في خطوة مفاجئة، سحب الرئيس الأميركي دونالد ترمب ترشيحه لجويل رايبورن لتولي منصب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، بعد أسابيع فقط من تقدّم عملية تثبيته في مجلس الشيوخ، وسط غموض بشأن خلفيات القرار الذي أثار تساؤلات في واشنطن، بما فيها في أوساط الناشطين السوريين الذين رافقوا عملية ترشيحه.
ونقل موقع «أكسيوس» عن مصادر مطلعة أن البيت الأبيض سحب رسمياً ترشيح رايبورن، الذي كان مبعوثاً خاصاً إلى سوريا خلال ولاية ترمب الأولى، بعد أن واجه معارضة داخل لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ. ومع ذلك كانت اللجنة قد صوّتت الأسبوع الماضي لصالح المضي في ترشيحه بأغلبية 15 صوتاً مقابل معارضة 7 أصوات، من دون توصية بتعيينه، وذلك في سابقة نادرة تعكس انقساماً حول شخصه.

كان رايبورن، وهو ضابط سابق في الجيش الأميركي، ومستشار في مجلس الأمن القومي خلال إدارة ترمب الأولى، قد خضع لجلسة استماع مطوّلة في مايو (أيار) الماضي واجه خلالها استجواباً حاداً من السيناتور الجمهوري راند بول، الذي اتهمه بالتقاطع مع ممارسات الدبلوماسي السابق جيمس جيفري، المتهم بإخفاء الأعداد الحقيقية للقوات الأميركية في سوريا عن الرئيس ترمب.
وخلال الجلسة، نفى رايبورن بشدة أي دور له في «تضليل القيادة السياسية»، مؤكداً أنه لم يشارك في أي عملية لإخفاء المعلومات عن البيت الأبيض، وأن ما ورد عن ذلك «غير صحيح». لكن تصريحات جيفري السابقة، التي أقر فيها بأنه تعمّد التلاعب بالأرقام للحفاظ على وجود عسكري أكبر في سوريا خلافاً لتوجيهات الرئيس، ظلت تلقي بظلالها على ترشيح رايبورن، الذي كان أحد مساعديه آنذاك.

وقال أيمن عبد النور، السياسي السوري الأميركي، إن سحب الترشيح لا يمكن تفسيره سوى بالقضية الرئيسية التي اتهم في التورط بها، بصفته نائباً لجيفري. وأضاف في حديث مع «الشرق الأوسط» أنه على الرغم من نفيه الضلوع في عملية تضليل الرئيس، لكن قيام السيناتور راند بول باستحضار الواقعة كان للإشارة على ما يبدو إلى أن رايبورن، «غير كفوء لتولي المنصب، إذ من غير المعقول أن يصادق على شيء غير مطلع عليه». وهو ما قاد إلى اتهامه بالكذب على الرئيس، الأمر الذي لا يمكن التهاون فيه، خصوصاً وأن كل الموظفين الذين كانوا يعملون مع جيفري في ذلك الوقت، قد تم إبعادهم نهائياً من دورهم في الخارجية الأميركية.
وحسب صحيفة «نيويورك تايمز»، فإن سحب الترشيح جاء بعد أن بات واضحاً أن رايبورن لا يملك الأصوات الكافية لتأكيد تعيينه في جلسة الهيئة العامة لمجلس الشيوخ، خصوصاً في ظل معارضة راند بول وبعض الديمقراطيين، ما جعل تمريره في التصويت العام أمراً شبه مستحيل. وقال مصدر مطلع: «لم يكن يملك الأصوات... الإدارة قررت المضي في اتجاه آخر».
ومساء الاثنين، قال السيناتور بول بعد وقت قصير من تلقيه إشعاراً بسحب ترشيح رايبورن: «أعربتُ عن شعوري بأنه كان مخطئاً. كانت لديّ شكوك حول ما إذا كان سيطيع الأوامر بالفعل».

ويرى مراقبون أن الخطوة تسلط الضوء على هشاشة آلية التعيينات الجديدة التي أقرها الجمهوريون لتسريع المصادقات في مجلس الشيوخ. وبموجب هذه الآلية، يُجمع المرشحون لتولي المناصب معاً في تصويت واحد، لتسريع عملية الموافقة على ترشيحاتهم في المجلس. لكن هذا النهج المُبسّط، جعل اعتراض عضو جمهوري واحد فقط في مجلس الشيوخ أكثر أهمية. وإذا اعترض عضو واحد فقط، يجب سحب هذا المرشح من المجموعة والتعامل معه بشكل منفصل، مما يُقلّل بشكل كبير من فرص تأكيد ترشيحه.
بهذا القرار، يفقد ترمب أحد أبرز الوجوه التي رافقته في صياغة سياساته تجاه الشرق الأوسط وسوريا خصوصاً، فيما لا تزال الإدارة تبحث عن مرشح بديل لتولي هذا المنصب المحوري في وزارة الخارجية الأميركية.
