نتنياهو يتجه لاحتلال غزة... والقرار بيد «الكابينت» الخميس

الجيش الإسرائيلي عرض خطة بديلة تقوم على استنزاف «حماس»

قافلة عسكرية إسرائيلية تتحرك عند حدود قطاع غزة الثلاثاء (رويترز)
قافلة عسكرية إسرائيلية تتحرك عند حدود قطاع غزة الثلاثاء (رويترز)
TT

نتنياهو يتجه لاحتلال غزة... والقرار بيد «الكابينت» الخميس

قافلة عسكرية إسرائيلية تتحرك عند حدود قطاع غزة الثلاثاء (رويترز)
قافلة عسكرية إسرائيلية تتحرك عند حدود قطاع غزة الثلاثاء (رويترز)

أصر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على الذهاب نحو احتلال قطاع غزة بالكامل، على الرغم من معارضة الجيش الإسرائيلي، وتقرر في نهاية مشاورات أمنية، عقدت، الثلاثاء واستمرت 3 ساعات، أن يحسم مجلس الوزراء المصغر للشؤون السياسية والأمنية «الكابينت» الأمر، يوم الخميس المقبل.

وقال مسؤول إسرائيلي مطلع لهيئة البث الإسرائيلية «كان 11» إن نتنياهو يتجه لاحتلال القطاع. وأضاف: «الهدف هو احتلال المخيمات المركزية ومدينة غزة».

وأكدت وسائل إعلام أخرى قرار نتنياهو احتلال القطاع، وقالت «القناة الـ12» إنه اتخذ قراره، وإن على الجيش الآن أن يقاتل في المناطق التي امتنعت إسرائيل عن العمل فيها خلال الأشهر الأخيرة، بما في ذلك المخيمات المركزية، خوفاً من إيذاء الرهائن.

صورة من الجو لقطاع غزة الثلاثاء (أ.ف.ب)

وإصرار نتنياهو على احتلال القطاع جاء على الرغم من معارضة الجيش الإسرائيلي، وفي النقاش قدم رئيس الأركان إيال زامير خطة بديلة لاحتلال القطاع، وأوضح أن للاحتلال كلفة عالية، ويعرّض الرهائن للقتل، كما أثار مشكلة التآكل في جاهزية الجنود النظاميين والاحتياط والمعدات العسكرية، بحسب صحيفة «هآرتس».

وأكدت «يديعوت أحرونوت» أنه خلال النقاش المحدود، كرّر زامير مواقفه وحذّر من تداعيات احتلال القطاع، وهو إلحاق الأذى بالرهائن واستنزاف القوات. لكن في النهاية، أوضح زامير أنه سيفعل ما تُكلّفه به القيادة السياسية.

والخلافات بين نتنياهو وزامير حول هذه المسألة تفجرت في الأيام الأخيرة وتحولت إلى علنية، ويبدو أنه تم تحويل الأمر للكابينت كي يحسم المسألة.

وأصدر مكتب نتنياهو بياناً بعد الاجتماع، قال فيه: «استمر النقاش الأمني نحو ثلاث ساعات، عرض خلالها رئيس الأركان خيارات مواصلة العملية في غزة. جيش الدفاع الإسرائيلي مستعد لتنفيذ أي قرار يتخذه المجلس الوزاري السياسي والأمني المصغر».

وقالت «القناة الـ12» إن الكابينت سيجتمع لحسم مسألة احتلال غزة، الخميس.

وتحويل المسألة للكابينت الإسرائيلي يخدم خطة نتنياهو باحتلال القطاع، والذي أكد قبل الاجتماع الأمني أنه لن يتخلى عن استكمال «هزيمة العدو» في قطاع غزة، و«إطلاق سراح جميع الرهائن»، وضمان ألا «تشكل غزة تهديداً لإسرائيل».

ويريد نتنياهو احتلال قطاع غزة، وهو القرار الذي تدعمه الحكومة الإسرائيلية، ويعارضه زامير الذي وضع خطة بديلة لاحتلال القطاع، تقوم على تطويق غزة وشن هجمات مستهدفة فوق وتحت الأرض لاستنزاف «حماس» بشكل كامل.

مدرعة إسرائيلية تتحرك عند الحدود مع قطاع غزة الثلاثاء (أ.ف.ب)

وطلب نتنياهو لقاء زامير، الثلاثاء، حتى يسمع منه أنه جاهز لتنفيذ أي قرار سياسي، وقبل اللقاء سرب مكتب نتنياهو لوسائل الإعلام الإسرائيلية عبر إحاطة مسؤولين أن القرار اتخذ فعلاً، في تحد علني لقائد الجيش الإسرائيلي.

واستخدم نتنياهو، هذا الأسبوع، مصطلح احتلال قطاع غزة في محادثات خاصة، وقال إنه سيسعى للحصول على دعم مجلس الوزراء لخطة احتلال القطاع بالكامل، على الرغم من اعتراضات من داخل الجيش الإسرائيلي.

وأكد يعقوب باردوغو، المعلق السياسي للقناة الـ14 اليمينية، أن إصدار الأوامر للجيش باحتلال قطاع غزة بالكامل هو نتيجة حتمية نتجت عن شهور من خيبة الأمل والتحقيق في فشل المسار السياسي.

وقال باردوغو: «القرار بإصدار أوامر للجيش الإسرائيلي باحتلال قطاع غزة بأكمله ليس نزوة لحظية، بل هو خاتمة ضرورية وضرورية لأشهر طويلة خاب فيها أملنا. لقد انتهى عصر الألاعيب الدبلوماسية واللفتات والمفاوضات العقيمة. الآن، حان الوقت لاتخاذ قرار واضح لا لبس فيه».

وكانت جميع وسائل الإعلام الإسرائيلية نقلت عن مسؤول كبير مقرب من رئيس الوزراء قوله: «لقد حُسم الأمر، سنحتل كامل قطاع غزة... ستكون هناك عمليات حتى في المناطق التي يُحتجز فيها الرهائن. وإذا لم يوافق رئيس الأركان، فعليه الاستقالة».

وهدف التسريب كما يبدو، هو إحراج زامير والجيش، والتأكيد على أن القرار سياسي وليس بيد الجيش، وأنه حسم، وهو ما أكده نتنياهو في الاجتماع الذي حضره أيضاً وزير الدفاع يسرائيل كاتس ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر.

وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إذا عُرضت خطوة احتلال القطاع على مجلس الوزراء للموافقة عليها، الخميس المقبل، فسيتعين على نتنياهو أن يشرح للجمهور سبب تصرفه المخالف للمواقف التي سبق أن عبّرت عنها المستويات المهنية، وخاصةً فيما يتعلق بقضية المختطفين واستنزاف قوات الاحتياط».

دخان يتصاعد فوق غزة جراء قصف إسرائيلي الثلاثاء (أ.ف.ب)

وكان زامير عبر عن رأيه بأن الاحتلال مكلف سياسياً وأمنياً وبشرياً ومالياً، ويستنزف الجيش، وسيغرقه هناك لسنوات طويلة من أجل «تطهير» جميع البنى التحتية لـ«حماس»، وإضافة إلى ذلك يُعرّض الرهائن لخطر الإعدام على أيدي خاطفيهم إذا اقتربت القوات من مكان احتجازهم.

وكتب إيتمار أيشنر في «يديعوت أحرونوت»: «مخاطر هذه الخطوة واضحة: الإضرار بحياة الرهائن، ووقوع خسائر بشرية كبيرة في صفوف الجيش، ومشكلة لوجيستية خطيرة تتمثل في إجلاء نحو مليون مدني لا يزالون في مدينة غزة. لا توجد حالياً أي مساحة خالية لإجلاء سكان المدينة. ويتطلب ذلك إنشاء (مدينة إنسانية) على أنقاض رفح أو خان يونس شهوراً من العمل، وتمويلاً دولياً، والأهم من ذلك، شرعية. وفي الوقت الحالي، لا توجد هذه الشرعية، لا لاستمرار القتال في غزة، ولا لإنشاء مدينة للاجئين على أنقاضها».

دبابات إسرائيلية في موقع على حدود قطاع غزة الثلاثاء (أ.ف.ب)

وبناء عليه، عرض زامير على نتنياهو بدائل تقوم على تطويق القطاع، وشن عمليات على أطراف المناطق المأهولة، وتنفيذ غارات مستهدفة فوق وتحت الأرض بهدف الضغط أكثر على «حماس» واستنزافها.

وبحسب «يديعوت أحرونوت»، لا يزال الجيش يأمل في التوصل إلى اتفاق يُعيد الرهائن إلى ديارهم، ويعيد البلاد إلى نقطة انطلاق نحو السكينة.

وعلى الرغم من أن زامير أوضح كل هذا للوزراء في مناقشات سابقة مغلقة، لكن نتنياهو أصر على احتلال القطاع، ودعمه وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، ووزير الدفاع يسرائيل كاتس، ويدعمه في الكابينت والحكومة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، وآخرون.

والخلاف حول المسألة بين نتنياهو والجيش ليس جديداً، وقالت «القناة الـ13» الإسرائيلية إنه في اجتماع صغير للحكومة، قبل نحو شهر عرض زامير المخاطر الكامنة لاحتلال كامل للقطاع وإقامة حكم عسكري، وقال إن هذا الوضع قد يؤدي إلى فقدان السيطرة، والإضرار بحياة الرهائن، وعواقب وخيمة على المجتمع الإسرائيلي. وسأل ببساطة: «من سيدير القطاع؟»، فجاءه ردّ حادّ من رئيس الوزراء تركه مذهولاً: «دولة إسرائيل وجيش الدفاع الإسرائيلي».

وبحسب القناة، عارض زامير الفكرة بقوة، وقال في اجتماعات مغلقة لاحقاً: «لن أسمح بأي أعمال تُعرّض حياة الرهائن للخطر. القادة والمقاتلون يتساءلون: إلى أين تتجه الحرب؟ نحتاج إلى أوامر واضحة تخدم أهداف الحرب».

والتوجه نحو احتلال قطاع غزة جاء في ظل فشل المفاوضات الأخيرة، وتبني الولايات المتحدة تحولاً نحو «إطار شامل» لإنهاء الحرب.

وزعم الإسرائيليون المقربون من نتنياهو أنه حصل على ضوء أخضر أميركي لاحتلال القطاع.

وفي نيويورك، حذر ميروسلاف جينكا مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون أوروبا ووسط آسيا والاميركتين، من أن توسيع العمليات العسكرية الإسرائيلية داخل غزة يهدد بـ«تداعيات كارثية». وقال خلال اجتماع لمجلس الأمن إن توسيع نطاق الحرب «يهدد بتداعيات كارثية على ملايين الفلسطينيين، وقد يشكل خطرا أكبر على أرواح من تبقى من الرهائن في غزة».


مقالات ذات صلة

خليفة «أبو شباب» يتعهد بمواصلة مقاومة «حماس»

المشرق العربي ياسر أبو شباب في صورة نشرتها صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية (أرشيفية)

خليفة «أبو شباب» يتعهد بمواصلة مقاومة «حماس»

أكدت «القوات الشعبية» التي كان يتزعمها ياسر أبو شباب، مقتله خلال محاولته فض نزاع عائلي، مشددةً على أنه لم يكن لحركة «حماس» أي علاقة بظروف مقتله.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الولايات المتحدة​ ترمب وإنفانتينو في حديث سابق حول المونديال (أ.ف.ب)

لماذا يُثير حصول ترمب على «جائزة فيفا للسلام» جدلاً؟

يُتوقع أن يُسلم رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) جياني إنفانتينو، للرئيس الأميركي دونالد ترمب "جائزة الفيفا للسلام" عند إجراء قرعة كأس العالم يوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن )
المشرق العربي جنود إسرائيليون خلال عملية في بلدة القلقيلة في الضفة الغربية الخميس (د.ب.أ)

إسرائيل: إقرار موازنة تخدم الاستيطان بالضفة

طلبت وزارة الدفاع الإسرائيلية 144 مليار شيقل وحصلت على 112 بما يزيد بنحو 20 ملياراً على ميزانية العام الحالي 2025.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص لسوريا توماس براك خلال مقابلة مع وكالة «رويترز» في بيروت - لبنان - 22 يوليو 2025 (رويترز)

براك: على لبنان أن يناقش مع إسرائيل مسألة «حزب الله»

قال المبعوث الأميركي توم براك، اليوم (الجمعة)، إنه ينبغي للبنان أن يناقش مع إسرائيل مسألة «حزب الله»، معبّراً عن أمله في ألا توسع إسرائيل هجماتها على لبنان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

إسرائيل ترسل وفداً إلى القاهرة لبحث إعادة رفات آخر رهينة في غزة

أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، أن وفداً يضم ممثلين للجيش وأجهزة أمنية، زار مصر للبحث في إعادة رفات آخر الرهائن المحتجزين بقطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

قاسم: مشاركة مدني في لجنة وقف النار تنازل مجاني لإسرائيل

أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

قاسم: مشاركة مدني في لجنة وقف النار تنازل مجاني لإسرائيل

أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)

رفع الأمين العام لـ«حزب الله»، نعيم قاسم، سقف خطابه السياسي، مؤكداً أنّ المشاركة برئيس مدني في لجنة وقف إطلاق النار تمثل «إجراءً مخالفاً للتصريحات والمواقف الرسمية السابقة»، التي كانت تشترط، حسب تعبيره، وقف الأعمال العدائية من قبل إسرائيل قبل إشراك أي مدني في آلية التنفيذ.

وفيما أعرب عن تأييده «خيار الدبلوماسية» الذي تتبعه السلطات اللبنانية، رأى أن تعيين السفير سيمون كرم على رأس الوفد اللبناني، هو «تنازل مجاني لن يغيّر من موقف إسرائيل ولا من عدوانها ولا من احتلالها»، مشيراً إلى أنّ «المندوب المدني ذهب واجتمع فازداد الضغط، وأن إسرائيل ومعها أميركا تريدان إبقاء لبنان تحت النار».

وتأتي مواقف قاسم في وقتٍ لم يعلن فيه رئيس البرلمان نبيه بري اعتراضاً على تعيين السفير سيمون كرم رئيساً للوفد اللبناني، إنما أكد على ضرورة حصر دوره بالإطار التقني وعدم توسيعه إلى مستويات تفاوضية أو سياسية، وهو ما يعكس تمايزاً واضحاً حول هذا القرار بين الحليفين.

تقديم تنازلات في لحظة حساسة

ووصف قاسم في كلمة له خطوة تعيين مدني بـ«سقطة إضافية تُضاف إلى خطيئة 5 أغسطس (قرار الحكومة لحصرية السلاح)» معتبراً أنّه «بدلاً من اتخاذ خطوات إلى الأمام تُقدَّم تنازلات لن تنفع مع إسرائيل»، داعياً الحكومة للتراجع عن القرار، وأن «يجري تفاهم داخلي على قاعدة عدم السماح بأي تنازل حتى تطبق إسرائيل ما عليها».

مناصرون يحملون أعلام «حزب الله» اللبناني في بيروت (أرشيفية - رويترز)

«السفينة الغارقة»

واعتبر قاسم أنّ الحزب «قام بما عليه ومكّن الدولة من فرض سيادتها في إطار الاتفاق»، قبل أن ينتقل إلى تشبيه لبنان بـ«السفينة»، معتبراً أنّ «التماهي مع إسرائيل يعني ثقب السفينة، وعندها يغرق الجميع».

وقال إنه يجب مواجهة العدوان الإسرائيلي التوسعي بكل الوسائل والسبل، مضيفاً: «هناك اتفاق لم يتم الالتزام به رغم التزام لبنان، الاعتداءات ليست من أجل السلاح، بل من أجل التأسيس لاحتلال لبنان ورسم إسرائيل الكبرى من بوابة لبنان».

وفي المقابل، أكد قاسم أنّ «الدولة اختارت طريق الدبلوماسية لإنهاء العدوان، ونحن معها أن تستمر في هذا الاتجاه». لكنه شدد على أنّه «لا علاقة لأميركا وإسرائيل بكيفية تنظيم شؤوننا الداخلية، ولا علاقة لهما بما نختلف عليه أو نقرره في لبنان».

وشدّد على أنّ «الحدّ الذي يجب الوقوف عنده هو حدود الاتفاق الذي يتحدث حصراً عن جنوب نهر الليطاني، ولا وجود لما يسمى ما بعد جنوب نهر الليطاني».

وتابع قاسم: «هم يريدون إلغاء وجودنا»، لكن «سندافع عن أنفسنا وأهلنا وبلدنا، ونحن مستعدون للتضحية إلى الأقصى، ولن نستسلم».


الشيباني: نشكر كندا على رفع اسم سوريا من قوائم الدول الراعية للإرهاب

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)
TT

الشيباني: نشكر كندا على رفع اسم سوريا من قوائم الدول الراعية للإرهاب

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)

شكر وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني «كندا على قرارها رفع اسم سوريا من قوائم الدول الراعية للإرهاب». وأضاف، في بيان، اليوم (الثلاثاء): «نثمن دعم كندا لسوريا في مسيرتها الحالية نحو الاستقرار وإعادة الإعمار».

وتابع البيان: «إن هذا القرار يشكل لحظة مهمة لتعزيز العلاقات السورية – الكندية، ويمهِّد لمرحلة جديدة من الشراكات المتعددة... إن سوريا تشدد على استعدادها للعمل مع الشركاء الدوليين كافة والتواصل الإيجابي بما يسهم في دعم جهود التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار، ويصبّ في مصلحة الأمن والاستقرار الإقليميين والدوليين».


توافق رئاسي ثلاثي لبناني على الجانب «التقني - الأمني» للمفاوضات

رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)
رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)
TT

توافق رئاسي ثلاثي لبناني على الجانب «التقني - الأمني» للمفاوضات

رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)
رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)

أكّدت مصادر وزارية أنه لا خلاف بين الرؤساء الثلاثة، مع دخول المفاوضات اللبنانية - الإسرائيلية مرحلةً جديدةً بإدخال مدني إليها، هو سفير لبنان السابق لدى واشنطن، المحامي سيمون كرم، لترؤس الوفد اللبناني للجنة الـ«ميكانيزم»، بغية تفعيل اجتماعاتها للتوصل إلى اتفاق أمني، قاعدته الأساسية تطبيق وقف الأعمال العدائية، بخلاف اجتماعاتها السابقة التي غلبت عليها المراوحة، وتشاركت وقيادة القوات الدولية «اليونيفيل» في تعداد الخروق والغارات الإسرائيلية.

ولفتت إلى أن توافق الرؤساء على إخراج الـ«ميكانيزم» من الدوران في حلقة مفرغة، تلازم مع رسم حدود سياسية للتفاوض، محصورة بوقف الخروق والاعتداءات الإسرائيلية، والانسحاب من الجنوب، وإطلاق الأسرى اللبنانيين، وإعادة ترسيم الحدود وتصحيحها، انطلاقاً من التجاوب مع تحفّظ لبنان على النقاط المتداخلة الواقعة على الخط الأزرق والعائدة لسيادته.

رئيس الحكومة نواف سلام مجتمعاً مع السفير سيمون كرم (رئاسة الحكومة)

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن لبنان يصر على حصر جدول أعمال المفاوضات ببنود أمنية لا يمكن تجاوزها للبحث في تطبيع العلاقات اللبنانية - الإسرائيلية، والتوصل إلى اتفاقية سلام بين البلدين، وهذا ما أجمع عليه رؤساء «الجمهورية»، العماد جوزيف عون، و«الحكومة»، نواف سلام، و«المجلس النيابي»، نبيه بري، الذي كان أول من اقترح إدخال مدنيين للـ«ميكانيزم»، ومن ثم أصروا على تكرار موقفهم في هذا الخصوص استباقاً لانعقاد الجولة الأولى من المفاوضات، بحضور الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس ومشاركة كرم فيها، بما يتعارض مع جدول أعمالها الذي حدده رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو.

وقالت إن نتنياهو يريد تكبير الحجر لتحريض «حزب الله» على الدولة وإرباكها، فيما يواصل جيشه خروقه واعتداءاته لتأليب بيئته عليه، وهذا ما تبين باستهدافه عدداً من المنازل الواقعة بين جنوب نهر الليطاني وشماله، رغم خلوها من مخازن لسلاح الحزب. ورأت بأنه يواصل ضغطه بالنار لإلزام لبنان بالتسليم لشروطه، وإن كان يدرك سلفاً أنه لا مجال أمام المفاوضات لخروجها عن جدول أعمالها التقني - الأمني، بالتلازم مع إصرار الحكومة اللبنانية على تطبيق حصرية السلاح بيد الدولة، ولا عودة عنه.

وتوقفت المصادر أمام تأكيد بري أنه كان أول مَن اقترح إدخال مدنيين للـ«ميكانيزم»، وسألت، أين يقف الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم من اقتراحه؟ وهل سبق أن اعترض على اقتراح «أخيه الأكبر» في هذا الخصوص؟ رغم أنه في كتابه المفتوح إلى الرؤساء الثلاثة أكّد رفضه للمفاوضات مع إسرائيل، ليعود لاحقاً إلى تصويب ما حمله كتابه هذا، بتكليفه قيادياً في الحزب بأن ينقل رسالة إليه مفادها أنه لم يكن هو المقصود به، لقطع الطريق على افتعال مشكلة داخل البيت الشيعي.

كما سألت قاسم، ألم يوافق الحزب على اجتماعات الـ«ميكانيزم»، ما دام «أخوه الأكبر» هو مَن يفاوض باسمه وكان وراء التوصل لاتفاق وقف النار مع الوسيط الأميركي آنذاك أموس هوكستين؟ وقالت إنه ليس لدى الحزب من أوراق سوى رفع سقف اعتراضه على المفاوضات، ولم يعد يملك ما يسمح له بأن يعيد خلطها في ضوء اختلال ميزان القوى لمصلحة إسرائيل، بعد أن أفقده إسناده غزة منفرداً توازن الردع وقواعد الاشتباك.

الدخان يتصاعد في بلدة المجادل في جنوب لبنان إثر استهدافها بقصف إسرائيلي يوم الخميس (أ.ف.ب)

ولفتت المصادر إلى أن الحزب يفتقد إلى أي بدائل لقلب موازين القوى، ويكتفي بتسجيل اعتراض من العيار الثقيل على المفاوضات، من دون أن يكون في وسعه ترجمته عسكرياً، رغم إصراره على تمسكه بسلاحه واتهامه حكومة سلّام بارتكاب خطيئة بموافقتها على حصرية السلاح التي يُفترض أن تتقدم بدءاً من شمال الليطاني حتى حدود لبنان الدولية مع سوريا، بالتلازم مع تسجيل تقدم في المفاوضات.

ورأت أن الحزب مضطر لوزن موقفه، لأنه ليس وارداً كسر علاقته بعون وتهديد تحالفه ببري، ما يُسبّب انكشافه فيما هو بأمس الحاجة لحماية الداخل، إضافة لما يترتب على «خدش» علاقته بهما من تداعيات سلبية على الطائفة الشيعية، لا يريدها ويتفداها، وما هو المانع من أن يضع ما لديه من أوراق بعهدة بري، كونه الأقدر منه على مراعاته للمزاج الشيعي الذي ينشد تحرير الجنوب، وإفساحاً في المجال أمام عودة أهله إلى قراهم، ولا يرى من منقذ غيره، ويتطلع إليه خصومه على أنه الممر الإلزامي للتوصل إلى تسوية تُعيد إدراج لبنان على لائحة الاهتمام الدولي، وتفتح كوّة لإعادة إعمار البلدات المدمرة، خصوصاً أنه يحظى بعلاقات دولية وعربية، بخلاف الحزب الذي لم يعد له سوى إيران.

وأكدت المصادر أن دخول المفاوضات في مرحلة جديدة كان وراء الضغط الأميركي على إسرائيل لمنعها من توسعتها للحرب، بعد أن استجاب لبنان لطلبها بتطعيم الـ«ميكانيزم» بمدني كُلّف برئاسة وفده، وتمنت على «حزب الله» الوقوف خلف الدولة في خيارها الدبلوماسي، وأن مخاوفه من أن تؤدي إلى ما يخشاه بالتوصل مع إسرائيل إلى اتفاقية سلام ليست في محلها، ما دام أن حليفه بري هو أول من أيد تطعيمها بمدنيين، وبالتالي ما المانع لديه من أن يعطيها فرصة ليكون في وسعه بأن يبني على الشيء مقتضاه لاحقاً، بدلاً من أن يُبادر من حين لآخر إلى «فش خلقه» بسلام، رغم أنه ليس فاتحاً على حسابه، وينسق باستمرار مع عون، ويتعاونان لتطبيق حصرية السلاح التي نص عليها البيان الوزاري للحكومة.

وكشفت أن التواصل بين عون وبري لم ينقطع، وهما قوّما قبل انعقاد الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء الأجواء التي سادت اجتماع الـ«ميكانيزم» في الناقورة، وقالت إن بري كان أوصى النواب المنتمين لكتلته النيابية، والمسؤولين في حركة «أمل»، بعدم التعليق لا سلباً ولا إيجاباً على كل ما يختص بالمفاوضات، وأن توصيته جاءت بناءً على رغبته في حصر الموقف به شخصياً لتفادي إقحام محازبي الطرفين في سجال، سرعان ما يتحول إلى مناوشات في الشارع، فيما الحزب يحرص، كما تقول قيادته، على تحصين علاقته بحليفه الأوحد في الساحة اللبنانية، بعد أن تفرّق عنه شركاؤه السابقون في محور الممانعة بتأييدهم حصرية السلاح.

وقالت المصادر إن الحزب يدرك جيداً أن الأبواب ما زالت مقفلة أمام تصويب علاقاته العربية والدولية، بخلاف بري. وسألت على ماذا يراهن، بعد أن رفضت قيادته المبادرة المصرية إصراراً منها، حسب مصادر دبلوماسية غربية لـ«الشرق الأوسط»، بأن ترهن موقفها بالمفاوضات الأميركية - الإيرانية، ليكون بمقدورها أن تضعه في سلة إيران، لعلها تتمكن من الحفاظ على نفوذها في لبنان بعد تراجع محور الممانعة في الإقليم؟

لذلك، سيأخذ الحكم والحكومة علماً باعتراض «حزب الله»، من دون أن يكون له مفاعيل تصعيدية بتحريك الشارع لتفادي الاحتكاك مع محازبي «أمل»، ما دام أن انطلاقة المفاوضات لا تلقى اعتراضاً من بري، وتبقى تحت سقف تحرير الجنوب تطبيقاً للـ«1701»، إلا إذا ارتأى الدخول في مزايدة شعبوية مع حليفه لا طائل منها، وستؤثر سلباً على حمايته، على الأقل داخل طائفته.