هل يؤخر صراع المصالح داخل «الكتلة الأكبر» تشكيل الحكومة العراقية الجديدة؟

تضم أكثر من 20 حزباً وشخصية سياسية بعضهم على «لائحة الإرهاب»

رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني وقادة في «الإطار التنسيقي» (إعلام حكومي)
رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني وقادة في «الإطار التنسيقي» (إعلام حكومي)
TT

هل يؤخر صراع المصالح داخل «الكتلة الأكبر» تشكيل الحكومة العراقية الجديدة؟

رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني وقادة في «الإطار التنسيقي» (إعلام حكومي)
رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني وقادة في «الإطار التنسيقي» (إعلام حكومي)

تمثل التركيبة السياسية التي تتألف منها قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية مجموعة اتجاهات متعددة، تتقاطع رؤاها في بعض المرتكزات الأساسية، وخصوصاً ما يتعلق بضرورة الحفاظ على بقاء المنصب التنفيذي الأول، ممثلاً برئاسة الوزراء، ضمن حصة المكون الشيعي.

لكن هذه القوى، في المقابل، تختلف في محاور غير قليلة، ترتبط بطبيعة إدارة الدولة والمساحة الممنوحة لرئيس الوزراء في اتخاذ القرار، فضلاً عن تباين زوايا النظر تجاه المشكلات الاقتصادية والمالية والأمنية التي تواجه البلاد.

كما يبرز الاختلاف أيضاً في مقاربة هذه القوى للمؤثرات الإقليمية والدولية، وبشكل خاص ما يتعلق بعلاقات العراق مع الولايات المتحدة من جهة، ومع إيران من جهة أخرى.

نسيج علاقات معقد

تباين وجهات النظر داخل البيت الإطاري، المؤلف من نحو 20 شخصية وزعامة، والذي أعلن نفسه بوصفه «الكتلة الأكبر» برلمانياً (نحو 175 مقعداً من أصل 329) المؤهلة لتشكيل الحكومة وفق المادة 76 من الدستور، قد يسهم في عرقلة مساعي اختيار رئيس الوزراء المقبل. ويعود ذلك إلى حالة التنافس القائمة بين أقطاب الإطار، إضافة إلى نسيج العلاقات والتحالفات المعقدة داخل كتله.

اجتماع سابق لقوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)

ورغم الأرقام المعلنة التي أظهرت تفوق تحالف «التنمية والإعمار» الذي يقوده رئيس الوزراء المنتهية ولايته محمد شياع السوداني بـ46 مقعداً، فإن هذا التفوق، وفقاً لمعظم المراقبين، سيصطدم بمشكلة «الهشاشة» التي توصف بها بنية التحالف. وتشير الإحصاءات إلى أن السوداني وحزبه «الرافدين» لا يمتلكان سوى نحو 15 مقعداً مضموناً، بينما تتوزع بقية المقاعد على طيف واسع من المصالح المتباينة، موزعة بين شخصيات وأحزاب شيعية وحتى سنية، قد تتخلى عن السوداني في أي لحظة إذا ما تعارضت مصالحها الخاصة مع مصالحه وطموحه في تولي رئاسة الوزراء لولاية ثانية.

ويبرز رئيس هيئة «الحشد الشعبي» فالح الفياض ضمن الشخصيات المنضوية في تحالف السوداني، وقد حصل تياره على ما لا يقل عن 8 مقاعد برلمانية داخل ائتلاف «الإعمار والتنمية». كما يوجد وزير العمل أحمد الأسدي الذي يمتلك نحو 4 إلى 5 مقاعد في الائتلاف، إضافة إلى نحو 5 إلى 6 مقاعد يشغلها ساسة سنة تمكنوا من الفوز بمقاعد عن محافظة نينوى ومناطق أخرى.

وطبقاً لمراقبين، فإن هذا الخليط الذي يصل في بعض الأحيان إلى حالة من «التنافر» بين مكوّناته قد لا يساعد السوداني في تحقيق طموحاته بولاية ثانية، وربما يضعف موقفه على طاولة المفاوضات الإطارية المتعلقة بتشكيل الحكومة.

المالكي وأبرز الفائزين

ويعاني ائتلاف «دولة القانون» الذي يتزعمه نوري المالكي المشكلة ذاتها التي يواجهها ائتلاف السوداني، رغم حصوله على 30 مقعداً وحلوله ثانياً ضمن لائحة الائتلافات الفائزة داخل «الإطار التنسيقي». إذ لا يمتلك المالكي وحزبه «الدعوة الإسلامية» سوى نحو 10 مقاعد من مجموع مقاعد الائتلاف، في حين أظهرت نتائج الانتخابات أن حزب «الفضيلة الإسلامي» حصل على 12 مقعداً من حصّة دولة القانون، وحصل زعيم «كتائب سيد الشهداء» أبو آلاء الولائي على نحو 8 مقاعد داخل الائتلاف؛ ما يضعف موقف المالكي التفاوضي، تماماً كما هو الحال مع السوداني.

في المقابل، يميل كثير من المراقبين إلى ترجيح كفة أمين عام «عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي، وإلى حدّ ما رئيس منظمة «بدر» هادي العامري، على بقية القوى والأحزاب الشيعية؛ ما يجعلهما من أبرز الأطراف المؤثرة في مسار تشكيل الحكومة المقبلة واختيار رئيس الوزراء. وينبع هذا الترجيح من المقاعد «الصافية» التي حصل عليها كل من الخزعلي والعامري في الانتخابات الأخيرة التي جرت في 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، حيث أظهرت النتائج النهائية حصول «عصائب أهل الحق» على 27 مقعداً دون مشاركة أحزاب أو تجمعات أخرى، بينما حصلت منظمة بدر على 21 مقعداً منفردة؛ الأمر الذي يمنحهما قدرة تفاوضية مضاعفة على طاولة «الإطار التنسيقي» التي تتأثر غالباً بـ«حجم المقاعد والعلاقات الثنائية مع بقية المكونات، إلى جانب السلاح المربوط على الأحزمة»، حسب تعبير أحد المراقبين المحليين.

لائحة الإرهاب الأميركية

إلى جانب النسيج المعقد للعلاقات داخل الائتلافات والتحالفات، لا يستبعد المراقبون أن تشكل الشخصيات المعروفة بارتباطها بإيران والمدرجة على لائحة الإرهاب الأميركية عاملاً إضافياً في تعقيد مسار اختيار رئيس الوزراء داخل قوى «الإطار التنسيقي». ويستند هؤلاء إلى الإشارة التي أدلى بها في وقت سابق وزير الخارجية فؤاد حسين بشأن عدم قبول الجانب الأميركي بوجود شخصيات مرتبطة بفصائل مسلحة ضمن الكابينة الحكومية المقبلة.

وإضافة إلى أبو آلاء الولائي المدرَج على لائحة الإرهاب الأميركية، تبرز «كتائب حزب الله» التي حصلت على 6 مقاعد برلمانية، كما يبرز رئيس حركة «أنصار الله الأوفياء» حيدر الغرواي، المنضوي ضمن تحالف «الإعمار والتنمية». وكانت «عصائب أهل الحق» قد أُدرجت هي الأخرى على لائحة العقوبات الأميركية، إلى جانب شخصيات أخرى تعمل تحت مظلة «الحشد الشعبي» وقوى «الإطار التنسيقي».


مقالات ذات صلة

العراق يصنف «سهواً» حلفاء إيران «إرهابيين»... وارتباك داخل «التنسيقي»

المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)

العراق يصنف «سهواً» حلفاء إيران «إرهابيين»... وارتباك داخل «التنسيقي»

في غضون ساعات، تراجع العراق عن وضع «حزب الله» وجماعة «الحوثي» على قائمة إرهاب، بعد ارتباك وذهول بين أوساط حكومية وسياسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي مناصرون يحملون أعلام «حزب الله» اللبناني في بيروت (رويترز)

السوداني يوجه بالتحقيق في خطأ يتعلق بقائمة لتجميد أموال شملت «حزب الله» و«الحوثيين»

وجَّه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، اليوم الخميس، بتحقيق عاجل ومحاسبة المقصرين بشأن الخطأ بقرار لجنة تجميد الأموال.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
تحليل إخباري ولدان يجلسان على خط الأنابيب العراقي - التركي في قضاء زاخو بمحافظة دهوك بإقليم كردستان العراق (روترز)

تحليل إخباري صراع خطوط الأنابيب... ازدياد النفوذ الأميركي في العراق وتراجع الهيمنة الإيرانية

شهدت الأشهر القليلة الماضية تصعيداً خفياً وفعالاً للضغط الدبلوماسي الأميركي على الحكومة العراقية، نتج عنه إعادة فتح خط أنابيب كركوك-جيهان.

«الشرق الأوسط» (بغداد، واشنطن)
المشرق العربي 
القنصلية الأميركية الجديدة تمتد على مساحة تفوق مائتي ألف متر مربع وتضم منشآت أمنية مخصصة لقوات «المارينز» (إكس)

واشنطن تدعو العراقيين للتعاون ضد ميليشيات إيران

دعا مسؤول أميركي بارز، العراقيين إلى التعاون «لمنع الميليشيات الإيرانية من تقويض الاستقرار» في العراق.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني خلال مراسم افتتاح القنصلية الأميركية في أربيل بإقليم كردستان العراق (شبكة روداو)

واشنطن للتعاون مع الشركاء العراقيين لتقويض الميليشيات الإيرانية

قالت الولايات المتحدة إنها تكثف تعاونها مع بغداد وأربيل لمنع الفصائل المسلحة الموالية لإيران من تقويض استقرار العراق.

«الشرق الأوسط» (أربيل)

«حماس» تتوقع محاولة اغتيال لقادتها في الخارج

المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)
المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)
TT

«حماس» تتوقع محاولة اغتيال لقادتها في الخارج

المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)
المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)

تسود توقعات في حركة «حماس» بحدوث عملية اغتيال إسرائيلية جديدة لبعض قياداتها خارج الأراضي الفلسطينية.

وتحدثت مصادر كبيرة في الحركة إلى «الشرق الأوسط» عن تزايد في معدلات القلق من استهداف المستوى القيادي، خصوصاً بعد اغتيال المسؤول البارز في «حزب الله» اللبناني، هيثم الطبطبائي.

وتحدث أحد المصادر عن أن «هناك تقديرات باستهداف قيادات الحركة في دولة غير عربية»، رافضاً تحديدها بدقة.

واطلعت «الشرق الأوسط»، على ورقة تعليمات داخلية تم توزيعها على قيادات «حماس» في الخارج، تتعلق بالأمن الشخصي والإجراءات الاحتياطية لتلافي أي اغتيالات محتملة، أو على الأقل التقليل من أضرارها.

وجاء في الورقة أنه يجب «إلغاء أي اجتماعات ثابتة في مكان واحد، واللجوء إلى الاجتماعات غير الدورية في مواقع متغيرة».

وتدعو التعليمات القيادات إلى «عزل الهواتف النقالة تماماً عن مكان الاجتماع، بما لا يقل عن 70 متراً، ومنع إدخال أي أجهزة طبية أو إلكترونية أخرى، بما في ذلك الساعات، إلى أماكن الاجتماعات».

في غضون ذلك، أفادت مصادر في غزة بأن مقتل زعيم الميليشيا المسلحة المناوئة لـ«حماس»، ياسر أبو شباب، أمس، جاء في سياق اشتباكات قبلية على يد اثنين من أبناء قبيلته الترابين.

وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن شخصين شاركا في قتل أبو شباب، ينتميان إلى عائلتي الدباري وأبو سنيمة؛ إذ إن العائلتين إلى جانب أبو شباب ينتمون جميعاً إلى قبيلة الترابين.


إسرائيل تقابل الانفتاح الدبلوماسي اللبناني بغارات

لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)
لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تقابل الانفتاح الدبلوماسي اللبناني بغارات

لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)
لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)

حسمت إسرائيل، أمس، التضارب في مواقف مسؤوليها حول «الجو الإيجابي» الناجم عن المفاوضات المدنية مع لبنان، وأعطت إشارة واضحة إلى أنها ستتعامل معها بمعزل عن المسار العسكري؛ إذ شنت غارات استهدفت أربعة منازل في جنوب لبنان، أحدها شمال الليطاني، بعد أقل من 24 ساعة على اجتماع لجنة تنفيذ مراقبة اتفاق وقف النار «الميكانيزم».

وبدا التصعيد الإسرائيلي رداً على ما سربته وسائل إعلام لبنانية بأن مهمة السفير سيمون كرم، وهو رئيس الوفد التفاوضي مع إسرائيل، تمثلت في بحث وقف الأعمال العدائية، وإعادة الأسرى، والانسحاب من الأراضي المحتلة، وتصحيح النقاط على الخط الأزرق فقط، فيما أفادت قناة «الجديد» المحلية بأن رئيس الجمهورية جوزيف عون «أكد أن لبنان لم يدخل التطبيع، ولا عقد اتفاقية سلام».

وقال الرئيس عون خلال جلسة الحكومة، مساء أمس: «من البديهي ألا تكون أول جلسة كثيرة الإنتاج، ولكنها مهدت الطريق لجلسات مقبلة ستبدأ في 19 من الشهر الحالي»، مشدداً على ضرورة أن «تسود لغة التفاوض بدل لغة الحرب».


العراق «يُصحّح خطأ» تصنيف حلفاء إيران إرهابيين

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
TT

العراق «يُصحّح خطأ» تصنيف حلفاء إيران إرهابيين

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)

أثار نشر العراق، أمس (الخميس)، معلومات عن تجميد أموال «حزب الله» اللبناني، وجماعة «الحوثي» في اليمن، باعتبارهما مجموعتين «إرهابيتين»، صدمة واسعة، قبل أن تتراجع الحكومة، وتقول إنه «خطأ غير منقّح» سيتم تصحيحه.

وكانت جريدة «الوقائع» الرسمية قد أعلنت قائمة تضم أكثر من 100 كيان وشخص على ارتباط بالإرهاب، في خطوة رأى مراقبون أنها كانت ستُرضي واشنطن، وتزيد الضغط على طهران، قبل سحبها.

وأثار القرار غضب قوى «الإطار التنسيقي» الموالية لإيران؛ إذ وصف قادتها خطوة الحكومة التي يرأسها محمد شياع السوداني بأنها «خيانة»، فيما نفى البنك المركزي وجود موافقة رسمية على إدراج الجماعتين.

وقالت لجنة تجميد الأموال إن القائمة كان يُفترض أن تقتصر على أسماء مرتبطة بتنظيمي «داعش» و«القاعدة» امتثالاً لقرارات دولية، وإن إدراج جماعات أخرى وقع قبل اكتمال المراجعة.

ووجّه السوداني بفتح تحقيق، وسط جدل سياسي متصاعد حول مساعيه لولاية ثانية.

وجاءت التطورات بعد دعوة أميركية إلى بغداد لـ«تقويض الميليشيات الإيرانية»، وفي ذروة مفاوضات صعبة بين الأحزاب الشيعية لاختيار مرشح توافقي لرئاسة الحكومة الجديدة.