى ذلك، أعلن عبد الله بليحق، الناطق باسم مجلس النواب، أن اللجنة المُشتركة لإعداد القوانين الانتخابية (6+6)، التي تضم ممثلي مجلسي النواب والدولة، استمعت خلال اجتماع مساء الاثنين مع رئيس المفوضية العُليا للانتخابات، عماد السايح، في طرابلس لملاحظاته الفنية حول قوانين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، لأخذها بعين الاعتبار في عمل اللجنة في إعداد القوانين الانتخابية.

وقال بليحق في تصريحات أمس إن ملاحظات مفوضية الانتخابات سيجري أخذها في الاعتبار عند إعداد القوانين للانتخابات البرلمانية والرئاسية، لافتاً إلى استمرار تواصل لجنة (6+6) مع كل الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية.

من جهة أخرى، أعلنت وزارة الداخلية في حكومة «الوحدة» تسيير الدوريات الصحراوية، وتفعيل العمل بجميع النقاط والتمركزات الأمنية على طول الحدود الليبية التونسية.

وقالت في بيان إنه «جرى تسيير دوريات صحراوية، وتفعيل العمل بجميع النقاط والتمركزات الأمنية على طول الحدود الليبية - التونسية من أجل تأمين الحدود، والمحافظة على الأمن والاستقرار»، مشيرة إلى تفعيل النقاط الأمنية ضمن خطة تأمين الحدود المشتركة.

وفي المقابل، أعلنت شعبة الإعلام التابعة للجيش الوطني، بقيادة خليفة حفتر، افتتاح نجله العميد صدام، الذي يقود وحدة النخبة بالجيش، مساء الاثنين مقراً جديداً لجهاز حرس المُنشآت النفطية في المنطقة الجنوبية، مشيرة إلى قيام صدام على رأس وفد عسكري بتفقد حقلي الشرارة والفيل النفطيين، ضمن سلسلة الزيارات التفقدية التي يجريها إلى الحقول والمنشآت النفطية والمناطق الحدودية.



مؤتمر دولي بالقاهرة يدعو إلى «ضوابط» لمواجهة «فوضى الفتاوى»

جانب من مؤتمر دار الإفتاء المصرية بالقاهرة (دار الإفتاء المصرية)
جانب من مؤتمر دار الإفتاء المصرية بالقاهرة (دار الإفتاء المصرية)
TT

مؤتمر دولي بالقاهرة يدعو إلى «ضوابط» لمواجهة «فوضى الفتاوى»

جانب من مؤتمر دار الإفتاء المصرية بالقاهرة (دار الإفتاء المصرية)
جانب من مؤتمر دار الإفتاء المصرية بالقاهرة (دار الإفتاء المصرية)

دعا مؤتمر دولي في القاهرة إلى «ضوابط» لمواجهة «فوضى الفتاوى»، وأكد أن آراء «غير المختصين» تُشكل «خطورة» على المجتمعات. وأشار مشاركون إلى أن «الفتوى الصحيحة تعد أحد الأسس المحورية لتعزيز الأمن الفكري في المجتمعات الإسلامية».

وقد عقد المؤتمر، الأحد، برعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظمته «الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم»، تحت مظلة دار الإفتاء المصرية، بعنوان «الفتوى وتحقيق الأمن الفكري»، بمشاركة علماء ومفتين من مختلف دول العالم.

ووفق مفتي مصر، نظير عياد، فإن هناك تحديات «خطيرة» تواجه أمن المجتمعات، ومنها «فوضى الفتاوى»، التي تصدر من غير ذي صفة، وتكون بعيدة عن الاستدلال الصحيح المتفق مع نصوص الشريعة ومقاصدها، وهذه الفتاوى أصبحت سبباً للطعن في الإسلام، وتشويه صورته، ومعوقاً رئيساً لتحقيق الأمن والاستقرار، ولا شك أن تسميتها فتوى، هو بالأساس من «باب المجاراة»، وإلا فحقها أن تسمى «دعوة أو دعوات للإفساد».

ولفت إلى أن التطرف نحو تكفير المسلمين، واستباحة دمائهم، وتخويف الآمنين وترويعهم ليس من الإسلام في شيء، مؤكداً أن وسائل التواصل الاجتماعي ساعدت على انتشار هذه «الفوضى»، حتى أننا «نجد عدد المفتين في الواقع الافتراضي يكون بعدد من لهم صفحات أو مواقع على هذه الوسائل، الأمر الذي أثّر بالسلب على الأمن الفكري، والاستقرار المجتمعي بشكل خطير».

وحذّر مفتي مصر من «خطورة الجماعات المتطرفة على الأمن الفكري والمجتمعي على السواء؛ حيث إنها تغرس أفكاراً منحرفة في العقول، تجعل الإنسان مسخاً مشوهاً من دون انتماء أو هوية، غير الانتماء لها ولمصالحها». وأشار إلى أن الفتوى لها دور مهم في «تعزيز الانتماء الوطني والشعور بالهوية، وإرساء مبادئ المواطنة الشاملة، التي تقوم على التعايش والتسامح وقبول التنوع الديني والعرقي والمجتمعي في الوطن الواحد».

مؤتمر دار الإفتاء المصرية يدعو إلى «ضوابط» لمواجهة «فوضى الفتاوى» (دار الإفتاء المصرية)

وفي كلمته بالمؤتمر، قال وزير الأوقاف المصري، أسامة الأزهري، إن «الفتوى ليست مجرد توجيه ديني، بل هي عملية تفاعل فكرية تتطلب الفهم العميق لواقع الناس ومتطلباتهم في مختلف المجالات»، مؤكداً أن «الفقيه يجب أن يكون على دراية تامة بأحوال الناس وعاداتهم»، مشيراً إلى أن «الفقه لا يتحقق إلا من خلال الفهم الشامل للظروف المستجدة، والأفكار المتغيرة».

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، أثارت فتاوى بشأن عمل المرأة وتربية الحيوانات انتقادات وجدلاً واسعاً بين رواد مواقع «التواصل»، ما دفع دار الإفتاء المصرية للرد عليها.

وأكد وكيل الأزهر، الدكتور محمد الضويني، أن «ظهور متطفلين على الفتوى أسهم في تعميق أزمات عالمنا العربي والإسلامي»، مبيناً أنه «كلما كانت الفتوى أكثر (شذوذاً وغرابة) ازداد الاهتمام بها، وتناقلتها بعض وسائل الإعلام ومنصات (التواصل)».

وبيّن الضويني أن موطن الداء في «الفتاوى غير المؤصلة وهؤلاء المفتين المفتونين بالشاشات والصفحات»، حيث إنها «لا تعبر إلا عنهم أو عن مذهبهم أو عن جماعتهم، وإنها قد تغفل أبعاداً أخرى ضرورية في صناعة الفتوى»، داعياً إلى «إقرار قوانين وضوابط ومعايير تُعنى بضبط وتصحيح مسيرة الإفتاء، ووقاية المجتمع من تداعيات الانحراف بها عن الصواب، والسعي لتأكيد ثقة الناس في المؤسسات الرسمية، بدلاً من هذه الهوة المقصودة التي تسعى اتجاهات وأجندات لتجذيرها».

وقد وافقت «اللجنة الدينية» بمجلس النواب المصري (البرلمان) في مارس (آذار) عام 2022 على مشروع قانون مقدم من 61 نائباً بتعديل بعض أحكام قانون «تنظيم ممارسة الخطابة». ونصّت التعديلات المقترحة حينها على أن تكون ممارسة الخطابة والدروس الدينية، والحديث في الشأن الديني في وسائل الإعلام المرئية، أو المسموعة أو الإلكترونية «للمختصين فقط». وحدّدت عقوبات على المخالفين، تتمثل في «غرامة مالية أو حبس».

مشاركون في مؤتمر دار الإفتاء المصرية بالقاهرة (دار الإفتاء المصرية)

وقال الأمين العام لـ«مجمع الفقه الإسلامي الدولي» المنبثق عن «منظمة التعاون الإسلامي»، قطب مصطفى سانو، إن «الأمن الفكري هو صمام أمان المجتمع، وضمان استقراره وحمايته من الانحرافات الفكرية والغلو»، داعياً إلى الالتزام بضوابط الإفتاء التي تضمن نشر الوسطية والاعتدال، وتواجه الفكر المتطرف.

وفي كلمتها بالمؤتمر، أشارت الأمين العام لـ«مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي»، ماريا محمد الهطالي، إلى أن الأجيال الحالية تواجه مخاطر متعددة، على رأسها تأثير العوالم المفتوحة، ووسائل التواصل الاجتماعي التي أدت إلى ظهور ظواهر مثل «الإفتاء الافتراضي»، و«السيولة الإفتائية»، مشددة على ضرورة بناء «الوعي الإفتائي» بوصفه ضرورة ملحة.

وأوضحت أن عصر التقنية والذكاء الاصطناعي يتطلب منا فهم طبيعة التساؤلات التي تطرحها الأجيال الجديدة، وعدم الاكتفاء بالتحليل السطحي لهذه التحديات، مؤكدة أن «مواجهة هذه التحديات ليست خياراً؛ بل هي واجب وطني وديني». وأشارت إلى أهمية تقديم إجابات شافية لهذه التساؤلات، وإلا فإن «الفراغ الفكري سيتيح للجماعات المتطرفة استغلال هذه الحاجة لنشر أفكارها السامة».

بينما شدّد أمين عام مكتب الإفتاء بسلطنة عمان، أحمد بن سعود السيابي، على «ضرورة أن يراعي المفتي أحوال الناس عند إبداء الآراء الشرعية»، لافتاً إلى «أهمية العمل الجماعي لتحقيق الأمن الفكري في المجتمعات».