للمرة الأولى... إسرائيل تستخدم سفنها للرد على هجمات الحوثيين

الجماعة تحدَّثت عن غارتين ضربتا رصيف ميناء الحديدة

رافعة في ميناء الحديدة الخاضع للحوثيين في اليمن تضررت إثر ضربات إسرائيلية سابقة (رويترز)
رافعة في ميناء الحديدة الخاضع للحوثيين في اليمن تضررت إثر ضربات إسرائيلية سابقة (رويترز)
TT

للمرة الأولى... إسرائيل تستخدم سفنها للرد على هجمات الحوثيين

رافعة في ميناء الحديدة الخاضع للحوثيين في اليمن تضررت إثر ضربات إسرائيلية سابقة (رويترز)
رافعة في ميناء الحديدة الخاضع للحوثيين في اليمن تضررت إثر ضربات إسرائيلية سابقة (رويترز)

في تصعيد هو الأول من نوعه، استخدمت إسرائيل سفنها الحربية للرد على هجمات الحوثيين، إذ استهدفت، الثلاثاء، ميناء الحديدة غرب اليمن، في حين أقرّت الجماعة المدعومة من إيران بتلقي غارتين، قالت إنهما استهدفتا رصيف الميناء دون الحديث عن أي تفاصيل بخصوص أي خسائر مادية أو بشرية.

ويُعد هذا الهجوم الإسرائيلي هو الموجة العاشرة من الضربات الانتقامية ضد الحوثيين، ردّاً على هجمات الجماعة المتصاعدة بالصواريخ والمسيّرات ضمن ما تدعي أنه مساندة للفلسطينيين في غزة.

وقبل تنفيذ الهجوم كان الجيش الإسرائيلي قد وجّه مساء الاثنين إنذاراً بإخلاء مواني الحديدة الثلاثة (الحديدة، رأس عيسى، الصليف) حتى إشعار آخر، وسط حديث الإعلام العبري عن صاروخ أطلقه الحوثيون سقط قبل وصوله إلى إسرائيل.

وتوعَّد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، عقب الضربة، الجماعة الحوثية بفرض حصار جوي وبحري إذا ما استمرت في مهاجمة بلاده، مهنئاً القوات البحرية على ما وصفه بـ«الهجوم الناجح على ميناء الحديدة في اليمن».

وهدَّد كاتس في تغريدة على منصة «إكس» بأن «الذراع الطويلة لإسرائيل، سواء في الجو أو البحر، ستصل إلى كل مكان»، وواصل تهديده بالقول: «حذرنا منظمة الحوثي الإرهابية من أنها إذا استمرت في إطلاق النار على إسرائيل فإنها ستواجه ردّاً قوياً، وتدخل في حصار بحري وجوي». وأضاف: «هذا ما فعلناه اليوم، وسنستمر في القيام بذلك في المستقبل».

إلى ذلك، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي، أفيخاي أدرعي، إن سفناً تابعة لسلاح البحرية هاجمت أهدافاً تابعة للحوثيين في ميناء الحديدة ردّاً على إطلاق الصواريخ والمسيّرات.

واتهم أدرعي في منشور على «إكس» الحوثيين بأنهم يستخدمون الميناء للهجوم العسكري ونقل وسائل قتالية، وقال إن الهجوم جاء بعد إنذارات مسبقة لتجنب إمكانية إصابة السكان المدنيين في المنطقة.

مسيّرة أطلقها الحوثيون من مكان غير معروف باتجاه إسرائيل (إعلام حوثي)

كما اتهم المتحدث الإسرائيلي إيران بتمويل وتوجيه الحوثيين لاستهداف دولة إسرائيل وحلفائها، ولزعزعة الاستقرار الإقليمي، وتشويش حرية الملاحة الدولية.

من جهتها، اعترفت الجماعة الحوثية عبر وسائل إعلامها بتلقي ما وصفته بـ«غارتين» استهدفتا أرصفة الحديدة، إذ يبدو أنها لم تتمكن من تحديد طبيعة الهجوم ما إن كان من الجو أو من البحر.

هجمات وضربات

منذ 17 مارس (آذار) الماضي استأنف الحوثيون هجماتهم باتجاه إسرائيل عقب انهيار الهدنة في غزة؛ حيث أطلقوا نحو 36 صاروخاً باليستياً والعديد من المسيّرات، وجميعها جرى اعتراضها أو لم تصل إلى أهدافها، باستثناء صاروخ انفجر قرب مطار بن غوريون في تل أبيب في الرابع من مايو (أيار) الماضي.

وتحدّث الإعلام العبري، مساء الاثنين، عن أن صاروخاً أُطلق من اليمن سقط قبل وصوله إلى إسرائيل؛ ولذا لم يتم إطلاق صفارات الإنذار، غير أن الجماعة الحوثية لم تتبنَّ أي هجوم على الفور.

الحوثيون أطلقوا منذ مارس الماضي نحو 36 صاروخاً باليستياً تجاه إسرائيل (إعلام حوثي)

وكانت الجماعة قد أطلقت باتجاه إسرائيل نحو 200 صاروخ ومسيّرة منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، وحتى 20 يناير (كانون الثاني) الماضي، قبل استئناف الهجمات في مارس بالتزامن مع الحملة التي كان ترمب قد أطلقها ضد الجماعة لإرغامها على التوقف عن مهاجمة السفن.

وأسفر تصعيد الحوثيين البحري عن غرق سفينتين في البحر الأحمر، وقرصنة سفينة ثالثة، إلى جانب مقتل 4 بحارة على الأقل.

وعقب انفجار صاروخ الحوثيين في الرابع من مايو قرب مطار بن غوريون، دفع ذلك إسرائيل إلى شنّ أعنف ضرباتها الانتقامية، إذ دمّرت غاراتها أغلب أرصفة مواني الحديدة الثلاثة، كما دمّرت مطار صنعاء و3 طائرات مدنية، ومصنعي أسمنت ومحطات توليد كهرباء.

وفي 28 من مايو نفسه، نفّذت إسرائيل الموجة التاسعة من انتقامها، ودمّرت آخر طائرة يشغلها الحوثيون من مطار صنعاء، وهو ما أخرج المطار عن الخدمة.

إصرار على التصعيد

في حين لم تُحقق الهجمات الحوثية أي نتائج مؤثرة على إسرائيل، باستثناء مقتل شخص بطائرة مسيّرة ضربت شقة في تل أبيب في 19 يوليو (تموز) 2024، تقول الجماعة المنخرطة فيما يُعرف بـ«محور المقاومة» بقيادة إيران، إنها لن تتوقف عن هجماتها إلا بوقف الحرب على غزة، وإنهاء الحصار المفروض على القطاع، وإدخال المساعدات الإنسانية.

في المقابل، تقول الحكومة اليمنية إن هجمات الحوثيين لا تُفيد الفلسطينيين في غزة، بقدر ما تستدعي إسرائيل لشن ضربات تدمر ما بقي من المنشآت الحيوية والبنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

آخر طائرة مدنية يشغلها الحوثيون من صنعاء دمرتها إسرائيل في 28 مايو الماضي (رويترز)

وعلى الرغم من محدودية أثر الهجمات الحوثية على الصعيد العسكري، فإنها باتت تؤرق تل أبيب لجهة إشغال دفاعاتها الجوية، وما يتبع ذلك من خسائر، فضلاً عن الضغط النفسي على الإسرائيليين جرّاء صفارات الإنذار المتكررة والهروع إلى الملاجئ.

وإلى جانب المخاوف من حدوث أي خلل فني أو بشري في الدفاعات الجوية قد يؤدي إلى سقوط أحد الصواريخ الحوثية وإيقاع خسائر في الأرواح، تسببت الهجمات الحوثية خلال الأسابيع الأخيرة في رفع منسوب مخاوف الملاحة الجوية المدنية من وإلى تل أبيب.

ومن المرجح أن تستمر تل أبيب من وقت لآخر في ضرب المنشآت الخاضعة للحوثيين ردّاً على الهجمات، لكن يستبعد المراقبون للشأن اليمني أن تكون الضربات ذات تأثير حاسم على بنية الجماعة وقادتها وأسلحتها بسبب البُعد الجغرافي.


مقالات ذات صلة

«تقييم الحوادث» في اليمن يؤكد عدم استهداف التحالف مستشفى صرواح الريفي في 2015

الخليج المستشار منصور المنصور خلال المؤتمر الصحافي الأربعاء في الرياض (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» في اليمن يؤكد عدم استهداف التحالف مستشفى صرواح الريفي في 2015

أكد الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن أن مهمته إيضاح الحقائق بحيادية تامة ودون تحيز.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
خاص عنصر حوثي خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

خاص مواقف متباينة في صنعاء حول الحرب الإيرانية - الإسرائيلية

أظهرت المتابعة للشارع اليمني الخاضع للحوثيين أن الحرب الإيرانية - الإسرائيلية الحالية أفرزت السكان والناشطين إلى ثلاث فئات متباينة في ردود الفعل والمواقف

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي إعادة فتح الطريق الرئيسي المغلق في الضالع سمحت بدخول البضائع والسلع من ميناء عدن (إكس)

قيود حوثية قاسية على طريق حيوي أعيد فتحه بين عدن وصنعاء

بعد إعادة فتح طريق حيوي بن عدن وصنعاء، بدأ الحوثيون فرض جبايات جديدة على السكان، وعلى مشترياتهم من مناطق سيطرة الحكومة، واستحدثوا جمارك جديدة.

وضاح الجليل (عدن)
تحليل إخباري موالون للجماعة الحوثية يرفعون صوراً لزعيمهم خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

تحليل إخباري خوفاً على مشروعهم من الانهيار... دعوات حوثية للبحث عن حلول عاجلة للأزمة اليمنية

برزت أصوات من داخل جماعة الحوثيين تدعو إلى التحرك العاجل والبحث عن مخرج للأزمة اليمنية، تحسباً لتفاقم الأوضاع الإقليمية وتداعياتها المحتملة على الداخل اليمني.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي صاروخ استعرضه الحوثيون في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء (رويترز)

دعم إيران للحوثيين يمنع تعاطف اليمنيين معها

لم يخفِ الشارع اليمني، المؤيد للحكومة، ارتياحه لما يتعرض له النظام في طهران من ضربات إسرائيلية على أمل أن يقود ذلك إلى توقف دعم الانقلاب الحوثي واستعادة الدولة.

علي ربيع (عدن)

العراق يترقّب خسائره من «الاعتماد المفرط على إيران»

قوات أمن عراقية تقطع الطريق إلى الجسر المؤدي إلى السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء ببغداد (أ.ب)
قوات أمن عراقية تقطع الطريق إلى الجسر المؤدي إلى السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء ببغداد (أ.ب)
TT

العراق يترقّب خسائره من «الاعتماد المفرط على إيران»

قوات أمن عراقية تقطع الطريق إلى الجسر المؤدي إلى السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء ببغداد (أ.ب)
قوات أمن عراقية تقطع الطريق إلى الجسر المؤدي إلى السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء ببغداد (أ.ب)

بينما تلقي الحرب الإسرائيلية - الإيرانية بظلالها على العراق، رغم «التحفظ الحذر» الذي تبديه السلطات الرسمية، ومن خلفها الأحزاب السياسية، حيال الموقف الواجب اتخاذه، ترى مصادر متابعة أن «أموراً كثيرةً ستتغير بعد نهاية الحرب».

ويقول محللون لـ«الشرق الأوسط» إن الاعتماد العراقي المفرط على النفط والارتباط الهيكلي بإيران في الطاقة والتجارة يُمثلان نقطة ضعف؛ إذ رغم ارتفاع أسعار النفط العالمية، فإن هذا الأثر الإيجابي قد يتلاشى بارتفاع تكاليف التأمين والشحن، ما يفاقم التضخم وعجز الموازنة.

ويحذر محللون من التداعيات السلبية للنزاع، ويشيرون إلى أن الاعتماد الكبير على الغاز الإيراني لتوليد الكهرباء، يضع العراق، في موقف حرج، مع مخاطر استهداف منشآت ضخ الغاز أو تقليص كميات التصدير.

كما أن قرب الموانئ العراقية من مسرح العمليات يرفع تصنيفها مناطق خطرة، مما يزيد من تكلفة النقل. كذلك، يتسبب إغلاق الأجواء العراقية في فقدان الخزينة إيرادات عبور الطائرات وتعطيل حركة الطيران.