دمشق... اتفاق مع الأكراد وتصعيد مع الدروز

«قسد» مستعدة لتسليم إنتاج النفط في دير الزور إلى الحكومة السورية... والهجري يتحدث عن «إبادة»

الشرع وعبدي وقعا بدمشق يوم 10 مارس 2025 اتفاقاً لدمج «قسد» في مؤسسات الدولة السورية (أ.ب)
الشرع وعبدي وقعا بدمشق يوم 10 مارس 2025 اتفاقاً لدمج «قسد» في مؤسسات الدولة السورية (أ.ب)
TT

دمشق... اتفاق مع الأكراد وتصعيد مع الدروز

الشرع وعبدي وقعا بدمشق يوم 10 مارس 2025 اتفاقاً لدمج «قسد» في مؤسسات الدولة السورية (أ.ب)
الشرع وعبدي وقعا بدمشق يوم 10 مارس 2025 اتفاقاً لدمج «قسد» في مؤسسات الدولة السورية (أ.ب)

في موازاة انفراجة محتملة مع الأكراد في شرق وشمال شرقي سوريا، بدت العلاقة بين حكومة دمشق وقيادات درزية في محافظة السويداء، جنوب البلاد، متجهة إلى مزيد من التصعيد.

ففي وقت أُفيد بأن لقاء جمع، قبل أيام، الرئيس أحمد الشرع بمظلوم عبدي، قائد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) التي يشكّل الأكراد غالبية عناصرها، أثمر اتفاقاً على بدء دمج مناطق الأكراد ضمن مؤسسات الدولة السورية، صعّد الزعيم الدرزي البارز في السويداء، الشيخ حكمت الهجري، موقفه ضد حكومة دمشق، متحدثاً عن تعرّض الدروز لما وصفها بأنها إبادة، ومؤكداً أنهم يخضعون لحصار «في مساحة ضيقة» ضمن جبل العرب في السويداء.

فعلى صعيد العلاقة مع الأكراد، أفاد تقرير إخباري، السبت، بأن «قوات سوريا الديمقراطية» تبدي استعدادها لتسليم إنتاج النفط في حقول دير الزور للحكومة السورية، مع احتفاظها بنسبة من الإنتاج للسوق. وأشار التقرير إلى أن التفاهمات حول نفط دير الزور جاءت خلال لقاء الرئيس الشرع مع مظلوم عبدي في دمشق الأسبوع الماضي، علماً بأن هذا اللقاء لم يُعلن رسمياً.

وينص التفاهم بين دمشق و«قسد»، وفق ما نقله «تلفزيون سوريا»، على أن عملية دمج مناطق شمال شرقي سوريا ستبدأ من دير الزور، وتشمل حقول النفط والمؤسسات المدنية والقوات العسكرية والأمنية بوصفها مرحلة أولى.

عناصر من «قسد» (أرشيفية - رويترز)

ووفق «تلفزيون سوريا»، شهدت العاصمة السورية دمشق، خلال الأيام الماضية، حراكاً دبلوماسياً مكثفاً، تمثّل في لقاء الرئيس أحمد الشرع وفداً أميركياً ضم المبعوث توم برّاك، وقائد القيادة المركزية الأميركية الأدميرال براد كوبر، بحضور وزيري الخارجية والدفاع ورئيس جهاز الاستخبارات العامة.

وأفادت مصادر صحافية بأن الرئيس الشرع التقى مظلوم عبدي في دمشق، بحضور المبعوثين الأميركيين، على خلفية مواجهات مسلحة وقعت أخيراً بمدينة حلب، في ثاني لقاء بين الجانبَيْن منذ مارس (آذار) الماضي.

إلى ذلك، أعلن القائد العام لـ«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، مظلوم عبدي، في الذكرى السنوية العاشرة لتأسيس قواته، أن القيادة العامة لـ«قسد» تنوي إرسال لجان عسكرية إلى العاصمة دمشق، لبحث خطوات الانضمام إلى الجيش السوري.

وقال عبدي، في كلمة بالمناسبة أمام مجموعة مقاتلة من قوات مكافحة الإرهاب، إن الخطوة تأتي «من أجل تطبيق اتفاق العاشر من آذار»، في إشارة إلى الاتفاق الذي وقعه في 10 مارس (آذار) الماضي مع الرئيس الشرع في دمشق.

وأضاف: «سنرسل لجاننا العسكرية إلى وزارة الدفاع السورية في دمشق، وستبدأ مرحلة انضمام (قسد) إلى الجيش السوري».

وشدّد قائد «قسد» على أن القوات ستشكل «جزءاً قوياً من الجيش السوري قيد التأسيس»، مشيراً إلى أن «خبرة عشر سنوات في قتال الإرهاب، والتعاون المشترك مع التحالف الدولي والجيوش الأجنبية، ستكون مساهمة وقوة كبيرة في بناء الجيش السوري»، حسبما نقلت عنه وكالة «نورث برس» المحلية في شمال شرقي سوريا.

الهجري... إبادة جماعية

في غضون ذلك، صعّد الشيخ حكمت الهجري، الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز في السويداء، موقفه المعارض لحكومة دمشق. وقال في سلسلة رسائل موجهة إلى هيئات أممية وعربية ودولية: «نحن محاصرون في مساحة ضيقة ضمن الجبل، وتحرك أهلنا محدود ومراقب ومهدد، وقرانا محتلة، لا غذاء ولا وقود ولا مواد أولية... مع استمرار ضرب وقطع الكهرباء والماء وخدمات الإنترنت، كل ذلك من قبيل الضغط ومحاولات الإبادة الجماعية، فالحالة المعيشية صعبة داخلياً وخارجياً، وأهلنا المدنيون صابرون... لا يرضون بالذل ولا بالإملاءات». وتابع: «الحاصل اليوم هو محاولات تجريفهم (سكان القرى الدرزية) والإبادة الجماعية المتسلسلة بحق أهالي الجبل بكل فئاته.

ومع كل ذلك، نعلن أننا أوقفنا إطلاق النار والاشتباك منذ الأيام الأولى، لذلك فقد آن الأوان لرفع الحصار الأليم، وتطبيق القانون الدولي الإنساني وإنقاذ المدنيين، وإيصال المساعدات الإنسانية والحاجات الأساسية للحياة».

وزاد: «نطالب الحكومة السورية بالموافقة الفورية على إدخال المساعدات»، علماً بأن الحكومة السورية أعلنت إدخال مزيد من المساعدات للسويداء في الأيام الماضية.

الشيخ حكمت الهجري (صفحة الرئاسة الروحية)

وطالب الهجري بـ«الرفع الفوري للحصار المفروض على جبل العرب، وتأمين الممرات الإنسانية الآمنة، ومحاسبة المسؤولين ومرتكبي الجرائم والانتهاكات بحق المدنيين أمام القضاء الدولي، وإلزام الجهات المسلحة المحتلة بالانسحاب الكامل من قرى الجبل المنكوبة، وإعادة كل الأراضي المحتلة، وفق الحدود الإدارية للجبل، وتنفيذ بنود الهدنة منذ يوليو (تموز) الماضي».

ولاحظ ناشطون أن الهجري استخدم في بعض بياناته تسمية «جبل باشان» على «جبل العرب»، مشيرين إلى أن إسرائيل أطلقت تسمية «سهم باشان» على عملياتها العسكرية داخل سوريا عقب سقوط نظام بشار الأسد، بما في ذلك توسيع مناطق سيطرتها في محافظة القنيطرة.

في غضون ذلك، استمرت المظاهرات التي تشهدها محافظة السويداء كل يوم سبت للمطالبة بـ «تقرير المصير»، ورُفعت فيها لافتات تؤكد أن الدروز لن يتنازلوا عن قراهم التي أُرغموا على النزوح منها في السويداء عقب مواجهات الصيف الماضي الدامية.


مقالات ذات صلة

أنقرة ترفض زيارة أي مسؤول من «الإدارة الذاتية» أو «قسد» قبل إلقاء أسلحتهم

شؤون إقليمية قائد قوات «قسد» مظلوم عبدي والرئيسة المشاركة لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا إلهام أحمد خلال لقاء مع السياسي الكردي التركي عثمان بادمير نوفمبر الماضي (إعلام تركي)

أنقرة ترفض زيارة أي مسؤول من «الإدارة الذاتية» أو «قسد» قبل إلقاء أسلحتهم

رفضت تركيا الحديث عن زيارة أي مسؤول من الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا أو «قسد» قبل إلقاء أسلحتها وتنفذ اتفاق الاندماج في الجيش السوري.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية حزب «العمال الكردستاني» أعلن في مؤتمر صحافي بجبل قنديل في 26 أكتوبر الماضي سحب جميع مسلحيه من تركيا (رويترز)



القيادي في «العمال الكردستاني» آمد ملاذغيرت (أ.ف.ب)

نائبة رئيس المجموعة البرلمانية لحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» غولستان كوتشيغيت (حساب الحزب في إكس)

عناصر من القوات التركية المشاركة في عملية «المخلب القفل» ضد «العمال الكردستاني» شمال العراق (الدفاع التركية - إكس)
أوجلان وجَّه نداءً في 27 فبراير الماضي لحل حزب «العمال الكردستاني» ونزع أسلحته (إ.ب.أ)

تركيا: كشف خريطة طريق نزع أسلحة «الكردستاني»

كشفت مصادر أمنية تركية خريطة طريق لنزع أسلحة حزب «العمال الكردستاني» في الوقت الذي أيَّد فيه زعيمه عبد الله أوجلان استمرار «عملية السلام».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية أكراد خلال مظاهرة لدعم نداء أوجلان لحل حزب العمال الكردستاني والمطالبة بإطلاق سراحه (أ.ف.ب)

تركيا: زيارة برلمانية لأوجلان تدفع باتجاه السلام مع الأكراد

قام وفد من البرلمان التركي بزيارة زعيم حزب العمال الكردستاني السجين عبد الله أوجلان في إطار العملية الجارية لحل الحزب وتحقيق السلام.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (الرئاسة التركية)

إردوغان: وحدة سوريا أساسية لبلادنا... والسوريون يقررون مصيرها

أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن وحدة سوريا هي أمر أساسي لبلاده، وأن أنقرة تتخذ خطواتها تجاهها وفقاً لأولوياتها الاستراتيجية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي حراس يؤمّنون سجن الصناعة في الحسكة... سوريا 18 يناير 2025 (رويترز)

سجون «داعش»... قنابل موقوتة في قلب الصحراء بشمال شرقي سوريا

تشكّل سجون تنظيم «داعش» في سوريا قنابل موقوتة في قلب صحراء الشمال الشرقي للبلاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

«حماس» تتوقع محاولة اغتيال لقادتها في الخارج

المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)
المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)
TT

«حماس» تتوقع محاولة اغتيال لقادتها في الخارج

المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)
المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)

تسود توقعات في حركة «حماس» بحدوث عملية اغتيال إسرائيلية جديدة لبعض قياداتها خارج الأراضي الفلسطينية.

وتحدثت مصادر كبيرة في الحركة إلى «الشرق الأوسط» عن تزايد في معدلات القلق من استهداف المستوى القيادي، خصوصاً بعد اغتيال المسؤول البارز في «حزب الله» اللبناني، هيثم الطبطبائي.

وتحدث أحد المصادر عن أن «هناك تقديرات باستهداف قيادات الحركة في دولة غير عربية»، رافضاً تحديدها بدقة.

واطلعت «الشرق الأوسط»، على ورقة تعليمات داخلية تم توزيعها على قيادات «حماس» في الخارج، تتعلق بالأمن الشخصي والإجراءات الاحتياطية لتلافي أي اغتيالات محتملة، أو على الأقل التقليل من أضرارها.

وجاء في الورقة أنه يجب «إلغاء أي اجتماعات ثابتة في مكان واحد، واللجوء إلى الاجتماعات غير الدورية في مواقع متغيرة».

وتدعو التعليمات القيادات إلى «عزل الهواتف النقالة تماماً عن مكان الاجتماع، بما لا يقل عن 70 متراً، ومنع إدخال أي أجهزة طبية أو إلكترونية أخرى، بما في ذلك الساعات، إلى أماكن الاجتماعات».

في غضون ذلك، أفادت مصادر في غزة بأن مقتل زعيم الميليشيا المسلحة المناوئة لـ«حماس»، ياسر أبو شباب، أمس، جاء في سياق اشتباكات قبلية على يد اثنين من أبناء قبيلته الترابين.

وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن شخصين شاركا في قتل أبو شباب، ينتميان إلى عائلتي الدباري وأبو سنيمة؛ إذ إن العائلتين إلى جانب أبو شباب ينتمون جميعاً إلى قبيلة الترابين.


إسرائيل تقابل الانفتاح الدبلوماسي اللبناني بغارات

لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)
لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تقابل الانفتاح الدبلوماسي اللبناني بغارات

لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)
لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)

حسمت إسرائيل، أمس، التضارب في مواقف مسؤوليها حول «الجو الإيجابي» الناجم عن المفاوضات المدنية مع لبنان، وأعطت إشارة واضحة إلى أنها ستتعامل معها بمعزل عن المسار العسكري؛ إذ شنت غارات استهدفت أربعة منازل في جنوب لبنان، أحدها شمال الليطاني، بعد أقل من 24 ساعة على اجتماع لجنة تنفيذ مراقبة اتفاق وقف النار «الميكانيزم».

وبدا التصعيد الإسرائيلي رداً على ما سربته وسائل إعلام لبنانية بأن مهمة السفير سيمون كرم، وهو رئيس الوفد التفاوضي مع إسرائيل، تمثلت في بحث وقف الأعمال العدائية، وإعادة الأسرى، والانسحاب من الأراضي المحتلة، وتصحيح النقاط على الخط الأزرق فقط، فيما أفادت قناة «الجديد» المحلية بأن رئيس الجمهورية جوزيف عون «أكد أن لبنان لم يدخل التطبيع، ولا عقد اتفاقية سلام».

وقال الرئيس عون خلال جلسة الحكومة، مساء أمس: «من البديهي ألا تكون أول جلسة كثيرة الإنتاج، ولكنها مهدت الطريق لجلسات مقبلة ستبدأ في 19 من الشهر الحالي»، مشدداً على ضرورة أن «تسود لغة التفاوض بدل لغة الحرب».


العراق «يُصحّح خطأ» تصنيف حلفاء إيران إرهابيين

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
TT

العراق «يُصحّح خطأ» تصنيف حلفاء إيران إرهابيين

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)

أثار نشر العراق، أمس (الخميس)، معلومات عن تجميد أموال «حزب الله» اللبناني، وجماعة «الحوثي» في اليمن، باعتبارهما مجموعتين «إرهابيتين»، صدمة واسعة، قبل أن تتراجع الحكومة، وتقول إنه «خطأ غير منقّح» سيتم تصحيحه.

وكانت جريدة «الوقائع» الرسمية قد أعلنت قائمة تضم أكثر من 100 كيان وشخص على ارتباط بالإرهاب، في خطوة رأى مراقبون أنها كانت ستُرضي واشنطن، وتزيد الضغط على طهران، قبل سحبها.

وأثار القرار غضب قوى «الإطار التنسيقي» الموالية لإيران؛ إذ وصف قادتها خطوة الحكومة التي يرأسها محمد شياع السوداني بأنها «خيانة»، فيما نفى البنك المركزي وجود موافقة رسمية على إدراج الجماعتين.

وقالت لجنة تجميد الأموال إن القائمة كان يُفترض أن تقتصر على أسماء مرتبطة بتنظيمي «داعش» و«القاعدة» امتثالاً لقرارات دولية، وإن إدراج جماعات أخرى وقع قبل اكتمال المراجعة.

ووجّه السوداني بفتح تحقيق، وسط جدل سياسي متصاعد حول مساعيه لولاية ثانية.

وجاءت التطورات بعد دعوة أميركية إلى بغداد لـ«تقويض الميليشيات الإيرانية»، وفي ذروة مفاوضات صعبة بين الأحزاب الشيعية لاختيار مرشح توافقي لرئاسة الحكومة الجديدة.