بارزاني: هذا ليس العراق الذي ناضلنا من أجله

قال إن فرض إرادة الأغلبية سيغرق البلاد في الفشل

رئيس «الحزب الديمقراطي» الكردستاني مسعود بارزاني في «مؤتمر الاتحاد» لطلبة إقليم كردستان (شبكة روداو)
رئيس «الحزب الديمقراطي» الكردستاني مسعود بارزاني في «مؤتمر الاتحاد» لطلبة إقليم كردستان (شبكة روداو)
TT

بارزاني: هذا ليس العراق الذي ناضلنا من أجله

رئيس «الحزب الديمقراطي» الكردستاني مسعود بارزاني في «مؤتمر الاتحاد» لطلبة إقليم كردستان (شبكة روداو)
رئيس «الحزب الديمقراطي» الكردستاني مسعود بارزاني في «مؤتمر الاتحاد» لطلبة إقليم كردستان (شبكة روداو)

اتهم زعيم «الحزب الديمقراطي» الكردستاني مسعود بارزاني ضمناً تحالف «الإطار التنسيقي» بـ«الإخلال بمبادئ الشراكة والتوازن والتوافق»، وحذر من محاولات «فرض إرادة الأغلبية»، والإخلال بمبادئ تأسيس النظام الجديد عام 2003.

وجاءت انتقادات الزعيم الكردي، الذي شغل سابقاً منصب رئيس إقليم كردستان، بالتزامن مع اجتماع وزراء الخارجية العرب التحضيري لمجلس جامعة الدول العربية، وقبل ثلاثة أيام من انعقاد القمة العربية على مستوى الملوك والرؤساء في بغداد.

وقال بارزاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعاليات «مؤتمر اتحاد الطلبة والشباب» في أربيل إنه «بعد عام 2003 تهيأت فرصة ذهبية في العراق، والجميع يعلم أن شعب كردستان كان له الدور الرئيس في إسقاط النظام السابق، وأصدر برلمان كردستان قراراً ينص على عودتنا إلى بغداد، لتأسيس عراق جديد، وهذا ما جرى».

وتحدث بارزاني عن المبادئ الأساسية الثلاثة: «الشراكة، التوازن، التوافق» التي اتفقت القوى السياسية عليها لتشكيل عراق جديد، والتي تكللت بـ«الخطوة الأهم» بعد ذلك، وهي إقرار الدستور الدائم في عام 2005.

وأضاف بارزاني: «بنية صادقة، وبكل قدرة وإمكانية، بذلنا المساعي لتشكيل عراق اتحادي وفق تلك المبادئ، لأننا إذا عدنا إلى الحكم الديكتاتوري، فإنه لم يُكتب له النجاح طوال قرن من الزمن، ولم يرَ العراق خيراً من هذا الحكم».

بارزاني ورئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني في أربيل (إعلام حكومي)

«إرادة الأغلبية»

في انتقاد لاذع للقوى السياسية الشيعية التي اعتادت التحالف مع القوى الكردية ضد نظام صدام، شدد بارزاني على أن «طرفاً يتصور أنه الأغلبية، وينبغي فرض إرادته، فإن العراق لن يرى الخير أبداً، ولن تنجح هذه الرؤية بالذات، وإذا عملنا سوية فإننا سنتمكن من مساندة بعضنا البعض وسننجح، لأن العراق -وكما نص عليه الدستور- بلد متعدد القوميات والأديان والطوائف».

ويعتقد بارزاني أنه «من دون العودة إلى المبادئ الثلاثة (الشراكة، والتوازن، والتوافق) لن يُكتب الاستقرار للبلاد»، خلافاً لذلك اقترح بارزاني بامتعاض «نوعين من الحل، الأول: أن يُجرى تعداد (شفاف) للسكان يعتمد (الدين، والقومية، والطائفة) لنعلم كم قومية ودين ومذهب يوجد في العراق».

والثاني، وفق بارزاني: «إجراء الانتخابات على أساس أن يكون العراق دائرة واحدة، ولكن أن يتم التقاسم مسبقاً بين الأطراف، هذه أغلبية وتلك أقلية... وهذا لي، وهذا لك».

وخلص بارزاني إلى القول إن «نتائج هذا الأمر (المقترحين) لن تكون جيدة، وإن تحقيق نجاح وفق ذلك سيكون مؤقتاً وغير دائم على المدى البعيد».

ورغم العلاقة شبه الجيدة بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة الإقليم في أربيل خلال السنتين الأخيرتين، فإن الخلاف حول مستحقات الإقليم المالية والتأخر المزمن في إيصال رواتب موظفي الإقليم ظلا على الدوام من أكبر المشكلات القائمة بين الطرفين.

مواطنون في إحدى ساحات أربيل عاصمة إقليم كردستان (أ.ف.ب)

«لن نتسول على باب أحد»

بشأن رواتب موظفي إقليم كردستان وتعاطي بغداد مع هذا الملف، قال بارزاني: «لقد حوّلوا المسألة (المرتبات) وكأن نضال هذا الشعب وتضحياته على مدى كل تلك السنوات، وكل تلك القيادات والشهداء الذين ناضلوا كان من أجل الحصول على الرواتب، ولو ناضلنا (ضد نظام البعث) من أجل الرواتب لكانت الدول السابقة تقبّل الأيادي».

وبشأن التأخير في وصول مرتبات الموظفين، أوضح بارزاني أن «الأمر جاء بتوجيه من أطراف داخلية، وذلك التعامل الذي مارسته بغداد مع الموظفين خلال الأشهر الماضية غير مقبول بأي شكل من الأشكال، وأتمنى عدم تكرار هذا التعامل مرة أخرى، لأنني أعده إهانة لدماء شهداء كردستان ونضال شعبه، ونحن لسنا متسولين على باب أحد».

وجاءت انتقادات بارزاني لبغداد بعد يوم من إطلاق وزارة المالية في الحكومة الاتحادية تمويل رواتب موظفي ومتقاعدي الإقليم لشهر أبريل (نيسان) الماضي، ومن المتوقع أن تبدأ حكومة الإقليم بصرف الرواتب ابتداءً من (أمس الأربعاء). وقالت مالية الإقليم في بيان مقتضب إن «وزارة المالية الاتحادية أودعت مبلغ (959.514.000.000) دينار إلى الحساب المصرفي لوزارة المالية في إقليم كردستان، في فرع أربيل للبنك المركزي العراقي».


مقالات ذات صلة

الصدر يحث الحكومة العراقية على تجنب الحرب

المشرق العربي زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر (إكس)

الصدر يحث الحكومة العراقية على تجنب الحرب

حذر زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، من «خطورة تصاعد الحرب في المنطقة»، مشيراً إلى أن «الحرب قد بدأت ودارت رحاها».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مدرعات تابعة للأمن العراقي تتمركز خارج السفارة الأميركية في ببغداد (رويترز)

«خطة فصائلية» تُعيد العراق إلى واجهة الصراع الأميركي الإيراني

أجْلَت طائرات عسكرية دبلوماسيين أميركيين من العاصمة العراقية بغداد، وسط مؤشرات استخبارية من نية فصائل استهداف المصالح الأميركية في المنطقة.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي الجانب العراقي من المعبر الحدودي بين القائم في العراق والبوكمال في سوريا (أ.ف.ب)

سوريا: افتتاح معبر البوكمال الحدودي مع العراق السبت

أعلنت الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية السورية، الخميس، افتتاح معبر البوكمال الحدودي مع العراق أمام حركة عبور المسافرين.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي مدرعات تابعة لقوات الأمن العراقية تتمركز خارج السفارة الأميركية في «المنطقة الخضراء» ببغداد (رويترز)

سفارة أميركا في بغداد تطلب من مواطنيها عدم السفر إلى العراق

نصحت السفارة الأميركية في بغداد مواطني الولايات المتحدة، الخميس، بعدم السفر إلى العراق.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو مستقبلاً رئيس وزراء إقليم كردستان مسرور بارزاني في واشنطن (أ.ب)

واشنطن تحث بغداد وأربيل على «حوار دستوري بنّاء»

في موقف جديد تزامن مع استمرار التوترات السياسية، دعت وزارة الخارجية الأميركية، مساء الثلاثاء، بغداد وأربيل إلى الدخول في «حوار بنّاء» لحل أزمة الرواتب.

حمزة مصطفى (بغداد)

مخاوف أردنية من تداعيات الهجمات الإسرائيلية على إيران

طائرات «إف 16» تتبع سلاح الجو الأردني (أرشيفية - صفحة الجيش الأردني على فيسبوك)
طائرات «إف 16» تتبع سلاح الجو الأردني (أرشيفية - صفحة الجيش الأردني على فيسبوك)
TT

مخاوف أردنية من تداعيات الهجمات الإسرائيلية على إيران

طائرات «إف 16» تتبع سلاح الجو الأردني (أرشيفية - صفحة الجيش الأردني على فيسبوك)
طائرات «إف 16» تتبع سلاح الجو الأردني (أرشيفية - صفحة الجيش الأردني على فيسبوك)

أيقظت صفارات إنذار الأردنيين، صباح الجمعة، مع بدء السلطات الأمنية والعسكرية في المملكة التعامل مع مسيّرات إيرانية اخترقت الأجواء وكانت في طريقها إلى إسرائيل، في حين طرحت دوائر سياسية أسئلة عن بلوغ الهجمات أهدافاً أكبر في إيران، وتداعيات ذلك في المنطقة.

وتعامل سلاح الجو الملكي التابع للقوات المسلحة الأردنية ضمن حدود اختصاصاته الدفاعية. وكان مصدر عسكري مسؤول في القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية، الجيش العربي، قال إن «طائرات سلاح الجو الملكي وأنظمة الدفاع الجوي اعترضت عدداً من الصواريخ والطائرات المسيّرة التي دخلت المجال الجوي الأردني».

وتعمل طائرات السلاح الملكي «وفق درجة عالية من الجاهزية لحماية سماء المملكة والحفاظ على أمن وسلامة الوطن والمواطنين»، وفق المصدر الذي أشار أيضاً إلى أن «الاعتراض جاء استجابة لتقديرات عسكرية بحتمية سقوط صواريخ وطائرات مسيّرة في الأراضي الأردنية، ومنها مناطق مأهولة بالسكان، ما قد يتسبب بخسائر».

وأكد المصدر أن القوات المسلحة الأردنية تعمل على مدار الساعة لحماية حدود الوطن براً وبحراً وجواً، ولن تسمح بانتهاك المجال الجوي الأردني تحت أي ظرف، مهيباً بالمواطنين «عدم تناقل شائعات وروايات من شأنها إثارة الهلع والفوضى، وضرورة تلقي المعلومات من مصادرها الرسمية».

وحثّت مديرية الأمن العام المواطنين على عدم التجمهر في الشوارع أو الاقتراب من أي أجسام ساقطة أو التعامل معها لحين وصول الفرق المختصة.

وبيّنت أنه في حال نشوب حريق أو حدوث خسائر مادية أو بشرية جرّاء الحطام المتساقط، يجب تحديد الأماكن بدقة من خلال الاتصال على الرقم 911، لضمان السلامة العامة.

من جانبها، نشرت السفارة الأميركية في الأردن «رسالة إنذار أمني» لرعاياها في جميع أنحاء البلاد، قائلة إن «لديها مؤشرات لوجود صواريخ أو طائرات مسيّرة تحلق فوق الأجواء الأردنية». وطلبت «الحفاظ على أقصى قدر من الوعي، وفي حالة وقوع مثل هذا الحادث، البحث عن غطاء علوي ومأوى حتى إشعار آخر، والبقاء في الداخل وعدم التعرض لسقوط الحطام».

وزادت السفارة أنه بـ«سبب التوترات المرتفعة في المنطقة، لا تزال البيئة الأمنية معقّدة ويمكن أن تتغير بسرعة. نذكّر المواطنين الأميركيين باستمرار الحاجة إلى توخي الحذر، ونشجعهم على مراقبة الأخبار للتطورات العاجلة».

وبينما كان سكان الأردن يتمتعون بإجازة يوم الجمعة، دعت مديرية الأمن العام المواطنين إلى الاستجابة للإرشادات الصادرة عن الجهات المختصة في ظل التصعيد العسكري في المنطقة.

علم الأردن في العاصمة عمان (أ.ف.ب)

الأردن لن يكون ساحة حرب

في الأثناء، أكد وزير الإعلام الأردني الناطق الرسمي باسم الحكومة، محمد المومني، أن المملكة «لم ولن تسمح باختراق أجوائها، ولن تكون ساحة حرب لأي صراع»، مشدّداً في الوقت نفسه على أن «أمن الوطن خط أحمر، وأنه لن يُسمح بتعريض أمن المملكة وسلامتها وسلامة مواطنيها للخطر».

ودعا المومني، في بيان صحافي، المجتمع الدولي إلى الضغط على الأطراف المعنية من أجل التهدئة ومنع التصعيد، محذّراً من تداول مقاطع مصوّرة مضللة أو معلومات مغلوطة، داعياً الجميع إلى استقاء المعلومات من مصادرها الرسمية.

وقبل الضربات الإسرائيلية، سيطرت عناوين إخبارية على الفضاء العام، لا سيما إخلاء أميركا لمواطنيها في دول بالشرق الأوسط، وأن الرئيس الأميركي دونالد ترمب لم يعد واثقاً من إمكانية إبرام صفقة مع إيران، إلى جانب أن رئيس الحكومة الإسرائيلية سيتعجل الهجوم على طهران لتنفيس ضغوط داخلية سببها العمل على حل «الكنيست» وبالتالي تهديد حكومته.

وشجعت هذه الأخبار ساسة في الأردن على ترجيح قرب موعد الضربة لقدرات طهران العسكرية، لكن تقديرات هؤلاء كانت تفيد بأن واشنطن وتل أبيب قد تلجآن إلى «تقاسم الأدوار وظيفياً»؛ إذ تتولى إسرائيل الهجوم على طهران عسكرياً، بينما تتحكم فيه الولايات المتحدة بأوراق التفاوض «تحت النار».

وتُدرك إيران، بحسب تقديرات أردنية، أن التنازل عن أي نسب تتعلق بتخصيب اليورانيوم في مشروعها النووي، سيكون متبوعاً بتنازلات أخرى استراتيجية عسكرية وسياسية من جانبها. في وقت لا تستطيع فيه طهران تقديم تنازلات استراتيجية، مما يدفعها مكرهة لقبول التحدي العسكري الإسرائيلي.

وأمام ذلك التقدير، فإن أميركا تجد بـ«التفاوض تحت النار» مع طهران «فرصة» لدفعها نحو «التخلي عن مشروعها النووي» الذي تعارضه تل أبيب بشدة.

وبعد إعلان الوكالة الدولية للطاقة الذرية «إدانتها لإيران وعدم امتثالها للالتزامات المترتبة، وأن برنامجها النووي ليس مدنياً»، فقد منح هذا الإعلان «رخصة الحرب التي تريدها إسرائيل من واشنطن»، وفق التقديرات.

دورية للجيش الأردني عند نقطة حدودية (أرشيفية - أ.ف.ب)

السيناريو الأخطر

وتسعى تل أبيب للاقتراب أكثر من تحقيق أهدافها الجوهرية من خلال «تدمير المشروع النووي الإيراني، ومنظومات الصواريخ الهجومية والقدرة على تصنيعها، واغتيال النخب العسكرية والعلمية»، لكن هذه الضربات قد تفتح شهية الإسرائيليين إلى رفع سقف بنك الأهداف.

وذهبت نخب سياسية أردنية إلى سيناريوهات متشائمة، ففي حال نجحت إسرائيل في تحقيق أهداف ضربتها الأخيرة، فذلك قد يُغريها للذهاب أبعد في تعميق هجومها على طهران، ليصبح «حملة شاملة» وصولاً لـ«ضرب النظام».

ومثّل الهجوم الإسرائيلي الأخير على إيران «ذروة استعداد تل أبيب مخابراتياً وعملياتياً منذ عدة سنوات»، والحال اليوم فإن طهران عليها «التفاوض تحت الضغط»، خصوصاً في ظل غياب توازن القوى عسكرياً بين طهران وتل أبيب، كما تفيد التقديرات السياسية في الأردن.

وتخلص مطالعات «الشرق الأوسط» لآراء خبراء وساسة ومتابعين محليين، إلى أن إيران لن تستطيع تجنّب هزيمة استراتيجية، رغم قدرتها على إلحاق خسائر محدودة بإسرائيل على المستوى التكتيكي.