إسرائيل تدفع بتعزيزات إلى حدود لبنان وتنفّذ غارات في عمق جنوبه

خبير يرى في الوقائع الحالية ميلاً إلى مزيد من التصعيد

جنود بالجيش اللبناني يتفقدون موقعاً استهدفته الغارات الإسرائيلية في بلدة طيرفلسيه بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
جنود بالجيش اللبناني يتفقدون موقعاً استهدفته الغارات الإسرائيلية في بلدة طيرفلسيه بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تدفع بتعزيزات إلى حدود لبنان وتنفّذ غارات في عمق جنوبه

جنود بالجيش اللبناني يتفقدون موقعاً استهدفته الغارات الإسرائيلية في بلدة طيرفلسيه بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
جنود بالجيش اللبناني يتفقدون موقعاً استهدفته الغارات الإسرائيلية في بلدة طيرفلسيه بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

صعّد الجيش الإسرائيلي، الخميس، وتيرة ضرباته في الجنوب اللبناني، بالتزامن مع تعزيزات عسكرية تمثلت في نقل وحدات قتالية إلى الحدود مع لبنان.

وذكرت صحيفة «معاريف» أنّ سلاح الجو الإسرائيلي يعمل على تقليص زمن استجابة المروحيات القتالية في الشمال، وسط تقديرات تتحدث عن خشية من مبادرة هجومية محتملة لـ«حزب الله»، بالتزامن، مع مناورات ميدانية مكثفة على الحدود.

وأوردت وسائل إعلام إسرائيلية أنّه تم «نقل اللواء 401 المدرّع إلى منطقة الشمال، وهو اللواء الذي شارك في حرب غزة على مدى عامين، وبدأ تنفيذ سلسلة تدريبات عسكرية تحاكي سيناريوهات مواجهة واسعة مع (حزب الله)». وتشمل هذه التدريبات، وفق ما نقلته القنوات العبرية، «عمليات توغّل محتملة في العمق اللبناني، ومعارك مباشرة مع مقاتلي الحزب».

جدار أسمنتي تشيّده إسرائيل على الخط الأزرق الحدودي مع لبنان قبالة بلدة مارون الراس (أ.ف.ب)

ولم تتوقف الغارات الإسرائيلية في العمق اللبناني؛ إذ شنّ الطيران غارة على حيّ الخانوق في الجهة الجنوبية من عيترون الحدودية، أعقبها استهدافٌ آخر لأطراف بلدة طيرفلسيه الواقعة على مجوى نهر الليطاني شمال صور، على بعد نحو 30 كيلومتراً عند الحدود. وقال ناشطون محليون إن الغارات استهدفت متنزهاً على النهر، وأدت أربعة صواريخ إسرائيلية إلى تدميره بالكامل، وتسببت بأضرار على مجرى النهر.

وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي إن الغارات جاءت «استهدافاً لمخزن ذخيرة وبنية تحت الأرض يستخدمهما (حزب الله)»، مدّعياً أنّ هذه المنشآت «أقيمت بالقرب من مناطق مأهولة». وفي سياق التصعيد ذاته، استهدفت مسيّرة إسرائيلية بعد ظهر الخميس سيارة في بلدة تول قرب النبطية، أسفرت عن وقوع قتيل.

وتزامناً مع بيانه حول الغارات، نشر أدرعي تغريدة مرفقة بصورة لحوض سباحة تظهر خلفه صواريخ، محذراً من انفجارها قرب المدنيين.

ورأى العميد المتقاعد خالد حمادة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنّ الكاريكاتير الذي نشره أدرعي «يحمل رسالة نفسية مباشرة للبنانيين»، موضحاً أنّ الرسم «الذي يُظهر سائحين يمارسون السباحة فوق بنية تحتية مزعومة لـ(حزب الله)، يهدف إلى القول إنّ الخطر جاثم تحت الأماكن المدنية والسياحية، وإنّ إسرائيل ستستهدفه متى شاءت».

حرب نفسية

وعدّ أنّ هذا الأسلوب «جزء من الحرب النفسية ومحاولة دائمة لتهديد المواطنين وخلق شعور بأن نمط الحياة الطبيعي في لبنان يقع فوق برميل بارود».

وأضاف حمادة أنّ الرسائل الإسرائيلية «تتقاطع مع تحذيرات أميركية وأخرى عربية وفرنسية، تشدد على ضرورة الذهاب إلى تفاوض فعلي، وترى أنّ ما تقوم به الدولة اللبنانية حتى الآن غير كافٍ لجهة حصرية السلاح بيد الدولة».

وأشار إلى أنّ «تصريح قائد الجيش (العماد رودولف هيكل) الأخير حول إعلان خلوّ منطقة جنوب الليطاني من السلاح في التقرير المرتقب مطلع الشهر المقبل، قد يشكل مؤشراً إيجابياً»، لكنه ربط فاعليته «بقدرة الجيش على إثبات سيطرته الكاملة وقدرته على ممارسة السيادة من دون أي شريك».

ولفت حمادة إلى أنّ إسرائيل «تستثمر في حالة الانقسام اللبناني حول ملف السلاح»، متسائلاً عمّا إذا كانت الحكومة ستُقدم فعلاً على تكليف الجيش بنزع السلاح شمال الليطاني ضمن سقف زمني واضح؛ لأنّ «كل التحذيرات توحي بأنّ هامش الوقت يضيق، وأنّ المجتمع الدولي يغطي أي عمل عسكري إسرائيلي إذا استمرت الدولة في التقاعس وفق النظرة الأميركية».

سيناريوهات التصعيد

وفي قراءة للسيناريوهات المحتملة، قال حمادة إنّه «لا يمكن توقع شكل المناورة الإسرائيلية المقبلة إذا قررت تل أبيب استئناف العمليات»، مشيراً إلى أنّ «الخيارات قد تتراوح بين الغارات الجوية وعمليات الاغتيال بالمسيرات أو بالطيران، أو تنفيذ ضربات غير متوقعة لمواقع لـ(حزب الله) في البقاع أو على الحدود اللبنانية - السورية»، حيث «تنشط عمليات التهريب وتُعلن إسرائيل مراراً استهداف مجموعات تحاول إدخال أسلحة إلى لبنان».

دورية لقوات «يونيفيل» قرب الجدار الحدودي مع إسرائيل في بلدة كفركلا بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

ورأى حمادة أنّ الاتفاقية الأميركية – السورية ودخول دمشق رسمياً في إطار التعاون ضد الإرهاب «يفتحان الباب أمام احتمال استثمار الأراضي السورية في أي عمليات تستهدف مجموعات مرتبطة بـ(حزب الله)»، لافتاً إلى أنّ «واشنطن تصنّف الحزب منظمة إرهابية، ومعها دول أوروبية عدّة؛ ما قد يسهّل هذا النوع من العمليات».

وأوضح أنّ كل الاحتمالات تبقى مطروحة، بما فيها «دفع إسرائيل الحزب للرد، أو لجوء الحزب وطهران إلى استهداف مصالح إسرائيلية خارج لبنان»؛ ما قد يؤدي إلى رد عسكري واسع. وأضاف: «جميع عناصر التفجير موجودة اليوم، ومن الصعب توقع أمرين: توقيت الانفجار العسكري، وشكل العمل العسكري المحتمل، في غياب التزامات واضحة من الدولة اللبنانية بشأن السلاح، والتزامات إسرائيلية بوقف الاعتداءات».

ورأى أنّه «حتى اللحظة لا يظهر أي مؤشر يُطمئن إلى تهدئة في الجبهة الشمالية لإسرائيل، بل إن كل الوقائع الحالية تميل إلى مزيد من التصعيد، لا العكس».


مقالات ذات صلة

المشرق العربي ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي في جنوب لبنان... 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

«يونيفيل»: الهجمات الإسرائيلية على جنوب لبنان انتهاك واضح للقرار 1701

وصفت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) الهجمات الإسرائيلية على جنوب لبنان بأنها «انتهاكات واضحة» لقرار مجلس الأمن رقم 1701.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص لسوريا توماس براك خلال مقابلة مع وكالة «رويترز» في بيروت - لبنان - 22 يوليو 2025 (رويترز)

براك: على لبنان أن يناقش مع إسرائيل مسألة «حزب الله»

قال المبعوث الأميركي توم براك، اليوم (الجمعة)، إنه ينبغي للبنان أن يناقش مع إسرائيل مسألة «حزب الله»، معبّراً عن أمله في ألا توسع إسرائيل هجماتها على لبنان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي الدخان يتصاعد جراء غارات إسرائيلية استهدفت منطقة النبطية في مايو 2025 (أرشيفية - إ.ب.أ)

إسرائيل تقابل الانفتاح الدبلوماسي اللبناني بغارات على الجنوب

حسمت إسرائيل الخميس التضارب في مواقف مسؤوليها حول «الجو الإيجابي» جراء المفاوضات المدنية مع لبنان، أو عزلها عن المسار العسكري.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون (رويترز)

عون: المحادثات مع إسرائيل كانت «إيجابية»... والهدف تجنُّب «حرب ثانية»

قال الرئيس اللبناني جوزيف عون، الخميس، إن المحادثات مع إسرائيل كانت «إيجابية»، وهدفها هو تجنب «حرب ثانية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

عون يطالب وفد مجلس الأمن بالضغط على إسرائيل لتطبيق اتفاق وقف النار والانسحاب

صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)
صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)
TT

عون يطالب وفد مجلس الأمن بالضغط على إسرائيل لتطبيق اتفاق وقف النار والانسحاب

صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)
صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)

قالت الرئاسة اللبنانية، اليوم (الجمعة)، إن الرئيس جوزيف عون التقى مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن يزور البلاد، حيث دعا إلى دعم الجيش اللبناني في استكمال عمله والضغط على إسرائيل للانسحاب من الجنوب.

وذكرت الرئاسة في بيان على منصة «إكس»، أن وفد مجلس الأمن «أبدى دعمه للاستقرار في لبنان من خلال تطبيق القرارات الدولية، واستعداد الدول للمساعدة في دعم الجيش اللبناني واستكمال انتشاره وتطبيق حصرية السلاح».

وأضاف البيان أن عون أكد خلال اللقاء، التزام لبنان بتطبيق القرارات الدولية، وقال: «نحتاج إلى دفع الجانب الإسرائيلي لتطبيق وقف (إطلاق) النار والانسحاب، ونتطلع للضغط من جانبكم».

وجرى التوصل إلى هدنة بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، بوساطة أميركية، بعد قصف متبادل لأكثر من عام أشعله الصراع في قطاع غزة، لكن إسرائيل ما زالت تسيطر على مواقع في جنوب لبنان رغم الاتفاق، وتواصل شن هجمات على شرق البلاد وجنوبها.


«يونيفيل»: الهجمات الإسرائيلية على جنوب لبنان انتهاك واضح للقرار 1701

ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي في جنوب لبنان... 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي في جنوب لبنان... 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

«يونيفيل»: الهجمات الإسرائيلية على جنوب لبنان انتهاك واضح للقرار 1701

ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي في جنوب لبنان... 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي في جنوب لبنان... 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

قالت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، اليوم (الجمعة)، إنها رصدت أمس سلسلة من الغارات الجوية الإسرائيلية في منطقة عملياتها بعدد من القرى في جنوب البلاد، واصفة هذه الهجمات بأنها «انتهاكات واضحة» لقرار مجلس الأمن رقم 1701.

وحثت «يونيفيل» في بيان، الجيش الإسرائيلي على «الاستفادة من آليات الارتباط والتنسيق المتاحة له»، كما نبّهت الجهات اللبنانية إلى «مغبة أي رد فعل قد يفاقم الوضع».

كانت وسائل إعلام لبنانية أفادت، أمس (الخميس)، بأن الطيران الإسرائيلي نفّذ سلسلة غارات استهدفت منازل في بلدات محرونة وجباع وبرعشيت والمجادل بجنوب البلاد، فيما قال الجيش الإسرائيلي إنه هاجم ما وصفها بمستودعات أسلحة تابعة لجماعة «حزب الله».

قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (يونيفيل) تقوم بدورية في مرجعيون في جنوب لبنان بالقرب من الحدود مع إسرائيل... 4 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

من ناحية أخرى، ذكرت «يونيفيل» في بيانها اليوم، أن إحدى دورياتها في جنوب لبنان تعرّضت لإطلاق نار خلال الليلة الماضية، ولكن دون وقوع إصابات.

وأوضحت أن «ستة رجال على متن ثلاث دراجات نارية اقتربوا من جنود حفظ السلام أثناء دورية قرب بنت جبيل، وأطلق أحدهم نحو ثلاث طلقات نارية نحو الجزء الخلفي من الآلية، ولم يُصب أحد بأذى».

واعتبرت القوة الأممية أن «الاعتداءات على قوات حفظ السلام غير مقبولة وتمثل انتهاكات خطيرة للقرار 1701»، في إشارة إلى قرار مجلس الأمن الذي أنهى حرباً بين إسرائيل و«حزب الله» عام 2006.

وتابعت بالقول «نذكّر السلطات اللبنانية بالتزاماتها بضمان سلامة وأمن قوات حفظ السلام، ونطالب بإجراء تحقيق شامل وفوري لتقديم الفاعلين إلى العدالة».


قوة إسرائيلية تتوغل في ريف القنيطرة بجنوب سوريا

مركبة عسكرية إسرائيلية تسير في مرتفعات الجولان السوري المحتل... 18 ديسمبر 2024 (رويترز)
مركبة عسكرية إسرائيلية تسير في مرتفعات الجولان السوري المحتل... 18 ديسمبر 2024 (رويترز)
TT

قوة إسرائيلية تتوغل في ريف القنيطرة بجنوب سوريا

مركبة عسكرية إسرائيلية تسير في مرتفعات الجولان السوري المحتل... 18 ديسمبر 2024 (رويترز)
مركبة عسكرية إسرائيلية تسير في مرتفعات الجولان السوري المحتل... 18 ديسمبر 2024 (رويترز)

قالت «الوكالة العربية السورية للأنباء»، اليوم (الجمعة)، إن قوة تابعة للجيش الإسرائيلي توغلت في ريف القنيطرة بجنوب البلاد.

وذكرت الوكالة الرسمية أن القوة الإسرائيلية تتألف من ست آليات، وتوغلت باتجاه قرية صيدا الحانوت، دون ورود معلومات حتى الآن عن قيامها بنصب حاجز في المنطقة.

ومنذ سقوط نظام بشار الأسد، تشن إسرائيل عمليات توغل بري في أرياف دمشق والقنيطرة ودرعا، حيث سيطرت على المنطقة العازلة على الحدود بين سوريا وإسرائيل، ثم انتقلت لتنفيذ مداهمات في المناطق الحدودية تخللتها اعتقالات لأشخاص.