بغداد تحذف «حزب الله» و«الحوثيين» من لائحة الإرهاب

غداة موجة انتقادات شديدة وجهت للحكومة

صورة للقرار الصادر بحذف «حزب الله» وجماعة الحوثي من تجميد الأموال
صورة للقرار الصادر بحذف «حزب الله» وجماعة الحوثي من تجميد الأموال
TT

بغداد تحذف «حزب الله» و«الحوثيين» من لائحة الإرهاب

صورة للقرار الصادر بحذف «حزب الله» وجماعة الحوثي من تجميد الأموال
صورة للقرار الصادر بحذف «حزب الله» وجماعة الحوثي من تجميد الأموال

يبدو أن الحكومة العراقية اضطرت إلى التراجع عن قرار سابق لها بإدراج تنظيمي «حزب الله» اللبناني، و«أنصار الله» الحوثي، على لائحة الإرهاب في لجنة غسل الأموال في البنك المركزي العراقي.

وجاء قرار التراجع، بعد أن تعرضت حكومة رئيس الوزراء المنتهية ولايته محمد السوداني إلى موجة انتقادات شديدة من حلفائه في «الإطار التنسيقي» الشيعي الذي فاز بأغلبية مقاعد البرلمان في الانتخابات الأخيرة ويفترض أن يطرح مرشحه لرئاسة الوزراء المقبل خلال الأيام والأسابيع التالية لمصادقة المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات النهائية في غضون اليومين المقبلين.

ومن دون أن تذكر الأسباب والأخطاء «الفنية» التي دعتها لاتخاذ القرار في وقت سابق، أعلنت لجنة تجميد أموال الإرهابيين في العراق، الثلاثاء، تعديل قائمتها الرسمية لتجميد الأصول المالية، من خلال إزالة «حزب الله» اللبناني وجماعة الحوثي من القائمة، بعد مراجعة القرار السابق.

وذكرت في بيانها أن الجماعتين لم تكونا مشمولتين بأحكام قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وأن مضمونه «يقتصر على الأسماء والكيانات المرتبطة بداعش وتنظيم القاعدة الإرهابي».

السوداني في موقف الدفاع

ونفى السوداني، الأحد، في معرض دفاعه عن حكومته حيال الهجمة التي تعرضت لها، صدور أي قرار حكومي ضد «حزب الله» اللبناني أو «الجماعة الحوثية اليمنية». واتهم بعضاً من خصومه الإطاريين بـ«محاولة التضليل» ذلك أن «العراق لا يملك أي موقف سياسي ضد هذه الأطراف، ولا توجد لها حسابات مالية في العراق ليتم فرض عقوبات عليها». وأضاف، أنه «حتى لو وجدت حسابات لهذه الجماعات فإن العراق لا يستطيع إجراء تحويل مالي لها، وأن ما جرى استغلال سياسي لخطأ إداري في استهداف واضح للحكومة ولي».

السوداني لدى استقباله مؤخراً توم برّاك المبعوث الأميركي إلى سوريا ولبنان (أ.ف.ب)

وكان السوداني وجّه، الخميس الماضي، بإجراء تحقيق عاجل وتحديد المسؤولية ومحاسبة المقصرين بشأن ما ورد من خطأ في قرار لجنة تجميد أموال الإرهابيين، وأكد أنه «لا أحد من المتصيدين والمفلسين يمكنه المزايدة على مواقف الحكومة العراقية، التي برهنت دائماً على صلابة الاستناد إلى الحقوق التاريخية لأصحاب الأرض والوقوف إلى جانبهم».

ويميل طيف واسع من المراقبين والمحللين إلى ترجيح كفة «الأسباب السياسية» المتعلقة بالصراع حول منصب رئاسة الوزراء داخل القوى الإطارية الشيعية، وأنها وراء ما جرى حول مسألة تجميد الأموال للجماعتين. وبحسب بعض المراقبين، فإن خصوم السوداني ومنافسيه استثمروا في القضية لضرب حظوظه السياسية في الحصول على ولاية ثانية في رئاسة الوزراء رغم «معرفتهم الأكيدة أن النظام المصرفي العراقي غير قادر على التعامل مع الجماعتين مالياً خشية من العقوبات الأميركية».

ثلاثة مرشحين

ومع اقتراب مصادقة المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات النهائية في غضون الأيام القليلة المقبلة، تكثف الأحزاب والكتلة الفائزة اجتماعاتها السياسية لحسم ملف الأسماء الرئيسية الثلاثة المرشحة على مناصب الرئاسات الثلاث، الجمهورية والوزراء ومجلس النواب.

على المستوى الشيعي، تتحدث مصادر عديدة داخل قوى «الإطار التنسيقي» عن التركيز على قائمة تضم ثلاثة مرشحين لمنصب رئاسة الوزراء وضمنهم السوداني، بعد ما تردد خلال الأيام الماضية عن تقدم 9 شخصيات للتنافس على المنصب.

السوداني يدلي بصوته في الانتخابات البرلمانية الأخيرة ببغداد (رويترز)

وقال سلام الزبيدي، المتحدث باسم تحالف «النصر» الذي يقوده حيدر العبادي، في تصريحات صحافية، الثلاثاء، إن «قادة الإطار التنسيقي تداولوا عدداً من الأسماء المرشحة للمنصب، وتم حصر الترشيح بثلاث شخصيات تنطبق عليها معايير وشروط رئيس الوزراء الجديد، وضمنهم محمد شياع السوداني وحيدر العبادي». وأضاف أن الإطار التنسيقي «سيعلن مرشحه لرئاسة الوزراء بشكل رسمي ونهائي بعد اتفاق القوى السياسية السنية على اسم رئيس البرلمان المقبل، وكذلك بعد توصل القوى الكردية إلى اتفاق بشأن مرشحهم لرئاسة الجمهورية».

وقال بيان صادر عن اجتماع القوى الإطارية، الاثنين، إن «الاجتماع شهد تطوراً مهماً في مناقشة اختيار مرشح رئاسة الوزراء الجديد، حيث ناقش الحاضرون الاتصالات الجارية مع القوى الوطنية وما بين قوى الإطار وتم الاتفاق على اعتماد مواعيد محددة لاستكمال إجراءات حسم الاستحقاقات».

ولا تبدو الأمور واضحة بالنسبة لبقية المكونات السياسية، ففي مقابل الاجتماعات التي يعقدها «المجلس السياسي الوطني» الذي يضم القوى السنية الفائزة في الانتخابات، ما زالت حالة الغموض قائمة بالنسبة للقوى الكردية وسط أنباء عن خلافات عميقة بين الحزبين الكرديين الرئيسين، الحزب الديمقراطي وحزب الاتحاد الوطني حول مجمل التفاصيل المتعلقة بإنجاز ملف حكومة الإقليم المتأخر منذ أكثر من عام، وملف مناصب المكون الكردي في الحكومة الاتحادية.

وأعلن «المجلس السياسي الوطني»، الجامع للقوى السنية الفائزة في الانتخابات، في وقت سابق، أنه سيختار واحداً من بين ستة مرشحين لشغل منصب رئاسة البرلمان، وأن حسم هذا الملف تأجل إلى ما بعد مصادقة المحكمة الاتحادية على النتائج النهائية للانتخابات التشريعية.


مقالات ذات صلة

العراق يناقش مع «شيفرون» استثمار «لوك أويل» الروسية في حقل غرب القرنة 2

الاقتصاد رئيس الوزراء العراقي خلال استقباله وفد «شيرون» الأميركية (وكالة الأنباء العراقية)

العراق يناقش مع «شيفرون» استثمار «لوك أويل» الروسية في حقل غرب القرنة 2

ناقش رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الثلاثاء الاستثمارات المحتملة في حقل الناصرية النفطي مع شركة «شيفرون» الأميركية العملاقة.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي محمد شياع السوداني (أ.ب)

السوداني: غير مقبول المجيء بـ«موظف» لرئاسة وزراء العراق

فتح رئيس حكومة تصريف الأعمال، محمد شياع السوداني، النار على منتقديه من قوى «الإطار التنسيقي»؛ على خلفية ما تعرض له من انتقادات شديدة.

فاضل النشمي (بغداد)
العالم العربي فؤاد حسين وزير الخارجية العراقي (الوزارة)

وزير خارجية العراق للمبعوث الأميركي: لا بد من احترام خيارات الشعب العراقي

نقلت وكالة الأنباء العراقية عن وزير الخارجية فؤاد حسين قوله للمبعوث الأميركي لسوريا، توم براك، اليوم (الأحد)، إن الديمقراطية والنظامَ الاتحادي مثبتان بالدستور.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يلقي كلمة أمام مؤتمر مكافحة المخدرات المنعقد في بغداد الأحد (المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء)

العراق يُشيد بجهود التعاون الإقليمي والدولي في مجال مكافحة المخدرات

انطلقت في العاصمة العراقية بغداد، الأحد، أعمال المؤتمر الثالث لمكافحة المخدرات الذي يستمر يومين، وتشارك فيه 12 دولة عربية وإقليمية.

فاضل النشمي (بغداد)
الاقتصاد رجل عراقي يقود قاربه في نهر دجلة وسط بغداد (أ.ف.ب)

العراق يصف تقلبات السوق الموازية الأخيرة بـ «التذبذب الطارئ»

أكد مظهر محمد صالح، المستشار المالي لرئيس الوزراء العراقي، يوم السبت، أن سعر الصرف الرسمي للدينار مقابل الدولار ثابت عند 1320 ديناراً.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

إسرائيل تتحدث عن ضبط صواريخ في طولكرم لتبرير هجمات الضفة

صواريخ بدائية تقول أجهزة الأمن الإسرائيلية إنها ضبطتها في طولكرم بالضفة الغربة المحتلة (صورة للجيش الإسرائيلي)
صواريخ بدائية تقول أجهزة الأمن الإسرائيلية إنها ضبطتها في طولكرم بالضفة الغربة المحتلة (صورة للجيش الإسرائيلي)
TT

إسرائيل تتحدث عن ضبط صواريخ في طولكرم لتبرير هجمات الضفة

صواريخ بدائية تقول أجهزة الأمن الإسرائيلية إنها ضبطتها في طولكرم بالضفة الغربة المحتلة (صورة للجيش الإسرائيلي)
صواريخ بدائية تقول أجهزة الأمن الإسرائيلية إنها ضبطتها في طولكرم بالضفة الغربة المحتلة (صورة للجيش الإسرائيلي)

أعلن الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك)، في بيان مشترك، الثلاثاء، أن اعتقال خلية مسلحة في طولكرم بالضفة الغربية المحتلة، قاد إلى صواريخ وأسلحة مخصصة لضرب أهداف في وسط إسرائيل.

وفي ما بدا محاولة لتبرير التصعيد الإسرائيلي المتواصل في الضفة الغربية، سعت مصادر أمنية إسرائيلية لربطه بقضية الصواريخ المكتشفة الشهر الماضي.

ووفق البيان، فإنهم اعتقلوا خلية في طولكرم، الشهر الماضي، «كانت مسؤولة عن عدة هجمات ضد الجيش بما في ذلك تفجير عبوات ناسفة في مركبات عسكرية في طولكرم، وقاد التحقيق مع أفرادها إلى ثلاثة صواريخ في مراحل مختلفة من التحضير، كان أحدها يحتوي أيضاً على رأس حربي ومتفجرات، وإلى جانب ذلك، عُثر على عبوات ناسفة، وأنظمة تشغيل، وقطع غيار لأجهزة تصنيع، ومواد لصنع المتفجرات».

جندي إسرائيلي يوجّه سلاحه لتفريق المطالبين بالعودة إلى منازلهم في مخيم نور شمس للاجئين بمدينة طولكرم بالضفة الغربية نوفمبر الماضي (أ.ب)

وقال البيان إن «نتائج التحقيق تُظهر مستوى التهديد في المنطقة والمحاولات المتكررة لشن هجمات ضد قوات الجيش وأهداف أخرى، كما يبرز الحاجة إلى النشاط الاستباقي المكثف في عمق مخيمات اللاجئين. ولا يزال التحقيق جارياً، وستواصل قوات الأمن العمل بشكل استباقي لإحباط الإرهاب في جميع أنحاء يهودا والسامرة (الضفة الغربية)».

اعتقالات ومداهمات مستمرة

وجاء الإعلان، في ذروة العمليات العسكرية المستمرة في شمال الضفة الغربية، رغم إعلان الجيش الإسرائيلي أنه أنهى رسمياً عملية «الحجارة الخمسة» التي كان أطلقها في شمال الضفة قبل أكثر من أسبوعين.

وواصل الجيش الإسرائيلي عملياته الواسعة في الضفة، واقتحم رام الله وبيت لحم والخليل ونابلس وجنين وسلفيت وقلقيلية، واعتقل أكثر من 40 فلسطينياً في مداهمات واسعة.

وقالت مصادر أمنية لهيئة البث الإسرائيلية «كان» إن اكتشاف الصواريخ في طولكرم كان من أكثر المظاهر خطورة في الضفة الغربية منذ سنوات، وأكد أن التنظيمات المسلحة في شمال الضفة الغربية وصلت إلى مرحلة متقدمة في تطوير قدرات إطلاق نيران عالية، بما يمثل تهديداً مباشراً لتجمعات سكانية داخل إسرائيل.

وبحسب مصادر أمنية، فقد عكس العثور على هذا المخزون جهوداً مكثفة تبذلها تنظيمات مسلحة لإعادة بناء البنية القتالية في شمال الضفة الغربية وتجنيد ناشطين جدد للعمل على منظومات تصنيع السلاح، وفي ضوء خطورة التطور، أطلق الجيش وجهاز الشاباك عملية «الأحجار الخمسة» في مدينة طوباس، وبلدة عقابا، وبلدة طمون ومخيم الفارعة جنوبا، وقرية تياسير.

وقتل الجيش الإسرائيلي في العملية فلسطينيين، واعتقل العشرات وضبط وسائل قتالية وعبوات بحسب ناطق عسكري.

وهذه ليست أول مرة تعلن فيها إسرائيل عن اكتشاف صواريخ بدائية في الضفة، ففي بداية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أعلن الجيش أنه عثر على 15 صاورخاً و18 عبوة ناسفة، ومتفجرات، وأسلحة أخرى في رام الله، بعد أسبوعين من إعلان مماثل، ورصد محاولة فاشلة لإطلاق صواريخ بدائية من قرية كفر نعمة في رام الله. وفي سنوات سابقة سجلت محاولات من جنين شمال الضفة لإطلاق صواريخ.

الدخان يتصاعد من منزل فلسطيني اعتقلته إسرائيل وفجرت منزله في نابلس بالضفة الغربية ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

وعلى الرغم من أن الصواريخ التي أطلقت حتى الآن أو تم العثور عليها، لم تشكل أي تهديد حقيقي، ولا ترقى إلى مستوى تهديد، لكن إسرائيل تقول إن نسخ نموذج قطاع غزة الذي بدأ بمثل هذه الصواريخ، مثير للقلق، خصوصاً أن المسافات بين مدن الضفة والمدن الإسرائيلية، والمستوطنات قريبة للغاية، ومتداخلة.

هجمات المستوطنين

وسُجلت أعنف المواجهات في مخيم الأمعري في رام الله، حيث أصيب فلسطينيون بينهم طفل. وأفادت جمعية الهلال الأحمر، في بيان مقتضب، بأن طواقمها تعاملت مع إصابتين إحداهما لطفل يبلغ من العمر (13 عاماً)، وأخرى لشاب برصاص الاحتلال الحي، خلال عملية اقتحام المخيم، وجرى نقلهما إلى المستشفى.

كما سجلت مواجهات أثناء اقتحام القوات الإسرائيلية حرم جامعة القدس في بلدة أبو ديس جنوب شرقي القدس. وقالت محافظة القدس، في بيان صحافي إن قوات الاحتلال انتشرت بمحيط كليتي الآداب والشريعة وكليات أخرى.

وذكرت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) أن هذا الاقتحام هو الثاني لجامعة يوم الثلاثاء، حيث اقتحم الاحتلال مبنى جامعة بيرزيت في رام الله.

كما صعد المستوطنون وهاجموا الفلسطينيين في مناطق مختلفة، وقال الناشط في مسافر يطا، أسامة مخامرة، للوكالة الرسمية إن «عصابات المستوطنين من مستوطنة «سوسيا» ألقوا الحجارة والزجاجات الحارقة باتجاه مساكن المواطنين، ما أدى إلى اشتعال النيران في مركبة وجرار زراعي».

مستوطنون إسرائيليون يرعون قطيعهم بالقرب من بؤرة استيطانية في الضفة الغربية المحتلة يونيو الماضي (أ.ف.ب)

وأضاف أن «المستوطنين حاولوا كذلك إحراق مركبة أخرى، في محاولة جديدة لترويع السكان وإجبارهم على الرحيل، ضمن سياسة التهجير القسري التي تتعرض لها التجمعات الفلسطينية في مسافر يطا».

وقالت صحيفة «يديعوت أحرنوت» إن طبيعة الهجمات والشعارات التي وجدت في المكان تشير إلى عصابات «فتيان التلال» و «تدفيع الثمن»، وإن الشرطة وجهاز الأمن العام الشاباك أقاما تحقيقاً مشتركاً لتحديد هوية المنفذين ومسار تحركهم.


الرئيس اللبناني من عمان: السلطنة تضطلع بدور حكيم إقليمياً ودولياً

الرئيس اللبناني جوزيف عون لدى وصوله إلى سلطنة عمان حيث كان باستقباله السلطان هيثم بن طارق ووفد رسمي (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون لدى وصوله إلى سلطنة عمان حيث كان باستقباله السلطان هيثم بن طارق ووفد رسمي (الرئاسة اللبنانية)
TT

الرئيس اللبناني من عمان: السلطنة تضطلع بدور حكيم إقليمياً ودولياً

الرئيس اللبناني جوزيف عون لدى وصوله إلى سلطنة عمان حيث كان باستقباله السلطان هيثم بن طارق ووفد رسمي (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون لدى وصوله إلى سلطنة عمان حيث كان باستقباله السلطان هيثم بن طارق ووفد رسمي (الرئاسة اللبنانية)

أثنى الرئيس اللبناني جوزيف عون على «الدور الحكيم والمسؤول الذي تضطلع به سلطنة عمان على الصعيدين الإقليمي والدولي».

كلام عون جاء لدى وصوله إلى السلطنة حيث كان في استقباله السلطان هيثم بن طارق ووفد رسمي. وقال عون، في مستهل الزيارة التي تستمر يومين: «يسعدني أن أطأ أرض سلطنة عُمان الشقيقة، هذا البلد العريق بتاريخه وحضارته، تلبية للدعوة الكريمة من أخي جلالة السلطان حفظه الله ورعاه».

وأضاف: «تأتي هذه الزيارة تأكيداً على عمق العلاقات الأخوية التاريخية التي تربط بين لبنان وسلطنة عُمان، وهي علاقات متجذرة في وشائج الأخوة والتاريخ المشترك والمصالح المتبادلة. نحن نعتز بهذه العلاقات المميزة التي بُنيت على أسس راسخة من الاحترام المتبادل والتعاون البنّاء».

وقال: «نتطلع خلال هذه الزيارة إلى بحث سبل تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات، لا سيما الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والثقافية والتعليمية، بما يخدم مصالح شعبينا الشقيقين، ويلبي تطلعاتهما نحو مستقبل أفضل، كما نسعى إلى فتح آفاق جديدة للشراكة تواكب التطورات المتسارعة في المنطقة والعالم».

وأشاد عون بـ«الدور الحكيم والمسؤول الذي تضطلع به سلطنة عُمان الشقيقة على الصعيدين الإقليمي والدولي، تحت القيادة الرشيدة لجلالة السلطان هيثم بن طارق»، مشيراً إلى «أن سياسة عُمان القائمة على الحوار والوساطة والتوازن وحسن الجوار قد أكسبتها مكانة مرموقة ودوراً محورياً في تعزيز الاستقرار وحل النزاعات بالطرق السلمية. نحن في لبنان نقدّر عالياً هذا النهج الحكيم، ونثمّن مواقف السلطنة الداعمة للبنان في مختلف المحافل الدولية، ووقوفها إلى جانبنا في مواجهة التحديات التي نمر بها».

وأكد أن «لبنان، بموقعه الجغرافي المميز وتنوعه الثقافي وإرثه الحضاري، يتطلع إلى أن يكون جسراً للتواصل والحوار، وشريكاً فاعلاً في بناء منطقة يسودها الأمن والاستقرار والازدهار»، مضيفاً: «أتطلع بكل ثقة إلى أن تثمر هذه الزيارة نتائج ملموسة تعود بالنفع على بلدينا وشعبينا الشقيقين، وأن تفتح صفحة جديدة من التعاون المثمر بين لبنان وسلطنة عُمان».


ماذا تقول خريطة النفوذ العسكري في سوريا بعد عام على التحرير؟

سكان حماة يشعلون النار في لافتة كبيرة تحمل صورة بشار الأسد بعد سيطرة الفصائل المسلحة على المدينة ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)
سكان حماة يشعلون النار في لافتة كبيرة تحمل صورة بشار الأسد بعد سيطرة الفصائل المسلحة على المدينة ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

ماذا تقول خريطة النفوذ العسكري في سوريا بعد عام على التحرير؟

سكان حماة يشعلون النار في لافتة كبيرة تحمل صورة بشار الأسد بعد سيطرة الفصائل المسلحة على المدينة ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)
سكان حماة يشعلون النار في لافتة كبيرة تحمل صورة بشار الأسد بعد سيطرة الفصائل المسلحة على المدينة ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)

طرأ على خريطة السيطرة السورية تغيُّر جِذريّ، منذ نهاية عام 2024 بانطلاق معركة ردع العدوان وسقوط نظام الأسد، مع استمرار بعض الأنشطة الأمنية والعسكرية التي رسمت خريطة البلاد خلال عام 2025.

وبينما لا يُتوقَّع بحسب دراسة أصدرها مركز «جسور» السوري، استمرار الخريطة على هذا الشكل مع التوجُّه الإقليمي والدولي لمنع الفوضى والتقسيم اللذين يهددان أمن المنطقة واستقرارها، فإن تغيير الخريطة في المستقبل القريب غالباً ما سيكون بدفع سياسي وأمني أكثر منه اللجوء إلى الأعمال العسكرية الواسعة.

محمود إيبو أحد ثلاثة باحثين عملوا على تقرير (خريطة النفوذ على الأرض السورية في عام 2025 )، يتحدث لـ«الشرق الأوسط»، عن تغير خريطة النفوذ منذ انطلاق المعارك «ردع العدوان» في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024. فخلال أقل من أسبوعين، فقد نظام الأسد سيطرته على المناطق التي كان يهيمن عليها منذ عام 2020، والتي كانت تمتد على أكثر من نصف مساحة البلاد.

خريطة المواقع العسكرية الإيرانية في سوريا منتصف 2023 - 2024 (مركز «جسور»)

خروج النفوذ الإيراني من الجغرافيا السورية

ومع سقوط النظام، تفكّك أيضاً الوجود الإيراني الذي ارتبط به على مدى أكثر من عقد، فقد انسحبت الميليشيات التابعة لإيران، التي كانت منتشرة في ريف دمشق، وحمص، وحلب، ومحافظات الجنوب، والبوكمال والميادين.

ويلفت إيبو إلى أن تلك الميليشيات «انسحبت بشكل كامل»، بعد انقطاع خطوط الإمداد والربط التي كانت تصلها بلبنان والعراق، ما أدى عملياً، إلى خروج النفوذ الإيراني وميليشياته بشكل كامل من الجغرافيا السورية.

أعلام سوريا و«حزب الله» في القصير خلال يونيو 2013 (أ.ف.ب)

ضمن هذا السياق، انتهى أيضاً الدور العسكري لـ«حزب الله» في سوريا، بعد أن شكل إحدى أبرز أذرع هذا النفوذ منذ عام 2013، حين بدأ تدخله بسقوط مدينة القصير بيده، لكن المفارقة أن نهاية تلك المرحلة جاءت في المدينة ذاتها، مع سقوط القصير بيد فصائل معركة «ردع العدوان» أواخر عام 2024 وخروج عناصر الحزب منها بشكل كامل، في مشهد مثّل نهاية فعلية لمرحلة طويلة من التدخل العسكري لـ«حزب الله» في سوريا، بعد أن فقد إحدى أهم قواعد ارتباطه الجغرافي بإيران عبر الأراضي السورية.

في هذا السياق، خرجت العديد من المناطق التي كانت خاضعة لنفوذ «حزب الله» والفصائل المرتبطة بإيران من دائرة السيطرة غير المباشرة، لتعود وتدخل ضمن نطاق سيطرة الدولة السورية الجديدة ومؤسساتها الأمنية والعسكرية في الشمال.

يزيل ركام منزله المدمر في بلدة تل رفعت بريف حلب التي كانت مسرحاً لمعارك بين نظام الأسد والفصائل المعارضة وقوات «قسد» (أ.ب)

أما التغيير الأكبر في توزع النفوذ العام المنصرم، فقد كان على حساب قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، بحسب إيبو، إذ أدّت عملية فجر الحرية إلى إنهاء وجودها في مناطق كانت تمثل لها نقاطاً مفصلية غرب نهر الفرات، مع سقوط مدينة تل رفعت والقرى المحيطة بها، ثم امتداد التقدم باتجاه منبج، لتفقد واحدة من أهم مدن سيطرتها في تلك المنطقة.

ونتيجة لذلك، تراجع نفوذ «قسد» في ريف حلب الشمالي والشرقي، وانكفأت شرقاً نحو الرقة والحسكة وإلى أجزاء من دير الزور.

السويداء ونفوذ الجنوب

وفي الجنوب، برز واقع محدود لكنه مؤثر في محافظة السويداء، إذ سيطرت مجموعات محلية مرتبطة بالشيخ حكمت الهجري على أجزاء من المحافظة عقب انسحاب قوات النظام، مستفيدةً من الفراغ الأمني. ورغم محدودية هذه السيطرة جغرافياً، فإنها شكّلت جيب نفوذ خارج سيطرة الحكومة الجديدة، وأدخلت عنصراً إضافياً على حالة عدم الاستقرار في محافظات الجنوب.

جنود إسرائيليون على متن ناقلة جند مدرعة في المنطقة العازلة التي تفصل مرتفعات الجولان المحتلة عن سوريا قرب قرية مجدل شمس الدرزية فبراير الماضي (أ.ف.ب)

وبالتوازي، استغلت إسرائيل انهيار الجبهة الجنوبية، فتجاوزت المنطقة العازلة وثبّتت وجودها في نقاط محدودة وتلال استراتيجية قرب خط الفصل. ورغم ضآلة المساحة التي تتمركز فيها، فإن رمزية المواقع المختارة وقيمتها الاستخبارية، تمنحانها قدرة على المراقبة والضغط وتسهمان في إبقاء الجنوب ساحة مفتوحة على احتمالات عدم الاستقرار.

استنتاجات الخريطة الجديدة

خريطة انتشار النفوذ العسكري الأمني في سوريا لعام 2025 (مركز «جسور»)

تُظهر خريطة السيطرة في سوريا نهاية عام 2025 مشهداً سياسياً جديداً تتداخل فيه 4 أطراف رئيسية، هي الحكومة السورية، «قسد»، قوات الحرس الوطني في السويداء وإسرائيل، مع تبايُن في مستوى النفوذ وحجم السيطرة فيما بينها.

الحكومة السورية هي الجهة الرئيسية المسيطرة، وفضلاً عن السيطرة السياسية الواسعة والمجتمعية الكبيرة فإنها تسيطر جغرافياً على 69.3 في المائة من مساحة البلاد، وهي مساحة واسعة تشمل المدن الكبرى ومعظم البنى الإدارية والطرق الحيوية، لكنها لا تُسيطر على 4 مراكز محافظات، هي: القنيطرة والسويداء والحسكة والرقة.

في المقابل، تسيطر «قسد» على 27.8 في المائة من مساحة البلاد، وتتموضع شمال سوريا وشرقها على امتداد جغرافي واسع؛ لكنه متباين من حيث الاستقرار الداخلي؛ حيث تعاني من تحدِّيَات كبيرة ومعقَّدة، أبرزها الضغط السياسي المرتبط بتنفيذ اتفاق 10 مارس (آذار) 2025، الذي يشكّل مدخلاً لإعادة ضبط علاقتها مع الحكومة السورية.

أما قوات الحرس الوطني في السويداء التابعة للشيخ حكمت الهجري، فتسيطر على 2.8 في المائة من مساحة البلاد، ويمثّل نفوذها حالة مختلفة من حيث الحجم والدور. ورغم محدوديَّة المساحة، تأتي أهمية هذا المجلس من موقعه الجغرافي ومن طبيعة الدعم المباشر الذي يتلقاه من إسرائيل، ما يجعل وجوده جزءاً من منظومة تهدف إلى إبقاء حالة عدم الاستقرار في الجنوب قائمة.

ويتقاطع وجود الحرس الوطني في السويداء مع توغُّل الجيش الإسرائيلي داخل الأراضي السورية بنسبة 0.1 في المائة، ورغم ضآلة هذه المساحة، فإن اختيار المواقع يعكس طابعاً استراتيجياً؛ فالجيش الإسرائيلي يتموضع في نقاط مرتفعة وقرى صغيرة لها قيمة مراقبة عالية تُشرف على خطوط الحركة في الجنوب الشرقي. هذا الوجود لا يهدف إلى السيطرة الجغرافية بقدر ما يستهدف إنشاء خطّ إنذار مبكر، وضبط المجال القريب من الحدود، ودعم البيئة التي تمنع استقراراً كاملاً في الجنوب، وهو ما ينسجم مع الدور غير المباشر في تعزيز موقع قوات الحرس الوطني في السويداء.

تغيير بضغوط سياسية

يتابع الباحث محمود إيبو، بشكل عام شهدت خريطة السيطرة في سوريا منذ أواخر عام 2024 تحولاً جذرياً أنهى مرحلة جيوسياسية استقرّت ملامحها منذ عام 2020، لتدخل البلاد في وضع أكثر سيولة وتعقيداً مع تراجع نفوذ الفاعلين التقليديين وبروز خرائط نفوذ جديدة لم تستقر بعد.

ورغم استمرار بعض التحركات الأمنية والعسكرية التي أعادت رسم المشهد خلال عام 2025، فإن تثبيت هذه الخريطة على المدى القريب لا يبدو مرجّحاً، في ظل المساعي الإقليمية والدولية لتفادي الفوضى والتقسيم. وعلى الأرجح، فإن أي تغيير مقبل في موازين السيطرة، سيجري عبر أدوات الضغط السياسي والأمني وإعادة هندسة النفوذ، أكثر من عودته إلى ديناميات المواجهات العسكرية الواسعة.